صفحة جزء
قال أبو معشر حمدويه بن الخطاب البخاري : سمعت نصر بن المغيرة البخاري ، سمعت إبراهيم بن شماس يقول : رأيت أفقه الناس ابن المبارك ، وأورع الناس الفضيل ، وأحفظ الناس وكيع بن الجراح . [ ص: 392 ]

أحمد بن أبي خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول - وذكر أصحاب سفيان - فقال : خمسة : ابن المبارك ، فبدأ به ، ووكيع ، ويحيى ، وابن مهدي ، وأبو نعيم .

قال جعفر بن أبي عثمان : قلت لابن معين : اختلف القطان ووكيع ؟ قال : القول قول يحيى . قال : فإذا اختلف عبد الرحمن ويحيى ؟ قال : يحتاج من يفصل بينهما . قلت : فأبو نعيم وعبد الرحمن ؟ قال : يحتاج من يفصل بينهما . قلت : الأشجعي ؟ قال : مات الأشجعي ، ومات حديثه معه . قلت : ابن المبارك ؟ قال : ذاك أمير المؤمنين في الحديث .

محمود بن والان : سمعت محمد بن موسى ، سمعت إبراهيم بن موسى يقول : كنت عند يحيى بن معين ، فجاءه رجل ، فقال : من أثبت في معمر ؟ ابن المبارك أو عبد الرزاق ؟ وكان يحيى متكئا فجلس وقال : كان ابن المبارك خيرا من عبد الرزاق ومن أهل قريته ، كان عبد الله سيدا من سادات المسلمين .

وسئل إبراهيم الحربي : إذا اختلف أصحاب معمر ؟ قال : القول قول ابن المبارك .

الدغولي : حدثنا يحيى بن زكريا ، حدثنا محمد بن النضر بن مساور ، قال : قال أبي : قلت لابن المبارك : هل تتحفظ الحديث ؟ فتغير لونه ، وقال : ما تحفظت حديثا قط ، إنما آخذ الكتاب فأنظر فيه ، فما اشتهيته علق بقلبي . [ ص: 393 ]

قال الحسن بن عيسى : أخبرني صخر ، صديق ابن المبارك ، قال : كنا غلمانا في الكتاب ، فمررت أنا وابن المبارك ، ورجل يخطب ، فخطب خطبة طويلة ، فلما فرغ قال لي ابن المبارك : قد حفظتها ، فسمعه رجل من القوم فقال : هاتها ، فأعادها وقد حفظها .

نعيم بن حماد : سمعت ابن المبارك قال : قال لي أبي : لئن وجدت كتبك ، لأحرقنها ، قلت : وما علي من ذلك وهي في صدري .

وقال أبو وهب محمد بن مزاحم : العجب ممن يسمع الحديث من ابن المبارك عن رجل ، ثم يأتي ذلك الرجل حتى يحدثه [ به ] . قال ابن خراش : ابن المبارك مروزي ثقة .

قال القاسم بن محمد بن عباد : سمعت سويد بن سعيد يقول : رأيت ابن المبارك بمكة أتى زمزم ، فاستقى شربة ، ثم استقبل القبلة فقال : اللهم إن ابن أبي الموال ، حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : ماء زمزم لما شرب له وهذا أشربه لعطش القيامة ، ثم شربه . [ ص: 394 ]

كذا قال : ابن أبي الموال ، وصوابه ابن المؤمل عبد الله المكي ، والحديث به يعرف ، وهو من الضعفاء ، لكن يرويه عن أبي الزبير ، عن جابر ، فعلى كل حال خبر ابن المبارك فرد منكر ، ما أتى به سوى سويد ، رواه الميانجي ، عن ابن عباد .

أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب : سمعت الخليل أبا محمد قال : كان عبد الله بن المبارك إذا خرج إلى مكة قال :

بغض الحياة وخوف الله أخرجني وبيع نفسي بما ليست له ثمنا     إني وزنت الذي يبقى ليعدله
ما ليس يبقى فلا والله ما اتزنا



قال نعيم بن حماد : كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الرقاق ، يصير كأنه ثور منحور ، أو بقرة منحورة من البكاء ، لا يجترئ أحد منا أن يسأله عن شيء إلا دفعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية