فصل ( مدة حصاره رضي الله عنه ) 
كانت 
مدة حصر عثمان ، رضي الله عنه ، في داره أربعين يوما على   
[ ص: 322 ] المشهور . وقيل : كانت بضعا وأربعين يوما . وقال 
الشعبي    : كانت ثنتين وعشرين ليلة . ثم كان قتله ، رضي الله عنه ، في يوم الجمعة بلا خلاف . قال 
سيف بن عمر  عن مشايخه : في آخر ساعة منها . ونص عليه 
مصعب الزبيري  وآخرون . وقال آخرون : ضحوة . وهذا أشبه . وكان ذلك لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة على المشهور . وقيل : في أيام التشريق . رواه 
ابن جرير    : حدثني 
أحمد بن زهير ،  ثنا 
أبو خيثمة ،  ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير  قال : سمعت أبي قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد ،  عن 
الزهري  قال : قتل 
عثمان  فزعم بعض الناس أنه قتل في أيام التشريق   - ورواه 
عبد الله بن أحمد ،  عن 
عبيد الله بن معاذ ،  عن 
معتمر بن سليمان ،  عن أبيه ، عن 
أبي عثمان  قال : قتل 
عثمان  في أوسط أيام التشريق   - وقال بعضهم : قتل يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة . وقيل : قتل يوم النحر . حكاه   
[ ص: 323 ]  nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر    . ويستشهد له بقول الشاعر : 
ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحا وقرآنا 
قلت : والأول هو الأشهر . وهو أنه قتل يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ، على الصحيح المشهور . وقيل : سنة ست وثلاثين . قاله 
مصعب الزبيري  وطائفة . وهو غريب . فكانت خلافته ثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوما ; لأنه بويع له في مستهل المحرم سنة أربع وعشرين . 
فأما عمره ، رضي الله عنه ، فإنه جاوز الثمانين على المشهور . فقيل : إحدى وثمانين سنة . وقال 
الواقدي  وغير واحد : توفي عن ثنتين وثمانين سنة . وقال 
صالح بن كيسان    : وأشهر . وقيل : أربع وثمانين سنة . وقال   
[ ص: 324 ] أحمد ،  عن 
حسن بن موسى ،  حدثنا 
أبو هلال ،  عن 
قتادة    : توفي 
عثمان  عن ثمان وثمانين أو تسعين سنة . وفي رواية عنه : توفي عن ست وثمانين سنة . وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12861هشام بن الكلبي    : توفي عن خمس وسبعين سنة . وهذا غريب جدا . وأغرب منه ما رواه 
سيف بن عمر  عن مشايخه ; وهم 
محمد  وطلحة  وأبو عثمان  وأبو حارثة  أنهم قالوا : قتل 
عثمان ،  رضي الله عنه عن ثلاث وستين سنة . 
وأما موضع قبره فلا خلاف أنه دفن 
بحش كوكب    - شرقي 
البقيع    - وقد بني عليه زمان 
بني أمية  قبة عظيمة وهي باقية إلى اليوم . قال 
الإمام مالك    : بلغني أن 
عثمان ،  رضي الله عنه ، كان يمر بمكان قبره من 
حش كوكب  فيقول : إنه سيدفن هاهنا رجل صالح 
. وقد ذكر 
ابن جرير  أن 
عثمان ،  رضي الله عنه ، بقي بعد أن قتل ثلاثة أيام لا يدفن . قلت : وكأنه اشتغل الناس عنه بمبايعة 
علي ،  رضي الله عنه حتى تمت . وقيل : إنه مكث ليلتين . وقيل : بل دفن من ليلته . ثم كان دفنه ما بين المغرب والعشاء خيفة من 
الخوارج    . وقيل : بل استؤذن في ذلك بعض رؤسائهم .   
[ ص: 325 ] فخرجوا به في نفر قليل من الصحابة ; منهم 
حكيم بن حزام ،   nindex.php?page=showalam&ids=2207وحويطب بن عبد العزى ،   nindex.php?page=showalam&ids=9489وأبو الجهم بن حذيفة ،  ونيار بن مكرم الأسلمي ،   nindex.php?page=showalam&ids=67وجبير بن مطعم ،   nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت ،   nindex.php?page=showalam&ids=331وكعب بن مالك ،  وطلحة ،  والزبير ،  وعلي بن أبي طالب ،  وجماعة من أصحابه ونسائه ; منهن امرأتاه 
نائلة  وأم البنين بنت عيينة بن حصن ،  وصبيان . وهذا مجموع من كلام 
الواقدي  وسيف بن عمر التميمي    . 
قال 
أحمد    : ثنا 
عبد الرزاق ،  عن 
معمر ،  عن 
قتادة  قال : صلى 
الزبير  على 
عثمان  ودفنه وكان أوصى إليه   . وروى 
عبد الله  من طريق 
إبراهيم بن عبد الله بن فروخ ،  عن أبيه : شهدت 
عثمان  دفن في ثيابه بدمائه ولم يغسل . 
وحمله جماعة من خدمه بعد ما غسلوه وكفنوه . وزعم بعضهم أنه لم يغسل ولم يكفن . والصحيح الأول . وصلى عليه 
جبير بن مطعم    . وقيل : 
 nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير بن العوام    . وقيل : 
حكيم بن حزام    . وقيل : 
 nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم .  وقيل : 
المسور بن مخرمة    . وقد عارضه بعض 
الخوارج  وأرادوا رجمه وإلقاءه عن سريره ،   
[ ص: 326 ] وعزموا على أن يدفن بمقبرة 
اليهود  بدير سلع ،  حتى بلغ 
علي بن أبي طالب ،  فبعث إليهم من نهاهم عن ذلك ، وحمل جنازته 
حكيم بن حزام ،   nindex.php?page=showalam&ids=9489وأبو جهم بن حذيفة ،  ونيار بن مكرم ،   nindex.php?page=showalam&ids=67وجبير بن مطعم    . 
وذكر 
الواقدي  أنه لما وضع ليصلى عليه - عند مصلى الجنائز - أراد بعض 
الأنصار  أن يمنعهم من ذلك ، فقال 
أبو جهم بن حذيفة    : ادفنوه فقد صلى الله عليه وملائكته . ثم قالوا : لا يدفن في 
البقيع ،  ولكن ادفنوه وراء الحائط . فدفنوه شرقي 
البقيع  تحت نخلات هناك . 
وذكر 
الواقدي  أن 
عمير بن ضابئ  نزا على سريره وهو موضوع للصلاة عليه ، فكسر ضلعا من أضلاعه ، وقال : أحبست ضابئا حتى مات في السجن ؟ وقد قتل 
الحجاج  فيما بعد 
عمير بن ضابئ  هذا . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  في " التاريخ " : حدثنا 
موسى بن إسماعيل ،  عن 
عيسى بن منهال ،  ثنا 
غالب ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين  قال : كنت أطوف بالكعبة وإذا رجل يقول : اللهم اغفر لي . وما أظن أن تغفر لي . فقلت : يا 
عبد الله  ما سمعت أحدا   
[ ص: 327 ] يقول ما تقول . قال : كنت أعطيت الله عهدا إن قدرت أن ألطم وجه 
عثمان  إلا لطمته ، فلما قتل وضع على سريره في البيت والناس يجيئون فيصلون عليه ، فدخلت كأني أصلي عليه فوجدت خلوة فرفعت الثوب عن وجهه فلطمته ، وسجيته ، وقد يبست يميني . قال 
ابن سيرين    : فرأيتها يابسة كأنها عود . 
ثم خرجوا بعبدي 
عثمان  اللذين قتلا في الدار ; وهما 
صبيح  ونجيح ،  رضي الله عنهما ، فدفنا إلى جانبه 
بحش كوكب    . وقيل : إن 
الخوارج  لم يمكنوا من دفنهما ، بل جروهما بأرجلهما حتى ألقوهما بالبلاط فأكلتهما الكلاب . 
وقد اعتنى 
معاوية  في أيام إمارته بقبر 
عثمان ،  ورفع الجدار بينه وبين 
البقيع ،  وأمر الناس أن يدفنوا موتاهم حوله حتى اتصلت بمقابر المسلمين .