صفحة جزء
حديث الصدقة بالخاتم وهو راكع : قال الطبراني : ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم الرازي ، ثنا محمد بن يحيى بن ضريس العبدي ، ثنا عيسى بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب ، حدثني أبي عن أبيه ، عن جده ، عن علي قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون [ المائدة : 55 ] . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد والناس يصلون بين راكع وقائم ، وإذا سائل ، فقال : " يا سائل ، هل أعطاك أحد شيئا ؟ " فقال : لا ، إلا هاذاك الراكع - لعلي - أعطاني خاتمه .

وقال الحافظ بن عساكر : أنا خالي أبو المعالي القاضي ، أنا أبو الحسن الخلعي ، أنا أبو العباس أحمد بن محمد الشاهد ، ثنا أبو الفضل محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث الرملي ، ثنا القاضي جملة بن محمد ، ثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو نعيم الأحول ، عن موسى بن قيس ، عن سلمة قال : تصدق علي بخاتمه وهو راكع ، فنزلت : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون . [ ص: 94 ] وهذا لا يصح بوجه من الوجوه ; لضعف أسانيده ، ولم ينزل في علي شيء من القرآن بخصوصيته ، وكل ما يوردونه في قوله تعالى إنما أنت منذر ولكل قوم هاد [ الرعد : 7 ] . وقوله ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا [ الإنسان : 8 ] . وقوله أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر [ التوبة : 19 ] . وغير ذلك من الآيات والأحاديث الواردة في أنها نزلت في علي لا يصح شيء منها .

وأما قوله تعالى هذان خصمان اختصموا في ربهم [ الحج : 19 ] . فثبت في " الصحيح " أنها نزلت في علي وحمزة وعبيدة من المؤمنين ، وفي عتبة وشيبة والوليد بن عتبة من الكافرين .

وما روي عن ابن عباس أنه قال : ما نزل في أحد من الناس ما نزل في علي وفي رواية عنه أنه قال : نزل فيه ثلاثمائة آية . فلا يصح ذلك عنه لا هذا ولا هذا . ولا يصح أيضا ما قالوا فيه أنه قال : ما نزلت آية فيها يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي بن أبي طالب رأسها . كل ذلك لا يصح ، وإنما هذا من غلو الرافضة . [ ص: 95 ]

حديث آخر : قال أبو سعيد بن الأعرابي : ثنا محمد بن زكريا الغلابي ، ثنا العباس بن بكار أبو الوليد ، ثنا عبد الله بن المثنى الأنصاري ، عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد وقد أطاف به أصحابه ، إذ أقبل علي فسلم ، ثم وقف ينظر مكانا يجلس فيه ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وجوه أصحابه أيهم يوسع له ، وكان أبو بكر عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ، فتزحزح أبو بكر عن مجلسه وقال : هاهنا يا أبا الحسن . فجلس بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أبي بكر ، فرأينا السرور في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أقبل على أبي بكر فقال : " يا أبا بكر ، إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل " . فأما الحديث الوارد عن علي وحذيفة مرفوعا : " علي خير البشر ، من أبى فقد كفر " . فهو موضوع من الطريقين معا . قبح الله من وضعه واختلقه .

حديث آخر : قال أبو عيسى الترمذي : ثنا إسماعيل بن موسى ، ثنا محمد بن عمر بن الرومي ، ثنا شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة ، عن الصنابحي ، عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا دار الحكمة وعلي بابها " . ثم قال : هذا الحديث غريب . قال : وروى بعضهم هذا الحديث عن ابن عباس .

[ ص: 96 ] قلت : رواه سويد بن سعيد ، عن شريك ، عن سلمة ، عن الصنابحي ، عن علي مرفوعا : " أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت باب المدينة " .

وأما حديث ابن عباس ، فرواه ابن عدي من طريق أحمد بن سلمة أبي عمرو الجرجاني ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأتها من قبل بابها " . ثم قال ابن عدي : وهذا الحديث يعرف بأبي الصلت الهروي عن أبي معاوية ، سرقه منه أحمد بن سلمة هذا ، ومعه جماعة من الضعفاء . هكذا قال ، رحمه الله ، وقد روى أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز ، عن ابن معين أنه قال : أخبرني ابن أيمن ، أن أبا معاوية حدث بهذا الحديث قديما ، ثم كف عنه . قال : وكان أبو الصلت رجلا موسرا يكرم المشايخ ويحدثونه بهذه الأحاديث . وساقه ابن عساكر بإسناد مظلم عن جعفر الصادق عن أبيه ، عن جده ، عن جابر بن عبد الله ، فذكره مرفوعا ، ومن طريق أخرى عن جابر . قال ابن عدي : وهو موضوع أيضا . وقال أبو الفتح الأزدي : لا يصح في هذا الباب شيء . [ ص: 97 ]

حديث آخر يقرب مما قبله : قال ابن عدي : ثنا أحمد بن حمدون النيسابوري ، ثنا ابن بنت أبي أسامة - هو جعفر بن هذيل - ثنا ضرار بن صرد ، ثنا يحيى بن عيسى الرملي ، عن الأعمش ، عن عباية ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " علي عيبة علمي " .

حديث آخر في معنى ما تقدم : قال ابن عدي : ثنا أبو يعلى ، ثنا كامل بن طلحة ، ثنا ابن لهيعة ، ثنا حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه : " ادعوا لي أخي " . فدعوا له أبا بكر ، فأعرض عنه ، ثم قال : " ادعوا لي أخي " . فدعوا له عمر ، فأعرض عنه ، ثم قال : " ادعوا لي أخي " . فدعوا له عثمان ، فأعرض عنه ، ثم قال : " ادعوا لي أخي " . فدعي له علي بن أبي طالب فستره بثوب وأكب عليه ، فلما خرج من عنده قيل له : ما قال لك ؟ قال : علمني ألف باب ، يفتح كل باب إلى ألف باب . قال ابن عدي : هذا حديث منكر ، ولعل البلاء فيه من ابن لهيعة ، فإنه شديد الإفراط في التشيع وقد تكلم فيه الأئمة ونسبوه إلى الضعف . والله أعلم .

حديث آخر : قال ابن عساكر : أنبأنا أبو علي المقرئ ، أنا أبو نعيم [ ص: 98 ] الحافظ ، أنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا أبو الحسين بن أبي مقاتل ، ثنا محمد بن عبيد بن عتبة ، ثنا محمد بن علي الوهبي الكوفي ، ثنا أحمد بن عمران بن سلمة - وكان ثقة عدلا مرضيا - ثنا سفيان الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فسئل عن علي ، فقال : " قسمت الحكمة عشرة أجزاء ، أعطي علي تسعة والناس جزءا واحدا " وسكت الحافظ ابن عساكر على هذا الحديث ولم ينبه على أمره ، وهو منكر بل موضوع ، مركب على سفيان الثوري بإسناده ، قبح الله واضعه ومن افتراه واختلقه .

حديث آخر : قال أبو يعلى : ثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، ثنا يحيى بن سعيد ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن علي قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأنا حديث السن ، ليس لي علم بالقضاء . قال : فضرب في صدري وقال : " إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك " . قال : فما شككت في قضاء بين اثنين بعد .

وقد ثبت عن عمر أنه كان يقول : علي أقضانا ، وأبي أقرؤنا للقرآن . وكان عمر يقول : أعوذ بالله من معضلة ولا أبو حسن لها .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا جرير بن عبد الحميد ، عن مغيرة ، عن أم موسى ، عن أم سلمة قالت : والذي أحلف به إن كان علي بن أبي طالب لأقرب الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم ; عدنا رسول الله [ ص: 99 ] صلى الله عليه وسلم غداة بعد غداة يقول : " جاء علي ؟ " مرارا ، وأظنه كان بعثه في حاجة . قالت : فجاء بعد ، فظننت أن له إليه حاجة ، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب ، فكنت من أدناهم إلى الباب ، فأكب عليه علي ، فجعل يساره ويناجيه ، ثم قبض من يومه ذلك ، فكان أقرب الناس به عهدا . وهكذا رواه عبد الله بن أحمد وأبو يعلى ، عن أبي بكر بن أبي شيبة به .

حديث آخر في معناه : قال أبو يعلى : ثنا عبد الرحمن بن صالح ، ثنا أبو بكر بن عياش ، عن صدقة بن سعيد ، عن جميع بن عمير أن أمه وخالته دخلتا على عائشة فقالتا : يا أم المؤمنين ، أخبرينا عن علي . قالت : أي شيء تسألن ؟ عن رجل وضع يده من رسول الله صلى الله عليه وسلم موضعا ، فسالت نفسه في يده فمسح بها وجهه ، واختلفوا في دفنه فقال : إن أحب الأماكن إلى الله مكان قبض فيه نبيه صلى الله عليه وسلم . قالتا : فلم خرجت عليه ؟ قالت : أمر قضي ، لوددت أني أفديه بما على الأرض وهذا منكر جدا ، وفي " الصحيح " ما يرد هذا . والله أعلم .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : ثنا أسود بن عامر ، حدثني عبد الحميد بن أبي جعفر - يعني الفراء - عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع ، عن علي قال : قيل : يا رسول الله ، من نؤمر بعدك ؟ قال : " إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة ، وإن تؤمروا عمر تجدوه قويا أمينا لا يخاف في الله لومة لائم ، وإن تؤمروا عليا ، ولا أراكم فاعلين ، تجدوه [ ص: 100 ] هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم " . وقد روي هذا الحديث من طريق عبد الرزاق ، عن النعمان بن أبي شيبة ، وعن يحيى بن العلاء ، عن الثوري عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع ، عن حذيفة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . ورواه أبو الصلت الهروي عبد السلام بن صالح ، عن ابن نمير ، عن الثوري ، عن شريك ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع ، عن حذيفة به .

وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري : أنا أبو عبد الله محمد بن علي الآدمي بمكة ، ثنا إسحاق بن إبراهيم الصنعاني ، أنا عبد الرزاق بن همام ، عن أبيه ، عن ميناء ، عن عبد الله بن مسعود قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن . قال : فتنفس فقلت : ما شأنك يا رسول الله ؟ قال : " نعيت إلي نفسي " . قلت : فاستخلف . قال : " من ؟ " قلت : أبا بكر . قال : فسكت ، ثم مضى ساعة ، ثم تنفس فقلت : ما شأنك يا رسول الله ؟ قال : " نعيت إلي نفسي " . يا ابن مسعود " . قلت : فاستخلف . قال : " من ؟ " قلت : عمر . قال : فسكت ، ثم مضى ساعة ، ثم تنفس فقلت : ما شأنك ؟ قال : " نعيت إلي نفسي " . يا ابن مسعود " . قلت : فاستخلف . قال : " من ؟ " قلت علي بن أبي طالب قال : " أما والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلن الجنة أجمعين أكتعين " . قال ابن عساكر : همام وميناء مجهولان . [ ص: 101 ]

حديث آخر : قال أبو يعلى ثنا أبو موسى - يعني محمد بن المثنى - ثنا سهل بن حماد أبو عتاب الدلال ، ثنا مختار بن نافع التيمي ، ثنا أبو حيان التيمي ، عن أبيه ، عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله أبا بكر ، زوجني ابنته ، وحملني إلى دار الهجرة ، وأعتق بلالا من ماله ، رحم الله عمر ، يقول الحق وإن كان مرا ، تركه الحق وما له من صديق ، رحم الله عثمان ، تستحيه الملائكة ، رحم الله عليا ، اللهم أدر الحق معه حيث دار " . وقد ورد عن أبي سعيد وأم سلمة أن الحق مع علي ، رضي الله عنه ، وفي كل منهما نظر . والله أعلم .

حديث آخر ، قال أبو يعلى : ثنا عثمان ، ثنا جرير عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء ، عن أبيه ، عن أبي سعيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله " . فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : " لا " . فقال عمر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : " لا ، ولكنه خاصف النعل " . وكان قد أعطى عليا نعله يخصفه . ورواه البيهقي ، عن الحاكم ، عن الأصم ، عن أحمد بن عبد الجبار ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش به . ورواه الإمام أحمد ، عن وكيع وحسين بن محمد ، عن فطر بن خليفة ، عن إسماعيل بن رجاء به . ورواه البيهقي أيضا ، من [ ص: 102 ] حديث أبي نعيم ، عن فطر بن خليفة ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن أبيه ، عن أبي سعيد به . ورواه فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد . وروي من حديث علي نفسه . وقد قدمنا هذا الحديث في موضعه في قتال علي أهل البغي والخوارج . ولله الحمد . وقدمنا أيضا حديث علي للزبير : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لك إنك تقاتلني وأنت ظالم . فرجع الزبير ، وذلك يوم الجمل ، ثم قتل بعد مرجعه في وادي السباع . وقدمنا صبره وصرامته وشجاعته في يومي الجمل وصفين ، وبسالته وفضله في يوم النهروان ، وما ورد في فضل طائفته الذين قتلوا الخوارج ، من الأحاديث ، وذكرنا الحديث الوارد من غير طريق ، عن علي وأبي سعيد وأبي أيوب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بقتال المارقين والقاسطين والناكثين ، وفسروا الناكثين بأصحاب الجمل ، والقاسطين بأهل الشام ، والمارقين بالخوارج والحديث ضعيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية