[ ص: 94 ] أحمد بن طولون 
التركي ، صاحب مصر أبو العباس . 
ولد بسامراء  ، وقيل : بل تبناه الأمير طولون   . وطولون  قدمه صاحب ما وراء النهر  إلى المأمون  ، في عدة مماليك ، سنة مائتين ، فعاش طولون  إلى سنة أربعين ومائتين فأجاد ابنه أحمد  حفظ القرآن ، وطلب العلم ، وتنقلت به الأحوال ، وتأمر ، وولي ثغور الشام  ، ثم إمرة دمشق  ، ثم ولي الديار المصرية في سنة أربع وخمسين ، وله إذ ذاك أربعون سنة . 
وكان بطلا شجاعا ، مقداما مهيبا ، سائسا ، جوادا ، ممدحا ، من دهاة الملوك . 
قيل كانت مؤنته في اليوم ألف دينار ، وكان يرجع إلى عدل  [ ص: 95 ] وبذل ، لكنه جبار ، سفاك للدماء . 
قال القضاعي   : أحصي من قتله صبرا ، أو مات في سجنه ، فبلغوا ثمانية عشر ألفا . 
وأنشأ بظاهر مصر  جامعا ، غرم عليه مائة ألف دينار وكان جيد الإسلام ، معظما للشعائر . 
خلف من العين عشرة آلاف ألف دينار ، وأربعة وعشرين ألف مملوك ، وجماعة بنين ، وستمائة بغل للثقل . 
ويقال : بلغ ارتفاع خراج مصر  في أيامه أزيد من أربعة آلاف ألف دينار وكان الخليفة مشغولا عن  nindex.php?page=showalam&ids=12267ابن طولون  بحروب الزنج  ، وكان يزري على أمراء الترك  فيما يرتكبونه . 
قال محمد بن يوسف الهروي   : كنا عند الربيع المرادي  ، فجاءه رسول  nindex.php?page=showalam&ids=12267ابن طولون  بألف دينار ، فقبلها . 
قيل : إن  nindex.php?page=showalam&ids=12267ابن طولون  نزل يأكل ، فوقف سائل ، فأمر له بدجاجة وحلواء ، فجاء الغلام ، فقال : ناولته فما هش لها . فقال : علي به . فلما وقف بين يديه ، لم يضطرب من الهيبة ، فقال : أحضر الكتب التي معك واصدقني ، فأنت صاحب خبر ، هاتوا السياط ، فأقر ، فقال  [ ص: 96 ] بعض الأمراء : هذا السحر ؟ فقال : لا ، ولكن قياس صحيح . 
قال ابن أبي العجائز  ، وغيره : وقع حريق بدمشق  ، فركب إليه  nindex.php?page=showalam&ids=12267ابن طولون  ، ومعه أبو زرعة  ، وأحمد بن محمد الواسطي  ، كاتبه ، فقال أحمد  لأبي زرعة   : ما اسم هذا المكان ؟ قال : خط كنيسة مريم    . فقال الواسطي   : ولمريم  كنيسة ؟ قال : بنوها باسمها . فقال  nindex.php?page=showalam&ids=12267ابن طولون   : ما لك وللاعتراض على الشيخ ؟ ثم أمر بسبعين ألف دينار من ماله لأهل الحريق ، فأعطوا ، وفضل من الذهب ، وأمر بمال عظيم ، ففرق في فقراء الغوطة  ، والبلد ، فأقل من أعطي دينار  . 
عن محمد بن علي المادرائي  قال : كنت أجتاز بقبر  nindex.php?page=showalam&ids=12267ابن طولون ،  فأرى شيخا ملازما له ، ثم لم أره مدة ، ثم رأيته ، فسألته ، فقال : كان له علي أياد ، فأحببت أن أصله بالتلاوة . قال : فرأيته في النوم يقول : أحب أن لا تقرأ عندي ، فما تمر بي آية إلا قرعت بها ، ويقال لي : أما سمعت هذه ؟  . 
توفي أحمد  بمصر  في شهر ذي القعدة ، سنة سبعين ومائتين . 
وقام بعده ابنه خمارويه  ، ثم جيش بن خمارويه  ، ثم أخوه هارون   . 
	
	
	
		
		
						التالي 
			
			
						 السابق