صفحة جزء
محمد بن رافع ( خ ، م ، د ، س ، ت )

ابن أبي زيد ، واسمه سابور ، الإمام الحافظ الحجة القدوة ، بقية الأعلام أبو عبد الله القشيري مولاهم النيسابوري . ولد سنة نيف وسبعين ومائة في أيام مالك الإمام ، ورحل سنة نيف وتسعين . [ ص: 215 ] وسمع ما لا يوصف كثرة ، وجمع ، وصنف .

قال فيه الحاكم في " تاريخه " : شيخ عصره بخراسان في الصدق والرحلة .

سمع بالحجاز سفيان بن عيينة ، ومعن بن عيسى ، وابن أبي فديك ، وأبا بكر بن أبي أويس ، وطبقتهم بالحجاز . وعبد الله بن إدريس ، ووكيعا ، وابن نمير ، وأبا معاوية ، وأبا أسامة ، ويونس بن بكير ، والحسين الجعفي ، وعدة بالكوفة . وعبد الرزاق ، وأخاه عبد الوهاب ، ويزيد بن أبي حكيم ، وعبد الله الوليد ، وإسماعيل بن عبد الكريم باليمن ، وأبا داود ، ووهب بن جرير ، وأبا قتيبة ، وأبا علي الحنفي ، وحماد بن مسعدة وعدة بالبصرة .

ومن يزيد بن هارون وطبقته بواسط . ومن شبابة بالمدائن . ومن أبي النضر وعدة ببغداد . ومن النضر بن شميل ، ومكي بن إبراهيم وطبقتهما بخراسان . وعني بالسنن علما وعملا وعمر ، وارتحل الناس إليه .

حدث عنه : البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، والترمذي في تصانيفهم ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، وأحمد بن سلمة ، وأبو زرعة ، وإبراهيم بن أبي طالب ، وأبو بكر بن خزيمة ، وأبو بكر بن أبي داود ، ومحمد بن عقيل البلخي ، وجعفر بن أحمد بن نصر ، ومحمد بن إسحاق الثقفي ، وزنجويه بن محمد ، وخلق ، آخرهم موتا حاجب بن أحمد الطوسي . ومن طريقه يقع حديثه عاليا في " الثقفيات " . [ ص: 216 ]

قال الحاكم : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، سمعت أبا عمرو المستملي ، سمعت محمد بن رافع يقول : كنت مع أحمد بن حنبل وإسحاق عند عبد الرزاق ، فجاءنا يوم الفطر ، فخرجنا مع عبد الرزاق إلى المصلى ، ومعنا ناس كثير فلما رجعنا من المصلى ، دعانا عبد الرزاق إلى الغداء ، فجعلنا نتغدى معه ، فقال لأحمد وإسحاق : رأيت اليوم منكما شيئا عجبا ، لم تكبرا ! ! قالا : يا أبا بكر ، نحن ننظر إليك هل تكبر فنكبر . فلما رأيناك لم تكبر أمسكنا . قال : وأنا كنت أنظر إليكما ، هل تكبران فأكبر .

قال جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ : ما رأيت من المحدثين أهيب من محمد بن رافع ، كان يستند إلى الشجرة الصنوبر في داره ، فيجلس العلماء بين يديه على مراتبهم ، وأولاد الطاهرية ومعهم الخدم ، كأن على رؤوسهم الطير . فيأخذ الكتاب ، ويقرأ بنفسه ، ولا ينطق أحد ، ولا يتبسم إجلالا له . وإذا تبسم واحد أو راطن صاحبه ، قال : وصلى الله على محمد ، ويأخذ الكتاب ، فلا يقدر أحد يراجعه أو يشير بيده . ولقد تبسم خادم من خدم الطاهرية يوما ، فقطع ابن رافع مجلسه ، فانتهى الخبر بذلك [ إلى طاهر بن عبد الله ] فأمر بقتل الخادم ، حتى احتلنا لخلاصه .

قال زكريا بن دلويه : بعث طاهر بن عبد الله إلى ابن رافع بخمسة [ ص: 217 ] آلاف درهم مع رسول ، فدخل عليه بعد العصر ، وهو يأكل الخبز مع الفجل . فوضع الكيس ، فقال : بعث الأمير إليك بهذا المال . فقال : خذ خذ لا أحتاج إليه ، فإن الشمس قد بلغت رأس الحيطان إنما تغرب بعد ساعة ، وقد جاوزت الثمانين إلى متى أعيش؟ فرد . قال : فدخل ابنه ، وقال : يا أبة ، ليس لنا الليلة خبز . قال : فبعث ببعض أصحابه خلف الرسول ليرد المال إلى طاهر فزعا من ابنه أن يذهب خلفه ، فيأخذ المال .

قال زكريا : ربما كان يخرج إلينا محمد بن رافع في الشتاء وقد لبس لحافه .

أحمد بن سلمة : حدثنا محمد بن رافع : رأيت أحمد بن حنبل بين يدي يزيد بن هارون ببغداد ، وفي يده كتاب لزهير عن جابر ، وهو يكتبه . فقلت : يا أبا عبد الله ، تنهونا عن جابر وتكتبونه ؟ قال : نعرفه .

الحاكم : أخبرنا محمد بن أحمد بن عمر ، سمعت أحمد بن سلمة ، سمعت محمد بن رافع يقول : أنا أفدت أحمد بن حنبل ، عن يزيد بن مسلم الصنعاني الراوي عن وهب . ونزلت أنا وأحمد ، ومات الشيخ . وكان قد أتى له مائة وخمس وثلاثون سنة .

قال أحمد بن عمر بن يزيد : حدثنا محمد بن رافع ، سمعت عبد الرزاق ، سمعت معمرا يقول : رأيت باليمن عنقود عنب وقر بغل تام . [ ص: 218 ]

قال مسلم والنسائي : ابن رافع ثقة مأمون .

قال زنجويه بن محمد : مات محمد بن رافع في ذي الحجة ، سنة خمس وأربعين ومائتين . وغسله أحمد بن نصر العابد ، وصلى عليه محمد بن يحيى .

الحاكم : أخبرنا أحمد بن بالويه العفصي ، حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم ، سمعت أبا بكر المدني -يعني : محمد بن نعيم- يقول : رأيت محمد بن رافع في المنام بعد موته بثلاث في حجره مصحف يقرأ ، فقلت له : أليس قد مت ؟ فنظر إلي نظرة منكرة . فقلت : سألتك بالله إلا ما حدثتني ، ما فعل بك ربك ؟ قال : بشرني بالروح والراحة .

أخبرنا أبو الحسين الحافظ ، أخبرنا جعفر بن علي ، وعلي بن هبة الله ، وأحمد بن محمد ، وعبد الله بن رواحة ، قالوا : أخبرنا أبو طاهر السلفي ، أخبرنا أبو القاسم بن الفضل ، حدثنا ابن محمش ، أخبرنا حاجب بن أحمد ، حدثنا محمد بن رافع ، حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان ، حدثني أبي ، عن عكرمة أن أبا هريرة حدثه : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر برجل يسوق بدنة وهو يمشي ، فسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : إنها بدنة . فأمره أن يركبها .

التالي السابق


الخدمات العلمية