صفحة جزء
نعيم بن حماد بن معاوية ( خ ، د ، ت ، ق )

ابن الحارث بن همام بن سلمة بن مالك ، الإمام العلامة الحافظ أبو عبد الله الخزاعي المروزي الفرضي الأعور ، صاحب التصانيف .

رأى الحسين بن واقد المروزي ، وحدث عن : أبي حمزة السكري وهو أكبر شيخ له ، وهشيم ، وأبي بكر بن عياش ، وإبراهيم بن طهمان له عنه حديث واحد ، وخارجة بن مصعب ، وعبد الله بن المبارك ، وعيسى [ ص: 596 ] بن عبيد الكندي ، وهو من كبار مشيخته ، وعبد المؤمن بن خالد الحنفي ، ونوح بن أبي مريم ، ويحيى بن حمزة القاضي ، وعبد السلام بن حرب ، وعبد العزيز الدراوردي ، وفضيل بن عياض ، وسفيان بن عيينة ، وإبراهيم بن سعد ، وجرير بن عبد الحميد ، وبقية بن الوليد ، ومعتمر بن سليمان ، وأبي معاوية ، ورشدين بن سعد ، وحفص بن غياث ، وابن وهب ، ويحيى القطان ، والوليد بن مسلم ، ووكيع ، وابن إدريس ، ونوح بن قيس ، وعبد الرزاق ، وأبي داود الطيالسي ، وخلق كثير بخراسان والحرمين والعراق والشام واليمن ومصر . وفي قوة روايته نزاع .

روى عنه : البخاري مقرونا بآخر ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه بواسطة ، ويحيى بن معين ، والحسن بن علي الحلواني ، وأحمد بن يوسف السلمي ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، ومحمد بن عوف ، والرمادي ، وأبو محمد الدارمي ، وسمويه ، وأبو الدرداء عبد العزيز بن منيب ، وعبيد بن شريك البزار ، وأبو حاتم ، ومحمد بن إسماعيل الترمذي ، ويعقوب الفسوي ، وأبو الأحوص العكبري ، وبكر بن سهل الدمياطي ، وخلق آخرهم موتا شاب كاتب كان معه في السجن اتفاقا وهو حمزة بن محمد بن عيسى البغدادي .

قال المروذي : سمعت أبا عبد الله يقول : جاءنا نعيم بن حماد ونحن على باب هشيم نتذاكر المقطعات ، قال : جمعتم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : فعنينا بها من يومئذ .

[ ص: 597 ] وروى الميموني عن أحمد قال : أول من عرفناه يكتب المسند نعيم بن حماد .

قال أبو بكر الخطيب : يقال : إن أول من جمع المسند ، وصنفه نعيم .

وقال أحمد : كان نعيم كاتبا لأبي عصمة - يعني نوحا - وكان شديد الرد على الجهمية ، وأهل الأهواء ، ومنه تعلم نعيم .

قال صالح بن مسمار : سمعت نعيم بن حماد يقول : أنا كنت جهميا ، فلذلك عرفت كلامهم ، فلما طلبت الحديث ، عرفت أن أمرهم يرجع إلى التعطيل .

يوسف بن عبد الله الخوارزمي : سألت أحمد بن حنبل عن نعيم بن حماد ، فقال : لقد كان من الثقات .

ابن عدي : حدثنا الحسن بن سفيان ، حدثنا عبد العزيز بن سلام ،

حدثني أحمد بن ثابت أبو يحيى ، سمعت أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان : نعيم بن حماد معروف بالطلب ، ثم ذمه يحيى وقال : يروي عن غير الثقات .

إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد : سمعت يحيى بن معين - وسئل عن نعيم - فقال : ثقة . فقلت : إن قوما يزعمون أنه صحح كتبه من علي [ ص: 598 ] الخراساني العسقلاني ، فقال يحيى : أنا سألته ، فقلت : أخذت كتب علي الصيدلاني ، فصححت منها ؟ فأنكر ، وقال : إنما كان قد رث فنظرت ، فما عرفت ووافق كتبي ، غيرت .

علي بن الحسين بن حبان : وجدت في كتاب أبي بخط يده ، قال أبو زكريا : نعيم ثقة صدوق ، رجل صدق ، أنا أعرف الناس به ، كان رفيقي بالبصرة ، كتب عن روح خمسين ألف حديث ، فقلت له قبل خروجي من مصر : هذه الأحاديث التي أخذتها من العسقلاني ، أي شيء هذه ؟ فقال : يا أبا زكريا ، مثلك يستقبلني بهذا ؟ ! فقلت : إنما قلت شفقة عليك . قال : إنما كانت معي نسخ أصابها الماء ، فدرس بعض الكتاب ، فكنت أنظر في كتاب هذا في الكلمة التي تشكل علي ، فإذا كان مثل كتابي عرفته ، فأما أن أكون كتبت منه شيئا قط ، فلا والله الذي لا إله إلا هو . قال أبو زكريا : ثم قدم علينا ابن أخيه ، وجاءه بأصول كتبه من خراسان ، إلا أنه كان يتوهم الشيء كذا يخطئ فيه ، فأما هو ، فكان من أهل الصدق .

وعن عباس بن محمد ، عن ابن معين قال : حضرنا نعيم بن حماد بمصر ، فجعل يقرأ كتابا من تصنيفه ، فقرأ ساعة ، ثم قال : حدثنا ابن المبارك ، عن ابن عون بأحاديث ، فقلت : ليس ذا عن ابن المبارك ، فغضب ، وقال : ترد علي ؟ ! قلت : إي والله ، أرد عليك ، أريد زينك ، فأبى أن يرجع ، فقلت : لا والله ما سمعت أنت هذا من ابن المبارك قط ، ولا هو من ابن عون ، فغضب ، وغضب من كان عنده من أصحاب [ ص: 599 ] الحديث ، وقام ، فأخرج صحائف ، فجعل يقول : أين الذين يزعمون أن يحيى بن معين ليس أمير المؤمنين في الحديث ؟ نعم يا أبا زكريا غلطت ، وكانت صحائف فغلطت ، فجعلت أكتب من حديث ابن المبارك ، عن ابن عون ، وإنما رواها عن ابن عون غير ابن المبارك .

هذه الحكاية أوردها شيخنا أبو الحجاج منقطعة ، فقال : روى الحافظ أبو نصر اليونارتي بإسناده عن عباس .

قال أحمد العجلي : نعيم بن حماد ثقة مروزي .

وقال أبو زرعة الدمشقي : يصل أحاديث يوقفها الناس .

وقال أبو حاتم : محله الصدق .

العباس بن مصعب قال : وضع نعيم بن حماد الفارضي كتبا في الرد على أبي حنيفة ، وناقض محمد بن الحسن ، ووضع ثلاثة عشر كتابا في الرد على الجهمية ، وكان من أعلم الناس بالفرائض .

فقال ابن المبارك : نعيم هذا قد جاء بأمر كبير ، يريد أن يبطل نكاحا قد عقد ، ويبطل بيوعا قد تقدمت ، وقوم توالدوا على هذا ، ثم خرج إلى مصر ، فأقام بها نحو نيف وأربعين سنة ، وكتبوا عنه بها ، وحمل إلى العراق فى امتحان " القرآن مخلوق " مع البويطي مقيدين ، فمات نعيم بالعسكر [ ص: 600 ] سنة تسع وعشرين .

قلت : نعيم من كبار أوعية العلم ، لكنه لا تركن النفس إلى رواياته .

قال أبو زرعة الدمشقي قلت لدحيم : حدثنا نعيم بن حماد ، عن عيسى بن يونس ، عن حريز بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن أبيه ، عن عوف بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة ، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم ، فيحلون الحرام ويحرمون الحلال " فقال : هذا حديث صفوان بن عمرو حديث معاوية .

قال أبو زرعة : وقلت لابن معين في حديث نعيم هذا ، فأنكره . قلت : من أين يؤتى ؟ قال : شبه له .

وقال محمد بن علي بن حمزة : سألت يحيى بن معين عن هذا ، فقال : ليس له أصل ، ونعيم ثقة ، قلت : كيف يحدث ثقة بباطل ؟ قال : شبه له .

قال الخطيب : وافق نعيما عليه عبد الله بن جعفر الرقي ، وسويد بن سعيد ، ويروى عن عمرو بن عيسى بن يونس ، كلهم عن عيسى .

[ ص: 601 ] وقال ابن عدي في حديث سويد : إنما يعرف هذا بنعيم ، وتكلم الناس فيه من أجله ، ثم رواه رجل خراساني يقال له : الحكم بن المبارك أبو صالح الخواستي ، ويقال : إنه لا بأس به ، ثم سرقه قوم ضعفاء يعرفون بسرقة الحديث ، منهم عبد الوهاب بن الضحاك ، والنضر بن طاهر ، وثالثهم سويد .

قال الخطيب : وروي عن ابن وهب ، ومحمد بن سلام المنبجي جميعا عن ابن يونس ، ثم ساقه من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، عن عمه ، ومن حديث المنبجي .

ثم قال أبو بكر الخطيب : حدثني الصوري قال : قال لي عبد الغني الحافظ : كل من حدث به عن عيسى غير نعيم ، فإنما أخذه من نعيم ، وبهذا الحديث سقط نعيم عند كثير من الحفاظ ، إلا أن يحيى بن معين لم يكن ينسبه إلى الكذب ، فأما حديث ابن وهب ، فبليته من ابن أخيه ، لأن الله رفعه عن ادعاء مثل هذا ، ولأن حمزة بن محمد حدثني عن عليك الرازي أنه رأى هذا الحديث ملحقا بخط طري في قنداق ابن وهب لما أخرجه إليه بحشل ابن أخي ابن وهب ، وأما المنبجي ، فليس بحجة .

قال ابن عدي : قال لنا جعفر الفريابي : لما أردت الخروج إلى سويد بن سعيد قال لي أبو بكر الأعين : سل سويدا عن هذا الحديث قال : فأملاه [ ص: 602 ] علي عن عيسى بن عيسى ، ووقفته فأبى . قال ابن عدي : ورواه ابن أخي ابن وهب عن عمه عن عيسى ، لكن قال : عن صفوان بن عمرو بدل حريز بن عثمان . ورواه هلال بن العلاء ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا عيسى ، حدثنا حريز ، وروي من وجه غريب عن عمرو ، عن أبيه عيسى بن يونس ، وزعم ابن عدي وغيره أن هؤلاء سرقوه من نعيم .

قال عبد الخالق بن منصور : رأيت يحيى بن معين كأنه يهجن نعيم بن حماد في خبر أم الطفيل في الرؤية ، ويقول : ما كان ينبغي له أن يحدث بمثل هذا .

وقال أبو زرعة النصري : عرضت على دحيم ما حدثناه نعيم بن حماد ، عن الوليد بن مسلم ، عن ابن جابر ، عن ابن أبي زكريا ، عن رجاء بن حيوة ، عن النواس : " إذا تكلم الله بالوحي . . " الحديث . فقال : لا أصل له .

فأما خبر أم الطفيل ، فرواه محمد بن إسماعيل الترمذي وغيره ، حدثنا نعيم ، حدثنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال أن مروان بن عثمان حدثه عن عمارة بن عامر ، عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر أنه رأى ربه في صورة كذا . فهذا خبر منكر جدا ، أحسن النسائي حيث يقول : ومن مروان بن عثمان حتى يصدق على الله ! ؟

وهذا لم ينفرد به نعيم ، فقد رواه أحمد بن صالح المصري الحافظ ، [ ص: 603 ] وأحمد بن عيسى التستري ، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، عن ابن وهب . قال أبو زرعة النصري : رجاله معروفون .

قلت : بلا ريب قد حدث به ابن وهب وشيخه وابن أبي هلال ، وهم معروفون عدول ، فأما مروان ، وما أدراك ما مروان ، فهو حفيد أبي سعيد بن المعلى الأنصاري ، وشيخه هو عمارة بن عامر بن عمرو بن حزم الأنصاري .

ولئن جوزنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله ، فهو أدرى بما قال ، ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكره عليه السلام ، ولا نحن نحسن أن نعبره ، فأما أن نحمله على ظاهره الحسي ، فمعاذ الله أن نعتقد الخوض في ذلك بحيث إن بعض الفضلاء قال : تصحف الحديث ، وإنما هو : رأى رئيه بياء مشددة . وقد قال علي - رضي الله عنه : حدثوا الناس بما يعرفون ، ودعوا ما ينكرون . وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثا كثيرا مما لا يحتاجه المسلم في دينه ، وكان يقول : لو بثثته فيكم لقطع هذا البلعوم وليس هذا من باب كتمان العلم [ ص: 604 ] في شيء ; فإن العلم الواجب يجب بثه ونشره ، ويجب على الأمة حفظه ، والعلم الذي في فضائل الأعمال مما يصح إسناده يتعين نقله ويتأكد نشره ، وينبغي للأمة نقله ، والعلم المباح لا يجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء .

والعلم الذي يحرم تعلمه ونشره علم الأوائل وإلهيات الفلاسفة وبعض رياضتهم بل أكثره وعلم السحر ، والسيمياء ، والكيمياء ، والشعبذة ، والحيل ، ونشر الأحاديث الموضوعة ، وكثير من القصص الباطلة أو المنكرة ، وسيرة البطال المختلفة ، وأمثال ذلك ، ورسائل إخوان الصفا ، وشعر يعرض فيه إلى الجناب النبوي ، فالعلوم الباطلة كثيرة جدا فلتحذر ، ومن ابتلي بالنظر فيها للفرجة والمعرفة من الأذكياء ، فليقلل من ذلك ، وليطالعه وحده ، وليستغفر الله تعالى ، وليلتجئ إلى التوحيد ، والدعاء بالعافية في الدين ، وكذلك أحاديث كثيرة مكذوبة وردت في الصفات لا يحل بثها إلا للتحذير من اعتقادها ، وإن أمكن إعدامها فحسن . اللهم فاحفظ علينا إيماننا ، ولا قوة إلا بالله .

حديث آخر أنكر على نعيم بن حماد فقال : حدثنا ابن المبارك عن معمر ، عن الزهري ، عن محمد بن جبير ، سمع عمرو بن العاص يقول : " لا تنقضي الدنيا حتى يملكها رجل من قحطان " . فقال معاوية : ما هذا ؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يزال هذا الأمر في قريش لا يناوئهم فيه أحد إلا أكبه الله على وجهه " ورواه شعبة عن الزهري ، فقال : كان محمد بن [ ص: 605 ] جبير يحدث عن معاوية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأمراء ، فقال صالح جزرة والزهري : إذا قال : كان فلان يحدث ، فليس هو بسماع ، ثم قال : وقد رواه نعيم عن ابن المبارك عن معمر عن الزهري قال : وليس لهذا الحديث أصل ، ولا يعرف من حديث ابن المبارك . قال : ولا أدري من أين جاء به نعيم ، وكان يحدث من حفظه وعنده مناكير كثيرة لا يتابع عليها ، سمعت ابن معين سئل عنه فقال : ليس في الحديث بشيء ، ولكنه صاحب سنة .

قلت : خبر الأمراء غريب منكر والأمراء اليوم ليس في قريش ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقول إلا حقا ، فإن كان المراد بالحديث الأمر لا الخبر فلعل ، والحديث فله أصل من حديث الزهري ولعل نعيما حفظه عن ابن المبارك

وحدث نعيم بن حماد عن ابن المبارك أيضا ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أنس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جاء شهر رمضان قال : " قد جاءكم شهر مطهر " الحديث .

قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في ترجمة نعيم وجودها كعادته : هذا رواه أصحاب الزهري عن الزهري عن ابن أبي أنس عن أبيه عن أبي هريرة .

[ ص: 606 ] قلت : فهذا غلط نعيم في إسناده .

وتفرد نعيم بذاك الخبر المنكر : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة مرفوعا : " إنكم في زمان من ترك فيه عشر ما أمر به فقد هلك ، وسيأتي على أمتي زمان ، من عمل بعشر ما أمر به فقد نجا " فهذا ما أدري من أين أتى به نعيم ، وقد قال نعيم : هذا حديث ينكرونه ، وإنما كنت مع سفيان ، فمر شيء فأنكره ، ثم حدثني بهذا الحديث .

قلت : هو صادق في سماع لفظ الخبر من سفيان ، والظاهر والله أعلم أن سفيان قاله من عنده بلا إسناد ، وإنما الإسناد قاله لحديث كان يريد أن يرويه ، فلما رأى المنكر ، تعجب وقال ما قال عقيب ذلك الإسناد ، فاعتقد نعيم أن ذاك الإسناد لهذا القول . والله أعلم .

وقال نعيم بن حماد : حدثنا ابن المبارك ، وعبدة بن سليمان ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر في العيدين سبعا في الركعة الأولى ، وخمس تكبيرات في الثانية ، كلهن قبل القراءة وهذا صوابه موقوف ولم يرفعه أحد سوى نعيم ، فوهم .

[ ص: 607 ] حديثه عن معتمر ، عن أبيه ، عن أنس ، عن أبي بكر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " في خمس من الإبل شاة " فذكر صدقة الإبل ، وصوابه من قول الصديق واختلف في رفعه أيضا على نعيم .

وحديثه عن رشدين بن سعد ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعا : " لو كان ينبغي لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " وهذا لم يأت به عن رشدين سوى نعيم .

وحديثه عن بقية بن الوليد ، عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن واثلة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " المتعبد بلا فقه كالحمار في الطاحونة " .

[ ص: 608 ] وبه : قال - صلى الله عليه وسلم - : " تغطية الرأس بالنهار رفعة ، وبالليل ريبة " .

قال ابن عدي : لا أعلم أتى به عن بقية غير نعيم .

وحديثه عن الدراوردي ، عن سهل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعا : لا تقل : " أهريق الماء ، ولكن قل : أبول " رواه عنه أبو الأحوص العكبري ، ثم قال أبو الأحوص : وضع نعيم هذا الحديث ، فقلت له : لا ترفعه فإنما هو من قول أبي هريرة ، فأوقفه . قال ابن عدي : وهذا رفعه منكر .

قلت : فقد رجع المسكين إلى وقفه .

حديثه عن الفضل بن موسى ، عن أبي بكر الهذلي ، عن شهر بن حوشب ، عن ابن عباس ، قال : خير النبي - صلى الله عليه وسلم - أزواجه ، فاخترنه ، ولم يكن ذلك طلاقا قال ابن عدي : وهذا غير محفوظ .

حديثه عن بقية ، عن عبد الله مولى عثمان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس أنه ذكر عندهم قوم يقاتلون في العصبية . الحديث .

ولنعيم غير ما ذكرت .

وقال ابن حماد - يعني الدولابي - : نعيم ضعيف . قاله أحمد بن [ ص: 609 ] شعيب ، ثم قال ابن حماد : وقال غيره : كان يضع الحديث في تقوية السنة ، وحكايات عن العلماء في ثلب أبي فلان كذب .

ثم قال ابن عدي : ابن حماد متهم فيما يقول لصلابته في أهل الرأي . وقال لي ابن حماد : وضع نعيم حديثا عن عيسى بن يونس ، عن حريز بن عثمان - يعني في الرأي .

وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود : عن نعيم بن حماد نحو عشرين حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس لها أصل .

وقال النسائي : ليس بثقة . وقال مرة : ضعيف .

قال الحافظ أبو علي النيسابوري : سمعت أبا عبد الله النسائي يذكر فضل نعيم بن حماد ، وتقدمه في العلم والمعرفة والسنن ، ثم قيل له في قبول حديثه ، فقال : قد كثر تفرده عن الأئمة المعروفين بأحاديث كثيرة ، فصار في حد من لا يحتج به .

وذكره ابن حبان في " الثقات " ، وقال : ربما أخطأ ووهم .

قلت : لا يجوز لأحد أن يحتج به ، وقد صنف كتاب " الفتن " فأتى فيه بعجائب ومناكير .

وقد قال ابن عدي عقيب ما ساق له من المناكير : وقد كان أحد من [ ص: 610 ] يتصلب في السنة ، ومات في محنة القرآن في الحبس ، وعامة ما أنكر عليه هو ما ذكرته ، وأرجو أن يكون باقي حديثه مستقيما .

قال أحمد بن محمد بن سهل الخالدي : سمعت أبا بكر الطرسوسي يقول : أخذ نعيم بن حماد في أيام المحنة سنة ثلاث أو أربع وعشرين ومائتين ، وألقوه في السجن ، ومات في سنة تسع وعشرين ومائتين وأوصى أن يدفن في قيوده ، وقال : إني مخاصم .

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل سنة ثلاث وتسعين وستمائة ، أخبرنا الإمام أبو محمد بن قدامة ، أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا أبو الفضل أحمد بن خيرون ، وأبو الحسن بن أيوب البزاز ، قالا : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان ، أخبرنا محمد بن إسماعيل الترمذي ، سمعت نعيم بن حماد يقول : من شبه الله بخلقه ، فقد كفر ، ومن أنكر ما وصف به نفسه ، فقد كفر ، وليس في ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه .

قلت : هذا الكلام حق ، نعوذ بالله من التشبيه ومن إنكار أحاديث الصفات ، فما ينكر الثابت منها من فقه ، وإنما بعد الإيمان بها هنا مقامان مذمومان :

تأويلها وصرفها عن موضوع الخطاب ، فما أولها السلف ولا حرفوا ألفاظها عن مواضعها ، بل آمنوا بها ، وأمروها كما جاءت .

المقام الثاني : المبالغة في إثباتها ، وتصورها من جنس صفات [ ص: 611 ] البشر وتشكلها في الذهن ، فهذا جهل وضلال ، وإنما الصفة تابعة للموصوف ، فإذا كان الموصوف - عز وجل - لم نره ، ولا أخبرنا أحد أنه عاينه مع قوله لنا في تنزيله : ليس كمثله شيء فكيف بقي لأذهاننا مجال في إثبات كيفية البارئ ، تعالى الله عن ذلك ، فكذلك صفاته المقدسة ، نقر بها ونعتقد أنها حق ، ولا نمثلها أصلا ولا نتشكلها .

قال محمد بن مخلد العطار : حدثنا الرمادي ، سألت نعيم بن حماد عن قوله تعالى وهو معكم قال : معناه أنه لا يخفى عليه خافية بعلمه ، ألا ترى قوله : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم الآية .

قال محمد بن سعد : طلب نعيم الحديث كثيرا بالعراق والحجاز ، ثم نزل مصر ، فلم يزل بها حتى أشخص منها في خلافة أبي إسحاق - يعني المعتصم - فسئل عن القرآن ، فأبى أن يجيب فيه بشيء مما أرادوه عليه ، فحبس بسامراء ، فلم يزل محبوسا بها حتى مات في السجن سنة ثمان وعشرين ومائتين .

وكذاك أرخ مطين ، وأبو سعيد بن يونس ، وابن حبان . وقال العباس بن مصعب : سنة تسع .

قال ابن يونس : حمل فامتنع أن يجيبهم ، فسجن ، فمات ببغداد غداة يوم الأحد لثلاث عشرة خلت من جمادى الأولى ، وكان يفهم الحديث ، وروى مناكير عن الثقات .

[ ص: 612 ] وقال أبو القاسم البغوي ، وإبراهيم بن عرفة نفطويه ، وابن عدي : مات سنة تسع وعشرين زاد نفطويه : وكان مقيدا محبوسا لامتناعه من القول بخلق القرآن ، فجر بأقياده ، فألقي في حفرة ، ولم يكفن ، ولم يصل عليه . فعل به ذلك صاحب ابن أبي دواد .

أنبأنا المسلم بن محمد القيسي ، أخبرنا أبو اليمن الكندي ، وأخبرنا عمر بن عبد المنعم ، عن الكندي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا الحسن بن علي إملاء ، أخبرنا الحسين بن محمد بن عبيد ، حدثنا حمزة بن محمد الكاتب ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا ابن المبارك عن معمر ، عن الزهري ، عن أنس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جاء شهر رمضان قال للناس : " قد جاءكم مطهر شهر رمضان فيه تفتح أبواب الجنة ، وتغل فيه الشياطين ، يعد فيه المؤمن القوة للصوم والصلاة ، وهو نقمة للفاجر ، يغتنم فيه غفلات الناس ، من حرم خيره ، فقد حرم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية