صفحة جزء
قال عبد المؤمن النسفي : سألت صالح بن محمد جزرة عن سفيان ومالك ، فقال : سفيان ليس يتقدمه عندي أحد ، وهو أحفظ وأكثر حديثا ، ولكن كان مالك ينتقي الرجال ، وسفيان أحفظ من شعبة ، وأكثر حديثا ، يبلغ حديثه ثلاثين ألفا ، وشعبة نحو عشرة آلاف .

أخبرنا أحمد بن هبة الله ، عن عبد المعز بن محمد ، أنبأنا زاهر بن طاهر ، أنبانا أبو سعد الكنجروذي ، أنبأنا أبو سعيد عبد الله بن محمد ، أنبأنا محمد بن أيوب ، أنبأنا محمد بن كثير ، أنبأنا سفيان الثوري ، حدثني المغيرة بن النعمان ، حدثني سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنكم محشورون حفاة عراة غرلا . ثم قرأ : كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ألا وإن أول من يكسى إبراهيم - عليه السلام - ، يوم القيامة ، ألا وإن ناسا من أصحابي ، يؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : أصحابي ، أصحابي ، فيقال : إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح عيسى : وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم إلى قوله العزيز الحكيم " أخرجه البخاري عن ابن كثير . [ ص: 272 ]

قرأت على أحمد بن هبة الله في سنة ثلاث وتسعين ، عن عبد المعز بن محمد ، أنبأنا زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو يعلى الصابوني ، أنبأنا أبو سعيد عبد الله بن محمد الرازي ، حدثنا محمد بن أيوب ، أنبأنا محمد بن كثير ، حدثنا سفيان ، عن أسلم المنقري ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه قال : قال أبي بن كعب : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أمرت أن أقرئك سورة " . قال : قلت : يا رسول الله ! وسميت لك ؟ قال : " نعم " . قلت لأبي : فرحت بذلك ؟ قال : وما يمنعني . وهو يقول : قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا .

قال ابن مهدي : كان لسفيان درس من الحديث ، يعني يدرس حديثه .

وقال علي بن ثابت الجزري : سمعت سفيان يقول : طلبت العلم ، فلم يكن لي نية ، ثم رزقني الله النية .

وعن يحيى بن يمان ، عن سفيان قال : إني لأمر بالحائك ، فأسد أذني مخافة أن أحفظ ما يقول . قال القطان وعبد الرحمن : ما رأينا أحفظ من سفيان .

قال أبو عبيدة بن أبي السفر : حدثنا عبد الله بن محمد المفلوج ، [ ص: 273 ]

سمعت يحيى بن يمان ، سمعت الثوري يقول : ما أحدث من كل عشرة بواحد . ثم قال يحيى : قد كتبت عنه عشرين ألفا . وأخبرني الأشجعي أنه كتب عنه ثلاثين ألفا .

قال أبو نعيم : سمعت سفيان يقول : الإيمان يزيد وينقص .

هارون بن أبي هارون العبدي : حدثنا حيان بن موسى ، حدثنا ابن المبارك ، سمع سفيان يقول : من زعم أن قل هو الله أحد مخلوق ، فقد كفر بالله .

وقال زيد بن الحباب : كان سفيان يفضل عليا على عثمان .

وعن عثام بن علي : سمعت الثوري يقول : لا يجتمع حب علي وعثمان إلا في قلوب نبلاء الرجال .

وقال ابن المبارك ، عن سفيان : استوصوا بأهل السنة خيرا ، فإنهم غرباء .

وقال مؤمل بن إسماعيل : لم يصل سفيان على ابن أبي رواد للإرجاء .

وقال شعيب بن حرب : قال سفيان : لا ينفعك ما كتبت حتى يكون إخفاء بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة أفضل عندك من الجهر .

وقال وكيع ، عن سفيان في الحديث : ما يعدله شيء لمن أراد به الله . وعنه : ينبغي للرجل أن يكره ولده على العلم ، فإنه مسئول عنه . عبد الصمد بن حسان : سمعت سفيان يقول : الإسناد سلاح المؤمن ، [ ص: 274 ] فمن لم يكن له سلاح ، فبأي شيء يقاتل ؟ .

قبيصة : سمعت سفيان يقول : الملائكة حراس السماء ، وأصحاب الحديث حراس الأرض . وقال يحيى بن يمان : قيل لسفيان : ليست لهم نية - يعني أصحاب الحديث - ؟ قال : طلبهم له نية ، لو لم يأتني أصحاب الحديث لأتيتهم في بيوتهم .

وقال الخريبي : سمعت سفيان يقول : ليس شيء أنفع للناس من الحديث .

وقال معدان الذي يقول فيه ابن المبارك : هو من الأبدال سألت الثوري عن قوله : وهو معكم أين ما كنتم ؟ قال : علمه .

وسئل سفيان عن أحاديث الصفات ، فقال : أمروها كما جاءت .

وقال أبو نعيم ، عنه : وددت أني أفلت من الحديث كفافا . وقال أبو أسامة : قال سفيان : وددت أن يدي قطعت ولم أطلب حديثا .

قال محمد بن عبد الله بن نمير في قول سفيان : ما أخاف على نفسي غير الحديث . قال : لأنه كان يحدث عن الضعفاء .

قلت : ولأنه كان يدلس عنهم ، وكان يخاف من الشهوة ، وعدم النية في بعض الأحايين . [ ص: 275 ]

قال أبو نعيم : كان سفيان يخضب قليلا إذا دخل الحمام .

وقال قبيصة : كان سفيان مزاحا ، كنت أتأخر خلفه ، مخافة أن يحيرني بمزاحه .

وروى الفسوي ، عن عيسى بن محمد : أن سفيان كان يضحك حتى يستلقي ويمد رجليه .

قال زيد بن أبي الزرقاء : كان سفيان يقول لأصحاب الحديث : تقدموا يا معشر الضعفاء .

وقال يحيى بن يمان : سمعت سفيان يقول لرجل : ادن مني ، لو كنت غنيا ما أدنيتك .

وقال محمد بن عبد الوهاب : ما رأيت الأمير والغني أذل منه في مجلس سفيان .

قال ابن مهدي : يزعمون أن سفيان كان يشرب النبيذ . أشهد لقد وصف له دواء ، فقلت : نأتيك بنبيذ ؟ فقال : لا ، ائتني بعسل وماء .

قال خلف بن تميم : رأيت الثوري بمكة ، وقد كثروا عليه ، فقال : إنا لله ، أخاف أن يكون الله قد ضيع هذه الأمة ، حيث احتاج الناس إلى مثلي . وسمعته يقول : لولا أن أستذل ، لسكنت بين قوم لا يعرفوني .

ونقل غير واحد ، أن سفيان كان مستكينا في لباسه ، عليه ثياب رثة .

قال أحمد بن عبد الله العجلي : آجر سفيان نفسه من جمال إلى مكة ، فأمروه يعمل لهم خبزة ، فلم تجئ جيدة ، فضربه الجمال ، فلما قدموا مكة ، دخل الجمال فإذا سفيان قد اجتمع حوله الناس . فسأل ؟ فقالوا : هذا سفيان الثوري ، [ ص: 276 ] فلما انفض عنه الناس ، تقدم الجمال إليه ، وقال : لم نعرفك يا أبا عبد الله . قال : من يفسد طعام الناس يصيبه أكثر من ذلك .

قلت : هذه حكاية مرسلة ، وكيف اختفى في طول الطريق أمر سفيان ، فلعلها في أيام شبابه .

التالي السابق


الخدمات العلمية