صفحة جزء
عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي

ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أصغر من أخيه عبد الله بسنة . وأمهما أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية . وكان عبيد الله كريما جميلا وسيما ، يشبه أباه في الجمال . [ ص: 334 ] روينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصف عبد الله وعبيد الله وكثيرا ثم يقول : " من سبق إلي فله كذا " . فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم .

وقد استنابه علي بن أبي طالب في أيام خلافته على اليمن ، وحج بالناس في سنة ست وثلاثين وسنة سبع وثلاثين ، فلما كان سنة ثمان وثلاثين اختلف هو ويزيد بن شجرة الرهاوي الذي قدم على الحج من جهة معاوية ، ثم اصطلحا على شيبة بن عثمان الحجبي ، فأقام للناس الحج عامئذ ، ثم لما صارت الشوكة لمعاوية تسلط على عبيد الله بسر بن أبي أرطاة ، فقتل له ولدين ، وجرت أمور باليمن قد ذكرنا بعضها . وكان يقدم هو وأخوه عبد الله المدينة فيوسعهم عبد الله علما ، ويوسعهم عبيد الله كرما .

وقد روي أنه نزل في مسير له ، مع مولى له على خيمة رجل من الأعراب ، فلما رآه الأعرابي أعظمه وأجله ، ورأى حسنه وشكله ، فقال لامرأته : ويحك ! ماذا عندك لضيفنا هذا ؟ فقالت : ليس عندنا إلا هذه الشويهة التي حياة ابنتك من لبنها . فقال : إنه لا بد من ذبحها . فقالت : أتقتل ابنتك ؟ فقال : وإن . فأخذ الشفرة والشاة ، وجعل يذبحها ويسلخها ، وهو يقول مرتجزا :


يا جارتي لا توقظي البنيه [ ص: 335 ] إن توقظيها تنتحب عليه     وتنزع الشفرة من يديه

ثم هيأها طعاما ، فوضعها بين يدي عبيد الله ومولاه فعشاهما ، وكان عبيد الله قد سمع محاورته لامرأته في الشاة ، فلما أراد الارتحال قال لمولاه : ويلك ! ماذا معك من المال ؟ فقال : معي خمسمائة دينار فضلت من نفقتك . فقال : ادفعها إلى الأعرابي . فقال : سبحان الله ، تعطيه خمسمائة دينار ، وإنما ذبح لك شاة واحدة تساوي خمسة دراهم ؟ ! فقال : ويحك ! والله لهو أسخى منا وأجود ; لأنا إنما أعطيناه بعض ما نملك ، وجاد هو علينا بجميع ما يملك ، وآثرنا على مهجة نفسه وولده . فبلغ ذلك معاوية فقال : لله در عبيد الله ! من أي بيضة خرج ؟ ! ومن أي شيء درج ؟ !

قال خليفة بن خياط : توفي سنة ثمان وخمسين . وقال غيره : توفي في أيام يزيد بن معاوية . وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : توفي في سنة سبع وثمانين . وكانت وفاته بالمدينة ، وقيل : باليمن . وله حديث واحد .

قال أحمد : ثنا هشيم ، ثنا يحيى بن أبي إسحاق ، عن سليمان بن يسار ، [ ص: 336 ] عن عبيد الله بن عباس قال : جاءت الغميصاء - أو الرميصاء - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها ; تزعم أنه لا يصل إليها ، فما كان إلا يسيرا حتى جاء زوجها ، فزعم أنها كاذبة ، وأنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس لك ذلك حتى يذوق عسيلتك رجل غيره " . وأخرجه النسائي ، عن علي بن حجر ، عن هشيم به .

التالي السابق


الخدمات العلمية