صفحة جزء
[ ص: 36 ]

حديث المؤاخاة

قال الحاكم : حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الجنيد ، ثنا الحسين بن جعفر القرشي ، ثنا العلاء بن عمرو والحنفي ، ثنا أيوب بن مدرك ، عن مكحول ، عن أبي أمامة قال : لما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الناس آخى بينه وبين علي . ثم قال الحاكم : لم نكتبه من حديث مكحول إلا من هذا الوجه ، وكان المشايخ يعجبهم هذا الحديث ; لكونه من رواية أهل الشام .

قلت : وفي صحة هذا الحديث نظر ، وورد من حديث أنس وابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي " أنت أخي في الدنيا والآخرة " . وكذلك من طريق زيد بن أبي أوفى ، وابن عباس ، ومحدوج بن زيد الذهلي ، وجابر بن عبد الله ، وعامر بن ربيعة ، وأبي ذر ، وعلي نفسه ، نحو ذلك ، وأسانيدها كلها ضعيفة لا يقوم بشيء منها حجة . والله أعلم . وقد جاء من غير وجه أنه قال : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يقولها بعدي إلا كذاب .

وقال الترمذي : ثنا يوسف بن موسى القطان البغدادي ، ثنا علي بن قادم ، [ ص: 37 ] ثنا علي بن صالح بن حي ، عن حكيم بن جبير ، عن جميع بن عمير التيمي ، عن ابن عمر قال : آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ، فجاء علي تدمع عيناه ، فقال : يا رسول الله ، آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنت أخي في الدنيا والآخرة " . ثم قال : هذا حديث حسن غريب ، وفيه عن زيد بن أبي أوفى .

وقد شهد علي بدرا ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر " وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " . وبارز يومئذ كما تقدم . وكانت له اليد البيضاء ودفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية يومئذ وهو ابن عشرين سنة . قاله الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : وكانت تكون معه راية المهاجرين في المواقف كلها . وكذلك قال سعيد بن المسيب وقتادة .

وقال خيثمة بن سليمان الأطرابلسي الحافظ : حدثنا أحمد بن حازم [ ص: 38 ] بن أبي غرزة ، ثنا إسماعيل بن أبان ، ثنا ناصح بن عبد الله المحلمي ، عن سماك بن حرب ، عن جابر بن سمرة قال : قالوا : يا رسول الله ، من يحمل رايتك يوم القيامة ؟ قال " ومن عسى أن يحملها يوم القيامة إلا من كان يحملها في الدنيا ; علي بن أبي طالب " . وهذا إسناد ضعيف . ورواه ابن عساكر عن أنس بن مالك ولا يصح أيضا .

وقال الحسن بن عرفة : حدثني عمار بن محمد ، عن سعيد بن محمد الحنظلي ، عن أبي جعفر محمد بن علي قال : نادى مناد في السماء يوم بدر : لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي . قال الحافظ بن عساكر : وهذا مرسل ، وإنما تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر ثم وهبه لعلي بعد ذلك .

وقال الزبير بن بكار حدثني علي بن المغيرة ، عن معمر بن المثنى قال : كان لواء المشركين يوم بدر مع طلحة بن أبي طلحة ، فقتله علي بن أبي طالب . ففي ذلك يقول الحجاج بن علاط السلمي


لله أي مذبب عن حرمة أعني ابن فاطمة المعم المخولا [ ص: 39 ]     جادت يداك له بعاجل طعنة
تركت طليحة للجبين مجدلا     وشددت شدة باسل فكشفتهم
بالحق إذ يهوون أخول أخولا     وعللت سيفك بالدماء ولم تكن
لترده حران حتى ينهلا

وشهد بيعة الرضوان ، وقد قال الله تعالى لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة الآيات [ الفتح : 18 ] . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن يدخل أحد بايع تحت الشجرة النار .

وقد ثبت في الصحاح وغيرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، ليس بفرار ، يفتح الله على يديه " . فبات الناس يدوكون أيهم يعطاها ، حتى قال عمر : ما أحببت الإمارة إلا يومئذ . فلما أصبح أعطاها عليا ، ففتح الله على يديه . ورواه جماعة ، منهم ; مالك ، ويحيى بن سعيد ، ويعقوب بن عبد الرحمن ، وجرير بن عبد الحميد ، وحماد بن سلمة ، وعبد العزيز بن المختار ، وخالد بن عبد الله ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة . وأخرجه مسلم . ورواه ابن أبي حازم ، عن سهل بن [ ص: 40 ] سعد . أخرجاه في " الصحيحين " ، وقال في حديثه فدعا به رسول الله وهو أرمد ، فبصق في عينيه فبرأ . ورواه إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه ، ويزيد بن أبي عبيد عن مولاه سلمة أيضا ، وحديثه عنه في " الصحيحين " .

وقال محمد بن إسحاق : حدثني بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي ، عن أبيه ، عن سلمة بن عمرو بن الأكوع قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر الصديق برايته إلى بعض حصون خيبر فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهد ، ثم بعث الغد عمر بن الخطاب فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، ليس بفرار " . قال : سلمة : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وهو أرمد ، فتفل في عينيه ، ثم قال : " خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك " قال سلمة : فخرج والله يهرول بها هرولة ، وإنا لخلفه نتبع أثره حتى ركز رايته في رجم من حجارة تحت الحصن ، فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن ، فقال : من أنت ؟ قال علي بن [ ص: 41 ] أبي طالب قال اليهودي : عليتم ومن أنزل التوراة على موسى . قال : فما رجع حتى فتح الله على يديه . وقد رواه عكرمة بن عمار ، عن عطاء مولى السائب ، عن سلمة بن الأكوع وفيه أنه هو الذي جاء به يقوده وهو أرمد ، حتى بصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه فبرأ .

رواية بريدة بن الحصيب : قال الإمام أحمد : حدثنا زيد بن الحباب ، ثنا الحسين بن واقد ، حدثني عبد الله بن بريدة ، حدثني بريدة بن الحصيب قال : حاصرنا خيبر ، فأخذ اللواء أبو بكر ، فانصرف ولم يفتح له ، ثم أخذه من الغد عمر ، فخرج فرجع ولم يفتح له ، وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني دافع اللواء غدا إلى رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله ، لا يرجع حتى يفتح له " قال : وبتنا طيبة أنفسنا أن الفتح غدا . قال : فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الغداة ، ثم قام قائما ، فدعا باللواء والناس على مصافهم ، فدعا عليا وهو أرمد ، فتفل في عينيه ، ودفع إليه اللواء ، ففتح له " . قال بريدة : وأنا فيمن تطاول لها . ورواه النسائي من حديث الحسين بن واقد به أطول منه ، ثم رواه أحمد عن محمد بن جعفر [ ص: 42 ] وروح ، كلاهما عن عوف ، عن ميمون أبي عبد الله الكردي ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه به نحوه ، وأخرجه النسائي عن بندار عن غندر به ، وفيه الشعر .

رواية عبد الله بن عمر : ورواه هشيم عن العوام بن حوشب ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عمر ، فذكر سياق حديث بريدة . ورواه كثير النواء عن جميع بن عمير ، عن ابن عمر نحوه ، وفيه قال علي : فما رمدت بعد يومئذ . ورواه أحمد عن وكيع ، عن هشام بن سعد ، عن عمر بن أسيد ، عن ابن عمر كما سيأتي .

رواية ابن عباس : قال أبو يعلى : حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، ثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " . فقال : " أين علي ؟ " قالوا : يطحن . قال : وما أحد منهم يرضى أن يطحن ، فأتى به ، فدفع إليه الراية ، فجاء بصفية بنت حيي بن أخطب . وهذا غريب من هذا [ ص: 43 ] الوجه ، وهو مختصر من حديث طويل . ورواه الإمام أحمد ، عن يحيى بن حماد ، عن أبي عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس ، فذكره بتمامه ، فقال الإمام أحمد : ثنا يحيى بن حماد ، ثنا أبو عوانة ، ثنا أبو بلج ، ثنا عمرو بن ميمون قال : إنى لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط ، فقالوا : يا ابن عباس ، إما أن تقوم معنا وإما أن يخلونا هؤلاء . فقال : بل أقوم معكم . قال : وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ، قال : وابتدءوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا . قال : فجاء ينفض ثوبه ويقول : أف وتف ، وقعوا في رجل له عشر ، وقعوا في رجل قال له النبي صلى الله عليه وسلم " لأبعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا ، يحب الله ورسوله " . قال : فاستشرف لها من استشرف ، قال : " أين علي ؟ " قالوا : هو في الرحا يطحن . قال : وما كان أحدكم ليطحن قال : فجاء وهو أرمد لا يكاد أن يبصر ، فنفث في عينيه ، ثم هز الراية ثلاثا ، فأعطاه إياها ، فجاء بصفية بنت حيي بن أخطب . قال ثم بعث فلانا بسورة " التوبة " ، فبعث عليا خلفه ، فأخذها منه ، قال : " لا يذهب بها إلا رجل مني وأنا منه " . قال : [ ص: 44 ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم لبني عمه " أيكم يواليني في الدنيا والآخرة ؟ " فأبوا . قال : وعلي معه جالس ، فقال علي : أنا أواليك في الدنيا والآخرة . قال : " أنت وليي في الدنيا والآخرة " . قال : فتركه ، ثم أقبل على رجل منهم ، فقال : " أيكم يواليني في الدنيا والآخرة ؟ " فأبوا ، فقال علي : أنا أواليك في الدنيا والآخرة . فقال : " أنت وليي في الدنيا والآخرة " . قال : وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة . قال ( وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه ، فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين ، فقال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [ الأحزاب : 18 ] . قال : وشرى علي نفسه ; لبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم نام مكانه . قال : وكان المشركون يرومون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء أبو بكر وعلي نائم ، وأبو بكر يحسب أنه نبي الله ، فقال : يا نبي الله . فقال له علي : إن نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه . قال : فانطلق أبو بكر ، فدخل معه الغار . قال : وجعل علي يرمى بالحجارة كما كان يرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتضور ، وقد لف رأسه في الثوب ، لا يخرجه حتى أصبح ، ثم كشف عن رأسه ، فقالوا : إنك لئيم ، كان صاحبك نرميه فلا يتضور ، وأنت تتضور ، وقد استنكرنا ذلك . قال : وخرج يعني ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالناس في غزوة تبوك فقال له علي : أخرج معك ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " لا " . فبكى علي ، فقال : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي ، إنه لا [ ص: 45 ] ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي " قال : وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنت وليي في كل مؤمن بعدي " . قال : وسد أبواب المسجد غير باب علي . قال : فيدخل المسجد جنبا ، وهو طريقه ليس له طريق غيره . قال : وقال " من كنت مولاه فإن مولاه علي " قال : وأخبرنا الله في القرآن أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم ، فهل حدثنا أنه سخط عليهم بعد ؟ ! قال : وقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لعمر حين قال : ائذن لي لأضرب عنقه . يعني حاطب بن أبي بلتعة قال : " وكنت فاعلا ؟ ! وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " وقد روى الترمذي بعضه من طريق شعبة ، عن أبي بلج يحيى بن أبي سليم واستغربه ، وأخرج النسائي بعضه أيضا عن محمد بن المثنى ، عن يحيى بن حماد به .

رواية عمران : قال البخاري في " التاريخ " : ثنا عمر بن عبد الوهاب الرياحي ، ثنا معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن منصور ، عن ربعي ، عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لأدفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " . فبعث إلى علي وهو أرمد ، فتفل [ ص: 46 ] في عينيه وأعطاه الراية ، فما رد وجهه حتى فتح الله عليه ، وما اشتكاهما بعد " . ورواه أبو القاسم البغوي ، عن إسحاق بن إبراهيم أبي موسى الهروي ، عن علي بن هاشم ، عن محمد بن علي ، عن منصور ، عن ربعي ، عن عمران ، فذكره ، وأخرجه النسائي عن عباس العنبري ، عن عمر بن عبد الوهاب به .

رواية أبي سعيد : في ذلك قال الإمام أحمد : حدثنا مصعب بن المقدام وحجين بن المثنى ، قالا : ثنا إسرائيل ، ثنا عبد الله بن عصمة قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الراية فهزها ثم قال : " من يأخذها بحقها ؟ " فجاء فلان فقال : أنا . فقال : " أمط " . ثم جاء رجل آخر ، فقال : أنا . فقال : " أمط " . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " والذي أكرم وجه محمد لأعطينها رجلا لا يفر " . فجاء علي ، فانطلق حتى فتح الله عليه خيبر وفدك ، وجاء بعجوتهما وقديدهما .

ورواه أبو يعلى عن حسين بن محمد ، عن إسرائيل ، وقال في سياقه : [ ص: 47 ] فجاء الزبير فقال : أنا . فقال : " أمط " . ثم جاء آخر فقال : " أمط " . وذكره ، تفرد به أحمد .

رواية علي بن أبي طالب في ذلك : قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، عن ابن أبي ليلى عن المنهال ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كان أبي يسمر مع علي ، وكان علي يلبس ثياب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف ، فقيل له : لو سألته . فسأله ، فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلي وأنا أرمد العين يوم خيبر فقلت : يا رسول الله ، إني أرمد العين . فتفل في عيني وقال : " اللهم أذهب عنه الحر والبرد " فما وجدت حرا ولا بردا منذ يومئذ ، وقال : " لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار " فتشرف لها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأعطانيها . تفرد به أحمد . وقد رواه غير واحد عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن المنهال ، زاد بعضهم : والحكم بن عتيبة . ورواه غير واحد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه ، عن علي به مطولا .

وقال أبو يعلى : حدثنا زهير ، ثنا جرير عن مغيرة ، عن أم موسى ، قالت : سمعت عليا يقول : ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهي وتفل في عيني يوم خيبر وأعطاني الراية . [ ص: 48 ]

رواية سعد بن أبي وقاص في ذلك : ثبت في " الصحيحين " من حديث شعبة ، عن سعد بن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ؟ " .

قال أحمد ومسلم والترمذي : حدثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا حاتم بن إسماعيل ، عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا ، فقال : ما يمنعك أن تسب أبا تراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي - وخلفه في بعض مغازيه فقال له علي : يا رسول الله ، تخلفني مع النساء والصبيان ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي ؟ " وسمعته يقول يوم خيبر " لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " . قال : فتطاولت لها . قال : " ادعوا لي عليا " . فأتي به أرمد ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه ، ولما نزلت هذه الآية فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم [ آل عمران : 61 ] . دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : " اللهم هؤلاء أهلي " ثم قال الترمذي : حسن صحيح . وقد رواه أحمد ومسلم [ ص: 49 ] والترمذي والنسائي من حديث سعيد بن المسيب عن سعد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " وقال الترمذي : ويستغرب من رواية سعيد عن سعد .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أحمد الزبيري ، ثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت ، عن حمزة بن عبد الله ، عن أبيه - يعني عبد الله بن عمر - عن سعد قال : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك خلف عليا ، فقال : أتخلفني ؟ قال " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ؟ " وهذا إسناد جيد ، ولم يخرجوه .

وقال أحمد : ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، سمعت إبراهيم بن سعد يحدث عن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ " أخرجاه من حديث محمد بن جعفر به .

وقال أحمد : ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، ثنا سليمان بن بلال ، حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن الجعفي ، عن عائشة بنت سعد عن أبيها ، أن عليا [ ص: 50 ] خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء ثنية الوداع ، وعلي يبكي يقول : تخلفني مع الخوالف ؟ فقال " أو ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة ؟ " . وهذا إسناد صحيح أيضا ، ولم يخرجوه .

وقال الحسن بن عرفة العبدي : ثنا محمد بن حازم أبو معاوية الضرير ، عن موسى بن مسلم الشيباني ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن سعد بن أبي وقاص قال : قدم معاوية في بعض حجاته ، فأتاه سعد بن أبي وقاص فذكروا عليا ، فقال سعد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له ثلاث خصال ، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من الدنيا وما فيها ، سمعته يقول " من كنت مولاه فعلي مولاه " . وسمعته يقول : " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله " وسمعته يقول : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " . إسناده حسن ، ولم يخرجوه .

وقال أبو زرعة الدمشقي : ثنا أحمد بن خالد الوهبي أبو سعيد ، ثنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن أبيه قال : لما حج معاوية أخذ بيد سعد بن أبي وقاص فقال : يا أبا إسحاق ، إنا قوم قد أجفانا هذا الغزو عن الحج حتى [ ص: 51 ] كدنا أن ننسى بعض سننه ، فطف نطف بطوافك . قال : فلما فرغ أدخله دار الندوة ، فأجلسه معه على سريره ، ثم ذكر علي بن أبي طالب فوقع فيه ، فقال : أدخلتني دارك ، وأجلستني على سريرك ، ثم وقعت في علي تشتمه ؟ ! والله لأن يكون في إحدى خلاله الثلاث أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس ، ولأن يكون لي ما قال له حين غزا تبوك " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ؟ " . أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ، ولأن يكون لي ما قال له يوم خيبر " لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، ليس بفرار " . أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ، ولأن أكون صهره على ابنته ، ولي منها من الولد ما له أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس ، لا أدخل عليك دارا بعد هذا اليوم . ثم نفض رداءه ثم خرج .

وقال أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد بن أبي وقاص قال خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال : يا رسول الله ، تخلفني في النساء والصبيان ؟ قال : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ؟ " . إسناده على شرطهما ، ولم يخرجاه . وهكذا رواه أبو عوانة ، عن الأعمش عن الحكم عن مصعب ، عن أبيه . ورواه أبو داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن عاصم ، عن مصعب ، عن أبيه . فالله أعلم . وقد رواه غير واحد عن عائشة بنت سعد عن أبيها .

[ ص: 52 ] قال الحافظ بن عساكر : وقد روى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة ; منهم عمر ، وعلي ، وابن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، ومعاوية ، وجابر بن عبد الله ، وجابر بن سمرة ، وأبو سعيد ، والبراء بن عازب ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن أبي أوفى ، ونبيط بن شريط ، وحبشي بن جنادة ، ومالك بن الحويرث ، وأنس بن مالك ، وأبو الفيل ، وأم سلمة ، وأسماء بنت عميس ، وفاطمة بنت حمزة . وقد تقصى الحافظ بن عساكر هذه الأحاديث في ترجمة علي في " تاريخه " فأجاد وأفاد ، وبرز على النظراء والأشباه والأنداد ، رحمه رب العباد يوم التناد .

رواية عمر ، رضي الله عنه ، في ذلك : قال أبو يعلى الموصلي : حدثنا عبيد الله بن عمر ، ثنا عبد الله بن جعفر ، أخبرني سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال عمر : لقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال ، لأن تكون لي خصلة منها أحب إلي من حمر النعم . قيل : وما هن يا أمير المؤمنين ؟ قال : تزويجه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسكناه المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يحل لي فيه ما يحل له ، والراية يوم خيبر . وقد روي عن عمر من غير وجه .

رواية ابن عمر ، رضي الله عنهما : روى الإمام أحمد عن وكيع ، عن هشام بن سعد ، عن عمر بن أسيد ، عن ابن عمر قال : كنا نقول في زمان رسول [ ص: 53 ] الله صلى الله عليه وسلم : رسول الله خير الناس ، ثم خير الناس ، أبو بكر ، ثم عمر ، ولقد أوتي ابن أبي طالب ثلاثا لأن أكون أعطيتهن أحب إلي من حمر النعم . فذكر هذه الثلاث .

وقد روى أحمد والترمذي من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ؟ " . ورواه أحمد من حديث عطية ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " . ورواه الطبراني من طريق عبد العزيز بن حكيم ، عن ابن عمر مرفوعا . ورواه سلمة بن كهيل ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه وعن أم سلمة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ؟ " . قال سلمة : وسمعت مولى لبني موهبة يقول : سمعت ابن عباس يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم . مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية