صفحة جزء
ومن سيرته :

قال عبد الملك الميموني : ما رأيت عمامة أبي عبد الله قط إلا تحت ذقنه ، ورأيته يكره غير ذلك .

أبو مسلم محمد بن إسماعيل : حدثنا صالح بن أحمد قال : مضيت مع أبي يوم جمعة إلى الجامع ، فوافقنا الناس قد انصرفوا . فدخل إلى المسجد ، وكان معنا إبراهيم بن هانئ ، فتقدم أبي فصلى بنا الظهر أربعا .

وقال : قد فعله ابن مسعود بعلقمة ، والأسود . وكان أبي إذا دخل مقبرة ، خلع نعليه ، وأمسكهما بيده .

قال يحيى بن منده في " مناقب أحمد " : أخبرنا البيهقي ، أخبرنا الحاكم ، سمعت يحيى بن منصور ، سمعت خالي عبد الله بن علي بن الجارود ، سمعت محمد بن سهل بن عسكر يقول : كنت عند أحمد بن حنبل ، فدخل محمد بن يحيى ، فقام إليه أحمد ، وتعجب منه الناس ، ثم قال لبنيه وأصحابه : اذهبوا إلى أبي عبد الله ، فاكتبوا عنه .

إبراهيم بن محمد بن سفيان : سمعت عاصم بن عصام البيهقي يقول : بت ليلة عند أحمد بن حنبل ، فجاء بماء فوضعه ، فلما أصبح نظر إلى الماء بحاله ، فقال : سبحان الله ! رجل يطلب العلم لا يكون له ورد بالليل . [ ص: 299 ]

قال محمد بن إسماعيل الترمذي : كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذي عند أحمد بن حنبل ، فقال له أحمد : يا أبا عبد الله ، ذكروا لابن أبي قتيلة بمكة أصحاب الحديث ، فقال : أصحاب الحديث قوم سوء ، فقام أبو عبد الله ينفض ثوبه ، ويقول : زنديق زنديق ، ودخل البيت .

الطبراني : أنشدنا محمد بن موسى بن حماد لمحمد بن عبد الله بن طاهر :

أضحى ابن حنبل محنة مرضية وبحب أحمد يعرف المتنسك     وإذا رأيت لأحمد متنقصا
فاعلم بأن ستوره ستهتك



قال عثمان بن سعيد الدارمي : رأيت أحمد بن حنبل يذهب إلى كراهية الاكتناء بأبي القاسم . [ ص: 300 ] أحمد بن مروان الدينوري : حدثنا إدريس الحداد قال : كان أحمد بن حنبل إذا ضاق به الأمر آجر نفسه من الحاكة ، فسوى لهم ، فلما كان أيام المحنة ، وصرف إلى بيته ، حمل إليه مال ، فرده وهو محتاج إلى رغيف ، فجعل عمه إسحاق يحسب ما يرد ، فإذا هو نحو خمسمائة ألف . قال : فقال : يا عم ، لو طلبناه لم يأتنا ، وإنما أتانا لما تركناه .

البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا الزبير بن عبد الواحد الحافظ ، حدثنا إبراهيم بن عبد الواحد البلدي ، سمعت جعفر بن محمد الطيالسي يقول : صلى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في مسجد الرصافة ، فقام قاص ، فقال : حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس قال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قال : لا إله إلا الله ، خلق الله من كل كلمة طيرا ، منقاره من ذهب ، وريشه من مرجان وأخذ في قصة نحوا من عشرين ورقة ، وجعل أحمد ينظر إلى يحيى ، ويحيى ينظر إلى أحمد ، فقال : أنت ، حدثته بهذا ؟ فيقول : والله ما سمعت به إلا الساعة . فسكتا حتى فرغ ، وأخذ قطاعه ، فقال له يحيى بيده : أن تعال . فجاء متوهما لنوال . فقال : من حدثك بهذا ؟ فقال : أحمد وابن معين . فقال : أنا يحيى ، وهذا أحمد ، ما [ ص: 301 ]

سمعنا بهذا قط . فإن كان ولا بد والكذب ، فعلى غيرنا . فقال : أنت يحيى بن معين ؟ قال : نعم . قال : لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق ، ما علمت إلا الساعة . كأن ليس في الدنيا يحيى بن معين ، وأحمدبن حنبل غيركما ! ! كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين غيركما . فوضع أحمد كمه على وجهه ، وقال : دعه يقوم ، فقام كالمستهزئ بهما .

هذه الحكاية اشتهرت على ألسنة الجماعة ، وهي باطلة . أظن البلدي وضعها ، ويعرف بالمعصوب . رواها عنه أيضا أبو حاتم بن حبان فارتفعت عنه الجهالة .

ذكر المروذي عن أحمد ، أنه بقي بسامراء ثمانية أيام ، لم يشرب إلا أقل من ربع سويق .

أحمد بن بندار الشعار : حدثنا أبو يحيى بن الرازي ، سمعت علي بن سعيد الرازي ، قال : صرنا مع أحمد بن حنبل إلى باب المتوكل ، فلما أدخلوه من باب الخاصة ، قال : انصرفوا ، عافاكم الله . فما مرض منا أحد بعد ذلك اليوم .

الكديمي : حدثنا علي بن المديني ، قال لي أحمد بن حنبل : إني لأشتهي أن أصحبك إلى مكة . وما يمنعني إلا خوف أن أملك أو تملني . فلما ودعته ، قلت : أوصني ، قال : اجعل التقوى زادك ، وانصب الآخرة أمامك .

قال أبو حاتم : أول ما لقيت أحمد سنة ثلاث عشرة ومائتين ، فإذا قد أخرج معه إلى الصلاة " كتاب الأشربة " و " كتاب الإيمان " فصلى ، و لم [ ص: 302 ] يسأله أحد ، فرده إلى بيته . وأتيته يوما آخر ، فإذا قد أخرج الكتابين ، فظننت أنه يحتسب في إخراج ذلك; لأن كتاب الإيمان أصل الدين ، وكتاب الأشربة صرف الناس عن الشر; فإن كل الشر من السكر .

وقال صالح : أهدى إلى أبي رجل ولد له مولود خوان فالوذج ، فكافأه بسكر بدراهم صالحة .

وقال ابن وارة : أتيت أحمد ، فأخرج إلي قدحا فيه سويق ، وقال : اشربه .

أنبئونا عن محمد بن إسماعيل ، عن يحيى بن منده الحافظ أخبرنا أبو الوليد الدربندي سنة أربعين وأربعمائة ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الأسود بدمشق ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر النهاوندي ، حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن زوران لفظا ، حدثنا أحمد بن جعفر الإصطخري قال : قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل : هذا مذاهب أهل العلم والأثر ، فمن خالف شيئا من ذلك أو عاب قائلها ، فهو مبتدع . وكان قولهم : إن الإيمان قول وعمل ونية ، وتمسك بالسنة ، والإيمان يزيد وينقص ، ومن زعم أن الإيمان قول ، والأعمال شرائع ، فهو جهمي ، ومن لم ير الاستثناء في الإيمان ، فهو مرجئ ، والزنا والسرقة وقتل النفس ، والشرك كلها بقضاء وقدر من غير أن يكون لأحد على الله حجة . إلى أن قال : والجنة والنار خلقتا ، ثم خلق الخلق لهما لا تفنيان ، ولا يفنى ما فيهما أبدا . إلى أن قال : والله تعالى على العرش ، والكرسي موضع قدميه . إلى [ ص: 303 ] أن قال : وللعرش حملة . ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة ، والقرآن كلام الله ، فهو جهمي . ومن لم يكفره ، فهو مثله . وكلم الله موسى تكليما من فيه . إلى أن ذكر أشياء من هذا الأنموذج المنكر ، والأشياء التي - والله - ما قالها الإمام . فقاتل الله واضعها . ومن أسمج ما فيها قوله : ومن زعم أنه لا يرى التقليد ، ولا يقلد دينه أحدا ، فهذا قول فاسق عدو لله . فانظر إلى جهل المحدثين كيف يروون هذه الخرافة ، ويسكتون عنها .

الدارقطني : حدثنا جعفر الخلدي أخبرنا العباس بن يوسف ، حدثني عمي محمد بن إسماعيل بن العلاء ، حدثني أبي ، قال : دعاني رزق الله بن الكلوذاني ، فقدم إلينا طعاما كثيرا ، وفينا أحمد ، وابن معين ، وأبو خيثمة ، فقدمت لوزينج أنفق عليها ثمانين درهما . فقال أبو خيثمة : هذا إسراف . فقال أحمد بن حنبل : لو أن الدنيا في مقدار لقمة ، ثم أخذها مسلم ، فوضعها في فم أخيه لما كان مسرفا . فقال له يحيى : صدقت . وهذه حكاية منكرة .

قال حنبل بن إسحاق : سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى عن النبي : إن الله ينزل إلى سماء الدنيا فقال : نؤمن بها ، ونصدق [ ص: 304 ] بها ، ولا نرد شيئا منها ، إذا كانت أسانيد صحاحا ، ولا نرد على رسول الله قوله ، ونعلم أن ما جاء به حق .

الخلال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : رأيت كثيرا من العلماء والفقهاء والمحدثين ، وبني هاشم وقريش والأنصار ، يقبلون أبي ، بعضهم يده ، وبعضهم رأسه ، ويعظمونه تعظيما لم أرهم يفعلون ذلك بأحد من الفقهاء غيره . ولم أره يشتهي ذلك . ورأيت الهيثم بن خارجة ، والقواريري ، وأبا معمر ، وعلي بن المديني ، وبشارا الخفاف ، وعبد الله بن عون الخراز وابن أبي الشوارب ، وإبراهيم الهروي ، ومحمد بن بكار ، و يحيى بن أيوب ، وسريج بن يونس ، وأبا خيثمة ، ويحيى بن معين ، وابن أبي شيبة ، وعبد الأعلى النرسي ، وخلف بن هشام ، وجماعة لا أحصيهم ، يعظمونه ويوقرونه .

الخلال : أخبرنا المروذي ، سمعت عبد الوهاب الوراق ، يقول : أبو عبد الله إمامنا ، وهو من الراسخين في العلم ، إذا وقفت غدا بين يدي الله ، فسألني بمن اقتديت ، أي شيء أقول ؟ وأي شيء ذهب على أبي عبد الله من أمر الإسلام ؟ !

وعن أبي جعفر محمد بن عبد الرحمن الصيرفي ، قال : نظرت فرأيت أن أحمد أفضل من سفيان ، ثم قال : أحمد لم يخلف شيئا ، وكان يقدم عثمان ، وكان لا يشرب . [ ص: 305 ]

قال صالح بن علي الحلبي : سمعت أبا همام يقول : ما رأى أحمد مثل نفسه .

قال الخلال : بلينا بقوم جهال ، يظنون أنهم علماء . فإذا ذكرنا فضائل أبي عبد الله ، يخرجهم الحسد ، إلى أن قال بعضهم فيما أخبرني ثقة عنه : أحمد بن حنبل نبيهم .

قال الخلال : حدثنا سليمان بن الأشعث ، قال : رأيت في المنام سنة ثمان وعشرين ومائتين ، كأني في مسجد الجامع ، فأقبل رجل شبه الخصي من ناحية المقصورة ، وهو يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اقتدوا باللذين من بعدي ، أحمد بن حنبل وفلان .

قال أبو داود : لا أحفظ اسمه ، فجعلت أقول في نفسي : هذا حديث غريب . ففسرته على رجل ، فقال : الخصي في المنام ملك .

قال الخلال : أخبرنا المروذي ، سمعت أبا عبد الله ، يقول : الخوف منعني أكل الطعام والشراب ، فما اشتهيته ، وما أبالي أن لا يراني أحد ولا أراه ، وإني لأشتهي أن أرى عبد الوهاب . قل لعبد الوهاب : أخمل ذكرك ; فإني قد بليت بالشهرة .

الخلال : أخبرنا أحمد بن محمد بن يزيد الوراق ، سمعت أحمد بن حنبل ، يقول : ما شبهت الشباب إلا بشيء كان في كمي فسقط . [ ص: 306 ]

قال إسحاق بن هانئ : مات أبو عبد الله ، وما خلف إلا ست قطع في خرقة قدر دانقين .

قال المروذي : قال أحمد : كنت أبكر في الحديث لم يكن لي فيه تلك النية في بعض ما كنت فيه .

وقال عبد الله : سمعت أبي يقول : ربما أردت البكور في الحديث ، فتأخذ أمي بثوبي ، وتقول : حتى يؤذن المؤذن . وكنت ربما بكرت إلى مجلس أبي بكر بن عياش .

وقال عباس الدوري : سمعت أحمد يقول : أول ما طلبت اختلفت إلى أبي يوسف القاضي .

قال عبد الله : كتب أبي عن أبي يوسف ومحمد الكتب ، وكان يحفظها ، فقال لي مهنى : كنت أسأله فيقول : ليس ذا في كتبهم ، فأرجع إليهم ، فيقولون : صاحبك أعلم منا بالكتب .

المروذي : سمعت أبا عبد الله ، يقول : ما خرجت إلى الشام إلا بعدما ولد لي صالح ، أظن كان ابن ست سنين حين خرجت . قلت : ما أظن خرجت بعدها ؟ قال : لا . قلت : فكم أقمت باليمن ؟ قال : ذهابي ومجيئي عشرة أشهر خرجنا من مكة في صفر ، ووافينا الموسم ، قلت : كتبت عن هشام بن يوسف ؟ قال : لا . مات قبلنا .

عبد الله بن أحمد : حدثني أبي ، حدثنا يزيد بن مسلم الهمداني ، أنه ابن خمس وثلاثين ومائة سنة : قدم محمد بن يوسف أخو الحجاج ، وأنا ابن خمس سنين في سنة ثلاث وسبعين .

قال المروذي : قال أبو عبد الله : فأتينا شيخنا خارجا من صنعاء ، كان [ ص: 307 ] عنده . عن وهب بن منبه ، كان يقال : له أربعون ومائة سنة .

قال عبد الله : سمعت أبي يقول : رأيت موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن ، وكان رجلا صالحا .

وسمعت أبي يقول : حدثنا يوسف بن يعقوب بن الماجشون ، وما لقيت في المحدثين أسن منه .

وعن أبي عبد الله ، قال : أتيت يوسف بن الماجشون ، وكان عنده قريب من مائتي حديث ، ولم أر معنا القزاز .

المروذي : سمعت أبا عبد الله ، يقول : ما كتبت عن أحد أكثر من وكيع ، وسمعت من عبد السلام بن حرب ثلاثين حديثا .

قال عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن أبي صيفي يحدث عن مجاهد ، قال : قد كتبنا عنه ، عن مجاهد ، وعن المقبري ، وعن الحكم : ليس بشيء . ولم أسمع من عيسى بن يونس ، ورأيت سليمان المقرئ بالكوفة ، وغلام يقرأ عليه بالتحقيق والهمز .

وعن أبي عبد الله قال : كان إسماعيل بن مجالد هنا أدركته ، ولم أسمع منه ، ورأيت الأشجعي . [ ص: 308 ] وأتيت خلف بن خليفة ، فتكلم فلم أفهم عنه . كان يرعد من الكبر .

وكتبت عن أبي نعيم في سنة خمس وثمانين .

وكتبت عن ابن مهدي نحو عشرة آلاف .

وكتبنا حديث غندر على الوجه ، وأعطانا الكتب ، فكنا ننسخ منها .

قال عبد الله : سمعت أبي ، يقول : سمعت من عباد بن عباد سنة ثمانين ومائة ، ومن الطفاوي سنة إحدى .

وعن أحمد ، قال : كتبت عن مبشر الحلبي خمسة أحاديث بمسجد حلب ، كنا خرجنا إلى طرسوس على أرجلنا .

وقال : قد أكثرت عن عمر بن هارون ، ولا أروي عنه شيئا .

عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي : سمعت إسحاق بن راهويه يذكر عن عيسى بن يونس .

الخلال : أخبرنا عصمة ، حدثنا حنبل ، سمعت أحمد ، يقول : سمعت من إبراهيم بن سعد سنة ثنتين وثمانين .

وقال عبد الله بن أحمد : قال أبي : شهدت إبراهيم بن سعد وجاءه رجل من مدينة أبي جعفر ، فقال : يا أبا إسحاق حدثني . فقال : كيف أحدثك وهذا هاهنا ؟ - يعنيني - فاستحييت فقمت .

وسمعت أبي ، يقول : حدثتنا أم عمر ابنة حسان ، عن أبيها ، قال : دخلت المسجد ، فإذا علي بن أبي طالب على المنبر ، وهو يقول : إنما مثلي [ ص: 309 ] ومثل عثمان كما قال الله : ونزعنا ما في صدورهم من غل .

الخلال : أخبرنا أبو بكر بن صدقة ، سمعت محمد بن عبد الرحمن الصيرفي ، قال : أتيت أحمد بن حنبل أنا وعبد الله بن سعيد الجمال ، وذاك في آخر سنة مائتين . فقال أبو عبد الله للجمال : يا أبا محمد ، إن أقواما يسألوني أن أحدث ، فهل ترى ذاك ؟ فسكت . فقلت : أنا أجيبك . قال : تكلم . قلت : أرى لك إن كنت تشتهي أن تحدث ، فلا تحدث ، وإن كنت تشتهي أن لا تحدث فحدث . فكأنه استحسنه .

عبد الله بن أحمد : سمعت نوح بن حبيب القومسي ، يقول : رأيت أحمد بن حنبل في مسجد الخيف سنة ثمان وتسعين ، وابن عيينة حي ، وهو يفتي فتوى واسعة ، فسلمت عليه .

قال عبد الله : سمعت أبي سنة ( 237 ) يقول : قد استخرت الله أن لا أحدث حديثا على تمامه أبدا . ثم قال : إن الله يقول : يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود وإني أعاهد الله أن لا أحدث بحديث على تمامه أبدا . ثم قال : ولا لك ، وإن كنت تشتهي . فقلت له بعد ذلك بأشهر : أليس يروى عن شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس ، قال : " العهد يمين " ؟ قال : نعم . ثم سكت ، فظننت ، [ ص: 310 ] أنه سيكفر . فلما كان بعد أيام قلت له في ذلك ، فلم ينشط للكفارة ، ثم لم أسمعه يحدث بحديث على تمامه .

قال المروذي : سمعت أبا عبد الله في العسكر ، يقول لولده : قال الله تعالى : أوفوا بالعقود أتدرون ما العقود ؟ إنما هو العهود ، وإني أعاهد الله - جل وعز - ثم قال : والله ، والله ، والله ، وعلي عهد الله وميثاقه أن لا حدثت بحديث لقريب ولا لبعيد حديثا تاما ، حتى ألقى الله ، ثم التفت إلى ولده ، وقال : وإن كان هذا يشتهي منه ما يشتهي ، ثم بلغه عن رجل من الدولة وهو ابن أكثم ، أنه قال : قد أردت أن يأمره الخليفة أن يكفر عن يمينه ، ويحدث . فسمعت أبا عبد الله يقول لرجل من قبل صاحب الكلام : لو ضربت ظهري بالسياط ، ما حدثت .

التالي السابق


الخدمات العلمية