صفحة جزء
[ ص: 225 ] ما روي في إخباره صلى الله عليه وسلم عن مقتل حجر بن عدي وأصحابه

قال يعقوب بن سفيان : ثنا ابن بكير ، ثنا ابن لهيعة ، حدثني الحارث بن يزيد ، عن عبد الله بن زرير الغافقي قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول : يا أهل العراق ، سيقتل منكم سبعة نفر بعذراء ، مثلهم كمثل أصحاب الأخدود . فقتل حجر بن عدي وأصحابه . وقال يعقوب بن سفيان : قال أبو نعيم : ذكر زياد بن سمية علي بن أبي طالب على المنبر ، فقبض حجر على الحصباء ثم أرسلها ، وحصب من حوله زيادا ، فكتب إلى معاوية يقول : إن حجرا حصبني وأنا على المنبر . فكتب إليه معاوية أن يحمل إليه حجرا ، فلما قرب من دمشق بعث من يتلقاهم ، فالتقى معهم بعذراء فقتلهم قال البيهقي : لا يقول علي مثل هذا إلا أن يكون سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا حرملة ، ثنا ابن وهب ، أخبرني ابن [ ص: 226 ] لهيعة ، عن أبي الأسود قال : دخل معاوية على عائشة فقالت : ما حملك على قتل أهل عذراء حجر وأصحابه؟ فقال : يا أم المؤمنين ، إني رأيت قتلهم صلاحا للأمة ، وأن بقاءهم فساد . فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء " وقال يعقوب بن سفيان : ثنا عمرو بن عاصم ، ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن مروان بن الحكم قال : دخلت مع معاوية على أم المؤمنين عائشة ، رضي الله عنها ، فقالت : يا معاوية ، قتلت حجرا وأصحابه ، وفعلت الذي فعلت ، أما خشيت أن أخبئ لك رجلا فيقتلك؟ قال : لا ، إني في بيت أمان; سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الإيمان قيد الفتك ، لا يفتك مؤمن " . يا أم المؤمنين ، كيف أنا فيما سوى ذلك من حاجاتك؟ قالت : صالح . قال : فدعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا ، عز وجل

حديث آخر : قال يعقوب بن سفيان : ثنا عبيد الله بن معاذ ، ثنا أبي ، ثنا شعبة عن أبي سلمة ، عن أبي نضرة ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعشرة من أصحابه : " آخركم موتا في النار " . فيهم سمرة بن جندب . قال أبو نضرة : فكان سمرة آخرهم موتا قال البيهقي : رواته ثقات; إلا أن أبا نضرة [ ص: 227 ] العبدي لم يثبت له من أبي هريرة سماع ، والله أعلم .

ثم روى من طريق إسماعيل بن حكيم ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن أنس بن حكيم قال : كنت أمر بالمدينة فألقى أبا هريرة ، فلا يبدأ بشيء حتى يسألني عن سمرة ، فلو أخبرته بحياته وصحته فرح وقال : إنا كنا عشرة في بيت ، وإن رسول الله قام علينا ، ونظر في وجوهنا وأخذ بعضادتي الباب وقال : " آخركم موتا في النار " . فقد مات منا ثمانية ولم يبق غيري وغيره ، فليس شيء أحب إلي من أن أكون قد ذقت الموت وله شاهد من وجه آخر; وقال يعقوب بن سفيان : ثنا حجاج بن منهال ، ثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أوس بن خالد قال : كنت إذا قدمت على أبي محذورة سألني عن سمرة ، وإذا قدمت على سمرة سألني عن أبي محذورة ، فقلت لأبي محذورة : مالك إذا قدمت عليك تسألني عن سمرة ، وإذا قدمت على سمرة سألني عنك؟ فقال : إني كنت أنا وسمرة وأبو هريرة في بيت ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " آخركم موتا في النار " . قال : فمات أبو هريرة ، ثم مات أبو محذورة ، ثم مات سمرة

وقال عبد الرزاق : أنا معمر ، سمعت ابن طاوس وغيره يقولون : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة ولسمرة بن جندب ولرجل آخر : " آخركم موتا في النار " . [ ص: 228 ] فمات الرجل قبلهما . وبقي أبو هريرة وسمرة ، فكان الرجل إذا أراد أن يغيظ أبا هريرة يقول : مات سمرة . فإذا سمعه غشي عليه وصعق ، ثم مات أبو هريرة قبل سمرة ، فقتل سمرة بشرا كثيرا . وقد ضعف البيهقي عامة هذه الروايات‏; لانقطاع بعضها وإرساله ، ثم قال : وقد قال بعض أهل العلم : إن سمرة مات في الحريق . ثم قال : ويحتمل أن يورد النار بذنوبه ، ثم ينجو منها بإيمانه ، فيخرج منها بشفاعة الشافعين ، والله أعلم .

ثم أورد من طريق هلال بن العلاء الرقي أن عبد الله بن معاوية حدثهم عن رجل قد سماه ، أن سمرة استجمر فغفل عن نفسه وغفل أهله عنه حتى أخذته النار . قلت : وذكر غيره أن سمرة بن جندب ، رضي الله عنه ، أصابه كزاز شديد ، فكان يوقد له على قدر مملوءة ماءا حارا ، فيجلس فوقها; ليتدفأ ببخارها ، فسقط يوما فيها فمات رضي الله عنه ، وكان موته سنة تسع وخمسين بعد أبي هريرة بسنة ، وقد كان ينوب عن زياد بن سمية في البصرة إذا سار إلى الكوفة ، وفي الكوفة إذا سار إلى البصرة ، فكان يقيم في كل منهما ستة أشهر من السنة ، وكان شديدا على الخوارج ، يكثر القتل فيهم ، ويقول : هم شر قتلى تحت أديم السماء . وقد كان الحسن البصري ومحمد بن سيرين وغيرهما من [ ص: 229 ] علماء البصرة يثنون عليه ، رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية