صفحة جزء
أبو عبيدة

الإمام العلامة البحر ، أبو عبيدة ، معمر بن المثنى التيمي ، مولاهم البصري ، النحوي ، صاحب التصانيف .

ولد في سنة عشر ومائة ، في الليلة التي توفي فيها الحسن البصري .

حدث عن هشام بن عروة ، ورؤبة بن العجاج ، وأبي عمرو بن العلاء وطائفة .

ولم يكن صاحب حديث ، وإنما أوردته لتوسعه في علم اللسان ، وأيام الناس .

حدث عنه علي بن المديني ، وأبو عبيد القاسم بن سلام ، وأبو [ ص: 446 ] عثمان المازني ، وعمر بن شبة ، وعلي بن المغيرة الأثرم ، وأبو العيناء وعدة .

حدث ببغداد بجملة من تصانيفه .

قال الجاحظ : لم يكن في الأرض جماعي ولا خارجي أعلم بجميع العلوم من أبي عبيدة .

وقال يعقوب بن شيبة : سمعت علي بن المديني ذكر أبا عبيدة ، فأحسن ذكره ، وصحح روايته ، وقال : كان لا يحكي عن العرب إلا الشيء الصحيح .

وقال يحيى بن معين : ليس به بأس .

قال المبرد : كان هو والأصمعي متقاربين في النحو ، وكان أبو عبيدة أكمل القوم .

وقال ابن قتيبة : كان الغريب وأيام الغريب أغلب عليه ، وكان لا يقيم البيت إذا أنشده ، ويخطئ إذا قرأ القرآن نظرا ، وكان يبغض العرب ، وألف في مثالبها كتبا ، وكان يرى رأي الخوارج .

وقيل : إن الرشيد أقدم أبا عبيدة ، وقرأ عليه بعض كتبه ، وهي تقارب مائتي مصنف ، منها كتاب " مجاز القرآن " وكتاب " غريب الحديث " وكتاب [ ص: 447 ] " مقتل عثمان " وكتاب " أخبار الحج " ، وكان ألثغ بذيء اللسان ، وسخ الثوب .

وقال أبو حاتم السجستاني : كان يكرمني بناء على أنني من خوارج سجستان .

وقيل : كان يميل إلى المرد ; ألا ترى أبا نواس حيث يقول :

صلى الإله على لوط وشيعته أبا عبيدة قل بالله آمينا     فأنت عندي بلا شك بقيتهم
منذ احتلمت وقد جاوزت سبعينا



قلت : قارب مائة عام ، أو كملها ، فقيل : مات سنة تسع ومائتين ، وقيل : مات سنة عشر .

قلت : قد كان هذا المرء من بحور العلم ، ومع ذلك فلم يكن بالماهر بكتاب الله ، ولا العارف بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا البصير بالفقه واختلاف أئمة الاجتهاد ، بلى وكان معافى من معرفة حكمة الأوائل ، والمنطق وأقسام الفلسفة ، وله نظر في المعقول ، ولم يقع لنا شيء من عوالي روايته .

التالي السابق


الخدمات العلمية