صفحة جزء
أبو سعيد بن يونس : حدثنا الحسين بن محمد بن الضحاك [ ص: 43 ] الفارسي ، سمعت المزني ، سمعت الشافعي قال : أيما أهل بيت لم يخرج نساؤهم إلى رجال غيرهم ، ورجالهم إلى نساء غيرهم إلا وكان في أولادهم حمق .

زكريا بن أحمد البلخي القاضي : سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد بن نصر الترمذي ، يقول : رأيت في المنام النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسجده بالمدينة فكأني جئت ، فسلمت عليه ، وقلت : يا رسول الله ، أكتب رأي مالك ؟ قال : لا . قلت : أكتب رأي أبي حنيفة ؟ قال : لا . قلت : أكتب رأي الشافعي ؟ فقال بيده هكذا ، كأنه انتهرني ، وقال : تقول : رأي الشافعي ! إنه ليس برأي ، ولكنه رد على من خالف سنتي . رواها غير واحد عن أبي جعفر .

عبد الرحمن بن أبي حاتم : حدثني أبو عثمان الخوارزمي نزيل مكة فيما كتب إلي ، حدثنا محمد بن رشيق ، حدثنا محمد بن حسن البلخي ، قال : قلت في المنام : يا رسول الله ، ما تقول في قول أبي حنيفة ، والشافعي ، ومالك ؟ فقال : لا قول إلا قولي ، لكن قول الشافعي ضد قول أهل البدع .

وروى من وجهين عن أحمد بن الحسن الترمذي الحافظ ، قال : [ ص: 44 ] رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام ، فسألته عن الاختلاف ، فقال : أما الشافعي ، فمني وإلي . وفي الرواية الأخرى : أحيا سنتي .

روى جعفر ابن أخي أبي ثور الكلبي ، عن عمه ، قال : كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا فيه معاني القرآن ، ويجمع قبول الأخبار ، وحجة الإجماع ، وبيان الناسخ والمنسوخ ، فوضع له كتاب " الرسالة " .

وقال أبو ثور : قال لي عبد الرحمن بن مهدي : ما أصلي صلاة إلا وأنا أدعو للشافعي فيها .

وقال الزعفراني : حج بشر المريسي ، فلما قدم ، قال : رأيت بالحجاز رجلا ، ما رأيت مثله سائلا ومجيبا -يعني الشافعي - قال : فقدم علينا ، فاجتمع إليه الناس ، وخفوا عن بشر ، فجئت إلى بشر ، فقلت : هذا الشافعي الذي كنت تزعم قد قدم ، قال : إنه قد تغير عما كان عليه ، قال : فما كان مثل بشر إلا مثل اليهود في شأن عبد الله بن سلام . [ ص: 45 ]

قال الميموني : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ستة أدعو لهم سحرا ، أحدهم الشافعي .

وقال محمد بن هارون الزنجاني : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قلت لأبي : أي رجل كان الشافعي ، فإني سمعتك تكثر من الدعاء له ؟ قال : يا بني ، كان كالشمس للدنيا ، وكالعافية للناس ، فهل لهذين من خلف أو منهما عوض ؟ الزنجاني لا أعرفه .

قال أبو داود : ما رأيت أبا عبد الله يميل إلى أحد ميله إلى الشافعي .

وقال قتيبة بن سعيد : الشافعي إمام .

قلت : كان هذا الإمام مع فرط ذكائه وسعة علمه يتناول ما يقوي حافظته .

قال هارون بن سعيد الأيلي : قال لنا الشافعي : أخذت اللبان سنة للحفظ ، فأعقبني رمي الدم سنة . [ ص: 46 ]

قال الحافظ أبو الحسن الدارقطني : حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن سهل النابلسي الشهيد ، حدثنا أبو سعيد بن الأعرابي ، سمعت تميم بن عبد الله الرازي ، سمعت أبا زرعة ، سمعت قتيبة بن سعيد يقول : مات الثوري ومات الورع ، ومات الشافعي وماتت السنن ، ويموت أحمد بن حنبل وتظهر البدع .

أبو ثور الكلبي : ما رأيت مثل الشافعي ، ولا رأى هو مثل نفسه .

وقال أيوب بن سويد : ما ظننت أني أعيش حتى أرى مثل الشافعي .

قال أحمد بن حنبل من طرق عنه : إن الله يقيض للناس في رأس كل مائة من يعلمهم السنن ، وينفي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكذب ، قال : فنظرنا ، فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز ، وفي رأس المائتين الشافعي . [ ص: 47 ]

قال حرملة : سمعت الشافعي يقول : سميت ببغداد ناصر الحديث .

الفضل بن زياد : سمعت أحمد يقول : ما أحد مس محبرة ولا قلما ، إلا وللشافعي في عنقه منة .

وعن أحمد : كان الشافعي من أفصح الناس .

قال إبراهيم الحربي : سألت أبا عبد الله عن الشافعي ، فقال : حديث صحيح ، ورأي صحيح .

قال الحسن الزعفراني : ما قرأت على الشافعي حرفا من هذه الكتب ، إلا وأحمد حاضر .

وقال إسحاق بن راهويه : ما تكلم أحد بالرأي -وذكر جماعة من أئمة الاجتهاد- إلا والشافعي أكثر اتباعا منه ، وأقل خطأ منه ، الشافعي إمام .

قال يحيى بن معين : ليس به بأس .

وعن أبي زرعة الرازي ، قال : ما عند الشافعي حديث فيه غلط . [ ص: 48 ]

وقال أبو داود السجستاني : ما أعلم للشافعي حديثا خطأ .

قلت : هذا من أدل شيء على أنه ثقة حجة حافظ . وناهيك بقول مثل هذين .

وقد صنف الحافظ أبو بكر الخطيب كتابا في ثبوت الاحتجاج بالإمام الشافعي . وما تكلم فيه إلا حاسد أو جاهل بحاله ، فكان ذلك الكلام الباطل منهم موجبا لارتفاع شأنه ، وعلو قدره ، وتلك سنة الله في عباده : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا .

قال أبو حاتم الرازي : محمد بن إدريس صدوق .

وقال الربيع بن سليمان : كان الشافعي -والله- لسانه أكبر من كتبه ، لو رأيتموه لقلتم : إن هذه ليست كتبه .

وعن يونس بن عبد الأعلى قال : ما كان الشافعي إلا ساحرا ما كنا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله ، كأن ألفاظه سكر . . وكان قد أوتي عذوبة منطق ، وحسن بلاغة ، وفرط ذكاء وسيلان ذهن ، وكمال فصاحة ، وحضور حجة . [ ص: 49 ]

فعن عبد الملك بن هشام اللغوي ، قال : طالت مجالستنا للشافعي ، فما سمعت منه لحنة قط .

قلت : أنى يكون ذلك ، وبمثله في الفصاحة يضرب المثل ، كان أفصح قريش في زمانه ، وكان مما يؤخذ عنه اللغة .

قال أحمد بن أبي سريج الرازي : ما رأيت أحدا أفوه ولا أنطق من الشافعي .

وقال الأصمعي : أخذت شعر هذيل عن الشافعي .

وقال الزبير بن بكار : أخذت شعر هذيل ووقائعها عن عمي مصعب بن عبد الله ، وقال : أخذتها من الشافعي حفظا .

قال موسى بن سهل الجوني ، حدثنا أحمد بن صالح : قال لي الشافعي : تعبد من قبل أن ترأس ، فإنك إن ترأست ، لم تقدر أن تتعبد .

ثم قال أحمد : كان الشافعي إذا تكلم كأن صوته صوت صنج وجرس من حسن صوته .

قال ابن عبد الحكم : ما رأيت الشافعي يناظر أحدا إلا رحمته ولو [ ص: 50 ] رأيت الشافعي يناظرك لظننت أنه سبع يأكلك ، وهو الذي علم الناس الحجج .

قال الربيع بن سليمان : سئل الشافعي -رحمه الله- عن مسألة ، فأعجب بنفسه ، فأنشأ يقول :

إذا المشكلات تصدينني كشفت حقائقها بالنظر     ولست بإمعة في الرجال
أسائل هذا وذا ما الخبر     ولكني مدره الأصغرين
فتاح خير وفراج شر

وروى عن هارون بن سعيد الأيلي قال : لو أن الشافعي ناظر على أن هذا العمود الحجر خشب لغلب ، لاقتداره على المناظرة .

قال الزعفراني : قدم علينا الشافعي بغداد سنة خمس وتسعين ، فأقام عندنا سنتين ، وخرج إلى مكة ، ثم قدم سنة ثمان وتسعين ، فأقام عندنا أشهرا ، وخرج - يعني إلى مصر .

قلت : قد قدم بغداد سنة بضع وثمانين ومائة ، وأجازه الرشيد بمال ، ولازم محمد بن الحسن مدة ، ولم يلق أبا يوسف القاضي ، مات قبل قدوم الشافعي . [ ص: 51 ]

قال المزني : لما وافى الشافعي مصر ، قلت في نفسي : إن كان أحد يخرج ما في ضميري من أمر التوحيد فهو . تقدمت هذه الحكاية وهذه الرواية سماعزكريا الساجي من المزني ، قال : فكلمته ، فغضب ، وقال : أتدري أين أنت ؟ هذا الموضع الذي غرق فيه فرعون . أبلغك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بالسؤال عن ذلك ؟ قلت : لا ، قال : فهل تكلم فيه الصحابة ؟ قلت : لا .

قال الحسن بن رشيق الحافظ : حدثنا فقير بن موسى بن فقير الأسواني ، حدثنا أبو حنيفة قحزم بن عبد الله الأسواني ، حدثنا الشافعي ، حدثنا أبو حنيفة بن سماك بن الفضل الخولاني الشهابي ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوم الفتح : من قتل له قتيل ، فهو بخير النظرين ، إن أحب العقل أخذ ، وإن أحب فله القود رواه الدارقطني عن ابن رشيق . [ ص: 52 ]

الحسن بن سفيان : حدثنا أبو ثور ، سمعت الشافعي -وكان من معادن الفقه ، ونقاد المعاني ، وجهابذة الألفاظ- يقول : حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ ؛ لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية ، وأسماء المعاني معدودة محدودة ، وجميع أصناف الدلالات على المعاني لفظا وغير لفظ خمسة أشياء : اللفظ ، ثم الإشارة ، ثم العقد ، ثم الخط ، ثم الذي يسمى النصبة ، والنصبة في الحال الدلالة التي لا تقوم مقام تلك الأصناف ، ولا تقصر عن تلك الدلالات ، ولكل واحد من هذه الخمسة صورة بائنة من صورة صاحبتها ، وحلية مخالفة لحلية أختها ، وهي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة ، وعن خفائها عن التفسير ، وعن أجناسها وأفرادها ، وعن خاصها وعامها ، وعن طباعها في السار والضار ، وعما يكون بهوا بهرجا ، وساقطا مدحرجا .

قال يونس بن عبد الأعلى : قال لي الشافعي : ليس إلى السلامة من الناس سبيل ، فانظر الذي فيه صلاحك فالزمه . [ ص: 53 ]

قال حرملة : سئل الشافعي عن رجل في فمه تمرة ، فقال : إن أكلتها ، فامرأتي طالق ، وإن طرحتها ، فامرأتي طالق ، قال : يأكل نصفا ، ويطرح النصف .

قال الربيع : قال لي الشافعي : إن لم يكن الفقهاء العاملون أولياء الله فما لله ولي .

وقال : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة .

قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم : ما رأيت أحدا أقل صبا للماء في تمام التطهر من الشافعي .

قال أبو ثور : سمعت الشافعي يقول : ينبغي للفقيه أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله ، وشكرا لله .

الأصم : سمعت الربيع يقول : سأل رجل الشافعي عن قاتل الوزغ هل عليه غسل ؟ فقال : هذا فتيا العجائز .

الحسن بن علي بن الأشعث المصري : حدثنا ابن عبد الحكم ، قال : ما رأت عيني قط مثل الشافعي ، قدمت المدينة ، فرأيت أصحاب عبد الملك بن الماجشون يغلون بصاحبهم ، يقولون : صاحبنا الذي قطع الشافعي ، قال : فلقيت عبد الملك ، فسألته عن مسألة ، فأجابني ، فقلت : الحجة ؟ قال : لأن مالكا قال كذا وكذا ، فقلت في نفسي : هيهات ، [ ص: 54 ] أسألك عن الحجة ، وتقول : قال معلمي ! وإنما الحجة عليك وعلى معلمك .

قال إبراهيم بن أبي طالب الحافظ : سألت أبا قدامة السرخسي عن الشافعي ، وأحمد ، وأبي عبيد ، وابن راهويه ، فقال : الشافعي أفقههم .

التالي السابق


الخدمات العلمية