صفحة جزء
[ ص: 599 ] قال الشافعي : أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره .

الوليد : حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول ، قال : تواعد الناس ليلة إلى قبة من قباب معاوية ، فاجتمعوا فيها ، فقام فيهم أبو هريرة يحدثهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حتى أصبح .

كهمس بن الحسن ، عن عبد الله بن شقيق ، قال : قال أبو هريرة : لا أعرف أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أحفظ لحديثه مني .

سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن وهب بن منبه ، عن أخيه همام : سمعت أبا هريرة يقول : ما أحد من أصحاب رسول الله أكثر حديثا مني عنه ، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب ، وكنت لا أكتب . [ ص: 600 ] الطيالسي : حدثنا عمران القطان ، عن بكر بن عبد الله ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة : أنه لقي كعبا ، فجعل يحدثه ، ويسأله ; فقال كعب : ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة .

حماد بن شعيب ، عن إسماعيل بن أمية ، عن محمد بن قيس بن مخرمة : أن رجلا جاء إلى زيد بن ثابت ، فسأله عن شيء ، فقال : عليك بأبي هريرة ; فإنه بينا أنا وهو وفلان في المسجد ندعو ، خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فجلس ، وقال : عودوا إلى ما كنتم . قال زيد : فدعوت أنا وصاحبي ، ورسول الله يؤمن . ثم دعا أبو هريرة ، فقال : اللهم ، إني أسألك مثل ما سألاك ، وأسألك علما لا ينسى . فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : آمين .

فقلنا : ونحن نسأل الله علما لا ينسى . فقال : سبقكما بها الدوسي
.

أخرجه الحاكم في " مستدركه " لكن حماد ضعيف .

سعيد بن عبد العزيز ، عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن السائب بن يزيد : سمع عمر يقول لأبي هريرة : لتتركن الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- [ ص: 601 ] أو لألحقنك بأرض دوس ! وقال لكعب : لتتركن الحديث ، أو لألحقنك بأرض القردة .

يحيى بن أيوب ، عن ابن عجلان : أن أبا هريرة كان يقول : إني لأحدث أحاديث ، لو تكلمت بها في زمن عمر ، لشج رأسي .

قلت : هكذا هو كان عمر - رضي الله عنه- يقول : أقلوا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وزجر غير واحد من الصحابة عن بث الحديث ; وهذا مذهب لعمر ولغيره .

فبالله عليك ، إذا كان الإكثار من الحديث في دولة عمر ، كانوا يمنعون منه ، مع صدقهم وعدالتهم وعدم الأسانيد ، بل هو غض لم يشب ; فما [ ص: 602 ] ظنك بالإكثار من رواية الغرائب والمناكير في زماننا مع طول الأسانيد ، وكثرة الوهم والغلط ، فبالحري أن نزجر القوم عنه ; فيا ليتهم يقتصرون على رواية الغريب والضعيف ، بل يروون - والله- الموضوعات والأباطيل والمستحيل في الأصول والفروع والملاحم والزهد ، نسأل الله العافية .

فمن روى ذلك مع علمه ببطلانه ، وغر المؤمنين ، فهذا ظالم لنفسه ، جان على السنن والآثار ، يستتاب من ذلك ; فإن أناب وأقصر ، وإلا فهو فاسق ، كفى به إثما أن يحدث بكل ما سمع . وإن هو لم يعلم ، فليتورع ، وليستعن بمن يعينه على تنقية مروياته . نسأل الله العافية ; فلقد عم البلاء ، وشملت الغفلة ، ودخل الداخل على المحدثين الذين يركن إليهم المسلمون ; فلا عتبى على الفقهاء وأهل الكلام .

قال محمد بن يحيى الذهلي : حدثنا محمد بن عيسى : أخبرنا يزيد بن يوسف ، عن صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : ما كنا نستطيع أن نقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حتى قبض عمر [ ص: 603 ] - رضي الله عنه- كنا نخاف السياط .

خالد بن عبد الله : حدثنا يحيى بن عبيد الله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : بلغ عمر حديثي . فأرسل إلي ، فقال : كنت معنا يوم كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في بيت فلان ؟ قلت : نعم ، وقد علمت لأي شيء سألتني . قال : ولم سألتك ؟ قلت : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال يومئذ : من كذب علي متعمدا ، فليتبوأ مقعده من النار قال : أما لا ، فاذهب فحدث .

يحيى : ضعيف .

عبد الواحد بن زياد ، وغيره : حدثنا عاصم بن كليب : حدثنا أبي : سمع أبا هريرة ، وكان يبتدئ حديثه بأن يقول : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار .

مغيرة ، عن الشعبي ، قال : حدث أبو هريرة ، فرد عليه سعد حديثا ، فوقع بينهما كلام ، حتى ارتجت الأبواب بينهما .

هشيم ، عن يعلى بن عطاء ، عن الوليد بن عبد الرحمن ، عن ابن عمر ، أنه قال : يا أبا هريرة ، كنت ألزمنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأعلمنا [ ص: 604 ] بحديثه .

وعن نافع : كنت مع ابن عمر في جنازة أبي هريرة ، فبقي يكثر الترحم عليه ، ويقول : كان ممن يحفظ حديث رسول الله على المسلمين .

في إسنادها الواقدي .

محمد بن كناسة الأسدي ، عن إسحاق بن سعيد ، عن أبيه ، قال : دخل أبو هريرة على عائشة ، فقالت له : أكثرت يا أبا هريرة عن رسول الله ! قال : إي والله يا أماه ; ما كانت تشغلني عنه المرآة ، ولا المكحلة ، ولا الدهن . قالت : لعله .

ورواه بشر بن الوليد ، عن إسحاق ، وفيه : ولكني أرى ذلك شغلك [ ص: 605 ] عما استكثرت من حديثي . قالت : لعله .

ولما أرادوا أن يدفنوا الحسن في الحجرة النبوية ، وقع خصام .

قال محمد بن سعد : أخبرنا محمد بن عمر : حدثنا كثير بن زيد ، عن الوليد بن رباح : سمعت أبا هريرة يقول لمروان : والله ما أنت وال ، وإن الوالي لغيرك ، فدعه - يعني : حين أرادوا دفن الحسن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ولكنك تدخل فيما لا يعنيك ; إنما تريد بها إرضاء من هو غائب عنك - يعني : معاوية .

فأقبل عليه مروان مغضبا ، وقال : يا أبا هريرة ، إن الناس قد قالوا : أكثر الحديث عن رسول الله ! وإنما قدم قبل وفاته بيسير ! .

فقال : قدمت - والله- ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- بخيبر ، وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين سنة سنوات ; وأقمت معه حتى توفي ، أدور معه في بيوت نسائه ، وأخدمه ، وأغزو وأحج معه ، وأصلي خلفه ; فكنت - والله- أعلم الناس بحديثه .

ابن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي أنس مالك بن أبي عامر ، قال : جاء رجل إلى طلحة بن عبيد الله ، فقال : يا أبا محمد ، أرأيت هذا اليماني - يعني : أبا هريرة - أهو أعلم بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- منكم ؟ نسمع منه أشياء لا نسمعها منكم ، أم هو يقول على رسول الله ما لم يقل ؟ . [ ص: 606 ]

قال : أما أن يكون سمع ما لم نسمع ، فلا أشك ، سأحدثك عن ذلك : إنا كنا أهل بيوتات وغنم وعمل ، كنا نأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- طرفي النهار ، وكان مسكينا ضيفا على باب رسول الله ، يده مع يده ، فلا نشك أنه سمع ما لم نسمع ، ولا تجد أحدا فيه خير يقول على رسول الله ما لم يقل .

شعبة ، عن أشعث بن سليم ، عن أبيه ، قال : أتيت المدينة ، فإذا أبو أيوب يحدث عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فقلت : وأنت صاحب رسول الله ! قال : إنه قد سمع . وأن أحدث عنه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أحب إلي من أن أحدث عن النبي ، صلى الله عليه وسلم .

بكير بن الأشج ، عن بسر بن سعيد ، قال : اتقوا الله ، وتحفظوا من الحديث ; فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة ; فيحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ويحدثنا عن كعب ثم يقوم ، فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب ، ويجعل حديث كعب عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .

ابن سعد : حدثنا محمد بن عمر : حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، عن زياد بن مينا ، قال : كان ابن عباس ، وابن عمر ، وأبو سعيد ، [ ص: 607 ] وأبو هريرة ، وجابر ، مع أشباه لهم ، يفتون بالمدينة ، ويحدثون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا .

قال : وهؤلاء الخمسة ، إليهم صارت الفتوى .

التالي السابق


الخدمات العلمية