صفحة جزء
ذكر من توفي في هذا العام من المشاهير والأعيان .

ففيها توفي سعد بن عبادة في قول ، والصحيح في التي قبلها . والله أعلم .

وفيها توفي عتبة بن غزوان بن جابر بن وهيب المازني ، حليف بني عبد شمس ، صحابي بدري ، وأسلم قديما بعد سنة ، وهاجر إلى أرض الحبشة ، وهو أول من اختط البصرة عن أمر عمر ، وإمرته له على ذلك كما تقدم ، وله فضائل [ ص: 642 ] ومآثر ، وتوفي سنة أربع عشرة ، وقيل : سنة خمس عشرة . وقيل : سنة سبع عشرة . وقيل : سنة عشرين . فالله أعلم . وقد جاوز الخمسين . وقيل : بلغ ستين سنة ، رضي الله عنه .

عمرو بن أم مكتوم الأعمى ، ويقال : اسمه عبد الله . صحابي مهاجر ، هاجر بعد مصعب بن عمير قبل النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان يقرئ الناس القرآن ، وقد استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة غير مرة ، فيقال : ثلاث عشرة مرة . وشهد القادسية مع سعد زمن عمر ، فيقال : إنه قتل بها شهيدا . ويقال : إنه رجع إلى المدينة وتوفي بها . فالله أعلم .

المثنى بن حارثة بن سلمة بن ضمضم بن سعد بن مرة بن ذهل بن شيبان الشيباني ، نائب خالد على العراق ، وهو الذي صارت إليه الإمرة بعد أبي عبيد يوم الجسر ، فدارى بالمسلمين حتى خلصهم من الفرس يومئذ ، وكان أحد الفرسان الأبطال ، وهو الذي ركب إلى الصديق فحرضه على غزو العراق ، ولما توفي تزوج سعد بن أبي وقاص بامرأته سلمى بنت حفص ، رضي الله عنهما وأرضاهما وقد ذكره ابن الأثير في كتابه " الغابة في أسماء الصحابة " .

أبو زيد الأنصاري النجاري ، أحد القراء الأربعة الذين حفظوا القرآن من الأنصار في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما ثبت ذلك في حديث أنس بن مالك ، وهم : معاذ بن جبل ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد . قال أنس : [ ص: 643 ] أحد عمومتي . قال الكلبي : واسم أبي زيد هذا قيس بن السكن بن قيس بن زعوراء بن حرام بن جندب بن غنم بن عدي بن النجار ، شهد بدرا . قال موسى بن عقبة : واستشهد يوم جسر أبي عبيد . وهي عنده في سنة أربع عشرة . وقال بعض الناس : أبو زيد الذي جمع القرآن سعد بن عبيد . وردوا هذا برواية قتادة عن أنس بن مالك قال : افتخرت الأوس والخزرج . فقالت الأوس : منا غسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر ، ومنا الذي حمته الدبر عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ، ومنا الذي اهتز له عرش الرحمن سعد بن معاذ ، ومنا الذي جعلت شهادته شهادة رجلين خزيمة بن ثابت . فقالت الخزرج : منا أربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ; أبي ، وزيد بن ثابت ، ومعاذ ، وأبو زيد . رضي الله عنهم أجمعين .

أبو عبيد بن مسعود بن عمرو الثقفي ، والد المختار بن أبي عبيد أمير العراق ، ووالد صفية امرأة عبد الله بن عمر ، أسلم أبو عبيد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكره الشيخ أبو عمر بن عبد البر في الصحابة .

قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي : ولا يبعد أن يكون له رواية . والله أعلم .

[ ص: 644 ] أبو قحافة والد الصديق ، واسم أبي بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن صخر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، أسلم أبو قحافة عام الفتح ، فجاء به الصديق يقوده إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هلا أقررتم الشيخ في بيته حتى كنا نحن نأتيه . تكرمة لأبي بكر ، رضي الله عنه ، فقال : بل هو أحق بالسعي إليك يا رسول الله ، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ، ورأسه كالثغامة بياضا ، ودعا له ، وقال : غيروا هذا الشيب بشيء ، وجنبوه السواد . ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصارت الخلافة إلى الصديق ، أخبره المسلمون بذلك وهو بمكة ، فقال : وأقرت بذلك بنو هاشم وبنو مخزوم ؟ قالوا : نعم . قال : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء . ثم أصيب بابنه الصديق ، رضي الله عنه ، ثم توفي أبو قحافة في محرم ، وقيل : في رجب سنة أربع عشرة بمكة . عن أربع وتسعين سنة ، رحمه الله وأكرم مثواه .

وممن ذكر شيخنا أبو عبد الله الذهبي من المستشهدين في هذه السنة مرتبين على الحروف :

أوس بن أوس بن عتيك . قتل يوم الجسر . بشير بن عنبس بن يزيد الظفري أحدي ، وهو ابن عم قتادة بن النعمان ، ويعرف بفارس الحواء ; اسم فرسه . ثابت بن عتيك ، من بني عمرو بن مبذول ، صحابي ، قتل يوم الجسر . ثعلبة بن عمرو [ ص: 645 ] بن محصن النجاري بدري ، قتل يومئذ . الحارث بن عتيك بن النعمان النجاري ، شهد أحدا ، قتل يومئذ . الحارث بن مسعود بن عبدة ، صحابي أنصاري ، قتل يومئذ . الحارث بن عدي بن مالك ، أنصاري أحدي ، قتل يومئذ . خالد بن سعيد بن العاص ، قيل : إنه استشهد يوم مرج الصفر ، وكان في سنة أربع عشرة في قول . خزيمة بن أوس الأشهلي ، قتل يوم الجسر . ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، أرخ وفاته في هذه السنة ابن قانع . زيد بن سراقة ، يوم الجسر . سعد بن سلامة بن وقش الأشهلي . سعد بن عبادة ، في قول . سلمة بن أسلم بن حريش ، يوم الجسر . سلمة بن هشام ، يوم مرج الصفر وقد كان في سنة أربع عشرة في قول . سليط بن قيس بن عمرو الأنصاري ، يوم الجسر . ضمرة بن غزية ، يوم الجسر . عباد وعبد الله وعبد الرحمن بنو مربع بن قيظي ، قتلوا يومئذ . عبد الله بن صعصعة بن وهب الأنصاري النجاري ، شهد أحدا وما بعدها . قال ابن الأثير في " الغابة " : وقتل يوم الجسر . عتبة بن غزوان ، تقدم . عقبة وأخوه عبد الله ، حضرا الجسر مع أبيهما قيظي بن قيس ، وقتلا يومئذ . العلاء بن الحضرمي ، توفي في هذه السنة في قول ، وقيل : بعدها . وسيأتي . عمر بن أبي اليسر ، قتل يوم الجسر . قيس بن السكن أبو زيد الأنصاري ، رضي الله عنه ، تقدم . المثنى بن حارثة الشيباني ، توفي في هذه السنة ، [ ص: 646 ] رحمه الله ، وقد تقدم . نافع بن غيلان قتل يومئذ . نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، وكان أسن من عمه العباس ، قيل : إنه توفي في هذه السنة . والمشهور قبلها كما تقدم . واقد بن عبد الله ، قتل يوم . . . يزيد بن قيس بن الخطيم الأنصاري الظفري ، شهد أحدا وما بعدها ، قتل يوم الجسر . وقد أصابه يوم أحد جراحات كثيرة ، وكان أبوه شاعرا مشهورا . أبو عبيد بن مسعود الثقفي ، أمير يوم الجسر ، وبه عرف ; لقتله عنده ، تخبطه الفيل حتى قتله ، رضي الله عنه ، بعدما قطع بسيفه خرطومه كما تقدم . أبو قحافة التيمي والد أبي بكر الصديق ، توفي في هذه السنة ، رضي الله عنه . هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن أمية الأموية ، والدة معاوية بن أبي سفيان ، وكانت من سيدات نساء قريش ، ذات رأي ودهاء ورياسة في قومها ، وقد شهدت يوم أحد مع زوجها ، وكان لها تحريض على قتل المسلمين يومئذ ، ولما قتل حمزة مثلت به ، وأخذت من كبده فلاكتها ، فلم تستطع إساغتها ; لأنه كان قد قتل أباها وأخاها يوم بدر ، ثم بعد ذلك كله أسلمت - وحسن إسلامها - عام الفتح بعد زوجها بليلة ، ولما أرادت الذهاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لتبايعه استأذنت أبا سفيان ، فقال لها : قد كنت بالأمس مكذبة بهذا الأمر . فقالت : والله ما رأيت الله عبد حق عبادته بهذا المسجد قبل هذه الليلة ، والله لقد باتوا ليلهم كلهم يصلون فيه . فقال لها : إنك قد فعلت ما فعلت فلا تذهبي وحدك . فذهبت إلى عثمان بن عفان - ويقال : [ ص: 647 ] إلى أخيها أبي حذيفة بن عتبة - فذهب معها ، فدخلت وهي متنقبة ، فلما بايعها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع غيرها من النساء قال : " على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين " فقالت : أوتزني الحرة ؟ ولا يقتلن أولادهن قالت : قد ربيناهم صغارا فقتلتهم كبارا . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك فبادرت وقالت : في معروف . فقال : في معروف . وهذا من فصاحتها وحزمها ، وقد قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : والله يا محمد ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي من أن يذلوا من أهل خباءك ، فقد والله أصبح اليوم وما على ظهر الأرض من أهل خباء أحب إلي من أن يعزوا من أهل خباءك . فقال : وكذلك والذي نفسي بيده . وشكت من شح أبي سفيان ، فأمرها أن تأخذ ما يكفيها ويكفي بنيها بالمعروف . وقصتها مع الفاكه بن المغيرة مشهورة ، وقد شهدت اليرموك مع زوجها ، وماتت يوم مات أبو قحافة في سنة أربع عشرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية