صفحة جزء
مسعر ( ع )

مسعر بن كدام بن ظهير بن عبيدة بن الحارث ، الإمام الثبت ، شيخ العراق أبو سلمة الهلالي الكوفي ، الأحول ، الحافظ ، من أسنان شعبة .

روى عن : عدي بن ثابت ، وعمرو بن مرة ، والحكم بن عتيبة ، وثابت بن عبيد ، وقتادة بن دعامة ، وسعد بن إبراهيم ، وزياد بن علاقة ، وسعيد بن أبي بردة ، وعبد الله بن عبد الله بن جبر ، وقيس بن مسلم ، وأبي بكر بن عمارة بن رويبة ، ووبرة بن عبد الرحمن المسلي ، وإبراهيم بن محمد بن المنتشر ، وأبي إسحاق السبيعي ، وحبيب بن أبي ثابت ، وزيد العمي ، وعبيد الله بن القبطية ، ومحارب بن دثار ، وعلي بن الأقمر ، ومعبد بن خالد ، ويزيد الفقير ، [ ص: 164 ] وعمير بن سعد صاحب علي - رضي الله عنه - وخلق .

وقد روى عن جماعة أساميهم محمد منهم : ابن أبي ليلى ، ومحمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ، وروى عن : محمد بن جحادة ، ومحمد بن سوقة ، ومحمد بن مسلم بن شهاب ، ومحمد بن المنكدر ، ومحمد بن عبيد الله الثقفي ، ومحمد بن زيد العمري ، ومحمد بن قيس بن مخرمة ، ومحمد بن خالد الضبي ، ومحمد بن جابر اليمامي ، ومحمد بن عبد الله بن الزبيري ، ومحمد بن الأزهر .

روى عنه : سفيان بن عيينة ، ويحيى القطان ، وسليمان التيمي ، أحد شيوخه ، وابن نمير ، وشعيب بن حرب ، والخريبي ، ووكيع ، وأبو أحمد الزبيري ، ومحمد بن عبيد ، ويزيد بن هارون ، وابن المبارك ، ومحمد بن بشر ، ويحيى بن آدم ، وخلاد بن يحيى ، وعبد الله بن محمد بن المغيرة ، وثابت بن محمد العابد ، وخلق سواهم .

قال محمد بن بشر العبدي : كان عند مسعر ألف حديث ، فكتبتها سوى عشرة .

وقال يحيى بن سعيد : ما رأيت أحدا أثبت من مسعر .

وقال أحمد بن حنبل : الثقة كشعبة ومسعر .

وقال وكيع : شك مسعر كيقين غيره .

وقال هشام بن عروة : ما قدم علينا من العراق أفضل من ذاك السختياني أيوب ، وذاك الرؤاسي مسعر .

وروي عن الحسن بن عمارة قال : إن لم يدخل الجنة إلا مثل مسعر ، إن أهل الجنة لقليل . [ ص: 165 ]

قال سفيان بن عيينة : قالوا للأعمش : إن مسعرا يشك في حديثه . قال . شكه كيقين غيره .

وعن خالد بن عمرو ، قال : رأيت مسعرا كأن جبهته ركبة عنز من السجود ، وكان إذا نظر إليك حسبت أنه ينظر إلى الحائط من شدة حئولته .

وروى ابن عيينة عن مسعر قال : دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين ،

فقلت : يا أمير المومنين ، نحن لك والد ، وأنت لنا ولد - وكانت جدته أم الفضل هلالية ، يعني والدة ابن عباس - فقال لي : تقربت إلي بأحب أمهاتي إلي ، ولو كان الناس كلهم مثلك لمشيت معهم في الطريق .

قال أبو مسهر : حدثنا الحكم بن هشام ، حدثنا مسعر ، قال : دعاني أبو جعفر ليوليني ، فقلت : إن أهلي يقولون : لا نرضى اشتراءك لنا في شيء بدرهمين ، وأنت توليني ؟ ! أصلحك الله ، إن لنا قرابة وحقا . قال : فأعفاه .

قال سعد بن عباد : حدثنا محمد بن مسعر قال : كان أبي لا ينام حتى يقرأ نصف القرآن . وقال سفيان بن عيينة : سمعت مسعرا يقول : من أبغضني ، جعله الله محدثا . وقال مسعر : من صبر على الخل والبقل ، لم يستعبد .

وقال مرة لرجل رأى عليه ثيابا جيدة : ليس هذا من آلة طلب الحديث ، وكان طالب حديث .

قال سفيان بن عيينة : قال معن : ما رأيت مسعرا في يوم إلا وهو أفضل من اليوم الذي كان بالأمس . وقال محمد بن سعد : كان لمسعر أم عابدة ، فكان يخدمها . وكان مرجئا فمات ، فلم يشهده سفيان الثوري والحسن بن صالح . [ ص: 166 ]

قال يحيى بن معين : لم يرحل مسعر في حديث قط .

قلت : نعم ، عامة حديثه عن أهل بلده ، إلا قتادة ، فكأنه ارتحل إليه .

قال شعبة بن الحجاج : كنا نسمي مسعرا : المصحف - يعني من إتقانه .

وقالوا مرة لمسعر : من أفضل من رأيت ؟ فقال : عمرو بن مرة .

وقال أبو معمر القطيعي : قيل لسفيان بن عيينة : من أفضل من رأيت ؟

قال : مسعر . وقال شعبة : مسعر للكوفيين ، كابن عون عند البصريين .

وقال إسحاق بن أبي إسرائيل : سمعت ابن السماك ، سمعت مسعرا يقول : من طلب الحديث لنفسه ، فقد اكتفى ، ومن طلبه للناس ، فليبالغ .

قال ابن عيينة : سمعت مسعرا يقول : وددت أن الحديث كان قوارير على رأسي ، فسقطت ، فتكسرت .

وعن يعلى بن عبيد قال : كان مسعر قد جمع العلم والورع .

وروي عن عبد الله بن داود الخريبي قال : ما من أحد إلا وقد أخذ عليه إلا مسعرا . ومما كان مسعر ينشده له أو لغيره :

نهارك يا مغرور سهو وغفلة وليلك نوم ، والردى لك لازم [ ص: 167 ]     وتتعب فيما سوف تكره غبه
كذلك في الدنيا تعيش البهائم



قال يحيى بن سعيد القطان : ما رأيت مثل مسعر ، كان من أثبت الناس .

وقال سفيان الثوري : كنا إذا اختلفنا في شيء أتينا مسعرا .

قال أبو أسامة : سمعت مسعرا يقول : إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله ، وعن الصلاة ، فهل أنتم منتهون ؟

قلت : هذه مسألة مختلف فيها : هل طلب العلم أفضل ، أو صلاة النافلة والتلاوة والذكر ؟ فأما من كان مخلصا لله في طلب العلم ، وذهنه جيد ، فالعلم أولى ، ولكن مع حظ من صلاة وتعبد ، فإن رأيته مجدا في طلب العلم ، لا حظ له في القربات ، فهذا كسلان مهين ، وليس هو بصادق في حسن نيته .

وأما من كان طلبه الحديث والفقه غية ومحبة نفسانية ، فالعبادة في حقه أفضل ، بل ما بينهما أفعل تفضيل ، وهذا تقسيم في الجملة ، فقل - والله - من رأيته مخلصا في طلب العلم ، دعنا من هذا كله . فليس طلب الحديث اليوم على الوضع المتعارف من حيز طلب العلم ، بل اصطلاح وطلب أسانيد عالية ، وأخذ عن شيخ لا يعي ، وتسميع لطفل يلعب ولا يفهم ، أو لرضيع يبكي ، أو لفقيه يتحدث مع حدث ، أو آخر ينسخ . وفاضلهم مشغول عن الحديث بكتابة الأسماء أو بالنعاس ، والقارئ إن كان له مشاركة فليس عنده من الفضيلة أكثر من قراءة ما في الجزء ، سواء تصحف عليه الاسم ، أو اختبط المتن ، أو كان من الموضوعات . فالعلم عن هؤلاء بمعزل ، والعمل لا أكاد أراه ، بل أرى أمورا سيئة . نسأل الله العفو . [ ص: 168 ]

قال ابن السماك : رأيت مسعرا في النوم ، فقلت : أي العمل وجدت أنفع ؟ قال : ذكر الله .

وقال قبيصة : كان مسعر ; لأن ينزع ضرسه أحب إليه من أن يسأل عن حديث .

وروي عن زيد بن الحباب وغيره : أن مسعرا قال : الإيمان قول وعمل .

وروى معتمر بن سليمان ، عن أبي مخزوم ، ذكره عن مسعر بن كدام قال : التكذيب بالقدر أبو جاد الزندقة .

قرأت على إسحاق بن طارق : أخبرك يوسف بن خليل ، أنبأنا أحمد بن محمد التيمي ، أنبأنا أبو علي المقرئ ، أنبأنا أبو نعيم ، قال : روى مسعر عن جماعة ، اسمهم محمد : محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، ومحمد بن مسلم الزهري ، ومحمد بن سوقة ، ومحمد بن جحادة ، ومحمد بن زيد بن عبد الله بن عمر ، ومحمد بن المنكدر ، ومحمد بن عبيد الله الثقفي ، ومحمد بن قيس بن مخرمة ، ومحمد بن خالد الضبي ، ومحمد بن جابر اليمامي . ومحمد بن عبد الله الزبيري ، ومحمد بن الأزهر .

وبه : قال أبو نعيم : وحدثنا القاضي أبو أحمد ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن شبيب ، حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ، حدثنا مسعر ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود ، قال : مكتوب في التوراة : سورة الملك ، من قرأها في كل ليلة ، فقد أكثر وأطاب ، وهي المانعة تمنع من عذاب القبر; إذا أتي من قبل رأسه ، قال له رأسه : قبلك عني ، فقد كان يقرأ بي ، وفي سورة الملك ، وإذا أتي من قبل بطنه ، قال له بطنه : قبلك عني ، فقد كان وعى [ ص: 169 ] في سورة الملك . وإذا أتي من قبل رجليه قالت له رجلاه : قبلك عني ، فقد كان يقوم بي بسورة الملك . وهي كذاك مكتوب في التوراة ، تابعه علي بن مسهر ، عن مسعر .

قال جعفر بن عون : سمعت مسعرا ينشد :

ومشيد دارا ليسكن داره     سكن القبور وداره لم تسكن

[ ص: 170 ]

قال جعفر بن عون : سمعت مسعرا يوصي ولده كداما :

إني منحتك يا كدام نصيحتي     فاسمع مقال أب عليك شفيق
أما المزاحة والمراء ، فدعهما     خلقان لا أرضاهما لصديق
إني بلوتهما فلم أحمدهما     لمجاور جارا ولا لرفيق
والجهل يزري بالفتى في قومه     وعروقه في الناس أي عروق

وهذان البيتان أظنهما لابن المبارك :

من كان ملتمسا جليسا صالحا     فليأت حلقة مسعر بن كدام
فيها السكينة والوقار ، وأهلها     أهل العفاف وعلية الأقوام



ومن عالي حديثه : أخبرنا الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد وجماعة إجازة ، قالوا : أنبأنا عمر بن محمد المؤدب ، أنبأنا هبة الله بن محمد ، أنبأنا أبو طالب محمد بن محمد ، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، حدثنا محمد بن سليمان ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، وثابت الزاهد ، وخلاد بن يحيى ، قالوا : حدثنا مسعر ، عن محارب بن دثار ، عن جابر قال : دخلت المسجد فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد فقال : قم فصل ركعتين .

وبه : أنبأنا أبو بكر الشافعي ، حدثنا محمد بن يونس ، حدثنا نائل بن نجيح ، حدثنا مسعر ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن مصعب بن سعد ، عن معاذ بن جبل ، قال : أشهد أن عمر في الجنة ; لأن ما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 171 ] فهو حق ، فإن رسول الله قال : " دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا ، فقلت : لمن هذا ؟ قال : لعمر . فأردت أن أدخله ، فذكرت غيرة عمر " . فقال عمر : يا رسول الله ، أعليك أغار ؟ .

أخبرنا أحمد بن إسحاق بن المؤيد الزاهد ، أنبأنا الفتح بن عبد السلام ببغداد ، أنبأنا هبة الله بن الحسين ، أنبأنا أحمد بن محمد بن النقور ، حدثنا عيسى بن علي إملاء سنة تسع وثمانين وثلاثمائة ، قال : قرئ على أبي قاسم البغوي ، وأنا أسمع ، قيل له : حدثكم عبد الله بن عون الخراز ، حدثنا محمد بن بشر ، عن مسعر ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام حتى تورمت قدماه اختلف على مسعر في إسناده كما سترى . وبه : إلى عيسى بن علي ، حدثنا إسماعيل بن عباس الوراق ، حدثنا [ ص: 172 ] سعدان بن نصر ، حدثنا أبو قتادة الحراني ، عن مسعر ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي جحيفة قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم حتى تفطر قدماه . فقيل له : أليس قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا .

وأخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الصوري ، ومحمد بن علي السلمي ، قالا : أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى ، أنبأنا أبو القاسم الأسدي ، وأبو يعلى بن الحبوبي ، وأنبأنا أبو المعالي القرافي ، أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد ، أنبأنا أبو العشائر محمد بن خليل ، وأنبأنا علي بن محمد ، وأحمد بن مؤمن ، وعمر بن عبد المنعم بن القواس ، وعبد المنعم بن عبد اللطيف ، قالوا : أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشافعي ، أنبأنا أبو يعلى بن الحبوبي ، قالوا ثلاثتهم : أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد المصيصي ، أنبأنا عبد الرحمن بن عثمان التميمي ، أنبأنا إبراهيم بن أبي ثابت ، حدثنا سعدان بن نصر المخرمي ، حدثنا عبد الله بن واقد ، عن سفيان أو مسعر ، عن ابن الأقمر ، عن أبي جحيفة قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم حتى تفطر قدماه . . . الحديث .

تفرد به عبد الله بن واقد ، أبو قتادة الحراني هكذا . وحديث محمد بن بشر العبدي ، عن مسعر علة له . وقد رواه خلاد بن يحيى وجماعة عن مسعر فقال : عن زياد بن علاقة ، عن المغيرة بن شعبة وهذا أصح الأقوال ، والله أعلم . [ ص: 173 ]

الفلاس : سمعت ابن المهدي ، حدثنا أبو خلدة ، فقال له أحمد بن حنبل : كان ثقة ؟ فقال : كان مؤدبا ، وكان خيارا ، الثقة شعبة ومسعر .

أبو زرعة الرازي : سمعت أبا نعيم يقول : مسعر أثبت ، ثم سفيان ثم شعبة .

وقال أبو زرعة الدمشقي : سمعت أبا نعيم يقول : كان مسعر شكاكا في حديثه ، وليس يخطئ في شيء من حديثه إلا في حديث واحد .

وقال العجلي : كوفي ثقة ، ثبت . كان الأعمش يقول : شيطان مسعر يستضعفه ، يشككه في الحديث ، وكان يقول الشعر . وقال يحيى وأحمد : ثقة . وقال ابن عمار : حجة ، من بالكوفة مثله ؟ !

وقال أبو حاتم : مسعر أتقن من سفيان ، وأجود حديثا ، وأعلى إسنادا ، وهو أتقن من حماد بن زيد . وقال أبو داود : روى مسعر عن مائة لم يرو عنهم سفيان .

محمد بن عمار الرازي : سمعت أبا نعيم ، سمعت الثوري يقول : الإيمان يزيد وينقص . قلت : ما تقول أنت يا أبا نعيم ؟ فزورني وقال : أقول بقول سفيان . ولقد مات مسعر وكان من خيارهم ، وسفيان وشريك شاهدان ، فما حضرا جنازته . توفي في رجب سنة خمس وخمسين ومائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية