صفحة جزء
[ ص: 679 ] الشاذكوني

العالم الحافظ البارع أبو أيوب ، سليمان بن داود بن بشر المنقري البصري الشاذكوني ، أحد الهلكى .

روى عن : حماد بن زيد ، وعبد الواحد بن زياد ، وجعفر بن سليمان ، وعبد الوارث ، ومعتمر بن سليمان ، وطبقتهم ، فأكثر إلى الغاية .

حدث عنه : أبو قلابة الرقاشي ، وأسيد بن عاصم ، والكديمي ، وأبو مسلم الكجي ، وإبراهيم بن محمد بن الحارث الأصبهاني ، والحسن بن سفيان ، وأبو يعلى الموصلي ، وكانا يدلسانه ويقولان : حدثنا أبو أيوب المنقري .

وروى عنه أيضا محمد بن علي الفرقدي وغيره من الأصبهانيين .

قال عمرو الناقد : قدم سليمان الشاذكوني بغداد ، فقال لي أحمد بن حنبل : اذهب بنا إليه نتعلم منه نقد الرجال .

قلت : كفى بها مصيبة أن يكون رأسا في نقد الرجال ، ولا ينقد نفسه .

قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : كان أعلمنا بالرجال يحيى بن معين ، وأحفظنا للأبواب سليمان الشاذكوني ، وكان علي بن المديني أحفظنا للطوال .

[ ص: 680 ] وقال عباس العنبري - وسئل : أيهما كان أعلم بالحديث ، ابن المديني ، أو الشاذكوني - ؟ قال : ابن الشاذكوني بصغير الحديث ، وعلي بجليله .

قال أبو عبيد : انتهى العلم إلى أربعة - يعني علم الحديث - إلى أحمد بن حنبل ، وعلي بن عبد الله ، ويحيى بن معين ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، فأحمد أفقههم به ، وعلي أعلمهم به ، وابن معين أجمعهم له ، وأبو بكر أحفظهم له . قال الحافظ زكريا الساجي : وهم أبو عبيد ، أحفظهم له الشاذكوني .

قال أبو بكر بن أبي الأسود : كنا عند يحيى القطان ، وعنده بلبل المحدث ، وكان أسود ، فنازعه الشاذكوني ، وقال : لأقتلنك ، فقال يحيى : سبحان الله ، تقتله ! ؟ قال : نعم ، أنت حدثتني عن عوف ، عن الحسن ، عن عبد الله بن مغفل ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لولا أن الكلاب أمة ، لأمرت بقتلها ، فاقتلوا منها كل أسود بهيم " وهذا أسود .

قال ابن عدي : سألت عبدان عن الشاذكوني ، فقال : معاذ الله أن يتهم ، إنما كان قد ذهبت كتبه ، فكان يحدث حفظا .

وقيل : إنه لما احتضر قال : اللهم إني أعتذر إليك ، غير أني ما قذفت [ ص: 681 ] محصنة ، ولا دلست حديثا .

قال زكريا الساجي : حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا ابن عرعرة ، قال : كنت عند يحيى بن سعيد ، وعنده بلبل ، وابن المديني ، وابن أبي خدويه ، فقال علي ليحيى : ما تقول في طارق وابن مهاجر ؟ فقال : يجريان مجرى واحدا ، فقال الشاذكوني : نسألك عما لا تدري ، وتكلف لنا ما لا تحسن ، حديث إبراهيم بن مهاجر خمسمائة ، عندك عنه مائة ، وحديث طارق مائة ، عندك منها عشرة ، فأقبل بعضنا على بعض وقلنا : هذا ذل ، فقال يحيى : دعوه ، فإن كلمتموه ، لم آمن أن يقرفنا بأعظم من هذا .

قال إبراهيم بن أورمة : كان الطيالسي بأصبهان ، فلما أراد الرجوع بكى ، فقالوا له : إن الرجل إذا رجع إلى أهله فرح ! قال : لا تدرون إلى من أرجع ، أرجع إلى شياطين الإنس ، ابن المديني ، والشاذكوني ، والفلاس .

سئل صالح جزرة عن الشاذكوني فقال : ما رأيت أحفظ منه . قيل : بم كان يتهم ؟ قال : كان يكذب في الحديث .

وسئل عنه أحمد بن حنبل ، فقال : جالس حماد بن زيد ، ويزيد بن زريع وبشر بن المفضل ، فما نفعه الله بواحد منهم .

وقال ابن معين : جربت على الشاذكوني الكذب .

[ ص: 682 ] قال الحاكم : حدثنا موسى بن سعيد الحنظلي ، سمعت سليمان بن داود الرازي ، سمعت أبا زرعة يقول : وضع الشاذكوني سبعة أحاديث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقلها .

وقال النسائي : ليس بثقة .

وقال عباس العنبري : انسلخ من العلم انسلاخ الحية من قشرها .

قال ابن المديني : كنا عند عبد الرحمن ، فجاءوا بالشاذكوني سكران .

وعن البخاري قال : هو أضعف عندي من كل ضعيف .

قال يحيى بن معين : قال لنا الشاذكوني : هاتوا حرفا من رأي الحسن لا أحفظه .

حكى عبد الباقي بن قانع أنه سمع إسماعيل بن الفضل يقول : رأيت ابن الشاذكوني في النوم ، فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي ، قلت : بماذا ؟ قال : كنت في طريق أصبهان ، فأخذني المطر ومعي كتب ، ولم أكن تحت سقف ، فانكببت على كتبي حتى أصبحت ، فغفر لي بذلك .

قلت : كان أبوه يتجر ، ويبيع المضربات الكبار التي تسمى باليمن شاذكونة ، فنسب إليها .

[ ص: 683 ] قال ابن أبي عاصم ومطين وابن قانع : مات سليمان في سنة أربع وثلاثين ومائتين .

وقال أبو الشيخ : قدم إلى أصبهان مرات ، وتوفي سنة ست وثلاثين .

قلت : مع ضعفه لم يكد يوجد له حديث ساقط بخلاف ابن حميد ، فإنه ذو مناكير .

أخبرنا شرف الدين أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء قراءة عليه ، أنبأنا عبد المعز بن محمد ، أخبرنا زاهر بن طاهر ، وتميم بن أبي سعيد قالا : أخبرنا أبو سعد الكنجروذي ، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، أخبرنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا سليمان الشاذكوني ، حدثنا حفص بن غياث ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفطر بعرفة .

هذا حديث غريب .

وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفطر بعرفة .

وجاء النهي عن صوم يوم عرفة بعرفة في " السنن " بإسناد لا بأس به .

[ ص: 684 ] وقال عليه السلام : " ليس من البر أن تصوموا في السفر " والأفضل للمسافر إفطار صوم الفرض ، فالنافلة أولى ، فمن صام يوم عرفة بها مع علمه بالنهي ، وبأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما صامه بها ، ولا أحد من أصحابه فيما نعلم ، لم يصب ، والله أعلم . ولا نقطع على الله بأن الله لا يأجره ، ولكن لم يكن صومه له مكفرا لسنتين ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قال ذلك في حق المقيم لا المسافر .

التالي السابق


الخدمات العلمية