صفحة جزء
وقعة فحل ، بكسر الفاء ، قيل : والحاء . والصحيح تسكينها .

وقد ذكرها كثير من علماء السير قبل فتح دمشق ، وإنما ذكرها الإمام أبو جعفر بن جرير بعد فتح دمشق ، وتبع في ذلك سياق سيف بن عمر ، فيما رواه عن أبي عثمان يزيد بن أسيد الغساني وأبي حارثة العبشمي قالا : خلف الناس يزيد بن أبي سفيان في خيله في دمشق ، وساروا نحو فحل ، وعلى الناس الذين هم بالغور شرحبيل ابن حسنة ، وسار أبو عبيدة وقد جعل على المقدمة خالد بن الوليد ، وأبو عبيدة على الميمنة ، وعمرو بن العاص على الميسرة ، وعلى الخيل ضرار بن الأزور ، وعلى الرجالة عياض بن غنم ، فوصلوا إلى فحل ، وهي بلدة بالغور ، وقد انحاز الروم إلى بيسان ، وأرسلوا مياه تلك الأراضي على ما هنالك من الأراضي ، فحال بينهم وبين المسلمين ، وأرسل المسلمون إلى عمر يخبرونه بما [ ص: 590 ] هم فيه من مصابرة عدوهم ، وما صنعه الروم من تلك المكيدة ، إلا أن المسلمين في عيش رغيد ومدد كثير ، وهم على أهبة من أمرهم ، وأمير هذا الحرب شرحبيل ابن حسنة ، وهو لا يبيت ولا يصبح إلا على تعبئة ، وظن الروم أن المسلمين على غرة ، فركبوا في بعض الليالي ليبيتوهم ، وعلى الروم سقلاب بن مخراق ، فهجموا على المسلمين فنهضوا إليهم نهضة رجل واحد ; لأنهم على أهبة دائما ، فقاتلوهم حتى الصباح وذلك اليوم بكماله إلى الليل ، فلما أظلم الليل فر الروم وقتل أميرهم سقلاب ، وركب المسلمون أكتافهم وأسلمتهم هزيمتهم إلى ذلك الوحل الذي كانوا قد كادوا به المسلمين ، فغرقهم الله فيه ، وقتل منهم المسلمون بأطراف الرماح ما قارب الثمانين ألفا ، لم ينج منهم إلا الشريد ، وغنموا منهم شيئا كثيرا ومالا جزيلا ، وانصرف أبو عبيدة وخالد بمن معهما من الجيوش نحو حمص ، كما أمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، واستخلف أبو عبيدة على الأردن شرحبيل ابن حسنة ، فسار شرحبيل ومعه عمرو بن العاص ، فحاصر بيسان ، فخرجوا إليه فقتل منهم مقتلة عظيمة ، ثم صالحوه على مثل ما صالحت عليه دمشق ، وضرب عليهم الجزية ، والخراج على أراضيهم ، وكذلك فعل أبو الأعور السلمي بأهل طبرية سواء .

التالي السابق


الخدمات العلمية