صفحة جزء
[ ص: 173 ] المروذي

الإمام ، القدوة ، الفقيه ، المحدث ، شيخ الإسلام أبو بكر ، أحمد بن محمد بن الحجاج المروذي ; نزيل بغداد ، وصاحب الإمام أحمد ، وكان والده خوارزميا ، وأمه مروذية .

ولد في حدود المائتين .

وحدث عن : أحمد بن حنبل ، ولازمه ، وكان أجل أصحابه . وعن : هارون بن معروف ، ومحمد بن المنهال الضرير ، وعبيد الله بن عمر القواريري ، وسريج بن يونس ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، وعثمان بن أبي شيبة ، والعباس بن عبد العظيم ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ، وخلق سواهم .

روى عنه : أبو بكر الخلال ، ومحمد بن عيسى بن الوليد ، ومحمد بن مخلد العطار ، وعبد الله الخرقي والد الفقيه أبي القاسم ، وأبو حامد أحمد بن عبد الله الحذاء ، وآخرون .

قال الخلال : أخبرنا محمد بن جعفر الراشدي ، سمعت ، إسحاق بن داود يقول : لا أعلم أحدا أقوم بأمر الإسلام من أبي بكر المروذي .

وقال أبو بكر بن صدقة : ما علمت أحدا أذب عن دين الله من المروذي . [ ص: 174 ]

قال الخلال : سمعت المروذي يقول : كان أبو عبد الله يبعث بي في الحاجة ، فيقول : قل ما قلت ، فهو على لساني ، فأنا قلته .

قال الخلال : خرج أبو بكر إلى الغزو فشيعوه إلى سامراء ، فجعل يردهم فلا يرجعون . قال : فحزروا فإذا هم بسامراء ، سوى من رجع ، نحو خمسين ألفا ، فقيل له : يا أبا بكر : احمد الله! فهذا علم قد نشر لك ، فبكى وقال : ليس هذا العلم لي ، إنما هو لأبي عبد الله أحمد .

قال الخطيب في المروذي : هو المقدم من أصحاب أحمد لورعه وفضله ، وكان أحمد يأنس به ، وينبسط إليه وهو الذي تولى إغماضه لما مات ، وغسله . وقد روى عنه مسائل كثيرة .

وقيل لعبد الوهاب الوراق : إن تكلم أحد في أبي طالب ، والمروذي ، أما البعد منه أفضل ؟ قال : نعم ، من تكلم في أصحاب أحمد فاتهمه ثم اتهمه ، فإن له خبئة سوء ، وإنما يريد أحمد .

الخلال : حدثنا أحمد بن حمدون ، قال المروذي : رأيت كأن القيامة قد قامت ، والملائكة حول بني آدم ، ويقولون : قد أفلح الزاهدون اليوم في الدنيا ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول : يا أحمد ! هلم إلى العرض على الله . قال : فرأيت أحمد والمروذي وحده خلفه ، وقد رئي أحمد راكبا ، فقيل : [ ص: 175 ] إلى أين يا أبا عبد الله ؟ قال : إلى شجرة طوبى نجلو أبا بكر المروذي .

قال الخلال : المروذي أول أصحاب أبي عبد الله ، وأورعهم . روى عن أبي عبد الله مسائل مشبعة كثيرة ، وأغرب على أصحابه في دقاق المسائل وفي الورع ، وهو الذي غمض أبا عبد الله وغسله ، ولم يكن أبو عبد الله يقدم عليه أحدا .

توفي أبو بكر في جمادى الأولى سنة خمس وسبعين ومائتين .

وكان إماما في السنة ، شديد الاتباع ، له جلالة عجيبة ببغداد .

حدثنا إبراهيم بن إسماعيل القرشي في كتابه ، عن أسعد بن روح ، وعائشة بنت معمر ، قالا : أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء ، أخبرنا أحمد بن محمود ، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ ، حدثنا محمد بن دبيس ببغداد ، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج المروذي ، حدثنا محمد بن أبي بكر البصري ، حدثنا سلام ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : أوحى الله -تعالى- إلى يوسف : يا يوسف : من نجاك من القتل إذ هم إخوتك بقتلك ؟ قال : أنت يا رب . قال : فمن نجاك من المرأة إذ هممت بها ؟ قال : أنت . قال : فما بالك نسيتني ، وذكرت مخلوقا ؟ قال : يا رب ! كلمة تكلم بها لساني ، ووجب قلبي . قال : وعزتي لأخلدنك في السجن سنين . [ ص: 176 ] غريب موقوف .

أنبأنا شيخ الإسلام عبد الرحمن بن أبي عمر أخبرنا عمر بن محمد ، أخبرنا يحيى بن علي ، أخبرنا محمد بن علي العباسي ، أخبرنا عمر بن إبراهيم الكتاني ، حدثنا أحمد بن عبد الله الحذاء ، حدثنا أحمد بن أصرم ، وأبو بكر المروذي ، قالا : حدثنا محمد بن نوح ، رفيق أحمد بن حنبل ، حدثنا إسحاق الأزرق ، عن عبد الله ، عن نافع عن ابن عمر : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : كل أمة بعضها في الجنة ، وبعضها في النار ، إلا هذه الأمة ، فإنها كلها في الجنة .

ومات سنة 75 مع المروذي : أحمد بن ملاعب والحسين بن محمد بن أبي معشر ، وأبو داود صاحب " السنن " وأبو عوف البزوري ويحيى بن أبي طالب وأحمد بن محمد بن غالب غلام [ ص: 177 ] خليل ، ومحمد بن أصبغ بن الفرج ، وفهد بن سليمان الدلال .

التالي السابق


الخدمات العلمية