صفحة جزء
أم سلمة أم المؤمنين ( ع )

السيدة المحجبة ، الطاهرة هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله [ ص: 202 ] بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة ، المخزومية ، بنت عم خالد بن الوليد ، سيف الله ؛ وبنت عم أبي جهل بن هشام .

من المهاجرات الأول . كانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند أخيه من الرضاعة : أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي ، الرجل الصالح ، دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم في سنة أربع من الهجرة . وكانت من أجمل النساء وأشرفهن نسبا .

وكانت آخر من مات من أمهات المؤمنين . عمرت حتى بلغها مقتل الحسين ، الشهيد ، فوجمت لذلك ، وغشي عليها ، وحزنت عليه كثيرا . لم تلبث بعده إلا يسيرا ، وانتقلت إلى الله . ولها أولاد صحابيون : عمر ، وسلمة ، وزينب . ولها جملة أحاديث .

روى عنها : سعيد بن المسيب ، وشقيق بن سلمة ، والأسود بن يزيد ، والشعبي ، وأبو صالح السمان ومجاهد ، ونافع بن جبير بن مطعم ، ونافع مولاها ، ونافع مولى ابن عمر ، وعطاء بن أبي رباح ، وشهر بن حوشب ، وابن أبي مليكة ، وخلق كثير .

عاشت نحوا من تسعين سنة .

وأبوها : هو زاد الراكب أحد الأجواد - قيل : اسمه - حذيفة .

وقد وهم من سماها : رملة ؛ تلك أم حبيبة . [ ص: 203 ]

وكانت تعد من فقهاء الصحابيات .

الواقدي : حدثنا عمر بن عثمان ، عن عبد الملك بن عبيد ، عن سعيد بن يربوع ، عن عمر بن أبي سلمة ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي إلى أبي قطن في المحرم سنة أربع ، فغاب تسعا وعشرين ليلة ، ثم رجع في صفر ، وجرحه الذي أصابه يوم أحد منتقض ؛ فمات منه ، لثمان خلون من جمادى الآخرة . وحلت أمي في شوال ، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

إلى أن قال : وتوفيت سنة تسع وخمسين في ذي القعدة
.

ابن سعد : أخبرنا أحمد بن إسحاق الحضرمي : حدثنا عبد الواحد بن زياد : حدثنا عاصم الأحول ، عن زياد بن أبي مريم : قالت أم سلمة لأبي سلمة : بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها ، وهو من أهل الجنة ، ثم لم تزوج ، إلا جمع الله بينهما في الجنة ، فتعال أعاهدك ألا تزوج بعدي ، ولا أتزوج بعدك . قال : أتطيعينني ؟ قالت : نعم . قال : إذا مت تزوجي . اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلا خيرا مني ، لا يحزنها ولا يؤذيها ، فلما مات ، قلت : من خير من أبي سلمة ؟ فما لبثت ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام على الباب فذكر الخطبة إلى ابن أخيها ، أو ابنها ، فقالت : أرد على رسول الله ، أو أتقدم عليه بعيالي . ثم جاء الغد فخطب .

عفان : حدثنا حماد : حدثنا ثابت : حدثني ابن عمر بن أبي سلمة ، [ ص: 204 ] عن أبيه : أن أم سلمة لما انقضت عدتها ، خطبها أبو بكر ، فردته ؛ ثم عمر ، فردته ، فبعث إليها رسول الله ، فقالت : مرحبا ، أخبر رسول الله أني غيرى ، وأني مصبية وليس أحد من أوليائي شاهدا .

فبعث إليها : أما قولك : إني مصبية ؛ فإن الله سيكفيك صبيانك . وأما قولك : إني غيرى ، فسأدعو الله أن يذهب غيرتك ، وأما الأولياء ؛ فليس أحد منهم إلا سيرضى بي .

قالت : يا عمر ، قم فزوج رسول الله .

وقال رسول الله : أما إني لا أنقصك مما أعطيت فلانة
. . . الحديث .

عبد الله بن نمير : حدثنا أبو حيان التيمي ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : قالت أم سلمة : أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني ، وبيننا حجاب ، فخطبني ، فقلت : وما تريد إلي ؟ ما أقول هذا إلا رغبة لك عن نفسي ؛ إني [ ص: 205 ] امرأة قد أدبر من سني ، وإني أم أيتام ، وأنا شديدة الغيرة ، وأنت يا رسول الله تجمع النساء .

قال : أما الغيرة ، فيذهبها الله . وأما السن ، فأنا أكبر منك . وأما أيتامك ؛ فعلى الله وعلى رسوله ، فأذنت ، فتزوجني
.

أبو نعيم : حدثنا عبد الواحد بن أيمن : حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أم سلمة ، فقالت : في خصال ثلاث : كبيرة ، ومطفل ، وغيور . . . الحديث .

وعن المطلب بن عبد الله بن حنطب ، قال : دخلت أيم العرب على سيد المسلمين أول العشاء عروسا ، وقامت آخر الليل تطحن - يعني : أم سلمة .

مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، قال : لما بنى رسول الله بأم سلمة ، قال : ليس بك على أهلك هوان ، إن شئت سبعت لك ، وسبعت عندهن - يعني نساءه - وإن شئت ثلاثا ، ودرت ؟

قالت : ثلاثا .

روح بن عبادة : حدثنا ابن جريج : أخبرني حبيب بن أبي ثابت : أن عبد الحميد بن عبد الله ، والقاسم بن محمد ، حدثاه : أنهما سمعا أبا بكر [ ص: 206 ] بن عبد الرحمن يخبر : أن أم سلمة أخبرته : أنها لما قدمت المدينة أخبرتهم : أنها بنت أبي أمية ، فكذبوها ، حتى أنشأ ناس منهم الحج ، فقالوا : أتكتبين إلى أهلك ؟ فكتبت معهم ، فرجعوا ، فصدقوها ، وازدادت عليهم كرامة .

قالت : فلما وضعت زينب ، جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخطبني ، فقلت : ما مثلي ينكح .

قال : فتزوجها ، فجعل يأتيها ، فيقول : أين زناب ؟ حتى جاء عمار فاختلجها وقال : هذه تمنع رسول الله . وكانت ترضعها .

فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أين زناب ؟ فقيل : أخذها عمار ، فقال : إني آتيكم الليلة .

قالت : فوضعت ثفالي وأخرجت حبات من شعير كانت في جرتي ، وأخرجت شحما ، فعصدته له ، ثم بات ، ثم أصبح ، فقال : إن بك على أهلك كرامة ، إن شئت ، سبعت لك ؟ وإن أسبع لك ، أسبع لنسائي .

قال مصعب الزبيري : هي أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة ؛ فشهد أبو سلمة بدرا ؛ وولدت له عمر ، وسلمة ، وزينب ، ودرة .

أبو أسامة ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن أم سلمة ، قالت : لما توفي أبو سلمة ، أتيت - النبي صلى الله عليه وسلم - ، فقلت : كيف أقول ؟ قال : قولي : اللهم [ ص: 207 ] اغفر لنا وله ، وأعقبني منه عقبى صالحة ، فقلتها ، فأعقبني الله محمدا صلى الله عليه وسلم .

وروى مسلم في " صحيحه " أن عبد الله بن صفوان دخل على أم سلمة في خلافة يزيد .

وروى إسماعيل بن نشيط ، عن شهر ، قال : أتيت أم سلمة أعزيها بالحسين .

ومن فضل أمهات المؤمنين قوله تعالى : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن إلى قوله : وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة [ ص: 208 ] فهذه آيات شريفة في زوجات نبينا صلى الله عليه وسلم .

قال زيد بن الحباب : حدثنا حسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت قال : نزلت في نساء - النبي صلى الله عليه وسلم . ثم قال عكرمة : من شاء باهلته ، أنها نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة .

إسحاق السلولي : حدثنا عيسى بن عبد الرحمن السلمي ، عن أبي إسحاق ، عن صلة ، عن حذيفة : أنه قال لامرأته : إن سرك أن تكوني زوجتي في الجنة ، فلا تزوجي بعدي ، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا ؛ فلذلك حرم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده ؛ لأنهن أزواجه في الجنة .

روى عطاء بن السائب ، عن محارب بن دثار : أن أم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد ، أحد العشرة .

وهذا منقطع . وقد كان سعيد توفي قبلها بأعوام ، فلعلها أوصت في وقت ثم عوفيت ، وتقدمها هو .

وروي ، أن أبا هريرة صلى عليها . ولم يثبت ، وقد مات قبلها . [ ص: 209 ] ودفنت بالبقيع .

قال محمد بن سعد : أخبرنا محمد بن عمر : أخبرنا ابن أبي الزناد : عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة ، حزنت حزنا شديدا ؛ لما ذكروا لنا من جمالها ، فتلطفت حتى رأيتها ، فرأيتها والله أضعاف ما وصفت لي في الحسن ؛ فذكرت ذلك لحفصة - وكانتا يدا واحدة - فقالت : لا والله ، إن هذه إلا الغيرة ما هي كما تقولين ، وإنها لجميلة ، فرأيتها بعد ، فكانت كما قالت حفصة ، ولكني كنت غيرى .

مسلم الزنجي ، عن موسى بن عقبة ، عن أمه ، عن أم كلثوم ، قالت : لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة ، قال لها : إني قد أهديت إلى النجاشي أواقي من مسك وحلة ، وإني أراه قد مات ، ولا أرى الهدية إلا سترد ، فإن ردت ، فهي لك . قالت : فكان كما قال ، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية ، وأعطى سائره أم سلمة والحلة .

القعنبي : حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه : أن رسول الله أمر أم سلمة أن تصلي الصبح بمكة يوم النحر ، وكان يومها ، فأحب أن توافيه . [ ص: 210 ]

الواقدي ، عن ابن جريج ، عن نافع ، قال : صلى أبو هريرة على أم سلمة .

قلت : الواقدي ليس بمعتمد - والله أعلم - ولا سيما وقد خولف .

وفي " صحيح مسلم " : أن عبد الله بن صفوان دخل على أم سلمة في خلافة يزيد .

وبعضهم أرخ موتها في سنة تسع وخمسين فوهم أيضا ، والظاهر وفاتها في سنة إحدى وستين رضي الله عنها .

وقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم حين حلت في شوال سنة أربع .

ويبلغ مسندها ثلاثمائة وثمانية وسبعين حديثا .

واتفق البخاري ، ومسلم لها على ثلاثة عشر . وانفرد البخاري بثلاثة . ومسلم بثلاثة عشر .

التالي السابق


الخدمات العلمية