صفحة جزء
فصل ( قتال علي بني ناجية من الخوارج )

وقد صحح ابن جرير أن قتال علي لأهل النهروان كان في هذه السنة ، وكذلك خروج الخريت بن راشد الناجي كان في هذه السنة أيضا ، وكان مع الخريت ثلاثمائة رجل من قومه بني ناجية - وكان مع علي بالكوفة - فجاء إلى علي فقام بين يديه وقال : والله يا علي لا أطيع أمرك ولا أصلي خلفك إني لك غدا لمفارق . فقال له علي : ثكلتك أمك ، إذا تعصي ربك ، وتنقض عهدك ، ولا تضر إلا نفسك ، ولم تفعل ذلك ؟ قال : لأنك حكمت في الكتاب ، وضعفت عن قيام الحق إذ جد الجد ، وركنت إلى القوم الظالمين ، فأنا عليك زار وعليك ناقم ، وإنا لكم جميعا مباينون . ثم رجع إلى أصحابه فسار بهم نحو بلاد البصرة ، فبعث إليهم علي معقل بن قيس ، ثم أردفه بخالد بن معدان [ ص: 667 ] الطائي - وكان من أهل الصلاح والدين والبأس والنجدة - وأمره أن يسمع له ويطيع ، فلما اجتمعوا صاروا جيشا واحدا ، ثم خرجوا في آثار الخريت وأصحابه فلحقوهم ، وقد أخذوا في جبال رامهرمز قال : فصففنا لهم ثم أقبلنا إليهم ، فجعل معقل على ميمنته يزيد بن معقل ، وعلى ميسرته منجاب بن راشد الضبي ، ووقف الخريت في من معه من العرب فكانوا ميمنة ، وجعل من اتبعه من الأكراد والعلوج ميسرة . قال : وسار فينا معقل بن قيس فقال : عباد الله لا تبدأوا القوم وغضوا أبصاركم ، وأقلوا الكلام ، ووطنوا أنفسكم على الطعن والضرب ، وأبشروا في قتالهم بالأجر ، إنما تقاتلون مارقة مرقت من الدين ، وعلوجا كسروا الخراج ، ولصوصا وأكرادا ، فإذا حملت فشدوا شدة رجل واحد . ثم تقدم فحرك دابته تحريكتين ، ثم حمل عليهم في الثالثة وحملنا معه جميعا ، فوالله ما صبروا لنا ساعة واحدة حتى ولوا منهزمين ، وقتلنا من العلوج والأكراد نحوا من ثلاثمائة ، وفر الخريت منهزما حتى لحق بأسياف - وبها جماعة من قومه كثيرة - فاتبعوه فقتلوه مع جماعة من [ ص: 668 ] أصحابه بسيف البحر ، قتله النعمان بن صهبان ، وقتل معه في المعركة مائة وسبعون رجلا . ثم ذكر ابن جرير وقعات كثيرة كانت فيها بين أصحاب علي والخوارج .

ثم قال : حدثني عمر بن شبة ، ثنا أبو الحسن - يعني المدائني - علي بن محمد عن ، علي بن مجاهد ، قال : قال الشعبي : لما قتل علي أهل النهروان ، خالفه قوم كثيرون ، وانتقضت أطرافه وخالفه بنو ناجية ، وقدم ابن الحضرمي إلى البصرة ، وانتقض أهل الجبال ، وطمع أهل الخراج في كسره ، وأخرجوا سهل بن حنيف من فارس - وكان عاملا عليها لعلي - فأشار ابن عباس بزياد بن أبيه أن يوليه إياها فولاه إياها ، فسار إليها في السنة الآتية في جمع كثير ، فوطئهم حتى أدوا الخراج .

قال ابن جرير وغيره : وحج بالناس في هذه السنة قثم بن العباس ، نائب علي على مكة ، وكان أخوه عبيد الله بن عباس نائب اليمن ، وأخوهما [ ص: 669 ] عبد الله بن عباس نائب البصرة ، وأخوهم تمام بن عباس نائب المدينة ، وعلى خراسان خالد بن قرة اليربوعي ، وقيل : ابن أبزى ، واستقرت مصر بيد معاوية ، فاستناب عليها عمرو بن العاص . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية