صفحة جزء
عبد العزيز بن أبي رواد ( 4 )

شيخ الحرم واسم أبيه ميمون ، وقيل : أيمن بن بدر مولى الأمير المهلب بن أبي صفرة ، الأزدي ، المكي ، أحد الأئمة العباد ، وله جماعة إخوة .

حدث عن : سالم بن عبد الله ، والضحاك بن مزاحم ، وعكرمة ، ونافع العمري ، وجماعة . وليس هو بالكثير للحديث .

حدث عنه : ولده فقيه مكة عبد المجيد بن أبي رواد ، وحسين الجعفي ، ويحيى القطان ، وأبو عاصم النبيل ، وعبد الرزاق ، ومكي بن إبراهيم ، وابن المبارك ، وآخرون .

قال ابن المبارك : كان من أعبد الناس . وقال يوسف بن أسباط : مكث ابن أبي رواد أربعين سنة لم يرفع طرفه إلى السماء ، فبينا هو يطوف حول الكعبة ، إذ طعنه المنصور بأصبعه ، فالتفت ، فقال : قد علمت أنها طعنة جبار . [ ص: 185 ]

قال شقيق البلخي : ذهب بصر عبد العزيز عشرين سنة ولم يعلم به أهله ولا ولده .

وعن سفيان بن عيينة قال : كان ابن أبي رواد من أحلم الناس ، فلما لزمه أصحاب الحديث ، قال : تركوني كأني كلب هرار .

قال أبو عبد الرحمن المقرئ : ما رأيت أحدا قط أصبر على طول القيام من عبد العزيز بن أبي رواد .

خلاد بن يحيى : حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد قال : كان يقال : من رأس التواضع الرضا بالدون من شرف المجالس .

قال عبد الصمد بن يزيد مردويه : حدثنا ابن عيينة : أن عبد العزيز بن أبي رواد قال لأخ له : أقرضنا خمسة آلاف درهم إلى الموسم . فسر التاجر ، وحملها إليه . فلما جنه الليل قال : ما صنعت يا ابن أبي رواد ؟ شيخ كبير ، وأنا كذلك ما أدري ما يحدث بنا ، فلا يعرف له ولدي حقه ، لئن أصبحت ، لآتينه ولأحاللنه ، فلما أصبح أتاه ، فأخبره ، فقال : اللهم أعطه أفضل ما نوى . ودعا له ، وقال : إن كنت إنما تشاورني ، فإنما استقرضناه على الله ، فكلما اغتممنا به كفر الله به عنا ، فإذا جعلتنا في حل كأنه يسقط ذلك . فكره التاجر أن يخالفه ، فما أتى الموسم حتى مات الرجل ، فأتى أولاده ، وقالوا : مال أبينا يا أبا عبد الرحمن .

فقال لهم : لم يتهيأ ، ولكن الميعاد بيننا الموسم الآتي ، فقاموا من عنده ، فلما كان الموسم الآتي لم يتهيأ المال ، فقالوا : أيش أهون عليك من الخشوع وتذهب بأموال الناس ! فرفع رأسه ، فقال : رحم الله أباكم ، قد كان يخاف هذا وشبهه ، ولكن الأجل بيننا الموسم الآتي ، وإلا فأنتم في حل مما قلتم . قال : فبينا هو ذات يوم خلف المقام إذ ورد عليه غلام كان قد هرب له إلى الهند بعشرة آلاف درهم ، فأخبره أنه اتجر ، وأن معه من التجارة ما لا يحصى . قال سفيان : فسمعته يقول : لك الحمد ، سألناك خمسة [ ص: 186 ] آلاف ، فبعثت إلينا عشرة آلاف ، يا عبد المجيد ! احمل العشرة آلاف إليهم ، خمسة لهم ، وخمسة للإخاء الذي بيننا وبين أبيهم . وقال العبد : من يقبض ما معي ؟ فقال : يا بني ! أنت حر لوجه الله ، وما معك فلك .

قال عبد العزيز : سألت عطاء بن أبي رباح عن قوم يشهدون على الناس بالشرك فأنكر ذلك .

قال عبد العزيز : اللهم ما لم تبلغه قلوبنا من خشيتك فاغفره لنا يوم نقمتك من أعدائك .

وعن عبد العزيز : وسئل : ما أفضل العبادة ؟ قال : طول الحزن .

قلت : كان ابن أبي رواد كثير المحاسن ، لكنه مرجئ .

قال مؤمل بن إسماعيل : مات عبد العزيز فجيء بجنازته ، فوضعت عند باب الصفا ، وجاء سفيان الثوري ، فقال الناس : جاء سفيان ، جاء سفيان . فجاء حتى خرق الصفوف ، وجاوز الجنازة ، ولم يصل عليها ; لأنه كان يرى الإرجاء . فقيل لسفيان ، فقال : والله إني لأرى الصلاة على من هو دونه عندي ، ولكن أردت أن أري الناس أنه مات على بدعة .

يحيى بن سليم : سمعت ابن أبي رواد يسأل هشام بن حسان في الطواف : ما كان الحسن يقول في الإيمان ؟ قال : كان يقول : قول وعمل . قال : فما كان ابن سيرين يقول ؟ قال : كان يقول : آمنا بالله وملائكته . فقال عبد العزيز : كان ابن سيرين ، وكان ابن سيرين . فقال هشام : بين أبو عبد الرحمن الإرجاء ، بين أبو عبد الرحمن الإرجاء . [ ص: 187 ]

قال ابن عيينة : غبت عن مكة ، فجئت ، فتلقاني الثوري ، فقال لي : يا ابن عيينة عبد العزيز بن أبي رواد يفتي المسلمين . قلت : وفعل ؟ قال : نعم .

قال عبد الرزاق : كنت جالسا مع الثوري ، فمر عبد العزيز بن أبي رواد ، فقال الثوري : أما إنه كان شابا أفقه منه شيخا . وقال أبو عاصم : جاء عكرمة بن عمار إلى ابن أبي رواد ، فدق عليه بابه ، وقال : أين الضال ؟

قال أحمد بن حنبل : كان مرجئا ، رجلا صالحا ، وليس هو في التثبيت كغيره . وقال أبو حاتم : صدوق .

وقال ابن حبان : روى عن نافع عن ابن عمر : نسخة موضوعة ، وكان يحدث بها توهما لا تعمدا .

قلت : الشأن في صحة إسنادها إلى عبد العزيز ، فلعلها قد أدخلت عليه .

توفي في سنة تسع وخمسين ومائة وله أخوان : عثمان : روى له البخاري في " صحيحه " ، وجبلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية