صفحة جزء
قال يحيى بن منصور القاضي : سمعت إمام الأئمة ابن خزيمة يقول - وقلت له : هل تعرف سنة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحلال والحرام لم يودعها الشافعي كتبه ؟ قال : لا .

قال حرملة : قال الشافعي : كنت أقرئ الناس ، وأنا ابن ثلاث عشرة سنة ، وحفظت " الموطأ " قبل أن أحتلم .

قال الحسن بن علي الطوسي : حدثنا أبو إسماعيل الترمذي ، سمعت البويطي يقول : سئل الشافعي : كم أصول الأحكام ؟ فقال : خمسمائة . قيل له : كم أصول السنن ؟ قال : خمسمائة . قيل له : كم منها عند مالك ؟ قال : كلها إلا خمسة وثلاثين حديثا . قيل له : كم عند ابن عيينة ؟ قال : كلها إلا خمسة .

قال الربيع بن سليمان : سمعت الشافعي يقول : من حلف باسم من أسماء الله فحنث ، فعليه الكفارة ؛ لأن اسم الله غير مخلوق ، ومن حلف بالكعبة وبالصفا والمروة ، فليس عليه كفارة ; لأنه مخلوق . [ ص: 55 ]

قال حرملة : سمعت الشافعي يقول : وددت أن كل علم أعلمه تعلمه الناس أوجر عليه ولا يحمدوني .

قال محمد بن مسلم بن وارة : سألت أحمد بن حنبل : ما ترى في كتب الشافعي التي عند العراقيين ، أهي أحب إليك ، أو التي بمصر ؟ قال : عليك بالكتب التي عملها بمصر ، فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكمها ، ثم رجع إلى مصر فأحكم تلك . وقلت لأحمد : ما ترى لي من الكتب أن أنظر فيه ، رأي مالك ، أو الثوري ، أو الأوزاعي ؟ فقال لي قولا أجلهم أن أذكره ، وقال : عليك بالشافعي ، فإنه أكثرهم صوابا وأتبعهم للآثار .

قال عبد الله بن ناجية الحافظ : سمعت ابن وارة يقول : قدمت من مصر ، فأتيت أحمد بن حنبل ، فقال لي : كتبت كتب الشافعي ؟ قلت : لا ، قال : فرطت ، ما عرفنا العموم من الخصوص ، وناسخ الحديث من منسوخه ، حتى جالسنا الشافعي ، قال : فحملني ذلك على الرجوع إلى مصر ، فكتبتها .

تفرد بهذه الحكاية عن ابن ناجية عبد الله بن محمد الرازي الصوفي ، [ ص: 56 ] وليس هو بثقة .

قال محمد بن يعقوب الفرجي : سمعت علي بن المديني يقول : عليكم بكتب الشافعي .

قلت : ومن بعض فنون هذا الإمام الطب ، كان يدريه . نقل ذلك غير واحد ، فعنه قال : عجبا لمن يدخل الحمام ، ثم لا يأكل من ساعته كيف يعيش ، وعجبا لمن يحتجم ثم يأكل من ساعته كيف يعيش . حرملة ، عن الشافعي قال : من أكل الأترج ، ثم نام ، لم آمن أن تصيبه ذبحة .

قال محمد بن عصمة الجوزجاني : سمعت الربيع ، سمعت الشافعي يقول : ثلاثة أشياء دواء من لا دواء له وأعيت الأطباء مداواته : العنب ، ولبن اللقاح ، وقصب السكر ، لولا قصب السكر ما أقمت ببلدكم .

وسمعته يقول : كان غلامي أعشى ، لم يكن يبصر باب الدار ، فأخذت له زيادة الكبد ، فكحلته بها فأبصر .

وعنه : عجبا لمن تعشى البيض المسلوق فنام ، كيف لا يموت .

وعنه : الفول يزيد في الدماغ ، والدماغ يزيد في العقل . [ ص: 57 ]

وعنه : لم أر أنفع للوباء ; من البنفسج ، يدهن به ويشرب .

قال صالح بن محمد جزرة : سمعت الربيع ، سمعت الشافعي يقول : لا أعلم علما بعد الحلال والحرام أنبل من الطب ، إلا أن أهل الكتاب قد غلبونا عليه .

قال حرملة : كان الشافعي يتلهف على ما ضيع المسلمون من الطب ، ويقول : ضيعوا ثلث العلم ، ووكلوه إلى اليهود والنصارى .

ويقال : إن الإمام نظر إلى شيء من النجوم ، ثم هجره ، وتاب منه .

فقال الحافظ أبو الشيخ : حدثنا عمرو بن عثمان المكي ، حدثنا ابن بنت الشافعي : سمعت أبي يقول : كان الشافعي وهو حدث ينظر في النجوم ، وما ينظر في شيء إلا فاق فيه ، فجلس يوما وامرأته تطلق ، فحسب ، فقال : تلد جارية عوراء ، على فرجها خال أسود ، تموت إلى يوم كذا وكذا ، فولدت كما قال ، فجعل على نفسه أن لا ينظر فيه أبدا ، ودفن تلك الكتب .

قال فوران : قسمت كتب الإمام أبي عبد الله بين ولديه ، فوجدت فيها رسالتي الشافعي العراقية والمصرية بخط أبي عبد الله -رحمه الله .

قال أبو بكر الصومعي : سمعت أحمد بن حنبل يقول : صاحب حديث لا يشبع من كتب الشافعي .

قال علي بن أحمد الدخمسيني سمعت علي بن أحمد بن النضر [ ص: 58 ] الأزدي ، سمعت أحمد بن حنبل ، وسئل عن الشافعي ، فقال : لقد من الله علينا به لقد كنا تعلمنا كلام القوم ، وكتبنا كتبهم ، حتى قدم علينا ، فلما سمعنا كلامه ، علمنا أنه أعلم من غيره ، وقد جالسناه الأيام والليالي ، فما رأينا منه إلا كل خير ، فقيل له : يا أبا عبد الله ، كان يحيى وأبو عبيد لا يرضيانه -يشير إلى التشيع وأنهما نسباه إلى ذلك- فقال أحمد بن حنبل : ما ندري ما يقولان ، والله ما رأينا منه إلا خيرا .

قلت : من زعم أن الشافعي يتشيع فهو مفتر ، لا يدري ما يقول .

قد قال الزبير بن عبد الواحد الإسترآباذي : أخبرنا حمزة بن علي الجوهري ، حدثنا الربيع بن سليمان قال : حججنا مع الشافعي ، فما ارتقى شرفا ، ولا هبط واديا ، إلا وهو يبكي ، وينشد :

يا راكبا قف بالمحصب من منى واهتف بقاعد خيفنا والناهض     سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى
فيضا كملتطم الفرات الفائض     إن كان رفضا حب آل محمد
فليشهد الثقلان أني رافضي

[ ص: 59 ] قلت : لو كان شيعيا -وحاشاه من ذلك - لما قال : الخلفاء الراشدون خمسة ، بدأ بالصديق ، وختم بعمر بن عبد العزيز .

الحافظ ابن عدي : حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني ، حدثنا صالح بن أحمد ، سمعت أبي يقول : سمعت " الموطأ " من الشافعي ، لأني رأيته فيه ثبتا ، وقد سمعته من جماعة قبله .

الحاكم : سمعت أبا بكر محمد بن علي الشاشي الفقيه يقول : دخلت على ابن خزيمة ، فقال : يا بني على من درست الفقه ؟ فسميت له أبا الليث ، فقال : وعلى من درس ؟ قلت : على ابن سريج ، فقال : وهل أخذ ابن سريج العلم إلا من كتب مستعارة ، فقال رجل : أبو الليث هذا مهجور بالشاشي ، فإن البلد حنابلة ، فقال ابن خزيمة : وهل كان ابن حنبل إلا غلاما من غلمان الشافعي ؟

زكريا الساجي : قلت لأبي داود : من أصحاب الشافعي ؟ فقال : أولهم الحميدي ، وأحمد بن حنبل ، والبويطي .

ويروى بطريقين عن الشافعي قال : إذا رأيت رجلا من أصحاب [ ص: 60 ] الحديث ، فكأني رأيت رجلا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ، جزاهم الله خيرا ، هم حفظوا لنا الأصل ، فلهم علينا الفضل .

أنبأنا محمد بن محمد بن مناقب ، عن محمد بن محمد بن محمد بن غانم ، أخبرنا أبو موسى المديني ، أخبرنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو سعد السمان ، أخبرنا أحمد بن محمد بن محمود بتستر ، حدثنا الحسن بن أحمد بن المبارك ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا سليمان بن داود الهاشمي ، حدثنا الشافعي ، عن يحيى بن سليم ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى صلاة الكسوف أربع ركعات وأربع سجدات .

رواه الحافظ أبو سعيد النقاش : حدثنا علي بن الفضل ، حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد ، حدثنا ابن الإمام أحمد . . فذكر نحوه .

وأخبرناه أبو علي القلانسي ، أخبرنا جعفر ، أخبرنا السلفي ، أخبرنا إسماعيل بن مالك ، أخبرنا أبو يعلى الخليلي ، حدثنا الحسين بن عبد الرزاق ، حدثنا علي بن إبراهيم بن سلمة القزويني ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل . . . فذكره بنحوه .

أخبرنا يوسف بن زكي الحافظ في سنة أربع وتسعين ، أخبرنا [ ص: 61 ] المسلم بن محمد القيسي ، وعلي بن أحمد -قلت : وأجازه المذكوران لي- وعبد الرحمن بن محمد الفقيه ، أن حنبل بن عبد الله أخبرهم ، أخبرنا هبة الله بن محمد ، أخبرنا أبو علي بن المذهب ، أخبرنا أحمد بن جعفر المالكي ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا محمد بن إدريس الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : لا يبع بعضكم على بيع بعض . ونهى عن النجش ، ونهى عن بيع حبل الحبلة ، ونهى عن المزابنة . والمزابنة : بيع الثمر بالتمر كيلا ، وبيع الكرم بالزبيب كيلا .

هذا حديث صحيح متفق عليه ، وبعض الأئمة يفرقه ، ويجعله أربعة أحاديث ، وهذه البيوع الأربعة محرمة ، والأخيران منها فاسدان .

التالي السابق


الخدمات العلمية