صفحة جزء
[ ص: 230 ] ذكر إخباره ، عليه الصلاة والسلام ، بما وقع من الفتن بعد معاوية من أغيلمة بني هاشم وغير ذلك

قال البخاري : حدثنا محمد بن كثير ، أخبرني سفيان ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ستكون أثرة وأمور تنكرونها " . قالوا : يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال : " تؤدون الحق الذي عليكم ، وتسألون الله الذي لكم "

وقال البخاري : ثنا محمد بن عبد الرحيم ، ثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم ، ثنا أبو أسامة ، ثنا شعبة ، عن أبي التياح ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يهلك الناس هذا الحي من قريش " . قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال : " لو أن الناس اعتزلوهم " ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي أسامة .

وقال البخاري : قال محمود : ثنا أبو داود ، أخبرنا شعبة ، عن أبي التياح قال : سمعت أبا زرعة ، وحدثنا أحمد بن محمد المكي ، ثنا عمرو بن يحيى [ ص: 231 ] بن سعيد الأموي ، عن جده قال : كنت مع مروان وأبي هريرة فسمعت أبا هريرة يقول : سمعت الصادق المصدوق يقول : " هلاك أمتي على يدي غلمة من قريش فقال مروان : غلمة؟! قال أبو هريرة : إن شئت أن أسميهم بني فلان وبني فلان . تفرد به البخاري .

وقال الإمام أحمد : ثنا روح ، ثنا أبو أمية عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص ، أخبرني جدي سعيد بن عمرو بن سعيد ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " هلكة أمتي على يدي غلمة " . قال مروان وهو معنا في الحلقة قبل أن يلي شيئا : فلعنة الله عليهم غلمة . قال : أما والله لو أشاء أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت . قال : فكنت أخرج مع أبي وجدي إلى بني مروان بعد ما ملكوا ، فإذا هم يبايعون الصبيان ، ومنهم من يبايع له وهو في خرقة . قال لنا : هل عسى أصحابكم هؤلاء أن يكونوا الذي سمعت أبا هريرة يذكر؟ إن هذه الملوك يشبه بعضها بعضا

وقال أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن سماك ، حدثني عبد الله بن ظالم قال : سمعت أبا هريرة قال : سمعت حبي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم [ ص: 232 ] يقول : " إن فساد أمتي على يدي غلمة سفهاء من قريش " . ثم رواه أحمد ، عن زيد بن الحباب ، عن سفيان ، وهو الثوري ، عن سماك ، عن مالك بن ظالم ، عن أبي هريرة ، فذكره . ثم روى عن غندر وروح بن عبادة ، عن شعبة ، عن سماك بن حرب ، عن مالك بن ظالم قال : سمعت أبا هريرة - زاد روح : يحدث مروان بن الحكم - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق يقول : " هلاك أمتي على رءوس غلمة أمراء سفهاء من قريش "

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا حيوة ، حدثني بشر بن أبي عمرو الخولاني ، أن الوليد بن قيس التجيبي حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يكون خلف من بعد الستين سنة أضاعوا الصلاة ، واتبعوا الشهوات ، فسوف يلقون غيا ، ثم يكون خلف يقرءون القرآن لا يعدو تراقيهم ، ويقرأ القرآن ثلاثة; مؤمن ، ومنافق ، وفاجر . وقال بشير : فقلت للوليد : ما هؤلاء الثلاثة؟ قال : المنافق كافر به ، والفاجر يتأكل به ، والمؤمن يؤمن به . تفرد به أحمد ، وإسناده جيد قوي على شرط السنن .

وقد روى البيهقي ، عن الحاكم ، عن الأصم ، عن الحسن بن علي بن عفان ، عن أبي أسامة ، عن مجالد ، عن الشعبي قال : لما رجع علي من [ ص: 233 ] صفين قال : يا أيها الناس ، لا تكرهوا إمارة معاوية; فإنه لو فقدتموه لقد رأيتم الرءوس تنزو من كواهلها كالحنظل . ثم روى عن الحاكم وغيره ، عن الأصم ، عن العباس بن الوليد بن مزيد ، عن أبيه ، عن جابر ، عن عمير بن هانئ أنه حدثه أنه قال : كان أبو هريرة يمشي في سوق المدينة وهو يقول : اللهم لا تدركني سنة الستين ويحكم تمسكوا بصدغي معاوية ، اللهم لا تدركني إمارة الصبيان . قال البيهقي : وعلي وأبو هريرة إنما يقولان هذا الشيء سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال يعقوب بن سفيان : أنا عبد الرحمن بن عمرو الحزامي ، ثنا محمد بن سليمان ، عن ابن غنيم البعلبكي عن هشام بن الغار ، عن مكحول ، عن أبي ثعلبة الخشني ، عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال هذا الأمر معتدلا قائما بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية "

وروى البيهقي ، من طريق عوف الأعرابي ، عن أبي خلدة ، عن أبي العالية ، عن أبي ذر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول من يبدل سنتي [ ص: 234 ] رجل من بني أمية " . وهذا منقطع بين أبي العالية وأبي ذر ، وقد رجحه البيهقي بحديث أبي عبيدة المتقدم . قال : ويشبه أن يكون هذا الرجل هو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان . والله أعلم .

قلت : الناس في يزيد بن معاوية أقسام; فمنهم من يحبه ويتولاه ، وهم طائفة من أهل الشام من النواصب ، وأما الروافض فيشغبون عليه ، ويشنعون ويفترون عليه أشياء كثيرة ليست فيه ، ويتهمه كثير منهم أو أكثرهم بالزندقة ، ولم يكن كذلك ، وطائفة أخرى لا يحبونه ولا يسبونه; لما يعلمون من أنه لم يكن زنديقا كما تقوله الرافضة ، ولما وقع في زمانه من الحوادث الفظيعة ، والأمور المستنكرة البشيعة الشنيعة ، فمن أنكرها قتل الحسين بن علي بكربلاء ، ولكن لم يكن ذلك من علم منه ، ولعله لم يرض به ولم يسؤه ، وكذلك من الأمور المنكرة جدا وقعة الحرة وما كان من الأمور القبيحة بالمدينة النبوية ، على ما سنورده إذا انتهينا إليه في التاريخ إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية