صفحة جزء
محمد بن عجلان ( خت ، م ، 4 )

الإمام القدوة ، الصادق بقية الأعلام أبو عبد الله القرشي ، المدني . وكان عجلان مولى لفاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف . ولد في خلافة عبد الملك بن مروان .

وحدث عن أبيه ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، وعمرو بن شعيب ، وأبي حازم سلمان الأشجعي . وهو أقدم شيخ له ، ورجاء بن حيوة ، ونافع ، ومحمد [ ص: 318 ] بن كعب القرظي ، والنعمان بن أبي عياش الزرقي ، وأبي الحباب سعيد بن يسار ، وصيفي مولى أبي أيوب الأنصاري ، وعامر بن عبد الله بن الزبير ، وعبيد الله بن مقسم ، وعون بن عبد الله بن عتبة ، وإبراهيم بن عبد الله بن حنين ، والقعقاع بن حكيم ، ومحمد بن قيس بن مخرمة ، وعبد الله بن دينار ، وعاصم بن عمر بن قتادة ، وزيد بن أسلم ، وهشام بن عروة ، وخلق كثير . وقيل : إنه روى عن أنس بن مالك ، وذلك ممكن إن صح .

حدث عنه : إبراهيم بن أبي عبلة ، ومنصور بن المعتمر ، وهو أكبر منه ، وشعبة ، وسفيان ، وزيد بن أبي أنيسة ومات قبله بدهر ، وعبد الوهاب بن بخت كذلك ، وصالح بن كيسان ، والليث بن سعد ، ومالك بن أنس ، وابن المبارك ، وأبو خالد الأحمر ، وبكر بن مضر ، وخالد بن الحارث ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن رجاء المكي ، ويحيى بن سعيد القطان ، وصفوان بن عيسى ، وأبو عاصم ، وأسباط بن محمد ، وابن إدريس ، وخلق كثير .

وكان فقيها مفتيا ، عابدا صدوقا ، كبير الشأن . له حلقة كبيرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد خرج على المنصور مع ابن حسن ، فلما قتل ابن حسن ، هم والي المدينة جعفر بن سليمان أن يجلده . فقالوا له : أصلحك الله : لو رأيت الحسن البصري فعل مثل هذا أكنت تضربه ؟ قال : لا . قيل : فابن عجلان في أهل المدينة كالحسن في أهل البصرة ، وقيل : إنه هم بقطع يده حتى كلموه ، وازدحم على بابه الناس . قال : فعفا عنه .

روى عباس بن نصر البغدادي ، عن صفوان بن عيسى قال : مكث ابن عجلان في بطن أمه ثلاث سنين ، فشق بطنها ، فأخرج منه وقد نبتت أسنانه . رواها عبد العزيز بن أحمد الغافقي عن عباس .

وقال يعقوب بن شيبة ، حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء ، حدثنا الوليد بن [ ص: 319 ] مسلم قال : قلت لمالك : إني حدثت عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : لا تحمل المرأة فوق سنتين قدر ظل مغزل ، فقال : من يقول هذا ؟ هذه امرأة ابن عجلان جارتنا امرأة صدق ، ولدت ثلاث أولاد في ثنتي عشرة سنة . تحمل أربع سنين قبل أن تلد .

قال سعيد بن داود الزنبري أخبرني محمد بن محمد بن عجلان قال : أنا ولدت في أربع سنين في حياة أبي .

وقال الواقدي : سمعت عبد الله بن محمد بن عجلان يقول : حمل بأبي أكثر من ثلاث سنين .

قال الواقدي : وسمعت مالكا يقول : قد يكون الحمل سنتين وأكثر . أعرف من حمل به كذلك ، يعني نفسه .

روى أبو حاتم الرازي ، عن رجل ، عن ابن المبارك قال : لم يكن بالمدينة أحد أشبه بأهل العلم من ابن عجلان كنت أشبهه بالياقوتة بين العلماء ، رحمه الله .

قال مصعب الزبيري : كان لابن عجلان قدر وفضل بالمدينة ، وكان ممن خرج مع محمد بن عبد الله ، فأراد جعفر بن سليمان قطع يده ، فسمع ضجة ، وكان عنده الأكابر . فقال : ما هذا ؟ قالوا : هذه ضجة أهل المدينة يدعون لابن عجلان . فلو عفوت عنه ؟ وإنما غر ، وأخطأ في الرواية ظن أنه المهدي ، فأطلقه وعفا عنه .

أبو بكر بن خلاد ، سمعت يحيى بن سعيد يقول : كان ابن عجلان مضطرب الحديث في حديث نافع .

وقال الفلاس : سألت يحيى عن حديث ابن عجلان ، عن المقبري ، عن [ ص: 320 ] أبي هريرة في القتل في سبيل الله ، فأبى أن يحدثني . فقلت له : قد خالفه يحيى بن سعيد الأنصاري فقال : عن المقبري ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه . فقال : أأحدث به ؟ ! كأنه تعجب .

قلت : وثق ابن عجلان أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وحدث عنه شعبة ، ومالك ، وهو حسن الحديث . وأقوى من ابن إسحاق . ولكن ما هو في قوة عبيد الله بن عمرو ونحوه .

قال أبو عبد الله الحاكم : أخرج له مسلم في كتابه ثلاثة عشر حديثا كلها في الشواهد ، وتكلم المتأخرون من أئمتنا في سوء حفظه .

عباس الدوري ، عن يحيى بن معين قال : ابن عجلان أوثق من محمد بن عمرو ، ما يشك في هذا أحد ، وممن وثقه ابن عيينة ، وأبو حاتم الرازي ، مع تعنته في نقد الرجال .

وقال ابن القاسم : قيل لمالك : إن ناسا من أهل العلم يحدثون -يعني- بحديث خلق آدم على صورته . فقال : من هم ؟ قيل : ابن عجلان . قال : لم يكن ابن عجلان يعرف هذه الأشياء ، ولم يكن عالما . قلت : لم ينفرد به محمد . والحديث : في الصحيحين . وقال البخاري : قال لي علي ، عن [ ص: 321 ] ابن أبي الوزير ، عن مالك ، أنه ذكر ابن عجلان فذكر خيرا .

قال أبو محمد الرامهرمزي ، حدثنا عبد الله ، حدثنا القاسم بن نصر ، سمعت خلف بن سالم ، حدثني يحيى القطان قال : قدمت الكوفة وبها ابن عجلان ، وبها ممن يطلب حفص بن غياث ، ومليح بن وكيع وابن إدريس : فقلت : نأتي ابن عجلان . فقال يوسف السمتي : نقلب عليه حديثه حتى ننظر فهمه . قال : ففعلوا . فما كان عن أبيه جعلوه عن أبي هريرة نفسه ، وما كان للمقبري عن أبي هريرة جعلوه عن أبيه عن أبي هريرة . فدخلوا فسألوه فمر فيها ، فلما كان عند آخر الكتاب ، تنبه ، فقال : أعد . فعرض عليه ، فقال : ما سألتموني عن أبي ، فقد حدثني سعيد وما سألتموني عن سعيد ، فقد حدثني أبي به . ثم أقبل على يوسف بن خالد ، فقال : إن كنت أردت شيني وعيبي فسلبك الله الإسلام . وأقبل على حفص ، فقال : ابتلاك الله في دينك ودنياك . وأقبل على الآخر فقال : لا نفعك الله بعلمك .

قال يحيى القطان : فمات مليح بن وكيع وما انتفع بعلمه ، وابتلي حفص بالفالج وبالقضاء ، ولم يمت يوسف حتى اتهم بالزندقة . فهذه الحكاية فيها نظر . وما أعرف عبد الله هذا ، ومليح لا يدرى من هو ، ولم يكن لوكيع بن الجراح ولد يطلب أيام ابن عجلان ، ثم لم يكن ظهر لهم قلب الأسانيد على الشيوخ . إنما فعل هذا بعد المائتين . وقد روي حديث لابن عجلان ، عن [ ص: 322 ] أنس بن مالك ، ويحتمل أن يكون شافهه .

قالوا : ومات ابن عجلان سنة ثمان وأربعين ومائة وقد أورد البخاري في كتاب " الضعفاء " له في محمد بن عجلان ، قول يحيى القطان في محمد ، وأنه لم يتقن أحاديث المقبري عن أبيه ، وأحاديث المقبري عن أبي هريرة ، يعني أنه ربما اختلط عليه هذا بهذا .

وقد ذكرت ابن عجلان في " الميزان " فحديثه إن لم يبلغ رتبة الصحيح ، فلا ينحط عن رتبة الحسن . والله أعلم .

أخبرنا أحمد بن فرح الحافظ ، وخلق قالوا : أنبأنا أحمد بن عبد الدائم ، أنبأنا عبد المنعم بن كليب ، وأنبأني أحمد بن سلامة والخضر بن حمويه ، عن ابن كليب ، أنبأنا علي بن بيان ، أنبأنا محمد بن مخلد ، أنبأنا إسماعيل الصفار ، حدثنا ابن عرفة ، حدثنا بشر بن المفضل ، عن محمد بن عجلان ، عن المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : إذا وقع الذباب في إناء أحدكم ، فإن في أحد جناحيه داء ، والآخر شفاء . وإنه يتقي بالجناح الذي فيه الداء فليغمسه كله ، ثم لينزعه هذا حديث حسن الإسناد عال ، أخرجه أبو داود ، عن أحمد بن حنبل ، عن بشر ، فوقع بدلا عاليا .

التالي السابق


الخدمات العلمية