صفحة جزء
المعمري

الإمام ، الحافظ ، المجود ، البارع ، محدث العراق أبو علي ، [ ص: 511 ] الحسن بن علي بن شبيب البغدادي المعمري .

ولد في حدود سنة عشر ومائتين .

سمع : شيبان بن فروخ ، وأبا نصر التمار ، وعلي بن المديني ، وخلف بن هشام ، وهدبة بن خالد ، وسعيد بن عبد الجبار ، وسويد بن سعيد ، وجبارة بن المغلس ، وعيسى بن زغبة ، ودحيما ، وطبقتهم بالشام ومصر والعراق ، وجمع وصنف وتقدم .

حدث عنه : أبو بكر النجاد ، وأبو سهل بن زياد ، وأحمد بن كامل القاضي ، وابن قانع ، وأحمد بن عيسى التمار ، ومحمد بن أحمد المفيد ، وأبو القاسم الطبراني ، وخلق .

قال الخطيب كان من أوعية العلم ، يذكر بالفهم ، ويوصف بالحفظ ، وفي حديثه غرائب وأشياء ينفرد بها .

قال الدارقطني : صدوق حافظ ، جرحه موسى بن هارون ، وكانت العداوة بينهما ، وكان أنكر عليه أحاديث أخرج أصوله بها ، ثم إنه ترك روايتها .

وقال عبدان الأهوازي : ما رأيت صاحب حديث في الدنيا مثل المعمري .

وقال موسى بن هارون : استخرت الله سنتين حتى تكلمت في المعمري ، وذلك أني كتبت معه عن الشيوخ ، وما افترقنا ، فلما رأيت تلك [ ص: 512 ] الأحاديث ، قلت : من أين أتى بها؟ ! .

رواها أبو عمرو بن حمدان ، عن أبي طاهر الجنابذي عنه . ثم قال الجنابذي : كان المعمري يقول : كنت أتولى لهم الانتخاب ، فإذا مر حديث غريب ، قصدت الشيخ وحدي ، فسألته عنه .

قلت : فعوقب بنقيض قصده ، ولم ينتفع بتلك الغرائب ، بل جرت إليه شرا ، فقبح الله الشر .

قال ابن عقدة : سألت عبد الله بن أحمد عن المعمري ، فقال : لا يتعمد الكذب ، ولكن أحسب أنه صحب قوما يوصلون -يعني المراسيل - .

قال الحاكم : سمعت الحافظ أبا بكر بن أبي دارم يقول : كنت ببغداد لما أنكر موسى بن هارون على المعمري تلك الأحاديث ، وأنهى أمرهم إلى يوسف القاضي ، بعد أن كان إسماعيل القاضي توسط بينهما ، فقال موسى بن هارون : هذه أحاديث شاذة عن شيوخ ثقات ، لا بد من إخراج الأصول بها . فقال المعمري : قد عرف من عادتي أني كنت إذا رأيت حديثا غريبا عند شيخ ثقة لا أعلم عليه ، إنما كنت أقرأ من كتاب الشيخ وأحفظه ، فلا سبيل إلى إخراج الأصول بها .

[ ص: 513 ] قال علي بن حمشاذ : كنت ببغداد حينئذ ، فأخرج نيفا وسبعين حديثا ، ذكر أنه لم يشركه فيها أحد ، ورفض المعمري مجلسه ، فصار الناس حزبين : حزب للمعمري ، وحزب لموسى ، فكان من حجة المعمري : أن هذه أحاديث حفظتها عن الشيوخ لم أنسخها . ثم اتفقوا بأجمعهم على عدالة المعمري ، وتقدمه .

قال أبو أحمد بن عدي : كان المعمري كثير الحديث ، صاحب حديث بحقه ، كما قال عبدان : إنه لم ير مثله ، وما ذكر عنه أنه رفع أحاديث وزاد في متون ، قال : هذا شيء موجود في البغداديين خاصة ، وفي حديث ثقاتهم ، وأنهم يرفعون الموقوف ، ويصلون المرسل ، ويزيدون في الإسناد .

قلت : بئست الخصال هذه ، وبمثلها ينحط الثقة عن رتبة الاحتجاج به ، فلو وقف المحدث المرفوع ، أو أرسل المتصل ، لساغ له ، كما قيل : أنقص من الحديث ولا تزد فيه .

قال أحمد بن كامل القاضي : مات أبو علي المعمري لإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم ، سنة خمس وتسعين ومائتين

[ ص: 514 ] قال : وكان في الحديث وجمعه وتصنيفه إماما ربانيا ، وقد شد أسنانه بالذهب ، ولم يغير شيبه .

وقيل : عاش اثنتين وثمانين سنة . وقد كان ناب في القضاء عن البرتي بالقصر وأعمالها وشهر بالمعمري لأنه ابن أم الحسن بنت سفيان بن الشيخ أبي سفيان محمد بن حميد المعمري ، وكان أبو سفيان ارتحل إلى اليمن إلى معمر ، فلذا قيل له : المعمري . والله أعلم .

أخبرنا أبو سعيد الثغري بحلب ، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف ، أخبرنا عبد الحق بن يوسف ، أخبرنا علي بن محمد ، أخبرنا أبو الحسن الحمامي ، أخبرنا ابن قانع ، حدثنا الحسن بن علي المعمري ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا عمرو بن واقد ، عن موسى بن يسار ، عن مكحول ، عن جنادة بن أبي أمية ، عن حبيب بن مسلمة : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل السلب للقاتل .

التالي السابق


الخدمات العلمية