بقية من 
خبر السد  
أورد شيخنا 
أبو عبد الله الذهبي الحافظ  في هذه السنة ما ذكره صاحب كتاب " مسالك الممالك " ، عما أملاه عليه 
سلام الترجمان ،  حين بعثه 
الواثق بأمر الله بن المعتصم    - وكان قد رأى في النوم كأن 
السد  قد فتح - فأرسل 
سلاما  هذا وكتب له إلى الملوك بالوصاة به ، وبعث معه ألفي بغل تحمل طعاما ، فساروا من 
سامراء  إلى 
إسحاق  بتفليس ،  فكتب لهم إلى صاحب 
السرير ،  وكتب لهم صاحب 
السرير  إلى ملك 
اللان  ، فكتب لهم إلى   
[ ص: 161 ] فيلانشاه ،  فكتب لهم إلى ملك 
الخزر ،  فوجه معه خمسة أدلاء فساروا ستة وعشرين يوما ، فانتهوا إلى أرض سوداء منتنة حتى جعلوا يشمون الخل ، فساروا فيها عشرة أيام ، فانتهوا إلى مدائن خراب مدة سبعة وعشرين يوما ، وهي التي كانت يأجوج ومأجوج تطرقها فخربت من ذلك الحين وإلى الآن ، ثم انتهوا إلى حصن قريب من 
السد  فوجدوا قوما يعرفون بالعربية وبالفارسية ويحفظون القرآن ، ولهم مكاتب ومساجد ، فجعلوا يعجبون منهم ويسألونهم من أين أقبلوا ؟ فذكروا لهم أنهم من جهة أمير المؤمنين ، فلم يعرفوه بالكلية . ثم انتهوا إلى جبل أملس ليس عليه خضراء وإذا 
السد  هنالك من لبن حديد مغيب في نحاس ، وهو مرتفع جدا لا يكاد البصر ينتهي إليه ، وله شرفات من حديد ، وفي وسطه باب عظيم بمصراعين مغلقين ، عرضهما مائة ذراع ، في طول مائة ذراع ، في ثخانة خمسة أذرع ، وعليه قفل طوله سبعة أذرع في غلظ باع - وذكر أشياء كثيرة - وعند ذلك المكان حرس يضربون عند القفل في كل يوم ، فيسمعون بعد ذلك صوتا عظيما مزعجا ؛ فيعلمون أن وراء هذا الباب حرسا وحفظة ، وقريب من هذا الباب حصنان عظيمان بينهما عين ماء عذبة ، وفي   
[ ص: 162 ] إحداهما بقايا العمارة من مغارف ولبن وحديد وغير ذلك ، وإذا طول اللبنة ذراع ونصف في مثله ، في سمك شبر . 
وذكروا أنهم سألوا أهل تلك البلاد هل رأوا أحدا من يأجوج ومأجوج ؟ فأخبروهم أنهم رأوا منهم يوما أشخاصا فوق الشرفات ، فهبت 
الريح  فألقتهم إليهم ، فإذا طول الرجل منهم شبر ونصف شبر . والله أعلم . 
قال 
الواقدي    : 
وفي هذه السنة غزا معاوية  الصائفة  من بلاد الروم ،  في عشرة آلاف من المسلمين ، فسار وغنم ورجع سالما . 
وفيها ولد 
يزيد بن معاوية ،   nindex.php?page=showalam&ids=16491وعبد الملك بن مروان    . وفيها حج بالناس 
عمر بن الخطاب ،  وكان عماله فيها على البلاد ، هم الذين كانوا في السنة قبلها . 
وذكر أن 
عمر  عزل 
عمارا  في هذه السنة عن 
الكوفة ؛  اشتكاه أهلها وقالوا : لا يحسن السياسة . فعزله وولى 
 nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري ،  فقال أهل 
الكوفة  لا نريده . وشكوا من غلامه . فقال : دعوني حتى أنظر في أمري . وذهب إلى طائفة من المسجد ليفكر من يولي . فنام من الهم فجاءه 
المغيرة  فجعل يحرسه حتى استيقظ فقال له : إن هذا الأمر عظيم ، يا أمير المؤمنين ، الذي بلغ بك هذا . قال : وكيف لا وأهل 
الكوفة  مائة ألف لا يرضون عن أمير ، ولا يرضى عنهم أمير . ثم جمع الصحابة واستشارهم ; هل يولي عليهم قويا مشددا أو ضعيفا مسلما ؟ فقال له 
المغيرة بن شعبة    : يا أمير المؤمنين ، إن القوي قوته لك وللمسلمين ،   
[ ص: 163 ] وتشديده لنفسه ، وأما الضعيف المسلم فضعفه عليك وعلى المسلمين ، وإسلامه لنفسه . فقال 
عمر  للمغيرة    - واستحسن ما قال له - : اذهب فقد وليتك 
الكوفة    . فرده إليها بعد ما كان عزله عنها بسبب ما كان شهد عليه الذين تقدم حدهم بسبب قذفه ، والعلم عند الله ، عز وجل . وبعث 
 nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري  إلى 
البصرة ،  فقيل 
لعمار    : أساءك العزل ؟ فقال : والله ما سرتني الولاية ، ولقد ساءني العزل   . وفي رواية ، أن الذي سأله عن ذلك 
عمر ،  رضي الله عنه . ثم أراد 
عمر  أن يبعث 
 nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص  على 
الكوفة  بدل 
المغيرة  فعالجته المنية في سنة ثلاث وعشرين ، على ما سيأتي بيانه ، ولهذا أوصى 
لسعد  به . 
قال 
الواقدي    : وفي هذه السنة غزا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس  بلاد 
خراسان  وقصد البلد الذي فيه 
 nindex.php?page=showalam&ids=16848يزدجرد  ملك 
الفرس    . 
قال 
ابن جرير  وزعم 
سيف  أن هذا كان في سنة ثماني عشرة . قلت : والأول هو المشهور . والله أعلم .