صفحة جزء
[ ص: 32 ] سعيد بن عبد العزيز ( م ، 4 )

ابن أبي يحيى الإمام القدوة ، مفتي دمشق أبو محمد التنوخي الدمشقي ، ويقال : أبو عبد العزيز .

ولد سنة تسعين ، في حياة سهل بن سعد ، وأنس بن مالك ، رضي الله عنهما ، وقرأ القرآن على ابن عامر ، ويزيد بن أبي مالك ، تلا عليه الوليد بن مسلم وأبو مسهر .

وحدث عن مكحول ، والزهري ، ونافع مولى ابن عمر ، وربيعة بن يزيد القصير ، وإسماعيل بن عبيد الله ، ويونس بن ميسرة بن حلبس ، وعمير بن هانئ ، وأبي الزبير المكي ، وزيد بن أسلم ، وبلال بن سعد وعدة .

ودخل على عطاء بن أبي رباح ، وسأله عن مسألة ، وليس هو بالمكثر من الحديث .

ويروي أيضا عن عطية بن قيس ، وسليمان بن موسى ، وعبد الرحمن بن سلمة الجمحي ، ويحيى الذماري ، وعثمان بن أبي سودة المقدسي ، ومعبد بن هلال ، وعبد الكريم بن أبي المخارق ، ومعاذ بن سهل الجهني . وقد جمع الطبراني مرويات سعيد في جزء واحد . [ ص: 33 ]

حدث عنه الوليد بن مسلم ، والحسن بن يحيى الخشني ، وعلي بن الحسن بن شقيق المروزي ، وأبو مسهر ، وأبو اليمان الحمصي ، وابن المبارك ، ووكيع ، وابن شابور ، ويحيى بن حمزة ، وبقية بن الوليد ، وأبو عاصم النبيل ، وعبد الرزاق ، وأبو المغيرة عبد القدوس ، ويحيى بن صالح الوحاظي ، وعبد الله بن صالح الكاتب ، وأبو نصر التمار ، وعبد الله بن يوسف التنيسي وأبو النضر إسحاق بن إبراهيم الفراديسي وإبراهيم بن هشام الغساني ، وزيد بن يحيى بن عبيد ، وعبد الله بن كثير المقرئ الطويل ، وعمرو بن أبي سلمة التنيسي ، والوليد بن مزيد العذري ، وآخرون . وقد حدث عنه من أقرانه شعبة ، والثوري ، وانتهت إليه مشيخة العلم بعد الأوزاعي بالشام ، فعاش بعده عشرة أعوام .

قال أبو مسهر : حدثنا سعيد ، قال : دهشنا عن الهرولة ، فسألنا عطاء ، فقال : لا شيء عليكم ، قال أبو مسهر : ما سمع من عطاء سواه .

وقال عبد الله بن زبر : كنا نجلس إلى مكحول ومعنا سعيد بن عبد العزيز ، فكان يسقي الماء في مجلس مكحول .

وقال أبو مسهر : حدثني سعيد ، قال : كنت أجلس بالغدوات إلى ابن أبي مالك ، وأجالس بعد الظهر إسماعيل بن عبيد الله ، وبعد العصر مكحولا .

الدارمي : أخبرنا مروان بن محمد ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، قال : ما كتبت حديثا قط . يعني كان يتحفظ . وقال أبو مسهر : سمعته [ ص: 34 ] يقول : ما كتبت حديثا ، وسمعته يقول : لا يؤخذ العلم من صحفي .

قال أبو حاتم الرازي : كان أبو مسهر يقدم سعيدا على الأوزاعي .

قال أبو زرعة النصري : قلت لابن معين : أمحمد بن إسحاق حجة ؟ فقال : كان ثقة ، إنما الحجة عبيد الله بن عمر ، ومالك ، والأوزاعي ، وسعيد بن عبد العزيز .

قال أحمد في ( المسند ) : ليس بالشام رجل أصح حديثا من سعيد بن عبد العزيز .

وقال أبو عبد الله الحاكم : سعيد بن عبد العزيز لأهل الشام ، كمالك لأهل المدينة في التقدم والفقه والأمانة .

وقال أبو زرعة : حدثني أبو النضر إسحاق بن إبراهيم ، قال : كنت أسمع وقع دموع سعيد بن عبد العزيز على الحصير في الصلاة .

أحمد بن أبي الحواري : حدثني أبو عبد الرحمن الأسدي ، قال : قلت لسعيد بن عبد العزيز : ما هذا البكاء الذي يعرض لك في الصلاة ؟ فقال : يا ابن أخي ، وما سؤالك عن ذلك ؟ قلت : لعل الله أن ينفعني به . فقال : ما قمت إلى صلاة إلا مثلت لي جهنم .

أبو عبد الرحمن مروان بن محمد الطاطري قال محمد بن المبارك الصوري : كان سعيد إذا فاتته صلاة الجماعة بكى .

قال الوليد بن مزيد : كان الأوزاعي إذا سئل عن مسألة ، وسعيد [ ص: 35 ] بن عبد العزيز حاضر ، قال : سلوا أبا محمد .

وقال أبو زرعة الدمشقي : حدثنا بعض مشايخنا عن الوليد بن مسلم قال : كان سعيد بن عبد العزيز يحيي الليل ، فإذا طلع الفجر ، جدد وضوءه وخرج إلى المسجد .

يزيد بن عبد الصمد : حدثنا أبو مسهر قال : ما رأيت سعيد بن عبد العزيز ضحك قط ، ولا تبسم ، ولا شكا شيئا قط . أبو زرعة ، قال أبو مسهر : ينبغي للرجل أن يقتصر على علم بلده ، وعلى علم عالمه ، لقد رأيتني أقتصر على سعيد بن عبد العزيز ، فما أفتقر معه إلى أحد . وقال يحيى الوحاظي : سألت سعيد بن عبد العزيز عن حديث فامتنع علي ، وكان عسرا ، وكذا قال أبو مسهر عنه .

قلت : شاخ وضاق خلقه ، واشتغل بالله عن الرواية .

عباس الدوري ، عن يحيى بن معين ، قال : كان سعيد بن عبد العزيز قد اختلط قبل موته ، وكان يعرض عليه قبل الموت ، وكان يقول : لا أجيزها .

أبو زرعة الدمشقي : سمعت أبا مسهر يقول : رأيت أصحابنا يعرضون على سعيد بن عبد العزيز حديث المعراج ، عن يزيد بن أبي مالك ، عن أنس ، فقلت له : يا أبا محمد ، أليس حدثتنا عن يزيد بن أبي مالك قال : حدثنا أصحابنا عن أنس بن مالك ؟ قال : نعم ، إنما يقرون على أنفسهم .

قال أبو مسهر : سمعته يقول : " لا أدري " لما لا أدري نصف [ ص: 36 ] العلم . وسمعته يقول : ما كنت قدريا قط . وسمعت رجلا يقول لسعيد : أطال الله بقاءك ، فقال : بل عجل الله بي إلى رحمته .

محمد بن بكار البتلهي : حدثنا يزيد بن عبد الصمد ، سمعت أبا مسهر ، سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول : لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين : صموت واع ، وناطق عارف .

وقال عقبة بن علقمة البيروتي : حدثني سعيد بن عبد العزيز قال : من أحسن فليرج الثواب ، ومن أساء فلا يستنكر الجزاء ، ومن أخذ عزا بغير حق أورثه الله ذلا بحق ، ومن جمع مالا بظلم أورثه الله فقرا بغير ظلم . [ ص: 37 ] وقال الوليد بن مزيد العذري : سئل سعيد بن عبد العزيز عن الكفاف من الرزق ما هو ؟ قال : شبع يوم وجوع يوم .

أنبأنا عدة عن عبد البر بن الحافظ أبي العلاء العطار : أخبرنا أبي ، أخبرنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا سليمان الطبراني ، حدثنا أبو زرعة ، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ، قالا : حدثنا يحيى بن صالح ، حدثنا سعيد ، عن يونس بن ميسرة ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي ، فأتبعته بصري ، فإذا هو نور ساطع في الشام . رواه الوليد وأبو إسحاق الفزاري ، عن سعيد بن عبد العزيز .

وبه حدثنا أبو زرعة ، حدثنا أبو مسهر ، حدثني سعيد ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لمعاوية : اللهم اجعله هاديا مهديا ، واهده ، واهد به .

وبه حدثنا عبدان ، حدثنا علي بن سهل الرملي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا سعيد عن يونس - هو ابن ميسرة - عن عبد الرحمن بن أبي [ ص: 38 ] عميرة ، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وذكر معاوية ، فقال : اللهم اجعله هاديا مهديا ، واهد به فهذه علة الحديث قبله .

وبه حدثنا أبو زرعة ، وأحمد بن محمد بن يحيى ، قالا : حدثنا أبو مسهر ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني - وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية : اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب .

قال الوليد بن مسلم ، وأبو مسهر ، وشباب ، وابن سعد ، وأحمد : مات سنة سبع وستين ومائة وما نقل من أنه مات سنة ثلاث أو أربع وستين فهو خطأ ووهم ، قاله ابن عساكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية