صفحة جزء
العباس بن الوليد : حدثنا أبي : سمعت الأوزاعي يقول : عليك بآثار من سلف ، وإن رفضك الناس ، وإياك وآراء الرجال ، وإن زخرفوه لك بالقول ، فإن الأمر ينجلي وأنت على طريق مستقيم .

قال بقية بن الوليد : قال لي الأوزاعي : يا بقية ، لا تذكر أحدا من أصحاب نبيك إلا بخير . يا بقية ، العلم ما جاء عن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وما لم يجئ عنهم ، فليس بعلم .

قال بقية ، والوليد بن مزيد : قال الأوزاعي : لا يجتمع حب علي وعثمان - رضي الله عنهما - إلا في قلب مؤمن .

كتب إلي القاضي عبد الواسع الشافعي ، وعدة ، عن أبي الفتح المندائي أنبأنا عبيد الله بن محمد بن أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أنبأنا جدي في كتاب " الأسماء والصفات " له ، أنبأنا أبو عبد الله [ ص: 121 ] الحافظ ، أنبأنا محمد بن علي الجوهري ببغداد ، حدثنا إبراهيم بن الهيثم ، حدثنا محمد بن كثير المصيصي : سمعت الأوزاعي يقول : كنا - والتابعون متوافرون - نقول : إن الله - تعالى - فوق عرشه ، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته .

قال الوليد بن مزيد : سمعت الأوزاعي يقول : إذا أراد الله بقوم شرا فتح عليهم الجدل ، ومنعهم العمل .

محمد بن الصباح : حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا الأوزاعي قال : كتب إلي قتادة من البصرة : إن كانت الدار فرقت بيننا وبينك ، فإن ألفة الإسلام بين أهلها جامعة .

قلت : قوله : كتب إلي - وفي بعض حديثه يقول - : كتب إلي قتادة : هو على المجاز ، فإن قتادة ولد أكمه ، وإنما أمر من يكتب إلى الأوزاعي . ويتفرع على هذا أن رواية ذلك عن الأعمى إنما وقعت بواسطة من كتب ، ولم يسم في الحديث ، ففي ذلك انقطاع بين . خيثمة بن سليمان : حدثنا العباس بن الوليد : سمعت أبي ، سمعت الأوزاعي يقول : جئت إلى بيروت أرابط فيها ، فلقيت سوداء عند المقابر ، فقلت لها : يا سوداء ، أين العمارة ؟ قالت : أنت في العمارة ، وإن أردت الخراب فبين يديك .

أحمد بن عبد الواحد بن عبود : حدثنا محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، قال : وقع عندنا رجل من جراد ببيروت ، وكان عندنا رجل له فضل ، فحدث أنه رأى رجلا راكبا ، فذكر من عظم الجرادة ، وعظم الرجل ، قال : وعليه خفان أحمران طويلان ، وهو يقول : الدنيا باطلة ، وباطل ما فيها ، ويومئ [ ص: 122 ] بيده ، حيثما أومأ انساب الجراد إلى ذلك الموضع . رواها علي بن زيد الفرائضي ، عن محمد بن كثير ، سمعت الأوزاعي : أنه هو الذي رأى ذلك .

ابن ذكوان : حدثنا ابن أبي السائب ، عن أبيه ، قال : حدثنا الأوزاعي . يقول مكحول : ما أحرص ابن أبي مالك على القضاء ! فقال : لقد كنت ممن سدد لي رأيي .

قال أبو زرعة : أريد على القضاء في أيام يزيد الناقص فامتنع - يعني الأوزاعي - جلس لهم مجلسا واحدا .

قال الأوزاعي : من أكثر ذكر الموت ، كفاه اليسير ، ومن عرف أن منطقه من عمله ، قل كلامه .

أبو يعقوب الأذرعي : حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الغمر الطبراني ، حدثنا هاشم بن مرثد : سمعت أحمد بن الغمر ، قال : لما جلت المحنة التي نزلت بالأوزاعي - لما نزل عبد الله بن علي حماة - بعث إليه ، فأشخص ، قال : فنزل على ثور بن يزيد الحمصي . قال الأوزاعي : فلم يزل ثور يتكلم في القدر من بعد صلاة العشاء الآخرة إلى أن طلع الفجر ، وأنا ساكت - ما أجابه بحرف - فلما انفجر الفجر ، صليت ، ثم أتيت حماة فأدخلت على عبد الله بن علي ، فقال : يا أوزاعي ، أيعد مقامنا هذا [ ص: 123 ] ومسيرنا رباطا ؟ فقلت : جاءت الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " من كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله " ثم ساق القصة .

يعقوب بن شيبة : حدثنا أبو عبد الملك بن الفارسي ، وهو عبد الرحمن بن عبد العزيز ، حدثنا الفريابي ، حدثنا الأوزاعي ، قال : لما فرغ عبد الله بن علي - يعني عم السفاح - من قتل بني أمية ، بعث إلي ، وكان قتل يومئذ نيفا [ ص: 124 ] وسبعين منهم بالكافركوبات فدخلت عليه ، فقال : ما تقول في دماء بني أمية ؟ فحدت ، فقال : قد علمت من حيث حدت فأجب . قال : وما لقيت مفوها مثله . فقلت : كان لهم عليك عهد . قال : فاجعلني وإياهم ولا عهد ، ما تقول في دمائهم ؟ قلت : حرام ، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث . . . " الحديث .

فقال : ولم ويلك ؟ ! وقال : أليست الخلافة وصية من رسول الله ، قاتل عليها علي - رضي الله عنه - بصفين ؟ قلت : لو كانت وصية ما رضي بالحكمين . فنكس رأسه ، ونكست ، فأطلت ، ثم قلت : البول . فأشار بيده : اذهب . فقمت ، فجعلت لا أخطو خطوة إلا قلت : إن رأسي يقع عندها .

سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى : حدثنا أبو خليد عتبة بن حماد القارئ ، حدثنا الأوزاعي ، قال : بعث عبد الله بن علي إلي ، فاشتد ذلك علي ، وقدمت ، فدخلت ، والناس سماطان فقال : ما تقول في مخرجنا وما نحن فيه ؟ قلت : أصلح الله الأمير ! قد كان بيني وبين داود بن علي مودة . قال : لتخبرني . فتفكرت ، ثم قلت : لأصدقنه ، واستبسلت للموت ، ثم رويت له عن يحيى بن سعيد حديث " الأعمال " وبيده قضيب ينكت به ، ثم قال : يا عبد الرحمن : ما تقول في قتل أهل هذا البيت ؟ قلت : حدثني محمد بن مروان ، عن مطرف بن الشخير ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يحل قتل المسلم إلا في ثلاث . . . " [ ص: 125 ] وساق الحديث . فقال : أخبرني عن الخلافة ، وصية لنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقلت : لو كانت وصية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ترك علي - رضي الله عنه - أحدا يتقدمه . قال : فما تقول في أموال بني أمية ؟ قلت : إن كانت لهم حلالا ، فهي عليك حرام ، وإن كانت عليهم حراما ، فهي عليك أحرم . فأمرني ، فأخرجت .

قلت : قد كان عبد الله بن علي ملكا جبارا ، سفاكا للدماء ، صعب المراس ، ومع هذا فالإمام الأوزاعي يصدعه بمر الحق كما ترى ، لا كخلق من علماء السوء ، الذين يحسنون للأمراء ما يقتحمون به من الظلم والعسف ، ويقلبون لهم الباطل حقا - قاتلهم الله - أو يسكتون مع القدرة على بيان الحق .

خيثمة : حدثنا الحوطي ، حدثنا أبو الأسوار محمد بن عمر التنوحي ، قال : كتب المنصور إلى الأوزاعي :

أما بعد . . . فقد جعل أمير المؤمنين في عنقك ما جعل الله لرعيته قبلك في عنقه ، فاكتب إلي بما رأيت فيه المصلحة مما أحببت . فكتب إليه : أما بعد . . فعليك بتقوى الله ، وتواضع يرفعك الله يوم يضع المتكبرين في الأرض بغير الحق ، واعلم أن قرابتك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لن تزيد حق الله عليك إلا عظما ، ولا طاعته إلا وجوبا .

قال محمد بن شعيب : سمعت الأوزاعي يقول : من أخذ بنوادر العلماء ، خرج من الإسلام .

وعن الأوزاعي قال : ما ابتدع رجل بدعة ، إلا سلب الورع . رواها بقية عن معمر بن عريب ، عنه .

الوليد بن مزيد : سمعت الأوزاعي يقول : إن المؤمن يقول قليلا ، ويعمل كثيرا ، وإن المنافق يتكلم كثيرا ، ويعمل قليلا . [ ص: 126 ]

قال بشر بن المنذر قاضي المصيصة : رأيت الأوزاعي كأنه أعمى من الخشوع .

وقال الوليد بن مزيد : سمعت الأوزاعي يقول : كان يقال : ويل للمتفقهين لغير العبادة ، والمستحلين الحرمات بالشبهات .

العباس بن الوليد بن مزيد : حدثني محمد بن عبد الرحمن السلمي ، حدثني محمد بن الأوزاعي : قال لي أبي : يا بني ، أحدثك بشيء لا تحدث به ما عشت : رأيت كأنه وقف بي على باب الجنة ، فأخذ بمصراعي الباب ، فزال عن موضعه ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبو بكر وعمر يعالجون رده ، فردوه ، فزال ، ثم أعادوه ، قال : فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا عبد الرحمن : ألا تمسك معنا ؟ فجئت حتى أمسك معهم حتى ردوه .

قال أحمد بن علي الأبار : حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثنا الحواري بن أبي الحواري قال : دخل الأوزاعي على أبي جعفر ، فلما أراد أن ينصرف ، استعفى من لبس السواد ، فأجابه أبو جعفر ، فلما خرج الأوزاعي ، قالوا له ، فقال : لم يحرم فيه محرم ، ولا كفن فيه ميت ، ولم يزين فيه عروس .

عبد الحميد بن بكار : حدثنا ابن أبي العشرين : سمعت أميرا كان بالساحل يقول - وقد دفنا الأوزاعي ، ونحن عند القبر - : رحمك الله أبا عمرو فلقد كنت أخافك أكثر ممن ولاني .

قال محمد بن عبيد الطنافسي : كنت عند سفيان الثوري ، فجاءه رجل ، فقال : رأيت كأن ريحانة من المغرب رفعت . قال : إن صدقت رؤياك ، فقد مات الأوزاعي . فكتبوا ذلك ، فوجد كذلك في ذلك اليوم .

قال عباس الدوري : سمعت يحيى يقول : مات الأوزاعي في الحمام . [ ص: 127 ] أحمد بن عيسى المصري : حدثني خيران بن العلاء - وكان من خيار أصحاب الأوزاعي - قال : دخل الأوزاعي الحمام ، وكان لصاحب الحمام حاجة ، فأغلق عليه الباب وذهب ، ثم جاء ، ففتح ، فوجد الأوزاعي ميتا مستقبل القبلة .

ابن زبر : حدثنا إسحاق بن خالد ، حدثنا أبو مسهر ، قال : بلغنا موت الأوزاعي ، وأن امرأته أغلقت عليه باب الحمام ، غير متعمدة ، فمات ، فأمرها سعيد بن عبد العزيز بعتق رقبة ، ولم يخلف سوى ستة دنانير ، فضلت من عطائه ، وكان قد اكتتب - رحمه الله - في ديوان الساحل .

العباس بن الوليد بن مزيد : سمعت عقبة بن علقمة قال : سبب موت الأوزاعي أنه اختضب ، ودخل الحمام الذي في منزله ، وأدخلت معه امرأته كانونا فيه فحم ، لئلا يصيبه البرد ، وأغلقت عليه من برا ، فلما هاج الفحم ، ضعفت نفسه ، وعالج الباب ليفتحه ، فامتنع عليه ، فألقى نفسه ، فوجدناه موسدا ذراعه إلى القبلة .

قال العباس بن الوليد : وحدثني سالم بن المنذر ، قال : لما سمعت الضجة بوفاة الأوزاعي ، خرجت ، فأول من رأيت نصرانيا ، قد ذر على رأسه الرماد ، فلم يزل المسلمون من أهل بيروت يعرفون له ذلك ، وخرجنا في جنازته أربعة أمم : فحمله المسلمون ، وخرجت اليهود في ناحية ، والنصارى في ناحية ، والقبط في ناحية .

قال ابن المديني : مات الأوزاعي سنة إحدى وخمسين ومائة .

قلت : هذا خطأ . وقال هشام بن عمار ، عن الوليد بن مسلم : في سنة ست وخمسين فوهم هشام ; لأن صفوان بن صالح روى عن الوليد هو وغيره ، والوليد بن مزيد ، ويحيى القطان ، وأبو مسهر وعدة ، قالوا : مات سنة [ ص: 128 ] سبع وخمسين ، ومائة وزاد بعضهم فقال : في صفر ، وفيها مات .

قال ابن أبي الدنيا : حدثني أبو جعفر الآدمي قال : قال يزيد بن مذعور : رأيت الأوزاعي في منامي ، فقلت : دلني على درجة أتقرب بها إلى الله ، فقال : ما رأيت هناك أرفع من درجة العلماء ، ومن بعدها درجة المحزونين .

ترجمة الأوزاعي في " تاريخ " الحافظ ابن عساكر في أربعة كراريس وهو أول من دون العلم بالشام ، وبلغنا أنه كان يعتم بعمامة مدورة بلا عذبة - رحمه الله تعالى .

الحاكم : حدثنا أبو بكر الإسماعيلي إملاء ، أنبأنا محمد بن خلف بن المرزبان ، أنبأنا أبو نشيط محمد بن هارون ، حدثنا الفريابي ، قال : اجتمع الثوري والأوزاعي وعباد بن كثير بمكة ، فقال الثوري للأوزاعي : حدثنا يا أبا عمرو حديثك مع عبد الله بن علي . قال : نعم ، لما قدم الشام ، وقتل بني أمية ، جلس يوما على سريره ، وعبأ أصحابه أربعة أصناف : صنف معهم السيوف المسللة ، وصنف معهم الجزرة ، أظنها الأطبار ، وصنف معهم الأعمدة ، وصنف معهم الكافركوب ، ثم بعث إلي ، فلما صرت بالباب ، أنزلوني ، وأخذ اثنان بعضدي ، وأدخلوني بين الصفوف حتى أقاموني مقاما يسمع كلامي ، فسلمت . فقال : أنت عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ؟ قلت : نعم ، أصلح الله الأمير . قال : ما تقول في دماء بني أمية ؟ - فسأل مسألة رجل [ ص: 129 ] يريد أن يقتل رجلا - فقلت : قد كان بينك وبينهم عهود . فقال : ويحك ! اجعلني وإياهم لا عهد بيننا . فأجهشت نفسي ، وكرهت القتل ، فذكرت مقامي بين يدي الله - عز وجل - فلفظتها ، فقلت : دماؤهم عليك حرام ، فغضب ، وانتفخت عيناه وأوداجه ، فقال لي : ويحك ، ولم ؟ ! قلت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : ثيب زان ، ونفس بنفس ، وتارك لدينه " قال : ويحك ، أوليس الأمر لنا ديانة ؟ ! قلت : وكيف ذاك ؟ . قال : أليس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أوصى إلى علي ؟ قلت : لو أوصى إليه ما حكم الحكمين . فسكت ، وقد اجتمع غضبا ، فجعلت أتوقع رأسي تقع بين يدي ، فقال بيده : هكذا - أومأ أن أخرجوه - فخرجت ، فركبت دابتي ، فلما سرت غير بعيد ، إذا فارس يتلوني ، فنزلت إلى الأرض ، فقلت : قد بعث ليأخذ رأسي ، أصلي ركعتين ، فكبرت ، فجاء - وأنا قائم أصلي - فسلم ، وقال : إن الأمير قد بعث إليك بهذه الدنانير فخذها . فأخذتها ، ففرقتها قبل أن أدخل منزلي . فقال سفيان : ولم أردك أن تحيد حين قال لك ما قال .

الوليد بن مزيد : سمع الأوزاعي يقول : لا ينبغي للإمام أن يخص نفسه بشيء من الدعاء ، فإن فعل فقد خانهم . [ ص: 130 ] العباس بن الوليد : حدثني عباس بن نجيح الدمشقي ، حدثني عون بن حكيم قال : حججت مع الأوزاعي ، فلما أتى المدينة ، وأتى المسجد ، بلغ مالكا مقدمه ، فأتاه ، فسلم عليه ، فلما صليا الظهر تذاكرا أبواب العلم ، فلم يذكرا بابا إلا ذهب عليه الأوزاعي فيه ، ثم صلوا العصر ، فتذاكرا ، كل يذهب عليه الأوزاعي فيما يأخذان فيه ، حتى اصفرت الشمس ، أو قرب اصفرارها ، ناظره مالك في باب المكاتبة والمدبر .

العباس بن الوليد : حدثنا محمد بن عبد الوهاب ، قال : كنا عند أبي إسحاق الفزاري ، فذكر الأوزاعي ، فقال : ذاك رجل كان شأنه عجيا ، كان يسأل عن الشيء عندنا فيه الأثر ، فيرد - والله - الجواب ، كما هو في الأثر ، لا يقدم منه ولا يؤخر .

الوليد بن مسلم : سمعت صدقة بن عبد الله يقول : ما رأيت أحدا أحلم ولا أكمل ولا أحمل فيما حمل من الأوزاعي .

العباس بن الوليد : سمعت أبا مسهر يقول : كان الأوزاعي يقول : ما عرضت فيما حمل عني أصح من كتب الوليد بن مزيد .

أبو فروة ، يزيد بن محمد الرهاوي : سمعت أبي يقول : قلت لعيسى بن يونس : أيهما أفضل : الأوزاعي أو سفيان ؟ فقال : وأين أنت من سفيان ؟ قلت : يا أبا عمرو : ذهبت بك العراقية ، الأوزاعي ، فقهه ، وفضله ، وعلمه ! فغضب ، وقال : أتراني أؤثر على الحق شيئا . سمعت الأوزاعي يقول : ما أخذنا العطاء حتى شهدنا على علي بالنفاق ، وتبرأنا منه ، وأخذ علينا بذلك [ ص: 131 ] الطلاق والعتاق وأيمان البيعة ، قال : فلما عقلت أمري ، سألت مكحولا ويحيى بن أبي كثير ، وعطاء بن أبي رباح ، وعبد الله بن عبيد بن عمير ، فقال : ليس عليك شيء ، إنما أنت مكره ، فلم تقر عيني . حتى فارقت نسائي ، وأعتقت رقيقي ، وخرجت من مالي ، وكفرت أيماني . فأخبرني : سفيان كان يفعل ذلك ؟

العباس بن الوليد : حدثنا أبو عبد الله بن فلان : سمعت الأوزاعي يقول : نتجنب من قول أهل العراق خمسا ، ومن قول أهل الحجاز خمسا . من قول أهل العراق : شرب المسكر ، والأكل عند الفجر في رمضان ، ولا جمعة إلا في سبعة أمصار ، وتأخير العصر حتى يكون ظل كل شيء أربعة أمثاله ، والفرار يوم الزحف . ومن قول أهل الحجاز : استماع الملاهي ، والجمع بين الصلاتين من غير عذر ، والمتعة بالنساء ، والدرهم بالدرهمين ، والدينار بالدينارين يدا بيد ، وإتيان النساء في أدبارهن . [ ص: 132 ] عن سعيد بن سالم صاحب الأوزاعي : قدم أبو مرحوم من مكة على الأوزاعي ، فأهدى له طرائف ، فقال له : إن شئث قبلت منك ، ولم تسمع مني حرفا ، وإن شئت ، فضم هديتك ، واسمع .

قال الوليد بن مسلم : قلت لسعيد بن عبد العزيز : من أدركت من التابعين كان يبكر إلى الجمعة ؟ قال : ما رأيت أبا عمرو ؟ قلت : بلى . قال : فإنه قد كفا من قبله ، فاقتد به ، فلنعم المقتدى .

موسى بن أعين : قال الأوزاعي : كنا نضحك ونمزح ، فلما صرنا يقتدى بنا ، خشيت أن لا يسعنا التبسم . قال الوليد بن مزيد : رأيت الأوزاعي يعتم ، فلا يرخي لها شيئا .

ذكر بعض الحفاظ أن حديث الأوزاعي نحو الألف - يعني المسند - أما المرسل والموقوف ، فألوف . وهو في الشاميين نظير معمر لليمانيين ، ونظيرالثوري للكوفيين ، ونظير مالك للمدنيين ، ونظير الليث للمصريين ، ونظير حماد بن سلمة للبصريين .

أخبرنا أحمد بن إسحاق القرافي بها ، أنبأنا المبارك بن أبي الجود ببغداد ، أنبأنا أحمد بن أبي غالب الزاهد ، أنبأنا عبد العزيز بن علي الأنماطي ، أنبأنا الشيخ أبو طاهر المخلص ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا داود بن رشيد ، حدثنا شعيب بن إسحاق ، عن الأوزاعي ، حدثني يحيى بن [ ص: 133 ] أبي كثير ، حدثني أبو قلابة الجرمي ، حدثني أنس بن مالك ، قال : قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمانية نفر من عكل ، فاجتووا المدينة فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها وأبوالها ، فأتوها ، فقتلوا رعاتها ، واستاقوا الإبل . فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبهم قافة ، فأتى بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ثم لم يحسمهم أخرجه البخاري ، عن رجل ، عن شعيب .

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المرداوي ، أنبأنا الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن الأسدي الدمشقي ، أنبأنا جدي ، أنبأنا علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء الفقيه ، حدثنا محمد بن الفضل الفراء بمصر ، أنبأنا أبو الفوارس أحمد بن محمد بن الحسين السندي ، حدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا محمد بن كثير ، سمعت الأوزاعي ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر : " هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين ، إلا النبيين والمرسلين " [ ص: 134 ] هذا حديث حسن اللفظ ، لولا لين في محمد بن كثير المصيصي لصحح . أخرجه الترمذي ، وحسنه عن الحسن بن الصباح ، عن ابن كثير . وأخرجه الحافظ الضياء في " المختارة " عن هذا الأسدي .

التالي السابق


الخدمات العلمية