صفحة جزء
عمير بن سعد ( ت )

ابن شهيد بن قيس بن النعمان بن عمرو ، الأنصاري الأوسي ، العبد الصالح الأمير ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

حدث عنه : أبو طلحة الخولاني ، وراشد بن سعد ، وحبيب بن عبيد .

وكان ممن شهد فتح دمشق مع أبي عبيدة .

وولي دمشق وحمص لعمر .

في " مسند أبي يعلى " : حدثنا إبراهيم بن الحجاج : حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبي سنان ، عن أبي طلحة الخولاني ، قال : أتينا عمير بن [ ص: 558 ] سعد في نفر من أهل فلسطين ، وكان يقال له : نسيج وحده ، فقعدنا له على دكان له عظيم في داره ، فقال : يا غلام ، أورد الخيل - وفي الدار تور من حجارة- قال : فأوردها . فقال : أين فلانة ؟ قال : هي جربة ، تقطر دما . قال : أوردها . فقال أحد القوم : إذا تجرب الخيل كلها! قال : فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : لا عدوى ، ولا طيرة ، ولا هامة . ألم تر إلى البعير يكون بالصحراء ، ثم يصبح وفي كركرته - أو في مراقه- نكتة لم تكن . فمن أعدى الأول ؟ .

وكذلك رواه حجاج بن منهال ، والتبوذكي ، عن حماد .

قال عبد الله بن محمد القداح : عمير بن سعد ، لم يشهد شيئا من المشاهد . وهو الذي رفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- كلام الجلاس بن سويد ، وكان يتيما في حجره . واستعمله عمر على حمص ، وكان من الزهاد .

وقد وهم ابن سعد ، فقال : هو عمير بن سعد بن عبيد .

وقال ابن أبي حاتم : عمير بن سعد بن شهيد الأنصاري له صحبة ، روى عنه أبو طلحة الخولاني . مرسل ، قاله أبي . [ ص: 559 ]

وقال عبد الصمد بن سعيد : كانت ولايته حمص بعد سعيد بن عامر بن حذيم .

ابن لهيعة ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، قال : توفي سعيد بن عامر ، وقام مكانه عمير بن سعد .

وقال الزهري : فكان على الشام معاوية ، وعمير بن سعد ، ثم استخلف عثمان ، فجمع الشام لمعاوية . ولما توفي أبو عبيدة ، استخلف ابن عمه عياض بن غنم ، فأقره عمر ، فمات عياض فولي سعيد المذكور .

قال صفوان بن عمرو : خطب معاوية على منبر حمص ، وهو أمير على الشام كله ، فقال : والله ما علمت يا أهل حمص إن الله ليسعدكم بالأمراء الصالحين : أول من ولي عليكم عياض بن غنم ، وكان خيرا مني ; ثم ولي عليكم سعيد بن عامر ، وكان خيرا مني ، ثم ولي عليكم عمير ، ولنعم العمير كان ; ثم هأنذا قد وليتكم ، فستعلمون .

ابن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبد الرحمن بن عمير بن سعد ، قال لي ابن عمر : ما كان من المسلمين رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- أفضل من أبيك .

وروى هشام ، عن ابن سيرين : كان عمير بن سعد يعجب عمر ; فكان [ ص: 560 ] من عجبه به يسميه : نسيج وحده .

وبعثه مرة على جيش من قبل الشام ، فوفد ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن بيننا وبين عدونا مدينة يقال لها : عرب السوس تطلع عدونا على عوراتنا ، ويفعلون ويفعلون . فقال عمر : خيرهم بين أن ينتقلوا من مدينتهم ، ونعطيهم مكان كل شاة شاتين ; ومكان كل بقرة بقرتين ; ومكان كل شيء شيئين ; فإن فعلوا ، فأعطهم ذلك ، وإن أبوا فانبذ إليهم على سواء ; ثم أجلهم سنة .

فقال : اكتب لي يا أمير المؤمنين عهدك بذلك . فعرض عمير عليهم ، فأبوا . فأجلهم سنة ، ثم نابذهم .

فقيل لعمر : إن عميرا قد خرب عرب السوس ، وفعل . فتغيظ عليه . فلما قدم ، علاه بالدرة ، وقال : خربت عرب السوس ! وهو ساكت . فلما دخل عمر بيته ، استأذن عليه ، فدخل ، وأقرأه عهده . فقال عمر : غفر الله لك .

عرب السوس : خراب اليوم ، وهي خلف درب الحدث .

عبد الملك بن هارون بن عنترة : حدثنا أبي ، عن جدي : أن عمير بن [ ص: 561 ] سعد ، بعثه عمر على حمص ; فمكث حولا لا يأتيه خبره . فكتب إليه : أقبل بما جبيت من الفيء . فأخذ جرابه وقصعته ، وعلق إدواته ، وأخذ عنزته وأقبل راجلا . فدخل المدينة ، وقد شحب واغبر وطال شعره . فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين . فقال : ما شأنك ؟ قال : ألست صحيح البدن ، معي الدنيا ! فظن عمر أنه جاء بمال ، فقال : جئت تمشي ؟ قال نعم . قال : أما كان أحد يتبرع لك بدابة ؟ قال : ما فعلوا ، ولا سألتهم . قال : بئس المسلمون ! قال : يا عمر ، إن الله قد نهاك عن الغيبة . فقال : ما صنعت ؟ قال : الذي جبيته وضعته مواضعه ، ولو نالك منه شيء لأتيتك به . قال : جددوا لعمير عهدا . قال : لا عملت لك ولا لأحد ، قلت لنصراني : أخزاك الله .

وذهب إلى منزله على أميال من المدينة . فقال عمر : أراه خائنا ; فبعث رجلا بمائة دينار ، وقال : انزل بعمير كأنك ضيف ، فإن رأيت أثر شيء ، فأقبل ; وإن رأيت حالا شديدة ; فادفع إليه هذه المائة . فانطلق ، فرآه يفلي قميصه . فسلم . فقال له عمير : انزل . فنزل . فساءله ، وقال : كيف أمير المؤمنين ؟ قال : ضرب ابنا له على فاحشة فمات .

فنزل به ثلاثا ، ليس إلا قرص شعير يخصونه به ، ويطوون ، ثم قال : إنك قد أجعتنا . فأخرج الدنانير ، فدفعها إليه . فصاح ، وقال : لا حاجة لي [ ص: 562 ] بها . ردها عليه . قالت المرأة : إن احتجت إليها ، وإلا ضعها مواضعها . فقال : ما لي شيء أجعلها فيه . فشقت المرأة من درعها ، فأعطته خرقة ، فجعلها فيها ; ثم خرج يقسمها بين أبناء الشهداء .

وأتى الرجل عمر ; فقال : ما فعل بالذهب ؟ قال : لا أدري . فكتب إليه عمر يطلبه . فجاء ، فقال : ما صنعت الدنانير ؟ قال : وما سؤالك ؟ قدمتها لنفسي . فأمر له بطعام وثوبين . فقال : لا حاجة لي في الطعام ; وأما الثوبان ، فإن أم فلان عارية . فأخذهما ، ورجع .

فلم يلبث أن مات . . . وذكر سائر القصة .

وروى نحوها كاتب الليث ، عن سعيد بن عبد العزيز : بلغه عن الحسن البصري : أن عمر . . . فذكرها .

وروى أبو حذيفة في " المبتدأ " نحوا منها ، عن شيخ ، عن آخر .

ويقال : زهاد الأنصار ثلاثة : أبو الدرداء ، وشداد بن أوس ، وعمير بن سعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية