صفحة جزء
قال أحمد بن عبد الله العجلي : حدثني أبي قال : لما احتضر ابن المبارك ، جعل رجل يلقنه قل : لا إله إلا الله فأكثر عليه ، فقال له : لست تحسن ، وأخاف أن تؤذي مسلما بعدي ، إذا لقنتني فقلت : لا إله إلا الله ، ثم لم أحدث كلاما بعدها فدعني ، فإذا أحدثت كلاما فلقني حتى تكون آخر كلامي . يقال : إن الرشيد لما بلغه موت عبد الله قال : مات اليوم سيد العلماء .

قال عبدان بن عثمان : مات ابن المبارك بهيت وعانات في شهر رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة .

قال حسن بن الربيع : قال لي ابن المبارك قبل أن يموت : أنا ابن ثلاث وستين سنة .

قال أحمد بن حنبل : ذهبت لأسمع من ابن المبارك فلم أدركه ، وكان قد قدم بغداد فخرج إلى الثغر ولم أره . [ ص: 419 ]

قال محمد بن الفضيل بن عياض : رأيت ابن المبارك في النوم فقلت : أي العمل أفضل ؟ قال : الأمر الذي كنت فيه ، قلت : الرباط والجهاد ؟ قال : نعم ، قلت : فما صنع بك ربك ؟ قال : غفر لي مغفرة ما بعدها مغفرة . رواها رجلان عن محمد .

وقال العباس بن محمد النسفي : سمعت أبا حاتم الفربري يقول : رأيت ابن المبارك واقفا على باب الجنة بيده مفتاح فقلت : ما يوقفك هاهنا ؟ قال : هذا مفتاح الجنة دفعه إلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال : حتى أزور الرب ، فكن أميني في السماء ، كما كنت أميني في الأرض .

وقال إسماعيل بن إبراهيم المصيصي : رأيت الحارث بن عطية في النوم ، فسألته ، فقال : غفر لي . قلت : فابن المبارك ، قال : بخ بخ ذاك في عليين ممن يلج على الله كل يوم مرتين .

وعن نوفل قال : رأيت ابن المبارك في النوم فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي برحلتي في الحديث ، عليك بالقرآن ، عليك بالقرآن .

قال علي بن أحمد السواق : حدثنا زكريا بن عدي قال : رأيت ابن المبارك في النوم ، فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي برحلتي .

قال النسائي : أثبت الناس في الأوزاعي عبد الله بن المبارك .

قال الفسوي في " تاريخه " : سمعت الحسن بن الربيع يقول : شهدت موت ابن المبارك ، مات لعشر مضى من رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة ومات سحرا ، ودفناه بهيت . ولبعض الفضلاء :


مررت بقبر ابن المبارك غدوة فأوسعني وعظا وليس بناطق

[ ص: 420 ]

وقد كنت بالعلم الذي في جوانحي     غنيا وبالشيب الذي في مفارقي


ولكن أرى الذكرى تنبه عاقلا     إذا هي جاءت من رجال الحقائق

قرأت على أبي حفص عمر بن عبد المنعم الطائي ، أخبركم القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن مميل الشافعي ، سنة ثلاثين وست مائة بمنزله ، أخبرنا عبد الرحمن بن علي الخرقي ، أخبرنا نصر بن أحمد السوسي ، أخبرنا سهل بن بشر ، أخبرنا علي بن منير الخلال ، حدثني خالي أحمد بن عتيق الخشاب ، حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الأصبغ ، حدثنا هاشم بن مرثد ، سمعت أبا صالح الفراء ، سمعت ابن المبارك يقول :

المرء مثل هلال عند رؤيته     يبدو ضئيلا تراه ثم يتسق
حتى إذا ما تراه ثم أعقبه     كر الجديدين نقصا ثم يمحق



من تاريخ أبي عمر أحمد بن سعيد الصدفي : محمد بن وضاح ، عن يحيى بن يحيى الليثي قال : كنا عند مالك ، فاستؤذن لعبد الله بن المبارك بالدخول فأذن له ، فرأينا مالكا تزحزح له في مجلسه ثم أقعده بلصقه ، وما رأيت مالكا تزحزح لأحد في مجلسه غيره ، فكان القارئ يقرأ على مالك ، فربما مر بشيء فيسأله مالك : ما مذهبكم في هذا ؟ أو ما عندكم في هذا ؟ فرأيت ابن المبارك يجاوبه ، ثم قام فخرج ، فأعجب مالك بأدبه ، ثم قال لنا مالك : هذا ابن المبارك فقيه خراسان .

وعن المسيب بن واضح قال : أرسل ابن المبارك إلى أبي بكر بن عياش بأربعين ألف درهم وقال : سد بهذه فتنة القوم عنك .

وسئل ابن المبارك بحضور سفيان بن عيينة عن مسألة ، فقال : إنا نهينا أن نتكلم عند أكابرنا . [ ص: 421 ]

قال أحمد : كان ابن المبارك يحدث من كتاب ، ومن حدث من كتاب لا يكاد أن يكون له سقط كثير . وكان وكيع يحدث من حفظه ، فكان يكون له سقط ، كم يكون حفظ الرجل ؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية