صفحة جزء
شريك ( 4 )

ابن عبد الله ، العلامة الحافظ ، القاضي أبو عبد الله النخعي ، أحد الأعلام ، على لين ما في حديثه . توقف بعض الأئمة عن الاحتجاج بمفاريده .

قال أبو أحمد الحاكم : شريك بن عبد الله بن سنان بن أنس . ويقال : شريك بن عبد الله بن أبي شريك بن مالك بن النخع ، وجده قاتل الحسين - رضوان الله عليه . أدرك شريك عمر بن عبد العزيز ، وسمع سلمة بن كهيل ، ومنصور بن المعتمر ، وأبا إسحاق . ليس بالمتين عندهم .

وقال أبو بكر الخطيب : شريك بن عبد الله بن الحارث بن أوس القاضي أدرك عمر بن عبد العزيز .

قلت : وروى أيضا عن أبي صخرة جامع بن شداد ، وجامع بن [ ص: 201 ] أبي راشد ، وزياد بن علاقة ، وسماك بن حرب ، وعبد العزيز بن رفيع ، وزبيد بن الحارث ، وبيان بن بشر ، ويعلى بن عطاء ، وإبراهيم بن مهاجر ، وعثمان بن أبي زرعة ، وعاصم الأحول ، وسالم الأفطس ، وسليمان الأعمش ، وعطاء بن السائب ، ونسير بن ذعلوق ، وعبد الملك بن عمير ، وسلمة بن المحبق ، وأشعث بن أبي الشعثاء ، وعبد الكريم بن مالك الجزري ، والمقدام بن شريح ، وسعيد بن مسروق ، وهشام بن عروة ، وعاصم بن بهدلة ، وعلي بن بذيمة ، وزيد بن جبير ، وحكيم بن جبير ، وشبيب بن غرقدة ، ومخول بن راشد ، وابن عقيل ، وإبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي ، وعمار الدهني ، وحبيب بن أبي ثابت ، وخلق سواهم .

وعنه : أبان بن تغلب ، ومحمد بن إسحاق ، وهما من شيوخه ، وشعبة ، وسفيان ، والليث بن سعد ، وابن المبارك ، ويحيى بن آدم ، وأبو نعيم ، ويزيد بن هارون ، وإسحاق بن يوسف الأزرق ، ويقال : إن إسحاق الأزرق أخذ عنه تسعة آلاف حديث .

وممن يروي عنه : أحمد بن يونس ، وعلي بن الجعد ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وأخوه عثمان ، وهناد بن السري ، ولوين ، ويحيى بن يحيى ، ومحمد بن سليمان لوين ، ويحيى بن عبد الحميد الحماني ، وعباد بن يعقوب الرواجني ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وعلي بن حجر ، وأمم سواهم . وقد وثقه يحيى بن معين . وقال : هو أثبت من أبي الأحوص . قلت : مع أن أبا الأحوص من رجال " الصحيحين " ، وما أخرج لشريك سوى مسلم في المتابعات قليلا . وخرج له البخاري تعليقا . [ ص: 202 ]

قال ابن المبارك : شريك أعلم بحديث بلده من الثوري . فذكر هذا لابن معين ، فقال : ليس يقاس بسفيان أحد ، لكن شريك أروى منه في بعض المشايخ . وقال النسائي : ليس به بأس .

وقال الجوزجاني : سيئ الحفظ مضطرب الحديث مائل . قلت : فيه تشيع خفيف على قاعدة أهل بلده . وكان من كبار الفقهاء ، وبينه وبين الإمام أبي حنيفة وقائع . مولده : في سنة خمس وتسعين . وقيل : إنه ولد ببخارى ، أو نقل إلى الكوفة . وقد سمى البخاري جده سنانا ، وسماه شيخه أبو نعيم : الحارث . قال إبراهيم بن سعيد الجوهري : أخطأ شريك في أربع مائة حديث .

وعن عبد الرحمن بن شريك ، قال : كان عند أبي عن جابر الجعفي : عشرة آلاف مسألة ، وعن ليث بن أبي سليم : عشرة آلاف مسألة .

قال أبو نعيم : سمعت شريكا يقول : قدم عثمان يوم قدم ، وهو أفضل القوم . قلت : ما بعد هذا إنصاف من رجل كوفي . [ ص: 203 ]

قال منصور بن أبي مزاحم : سمعت شريكا يقول في مجلس أبي عبيد الله - يعني وزير المهدي - وفيه الحسن بن زيد بن الحسن ، ووالد مصعب الزبيري ، وابن أبي موسى ، والأشراف ، فتذاكروا النبيذ ، فرخص من حضر من العراقيين فيه ، وشدد الباقون ، فقال شريك : حدثنا أبو إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : قال عمر : " إنا لنأكل لحوم هذه الإبل ، ليس يقطعها في بطوننا إلا هذا النبيذ الشديد " . فقال الحسن بن زيد : ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق فقال شريك : أجل ! شغلك الجلوس على الطنافس في صدور المجالس عن استماع هذا ومثله ، فلم يجبه الحسن بشيء . وأسكت القوم ، فتحدثوا بعد في النبيذ ، وشريك ساكت . فقال له أبو عبيد الله : حدثنا يا أبا عبد الله بما عندك . فقال : كلا ! الحديث أعز على أهله من أن يعرض للتكذيب . فقال بعضهم : شرب سفيان الثوري ، فقال قائل منهم : لا ، بلغنا أن سفيان تركه ، فقال شريك : أنا رأيته يشرب في بيت خير أهل الكوفة في زمانه ، مالك بن مغول .

قال عيسى بن يونس : ما رأيت أحدا أورع في علمه من شريك .

قال محمد بن معاوية النيسابوري : سمعت عبادا يقول : قدم علينا معمر وشريك واسط . فكان شريك أرجح عندنا منه .

قال عباس : ذكرت لابن معين ، إسرائيل ، وشريكا ، فقال : ما فيهما إلا ثبت . وقال : شريك أثبت من أبي الأحوص ، ثم سمعت [ ص: 204 ] ابن معين يقول : إسرائيل أثبت من شريك . وقال : كان يحيى القطان لا يحدث عن هذين .

قال منجاب بن الحارث : قال رجل لشريك : كيف تجدك يا أبا عبد الله ؟ قال : أجدني شاكيا غير شاكي الله .

أحمد بن أبي خيثمة : حدثنا يحيى بن أيوب ، قال : كنا عند شريك يوما ، فظهر من أصحاب الحديث جفاء ، فانتهر بعضهم ، فقال له رجل : يا أبا عبد الله ، لو رفقت . فوضع شريك يده على ركبة الشيخ ، وقال : النبل عون على الدين .

قال ابن عيينة : قيل لشريك : ما تقول فيمن يفضل عليا على أبي بكر ؟ قال : إذا يفتضح ، يقول : أخطأ المسلمون .

وعن وكيع قال : ما كتبت عن شريك بعد ما ولي القضاء ، فهو عندي على حدة .

وقال أبو نعيم : لم أكتب عنه بعد القضاء غير حديث واحد . البغوي : حدثنا عباس بن محمد ، سمعت يحيى يقول : قضى شريك على ابن إدريس بشيء . فقال ابن إدريس : القضاء فيه كذا وكذا - يعني الذي حكمت به - فقال له شريك : اذهب فأفت بهذا حاكة الزعافر ، وكان شريك قد حبسه في القضية ، وكان ابن إدريس ينزل في الزعافر .

منصور بن أبي مزاحم : سمعت شريكا يقول : ترك الجواب في موضعه إذابة القلب . [ ص: 205 ]

قال إبراهيم بن أعين : قلت لشريك : أرأيت من قال : لا أفضل أحدا . قال : هذا أحمق ، أليس قد فضل أبو بكر وعمر ؟ وروى أبو داود الرهاوي ، أنه سمع شريكا يقول : علي خير البشر ، فمن أبى فقد كفر .

قلت : ما ثبت هذا عنه . ومعناه حق . يعني : خير بشر زمانه ، وأما خيرهم مطلقا ، فهذا لا يقوله مسلم .

قال عبد الرحمن بن يحيى العذري : أعلم أهل الكوفة سفيان ، وأحضرهم جوابا شريك ، وذكر باقي الحكاية .

قال الفضل بن زياد : قلت لأبي عبد الله في إسرائيل وشريك قياس ، كان يحدث الحديث بالتوهم .

ابن أبي خيثمة : حدثنا سليمان بن أبي شيخ : قال شريك لبعض إخوانه : أكرهت على القضاء . قال : فأكرهت على أخذ الرزق ؟

ثم قال سليمان : حكى لي عبد الله بن صالح بن مسلم ، قال : كان شريك على قضاء الكوفة ، فخرج يتلقى الخيزران ، فبلغ شاهي وأبطأت الخيزران ، فأقام ينتظرها ثلاثا ، ويبس خبزه ، فجعل يبله بالماء ويأكله ، فقال العلاء بن المنهال الغنوي :

فإن كان الذي قد قلت حقا بأن قد أكرهوك على القضاء     فما لك موضعا في كل يوم
تلقى من يحج من النساء ؟ [ ص: 206 ]     مقيما في قرى شاهي ثلاثا
بلا زاد سوى كسر وماء



قال سليمان : وحدثني عبد الرحمن بن شريك قال : كانت أم شريك من خراسان ، فرآها أعرابي وهي على حمار ، وشريك صبي بين يديها ، فقال : إنك لتحملين جندلة من الجنادل .

وقال موسى بن عيسى لشريك : يا أبا عبد الله ، عزلوك عن القضاء ، ما رأينا قاضيا عزل . قال : هم الملوك ، يعزلون ويخلعون ، يعرض أن أباه خلع - يعني من ولاية العهد .

قال سليمان : قال أبو مطرف : قال لي شريك : حملت إلى أبي جعفر ، فقال لي : قد وليتك قضاء الكوفة . فقلت : لا أحسن . فقال : قد بلغني ما صنعت بعيسى ، والله ما أنا كعيسى . يا ربيع ، يكون عندك حتى يقبل ، فخرجت مع الربيع ، فقال : إنه لا يعفيك . فقبلت .

قال ابن أبي خيثمة : وأخبرني سليمان ، قال : لقي عبد الله بن مصعب الزبيري شريكا ، فقال : بلغني أنك تنال من أبي بكر وعمر . فقال شريك : والله ما أنتقص الزبير ، فكيف أنال من أبي بكر وعمر ؟

ثم قال سليمان : وأخبرني أبي ، قال : قيل لأبي شيبة القاضي : قد ولي شريك قضاء الكوفة .

فقال : الحمد لله الذي لم يجعله من أصحاب حماد .

ابن المديني ، عن يحيى القطان ، قال : أحدث عن شريك أعجب إلي من أن أحدث عن موسى بن عبيدة ، وضعف شريكا ، وقال : [ ص: 207 ] أتيته بالكوفة ، فأملى علي ، فإذا هو لا يدري .

قال سليمان بن أبي شيخ : حدثني أبي ، قال : لما وجه شريك إلى قضاء الأهواز جلس على القضاء ، فجعل لا يتكلم حتى قام ، ثم هرب واختفى . ويقال : إنه اختفى عند الوالي . فحدثني يحيى بن سعيد الأموي ، قال : كنت عند الحسن بن عمارة حين بلغه أن شريكا هرب ، فقال : الخبيث استصغر قضاء الأهواز .

محمد بن يزيد الرفاعي : حدثني حمدان بن الأصبهاني ، قال : كنت عند شريك ، فأتاه بعض ولد المهدي ، فاستند ، فسأله عن حديث ، فلم يلتفت إليه ، وأقبل علينا ، ثم أعاد ، فعاد بمثل ذلك . فقال : كأنك تستخف بأولاد الخليفة . قال : لا ، ولكن العلم أزين عند أهله من أن تضيعوه . قال : فجثا على ركبتيه ، ثم سأله ، فقال شريك : هكذا يطلب العلم .

قال عباد بن العوام : قال شريك : أثر فيه بعض الضعف أحب إلي من رأيهم .

قال علي بن سهل : سمعت عفان يقول : كان شريك يخضب بالحمرة .

قيل : إن شريكا أدخل على المهدي ، فقال : لا بد من ثلاث : إما أن تلي القضاء ، أو تؤدب ولدي وتحدثهم ، أو تأكل عندي أكلة . ففكر ساعة ، ثم قال : الأكلة أخف علي ، فأمر المهدي الطباخ أن يصلح ألوانا من المخ المعقود بالسكر وغير ذلك ، فأكل . فقال الطباخ : يا أمير المؤمنين ليس يفلح بعدها . قال : فحدثهم بعد ذلك ، وعلمهم ، وولي القضاء . [ ص: 208 ] ولقد كتب له برزقه على الصيرفي ، فضايقه في النقد ، فقال : إنك لم تبع به بزا . فقال شريك : والله بعت أكبر من البز ، بعت به ديني .

قال علي بن الحسين بن الجنيد الرازي : سمعت أبا توبة الحلبي يقول : كنا بالرملة ، فقالوا : من رجل الأمة ؟ فقال قوم : ابن لهيعة . وقال قوم : مالك ، فقدم علينا عيسى بن يونس ، فسألناه ، فقال : رجل الأمة شريك ، وكان شريك يومئذ حيا .

قال محمد بن إسحاق الصاغاني : حدثنا سلم بن قادم ، حدثنا موسى بن داود ، حدثنا عباد بن العوام ، قال : قدم علينا شريك من نحو خمسين سنة ، فقلنا له : إن عندنا قوما من المعتزلة ، ينكرون هذه الأحاديث : إن أهل الجنة يرون ربهم و إن الله ينزل إلى السماء الدنيا فحدث شريك بنحو من عشرة أحاديث في هذا ، ثم قال : أما نحن ، فأخذنا ديننا عن أبناء التابعين ، عن الصحابة ، فهم عمن أخذوا ؟

قال شريك ، عن أشعث ، عن محمد بن سيرين ، قال : أدركت بالكوفة أربعة آلاف شاب يطلبون العلم .

قال أبو نعيم النخعي : سمعت شريكا يقول : ترى أصحاب الحديث هؤلاء يطلبونه لله ؟! إنما يتظرفون به .

قال عمرو بن علي الفلاس : كان يحيى لا يحدث عن شريك ، وكان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عنه .

قال معاوية بن صالح الأشعري : سألت أحمد بن حنبل عن شريك ، [ ص: 209 ] فقال : كان عاقلا ، صدوقا ، محدثا ، وكان شديدا على أهل الريب والبدع ، قديم السماع من أبي إسحاق قبل زهير ، وقبل إسرائيل : فقلت له : إسرائيل أثبت منه ؟ قال : نعم . قلت له : يحتج به ؟ قال : لا تسألني عن رأيي في هذا . قلت : فإسرائيل يحتج به ؟ قال : إي لعمري . قال : وولد شريك سنة خمس وتسعين . قلت له : كيف كان مذهبه في علي وعثمان - رضي الله عنهما ؟ قال : لا أدري .

قال حفص بن غياث ; من طريق علي بن خشرم ، عنه : سمعت شريكا يقول : قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - واستخار المسلمون أبا بكر ، فلو علموا أن فيهم أحدا أفضل منه كانوا قد غشونا ، ثم استخلف أبو بكر عمر ، فقام بما قام به من الحق والعدل ، فلما حضرته الوفاة ، جعل الأمر شورى بين ستة ، فاجتمعوا على عثمان . فلو علموا أن فيهم أفضل منه كانوا قد غشونا .

قال علي بن خشرم : فأخبرني بعض أصحابنا من أهل الحديث ، أنه عرض هذا على عبد الله بن إدريس ، فقال ابن إدريس : أنت سمعت هذا من حفص ؟ قلت : نعم . قال : الحمد لله الذي أنطق بهذا لسانه ، فوالله إنه لشيعي ، وإن شريكا لشيعي .

قلت : هذا التشيع الذي لا محذور فيه - إن شاء الله - إلا من قبيل الكلام فيمن حارب عليا - رضي الله عنه - من الصحابة ، فإنه قبيح يؤدب فاعله . ولا نذكر أحدا من الصحابة إلا بخير ، ونترضى عنهم ، ونقول : هم طائفة من المؤمنين بغت على الإمام علي ، وذلك بنص قول المصطفى - صلوات الله عليه - لعمار : تقتلك الفئة الباغية . فنسأل الله أن يرضى عن الجميع ، [ ص: 210 ] وألا يجعلنا ممن في قلبه غل للمؤمنين . ولا نرتاب أن عليا أفضل ممن حاربه ، وأنه أولى بالحق - رضي الله عنه .

العقيلي : حدثنا محمد بن عثمان ، حدثنا الحسن ، سمعت أبا نعيم يقول : شهد ابن إدريس شهادة عند شريك ، أو تقدم إليه في شيء ، فأمر به شريك ، فأقيم ، ودفع في قفاه ، أو وجئ في قفاه . وقال شريك : من أهل بيت حمق ما علمت .

قال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي يقول : قد كتبت عن يحيى بن سعيد ، عن شريك على غير وجه الحديث - يعني في المذاكرة .

قال عبد الله : سمعت أبي يقول : كان شريك لا يبالي كيف حدث . حسن بن صالح أثبت منه في الحديث .

قال خليفة بن خياط : شريك بن عبد الله بن أبي شريك ، وهو الحارث بن أوس بن الحارث بن الأذهل بن وهبيل بن سعد بن مالك بن النخع يكنى أبا عبد الله . مات سنة سبع أو ثمان وسبعين ومائة . [ ص: 211 ]

وقال أبو نعيم الفضل وغيره : مات سنة سبع وسبعين ومائة . قلت : مات بالكوفة في أول شهر ذي القعدة سنة سبع ، عاش اثنتين وثمانين سنة .

قرأت على عبد الحافظ بن بدران ، ويوسف بن أحمد ، قالا : أخبرنا موسى بن عبد القادر سنة ثمان عشرة وست مائة ، أخبرنا أبو القاسم سعيد بن أحمد ، أخبرنا علي بن أحمد بن البسري ، أخبرنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا سويد بن سعيد الحدثاني ، حدثنا شريك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن حكيم بن جابر ، عن أبيه ، قال : رأيت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - دباء ، فقلت : ما هذا ؟ قال : هذا الدباء نكثر به طعامنا . هذا حديث صالح الإسناد .

وبه أخبرنا المخلص أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد ، حدثنا محمد بن سليمان بن حبيب لوين ، قال : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، في قوله - عز وجل - : وذللت قطوفها تذليلا قال : أهل الجنة يأكلون منها قياما ، وقعودا ، ومضطجعين ، وعلى أي حال شاءوا . [ ص: 212 ]

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق ، أخبرنا الفتح بن عبد السلام ، أخبرنا هبة الله بن أبي شريك ، أخبرنا أبو الحسين بن النقور ، حدثنا عيسى بن علي إملاء ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن حبشي بن جنادة . قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : علي مني وأنا من علي ، لا يؤدي عني إلا أنا أو هو هذا حديث حسن غريب رواه ابن ماجه في " سننه " عن سويد ، فوافقناه بعلو .

أخبرنا الشيخ تاج الدين محمد بن عبد السلام ، مدرس الشامية وزينب بنت كندي سماعا عن زينب بنت عبد الرحمن بن حسن الشعرية [ ص: 213 ] أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم القارئ سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة ، أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي أخبرنا أبو سهل بشر بن أحمد أخبرنا داود بن الحسين حدثنا يحيى بن يحيى قال : قرأت على شريك عن محمد بن قيس عن رجل يكنى أبا موسى قال : رأيت عليا - رضي الله عنه - سجد سجدة الشكر حين وجد المخدج . وقال : والله ما كذبت ولا كذبت .

قال أبو داود : شريك ثقة ، يخطئ على الأعمش .

وقال صالح جزرة : قل ما يحتاج إلى شريك في الأحاديث التي يحتج بها ، ولما ولي القضاء اضطرب حفظه .

قال يعقوب بن شيبة : دعا المنصور شريكا ، فقال : إني أريد أن أوليك القضاء ، فقال : أعفني يا أمير المؤمنين . قال : لست أعفيك . قال : فأنصرف يومي هذا وأعود ، فيرى أمير المؤمنين رأيه . قال : تريد أن تتغيب ؟ ولئن فعلت لأقدمن على خمسين من قومك بما تكره ، فولاه القضاء . فبقي إلى أيام المهدي ، فأقره المهدي ثم عزله ، قال : وكان شريك ثقة مأمونا ، كثير الحديث ، أنكر عليه الغلط والخطأ . [ ص: 214 ]

قال عيسى بن يونس : من يفلت من الخطأ ؟ ربما رأيت شريكا يخطئ ، ويصحف حتى أستحيي .

يعقوب السدوسي : حدثنا سليمان بن منصور ، حدثنا إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة ، قال : قلت لمحمد بن الحسن : أما ترى كثرة قول الناس في شريك ؟ يعني في حمده مع كثرة خطئه وخطله . قال : اسكت ويحك ، أهل الكوفة كلهم معه ، يتعصب للعرب ، فهم معه ، ويتشيع لهؤلاء الموالي الحمقى فهم معه .

قال عيسى بن يونس : ما رأيت في أصحابنا أشد تقشفا من شريك ربما رأيته يأخذ شاته ، يذهب بها إلى الناس ، وربما حزرت ثوبيه قبل القضاء بعشرة دراهم ، وربما دخلت بيته ، فإذا ليس فيه إلا شاة يحلبها ، ومطهرة ، وبارية وجرة ، فربما بل الخبز في المطهرة فيلقي إلي كتبه ، فيقول : اكتب حديث جدك ، ومن أردت .

قال يعقوب السدوسي : وحدثني الهيثم بن خالد ، قال : حدث شريك يوما بحديث : " وضعت في كفة " فقال رجل لشريك : فأين كان علي - عليه السلام - ؟ قال : مع الناس في الكفة الأخرى .

قال أحمد بن عبد الله العجلي : سمعت بعض الكوفيين يقول : قال شريك : قدم علينا سالم الأفطس ، فأتيته ومعي قرطاس فيه مائة حديث . فسألته ، فحدثني بها ، وسفيان يسمع ، فلما فرغ قال لي سفيان : أرني قرطاسك ، فأعطيته ، فخرقه ، قال : فرجعت إلى منزلي فاستلقيت على قفاي ، فحفظت منها سبعة وتسعين حديثا ، وحفظها سفيان كلها . [ ص: 215 ]

قال الحافظ بن عدي : حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد ، بمصر ، حدثنا محمد بن الصباح الدولابي ، حدثنا نصر بن المجدر قال : كنت شاهدا حين أدخل شريك ، ومعه أبو أمية ، وكان أبو أمية رفع إلى المهدي أن شريكا حدثه عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ثوبان ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : استقيموا لقريش ما استقاموا لكم ، فإذا زاغوا عن الحق فضعوا سيوفكم على عواتقكم ، ثم أبيدوا خضراءهم .

قال المهدي : أنت حدثت بهذا ؟ قال : لا . فقال أبو أمية : علي المشي إلى بيت الله ، وكل مالي صدقة ، إن لم يكن حدثني . فقال شريك : وعلي مثل الذي عليه إن كنت حدثته . فكأن المهدي رضي . فقال أبو أمية : يا أمير المومنين ، عندك أدهى العرب ، إنما يعني مثل الذي علي من الثياب . قل له يحلف كما حلفت . فقال : احلف . فقال شريك : قد حدثته . فقال المهدي : ويلي على شارب الخمر - يعني الأعمش ، وذلك أنه كان يشرب المنصف - لو علمت موضع قبره لأحرقته . [ ص: 216 ]

قال شريك : لم يكن يهوديا ، كان رجلا صالحا ، قال : بل زنديق . قال : للزنديق علامات : بتركه الجمعات ، وجلوسه مع القيان ، وشربه الخمر . فقال : والله لأقتلنك . قال : ابتلاك الله بمهجتي . قال : أخرجوه ، فأخرج ، وجعل الحرس يشققون ثيابه ، وخرقوا قلنسوته . قال نصر : فقلت لهم : أبو عبد الله . فقال المهدي : دعهم .

أحمد بن عثمان بن حكيم : أخبرنا أبي ، قال : كان شريك لا يجلس للحكم حتى يتغدى ويشرب أربعة أرطال نبيذ ، ثم يصلي ركعتين ، ثم يخرج رقعة فينظر فيها ، ثم يدعو بالخصوم . فقيل لابنه عن الرقعة ، فأخرجها إلينا ، فإذا فيها : يا شريك ، اذكر الصراط وحدته ، يا شريك ، اذكر الموقف بين يدي الله - تعالى .

روى محمد بن يحيى القطان عن أبيه ، قال : رأيت تخليطا في أصول شريك .

وقال أبو يعلى : سمعت ابن معين يقول : شريك ثقة إلا أنه يغلط ولا يتقن ، ويذهب بنفسه على سفيان وشعبة .

وقال الدارقطني : ليس شريك بقوي فيما ينفرد به .

التالي السابق


الخدمات العلمية