صفحة جزء
يعقوب بن شيبة

ابن الصلت بن عصفور ، الحافظ الكبير العلامة الثقة ، أبو يوسف ، السدوسي البصري ثم البغدادي ، صاحب " المسند " الكبير ، العديم النظير المعلل ، الذي تم من مسانيده نحو من ثلاثين مجلدا . ولو كمل لجاء في مائة مجلد .

مولده في حدود الثمانين ومائة ، وسماعاته على رأس المائتين . [ ص: 477 ]

سمع علي بن عاصم ، ويزيد بن هارون ، وروح بن عبادة ، وأزهر بن سعد السمان ، وبشر بن عمر الزهراني ، وجعفر بن عون ، وأبا عامر العقدي ، وشجاع بن الوليد ، وعبد الله بن بكر السهمي ، ومحاضر بن المورع ، وعبد الوهاب بن عطاء ، وأبا النضر ، ويعلى بن عبيد ، ووهب بن جرير ، وحجاج بن منهال ، وينزل إلى أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، ويحيى بن معين ، ثم إلى الحسن بن علي الحلواني ، وهارون الحمال ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، وأبي بكر الأعين ، ثم ينزل إلى أصحاب يحيى بن معين ، وابن المديني ، ويخرج العالي والنازل ، ويذكر أولا سيرة الصحابي مستوفاة ، ثم يذكر ما رواه ، ويوضح علل الأحاديث ، ويتكلم على الرجال ، ويجرح ويعدل ، بكلام مفيد عذب شاف ، بحيث إن الناظر في " مسنده " لا يمل منه ، ولكن قل من روى عنه .

حدث عنه : حفيده محمد بن أحمد بن يعقوب ، ويوسف بن يعقوب الأزرق ، وطائفة .

وثقه أبو بكر الخطيب وغيره .

قال أبو الحسن الدارقطني : لو كان كتاب يعقوب بن شيبة مسطورا على حمام لوجب أن يكتب ، يعني : لا يفتقر الشخص فيه إلى سماع .

قال الخطيب : حدثني الأزهري قال : بلغني أنه كان في منزل يعقوب بن شيبة أربعون لحافا ، أعدها لمن كان عنده من الوراقين الذين يبيضون له " المسند " قال : ولزمه على ما خرج منه عشرة آلاف [ ص: 478 ] دينار . ثم قال : وقيل : إن نسخه بمسند أبي هريرة منه شوهدت بمصر ، فكانت في مائتي جزء . قال : والذي ظهر له مسند العشرة ، وابن مسعود ، وعمار ، والعباس ، وعتبة بن غزوان ، وبعض الموالي .

قلت : وبلغني أنه شوهد له " مسند " علي في خمسة أسفار .

قال أحمد بن كامل القاضي : كان يعقوب بن شيبة من كبار أصحاب أحمد بن المعذل ، والحارث بن مسكين ، فقيها سريا ، وكان يقف في القرآن .

قلت : أخذ الوقف عن شيخه أحمد المذكور ، وقد وقف علي بن الجعد ، ومصعب الزبيري ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وجماعة ، وخالفهم نحو من ألف إمام ، بل سائر أئمة السلف والخلف على نفي الخليقة عن القرآن ، وتكفير الجهمية . نسأل الله السلامة في الدين .

قال أبو بكر المروذي : أظهر يعقوب بن شيبة الوقف في ذلك الجانب من بغداد ، فحذر أبو عبد الله منه ، وقد كان المتوكل أمر عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان أن يسأل أحمد بن حنبل عمن يقلد القضاء . قال عبد الرحمن : فسألته عن يعقوب بن شيبة ، فقال : مبتدع صاحب هوى .

قال الخطيب : وصفه أحمد بذلك لأجل الوقف .

قلت : قد كان يعقوب صاحب أموال عظيمة وحشمة وحرمة وافرة ، بحيث إن حفيده حكى ، قال : لما ولدت عمد أبواي ، فملآ لي ثلاثة [ ص: 479 ] خوابي ذهبا ، وخبآها لي . فذكر أنه طال عمره ، وأنفقها وفنيت ، واحتاج . وكان مولده قبل موت جده بنيف عشرة سنة .

مات يعقوب الحافظ في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وستين ومائتين .

وقع لي جزء واحد من " مسند " عمار له .

قرأت على الحافظ أبي محمد بن خلف : أخبركم يحيى بن أبي السعود ، أخبرتنا فخر النساء شهدة ، أخبرنا الحسين بن أحمد النعالي ، أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن مهدي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ، حدثنا جدي ، حدثنا علي بن عاصم ، أخبرنا عطاء بن السائب ، عن أبي البختري الطائي ، قال : قاول عمار رجلا ، فاستطال الرجل عليه فقال عمار : أنا إذا كمن لا يغتسل يوم الجمعة . فعاد الرجل فاستطال عليه ، فقال عمار : أنا إذا كمن لا يغتسل يوم الجمعة . فعاد الرجل فاستطال عليه ، فقال له عمار : إن كنت كاذبا فأكثر الله مالك وولدك ، وجعلك يوطأ عقبك .

وبه قال يعقوب : حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا ابن عون ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة ، قالت ما نسينا الغبار على شعر صدر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول : اللهم إن الخير خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة إذ جاء عمار ، فقال : ويحك -أو ويلك- يا ابن سمية ، تقتلك الفئة الباغية .

التالي السابق


الخدمات العلمية