صفحة جزء
سويد بن سعيد ( م ، ق )

ابن سهل بن شهريار ، الإمام المحدث الصدوق ، شيخ المحدثين ، [ ص: 411 ] أبو محمد الهروي ثم الحدثاني الأنباري ، نزيل حديثة النورة بليدة تحت عانة ، وفوق الأنبار ، رحال جوال ، صاحب حديث وعناية بهذا الشأن .

لقي الكبار ، وحدث عن : مالك بن أنس ب " الموطأ " ، وحماد بن زيد ، وعمرو بن يحيى بن سعيد الأموي ، وعبد الرحمن بن أبي الرجال ، وشريك القاضي ، وعبد الحميد بن الحسن الهلالي ، وسوار بن مصعب ، وأبي الأحوص ، وحفص بن ميسرة الصنعاني ، وعبد ربه بن بارق ، ومسلم الزنجي ، وإبراهيم بن سعد ، وخالد بن يزيد بن أبي مالك ، وفضيل بن عياض ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وبقية بن الوليد ، وسفيان بن عيينة ، وعلي بن مسهر ، وعبد العزيز بن أبي حازم ، والدراوردي ، وعبد الرحمن بن أبي الزناد ، وفرج بن فضالة ، وخلق كثير بالحرمين والشام والعراق ومصر .

روى عنه : مسلم ، وابن ماجه ، وبقية شيخه ، وأبو عبد الرحمن المقرئ ، ومحمد بن سعد ، وأحمد بن الأزهر ، وأبو زرعة ، وبقي بن مخلد ، وأبو حاتم ، ويعقوب بن شيبة ، وإبراهيم بن هانئ ، وعبيد العجل ، والحسن المعمري ، وإسحاق المنجنيقي ، وجعفر الفريابي ، وأحمد بن محمد بن الجعد الوشاء راوي " الموطأ " عنه ، وسعيد بن عبد الله بن عجب الأنباري ، وعبد الله بن أحمد ، والقاسم المطرز ، وأبو القاسم البغوي ، وأبو بكر الباغندي ، وآخرون .

قال عبد الله بن أحمد : عرضت على أبي أحاديث لسويد بن سعيد ، عن [ ص: 412 ] ضمام بن إسماعيل ، فقال لي : اكتبها كلها ، أو قال : تتبعها ; فإنه صالح ، أو قال : ثقة .

قال الحسن الميموني : سأل رجل أبا عبد الله ، يعني : أحمد ، عن سويد ، فقال : ما علمت إلا خيرا . فقال له إنسان جاءه بكتاب فضائل ، فجعل عليا - رضي الله عنه - [ أولها ] وأخر أبا بكر وعمر . فعجب أبو عبد الله من هذا ، وقال : لعله أتي من غيره . قالوا له : وثم تلك الأشياء ؟ قال : فلم تسمعونها أنتم ؟ لا تسمعوها ، ولم أره يقول فيه إلا خيرا .

وقال أبو القاسم البغوي : كان سويد من الحفاظ ، وكان أحمد بن حنبل ينتقي عليه لولديه صالح وعبد الله يختلفان إليه ، فيسمعان منه .

وقال أبو داود : سمعت يحيى بن معين ، يقول : سويد مات منذ حين .

قلت : عنى أنه مات ذكره للينه ، وإلا فقد بقي سويد بعد يحيى سبع سنين .

قال : وسمعت يحيى ، يقول : هو حلال الدم . وسمعت أحمد يقول : هو لا بأس به ، أرجو أن يكون صدوقا .

وقال محمد بن يحيى السوسي الخزاز : سألت يحيى بن معين عن سويد بن سعيد ، فقال : ما حدثك فاكتب عنه . وما حدث به تلقينا فلا . أي : إنه كان يقبل التلقين .

وقال عبد الله بن علي بن المديني : سئل أبي عن سويد الأنباري فحرك [ ص: 413 ] رأسه ، وقال : ليس بشيء . وقال : هذا أحد رجلين : إما يحدث من حفظه ، أو من كتابه . ثم قال : هو عندي لا شيء . قيل له : فأين حفظه ثلاثة آلاف ؟ قال : هذا أيسر ، تكرر عليه .

وقال يعقوب السدوسي : صدوق مضطرب الحفظ ; لا سيما بعدما عمي .

وقال أبو حاتم : صدوق . يدلس ، ويكثر ذلك .

وقال البخاري : كان قد عمي ، فتلقن ما ليس من حديثه .

وقال النسائي : ليس بثقة ولا مأمون .

أخبرني سليمان بن الأشعث ، سمعت يحيى بن معين ، يقول : سويد بن سعيد حلال الدم .

وقال صالح جزرة : صدوق عمي ، فكان يلقن أحاديث ليست من حديثه .

وقال الحاكم أبو أحمد : عمي في آخر عمره ، فربما لقن ما ليس من حديثه . فمن سمع منه وهو بصير ، فحديثه عنه أحسن .

وقال أبو بكر الأعين : هو شيخ ، هو سداد من عيش .

وقال سعيد بن عمرو البرذعي : رأيت أبا زرعة يسيء القول في سويد بن سعيد ، وقال : رأيت منه شيئا لم يعجبني ، قلت : ما هو ؟ قال : لما قدمت من مصر ، مررت به ، فأقمت عنده ، فقلت : إن عندي أحاديث لابن وهب ، عن ضمام ، وليست عندك ، فقال : ذاكرني بها ، فأخرجت الكتب ، وأقبلت أذاكره ، فكلما كنت أذاكره ، كان يقول : حدثنا به ضمام وكان يدلس حديث حريز بن عثمان ، وحديث نيار بن مكرم ، وحديث عبد [ ص: 414 ] الله بن عمرو : زر غبا فقلت : أبو محمد لم يسمع هذه الثلاثة أحاديث من هؤلاء ، فغضب . قال البرذعي : فقلت لأبي زرعة : فأيش حاله ؟ قال : أما كتبه فصحاح ، وكنت أتتبع أصوله فأكتب منها ، فأما إذا حدث من حفظه ، فلا . وقلنا لابن معين : إن سويدا يحدث عن ابن أبي الرجال ، عن ابن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : من قال في ديننا برأيه فاقتلوه فقال يحيى : ينبغي أن يبدأ به فيقتل ، فقيل لأبي زرعة : سويد يحدث بهذا عن إسحاق بن نجيح فقال : هذا حديث إسحاق بن نجيح ; إلا أن سويدا أتى به عن ابن أبي الرجال ، قلت : فقد رواه لغيرك عن ابن نجيح ، قال : عسى قيل له فرجع .

ابن عدي : سمعت جعفرا الفريابي ، يقول : أفادني أبو بكر الأعين في قطيعة الربيع سنة إحدى وثلاثين بحضرة أبي زرعة ، وجمع من رؤساء [ ص: 415 ] أصحاب الحديث حين أردت أن أخرج إلى سويد ، فقال : وقفه ، وتثبت منه : هل سمعت هذا من عيسى بن يونس ؟ فقدمت على سويد ، فسألته ، فقال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن حريز بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن عوف بن مالك ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : تفترق هذه الأمة بضعا وسبعين فرقة ، شرها قوم يقيسون الرأي ، يستحلون به الحرام ، ويحرمون به الحلال .

فوقفت سويدا عليه بعد أن حدثني به ، ودار بيني وبينه كلام كثير .

قال ابن عدي : فهذا إنما يعرف بنعيم بن حماد ، فتكلم الناس فيه من جراه ، ثم رواه رجل من أهل خراسان ، يقال له : الحكم بن المبارك ، يكنى أبا صالح الخواستي ويقال : إنه لا بأس به ، ثم سرقه قوم ضعفاء ممن يعرفون بسرقة الحديث ، منهم : عبد الوهاب بن الضحاك ، والنضر بن طاهر ، وثالثهم سويد الأنباري . ولسويد أحاديث كثيرة عن شيوخه ، روى عن مالك " الموطأ " ويقال : إنه سمعه خلف حائط فضعف في مالك أيضا ، وهو إلى الضعيف أقرب .

قال أبو بكر الإسماعيلي : في القلب من سويد من جهة التدليس ، وما ذكر عنه في حديث عيسى بن يونس الذي يقال : تفرد به نعيم . [ ص: 416 ]

قال حمزة السهمي : سألت الدارقطني عن سويد بن سعيد ، فقال : تكلم فيه يحيى بن معين ، وقال : حدث عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .

قال يحيى بن معين : وهذا باطل عن أبي معاوية ، لم يروه غير سويد . وجرح سويد لروايته لهذا الحديث .

قال الدارقطني : فلم نزل نظن أن هذا كما قال يحيى ، وأن سويدا أتى أمرا عظيما في رواية هذا ، حتى دخلت مصر ، فوجدت هذا الحديث في " مسند " أبي يعقوب المنجنيقي - وكان ثقة - رواه عن أبي كريب ، عن أبي معاوية ، فتخلص سويد . وصح الحديث عن أبي معاوية ، وقد حدث النسائي ، عن أبي يعقوب هذا .

قال البخاري : حديث سويد منكر .

وقد روى ابن الجوزي ، أن أحمد بن حنبل ، قال : هو متروك الحديث . فهذا النقل مردود لم يقله أحمد . [ ص: 417 ]

ومن مناكير سويد ، وهو مشهور عنه ، عن يزيد بن زريع ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قيل : يا رسول الله ، لو صليت على أم سعد ، فصلى عليها بعد شهر ، وكان غائبا وهذا لم يتابع سويد عليه .

سويد : حدثنا ابن عيينة ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله مرفوعا : المهدي من ولد فاطمة .

رواه إسحاق المنجنيقي عنه ; وإنما روى الناس عن ابن عيينة بالإسناد : يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي .

أبو بكر الإسماعيلي : حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي من كتابه الأصل ، قال : حدثنا سويد ، عن مالك ، عن الزهري ، عن أنس ، عن أبي بكر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى لأبي بكر .

قال الخطيب : لم يتابع سويد عليه .

روى الحسين بن فهم ، عن يحيى بن معين - وذكر سويدا - فقال : لا صلى الله عليه .

وقال أبو أحمد بن عدي في حديث : من قال في ديننا برأيه فاقتلوه . [ ص: 418 ] هذا الحديث الذي قال يحيى بن معين : لو وجدت درقة وسيفا ، لغزوت سويدا الأنباري .

وقال أبو عبد الله الحاكم : أنكر على سويد حديث : من عشق وعف وكتم ومات ، مات شهيدا ثم قال : فقال : إن يحيى لما ذكر له هذا ، قال : لو كان لي فرس ورمح ، غزوت سويدا .

وقال إبراهيم بن أبي طالب : قلت لمسلم : كيف استجزت الرواية عن سويد في " الصحيح " ؟ قال : فمن أين كنت آتي بنسخة حفص بن ميسرة ؟ .

قلت : ما كان لمسلم أن يخرج له في الأصول ، وليته عضد أحاديث حفص بن ميسرة ، بأن رواها بنزول درجة أيضا .

أخبرنا أحمد بن هبة الله ، عن زينب الشعرية ، أخبرتنا فاطمة بنت زعبل ، أخبرنا عبد الغافر الفارسي ، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، حدثنا الحسن بن سفيان ، حدثنا سويد ، حدثنا شهاب بن خراش ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما بعث الله نبيا إلا كان فيهم المرجئة والقدرية يشوشون عليه أمر أمته ، وإن الله لعنهم على لسان سبعين نبيا وهذا منكر . [ ص: 419 ]

ابن عدي : حدثنا الباغندي ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا عبد الحصيد بن الحسن ، عن ابن المنكدر ، عن جابر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كل معروف صدقة ، وما أنفق الرجل على أهله ونفسه فهو صدقة ، وما وقى به عرضه فهو صدقة ، وما أنفق من نفقة ، فعلى الله خلفها ، إلا ما كان في بنيان أو معصية غريب جدا .

إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه : حدثنا محمد بن داود بن علي ، حدثنا أبي ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا علي بن مسهر ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد ، عن ابن عباس مرفوعا ، قال : من عشق وكتم وعف وصبر ، غفر الله له ، وأدخله الجنة .

أخبرنا أحمد بن إسحاق القرافي ، أخبرنا المبارك بن أبي الجود ، أخبرنا أحمد بن أبي غالب الزاهد ، أخبرنا عبد العزيز بن علي ، أخبرنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا زياد بن الربيع ، عن صالح الدهان ، عن جابر بن زيد ، قال : نظرت في أعمال البر ، فإذا الصلاة تجهد البدن ، ولا تجهد المال ، وكذلك الصيام . قال : والحج يجهد المال والبدن ، فرأيت أن الحج أفضل من ذلك كله .

فضل الأعمال بعضها على بعض ، إنما هو التوقيف ، وورد في ذلك أحاديث عدة ، لكن إذا قلنا مثلا : أفضل الأعمال الصلاة ، فينبغي أن يعرف المقدار الذي هو من الصلاة أفضل من الحج مرة . وكذا إذا قلنا : الصلاة [ ص: 420 ] أفضل من الصوم ، وأمثال ذلك ، بل المسلمان يصومان يوما ، ويصليان ركعتين من النفل ، وبينهما من مضاعفة الثواب ما الله به عليم لما يقع في ذلك من الصفات .

قال البخاري : مات سويد يوم الفطر سنة أربعين ومائتين . بالحديثة .

قال البغوي : بلغ مائة سنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية