صفحة جزء
[ ص: 125 ] النسائي

الإمام الحافظ الثبت ، شيخ الإسلام ، ناقد الحديث أبو عبد الرحمن ، أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخراساني النسائي ، صاحب السنن .

ولد بنسا في سنة خمس عشرة ومائتين ، وطلب العلم في صغره ، فارتحل إلى قتيبة في سنة ثلاثين ومائتين ، فأقام عنده ببغلان سنة ، فأكثر عنه .

وسمع من : إسحاق بن راهويه ، وهشام بن عمار ، ومحمد بن النضر بن مساور ، وسويد بن نصر ، وعيسى بن حماد زغبة ، وأحمد بن عبدة الضبي ، وأبي الطاهر بن السرح ، وأحمد بن منيع ، وإسحاق بن شاهين ، وبشر بن معاذ العقدي ، وبشر بن هلال الصواف ، وتميم بن المنتصر ، والحارث بن [ ص: 126 ] مسكين ، والحسن بن الصباح ، البزار ، وحميد بن مسعدة ، وزياد بن أيوب ، وزياد بن يحيى الحساني ، وسوار بن عبد الله العنبري ، والعباس بن عبد العظيم العنبري ، وأبي حصين عبد الله بن أحمد اليربوعي ، وعبد الأعلى بن واصل ، وعبد الجبار بن العلاء العطار ، وعبد الرحمن بن عبيد الله الحلبي ، ابن أخي الإمام .

وعبد الملك بن شعيب بن الليث ، وعبدة بن عبد الله الصفار ، وأبي قدامة عبيد الله بن سعيد ، وعتبة بن عبد الله المروزي ، وعلي بن حجر ، وعلي بن سعيد بن مسروق الكندي ، وعمار بن خالد الواسطي ، وعمران بن موسى القزاز ، وعمرو بن زرارة الكلابي ، وعمرو بن عثمان الحمصي ، وعمرو بن علي الفلاس ، وعيسى بن محمد الرملي ، وعيسى بن يونس الرملي ، وكثير بن عبيد ، ومحمد بن أبان البلخي ، ومحمد بن آدم المصيصي ، ومحمد بن إسماعيل بن علية قاضي دمشق ، ومحمد بن بشار ، ومحمد بن زنبور المكي ، ومحمد بن سليمان لوين ، ومحمد بن عبد الله بن عمار ، ومحمد بن عبد الله المخرمي ، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، ومحمد بن عبيد المحاربي ، ومحمد بن العلاء الهمداني ، ومحمد بن قدامة المصيصي الجوهري . ومحمد بن مثنى ، ومحمد بن مصفى ، ومحمد بن معمر القيسي ، ومحمد بن موسى الحرشي ، ومحمد بن هاشم البعلبكي ، وأبي المعافى محمد بن وهب ، ومجاهد بن موسى ، ومحمود بن غيلان ، ومخلد بن حسن الحراني .

ونصر بن علي الجهضمي ، وهارون بن عبد الله الحمال ، وهناد بن السري ، والهيثم بن أيوب الطالقاني ، وواصل بن عبد الأعلى ، ووهب بن بيان ، ويحيى بن درست البصري ، ويحيى بن موسى خت ، ويعقوب الدورقي ، ويعقوب بن ماهان البناء ، ويوسف بن حماد المعني ، ويوسف بن عيسى [ ص: 127 ] الزهري ، ويوسف بن واضح المؤدب ، وخلق كثير ، وإلى أن يروي عن رفقائه .

وكان من بحور العلم ، مع الفهم ، والإتقان ، والبصر ، ونقد الرجال ، وحسن التأليف .

جال في طلب العلم في خراسان ، والحجاز ، ومصر ، والعراق ، والجزيرة ، والشام ، والثغور ، ثم استوطن مصر ، ورحل الحفاظ إليه ، ولم يبق له نظير في هذا الشأن .

حدث عنه : أبو بشر الدولابي ، وأبو جعفر الطحاوي ، وأبو علي النيسابوري ، وحمزة بن محمد الكناني ، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس النحوي ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن الحداد الشافعي ، وعبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي ، والحسن بن الخضر الأسيوطي ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن السني ، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، ومحمد بن معاوية بن الأحمر الأندلسي ، والحسن بن رشيق ، ومحمد بن عبد الله بن حيويه النيسابوري ، ومحمد بن موسى المأموني ، وأبيض بن محمد بن أبيض ، وخلق كثير .

وكان شيخا مهيبا ، مليح الوجه ، ظاهر الدم ، حسن الشيبة .

قال قاضي مصر أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أبي العوام السعدي : حدثنا أحمد بن شعيب النسائي ، أخبرنا إسحاق بن راهويه ، حدثنا محمد بن أعين قال : قلت لابن المبارك : إن فلانا يقول : من زعم أن قوله تعالى : إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني مخلوق ، فهو كافر . فقال ابن المبارك : صدق ، قال النسائي : بهذا أقول .

[ ص: 128 ] وعن النسائي قال : أقمت عند قتيبة بن سعيد سنة وشهرين .

وكان النسائي يسكن بزقاق القناديل بمصر .

وكان نضر الوجه مع كبر السن ، يؤثر لباس البرود النوبية والخضر ، ويكثر الاستمتاع ، له أربع زوجات ، فكان يقسم لهن ، ولا يخلو -مع ذلك- من سرية ، وكان يكثر أكل الديوك ، تشترى له وتسمن وتخصى .

قال مرة بعض الطلبة : ما أظن أبا عبد الرحمن إلا أنه يشرب النبيذ للنضرة التي في وجهه .

وقال آخر : ليت شعري ما يرى في إتيان النساء في أدبارهن ؟ قال : فسئل عن ذلك ، فقال : النبيذ حرام ، ولا يصح في الدبر شيء . لكن حدث محمد بن كعب القرظي ، عن ابن عباس قال : " اسق حرثك حيث شئت " . فلا ينبغي أن يتجاوز قوله .

قلت : قد تيقنا بطرق لا محيد عنها نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أدبار النساء ، وجزمنا بتحريمه ، ولي في ذلك مصنف كبير .

[ ص: 129 ] وقال الوزير ابن حنزابة سمعت محمد بن موسى المأموني -صاحب النسائي - قال : سمعت قوما ينكرون على أبي عبد الرحمن النسائي كتاب : " الخصائص " لعلي -رضي الله عنه - ، وتركه تصنيف فضائل الشيخين ، فذكرت له ذلك ، فقال : دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي كثير ، فصنفت كتاب : " الخصائص " ، رجوت أن يهديهم الله تعالى .

ثم إنه صنف بعد ذلك فضائل الصحابة ، فقيل له -وأنا أسمع- : ألا تخرج فضائل معاوية -رضي الله عنه ؟ فقال : أي شيء أخرج ؟ حديث : اللهم لا تشبع بطنه فسكت السائل .

[ ص: 130 ] قلت : لعل أن يقال : هذه منقبة لمعاوية لقوله -صلى الله عليه وسلم- : اللهم من لعنته أو سببته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة . .

قال مأمون المصري المحدث : خرجنا إلى طرسوس مع النسائي سنة الفداء ، فاجتمع جماعة من الأئمة : عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ومحمد بن إبراهيم مربع ، وأبو الآذان ، وكيلجة فتشاوروا : من ينتقي لهم على الشيوخ ؟ فأجمعوا على أبي عبد الرحمن النسائي ، وكتبوا كلهم بانتخابه .

قال الحاكم : كلام النسائي على فقه الحديث كثير ، ومن نظر في سننه تحير في حسن كلامه .

قال ابن الأثير في أول " جامع الأصول " كان شافعيا ، له مناسك على مذهب الشافعي ، وكان ورعا متحريا .

قيل : إنه أتى الحارث بن مسكين في زي أنكره ، عليه قلنسوة وقباء ، وكان الحارث خائفا من أمور تتعلق بالسلطان ، فخاف أن يكون عينا عليه ، فمنعه ، فكان يجيء فيقعد خلف الباب ويسمع ، ولذلك ما قال : حدثنا الحارث ، وإنما يقول : قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع .

[ ص: 131 ] قال ابن الأثير : وسأل أمير أبا عبد الرحمن عن سننه : أصحيح كله ؟

قال : لا . قال : فاكتب لنا منه الصحيح . فجرد المجتنى .

قلت : هذا لم يصح ; بل المجتنى اختيار ابن السني .

قال الحافظ أبو علي النيسابوري : أخبرنا الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي .

وقال أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ : من يصبر على ما يصبر عليه النسائي ؟ عنده حديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة -يعني عن قتيبة ، عن ابن لهيعة - قال : فما حدث بها .

قال أبو الحسن الدارقطني : أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره .

قال الحافظ بن طاهر : سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل ، فوثقه ، فقلت : قد ضعفه النسائي ، فقال : يا بني ، إن لأبي عبد الرحمن شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم .

قلت : صدق ; فإنه لين جماعة من رجال صحيحي البخاري ومسلم .

قال محمد بن المظفر الحافظ : سمعت مشايخنا بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليل والنهار ، وأنه خرج إلى الفداء مع أمير مصر ، فوصف ، [ ص: 132 ] من شهامته وإقامته السنن المأثورة في فداء المسلمين ، واحترازه عن مجالس السلطان الذي خرج معه ، والانبساط في المأكل ، وأنه لم يزل ذلك دأبه إلى أن استشهد بدمشق من جهة الخوارج .

قال الدارقطني : كان أبو بكر بن الحداد الشافعي كثير الحديث ، ولم يحدث عن غير النسائي ، وقال : رضيت به حجة بيني وبين الله تعالى .

قال الطبراني في " معجمه " حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي القاضي بمصر . فذكر حديثا .

وقال أبو عوانة في " صحيحه " : حدثنا أحمد بن شعيب النسائي قاضي حمص : حدثنا محمد بن قدامة ، فذكر حديثا .

روى أبو عبد الله بن مندة ، عن حمزة العقبي المصري وغيره ، أن النسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق ، فسئل بها عن معاوية ، وما جاء في فضائله ، فقال : لا يرضى رأسا برأس حتى يفضل ؟ قال : فما زالوا يدفعون في حضنيه حتى أخرج من المسجد ، ثم حمل إلى مكة فتوفي بها . كذا قال ، وصوابه : إلى الرملة .

قال الدارقطني : خرج حاجا فامتحن بدمشق ، وأدرك الشهادة ، فقال : [ ص: 133 ] احملوني إلى مكة . فحمل وتوفي بها ، وهو مدفون بين الصفا والمروة ، وكانت وفاته في شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة .

قال : وكان أفقه مشايخ مصر في عصره ، وأعلمهم بالحديث والرجال .

قال أبو سعيد بن يونس في " تاريخه " : كان أبو عبد الرحمن النسائي إماما حافظا ثبتا ، خرج من مصر في شهر ذي القعدة من سنة اثنتين وثلاثمائة ، وتوفي بفلسطين في يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر ، سنة ثلاث .

قلت : هذا أصح ; فإن ابن يونس حافظ يقظ ، وقد أخذ عن النسائي ، وهو به عارف . ولم يكن أحد في رأس الثلاث مائة أحفظ من النسائي ، هو أحذق بالحديث وعلله ورجاله من مسلم ، ومن أبي داود ، ومن أبي عيسى ، وهو جار في مضمار البخاري ، وأبي زرعة ، إلا أن فيه قليل تشيع وانحراف عن خصوم الإمام علي ، كمعاوية وعمرو ، والله يسامحه .

وقد صنف " مسند علي " وكتابا حافلا في الكنى ، وأما كتاب : " خصائص علي " فهو داخل في " سننه الكبير " ، وكذلك كتاب : " عمل يوم وليلة " وهو مجلد ، هو من جملة " السنن الكبير " في بعض النسخ ، وله كتاب " التفسير " في مجلد ، وكتاب " الضعفاء " وأشياء ، والذي وقع لنا من سننه هو الكتاب المجتنى منه ، انتخاب أبي بكر بن السني ، سمعته ملفقا من جماعة سمعوه من ابن باقا بروايته عن أبي زرعة المقدسي ، سماعا لمعظمه ، وإجازة لفوت له محدد في الأصل . قال : أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمد الدوني قال : أخبرنا القاضي أحمد بن الحسين الكسار ، حدثنا ابن السني عنه .

ومما يروى اليوم في عام أربعة وثلاثين وسبع مائة من السنن عاليا جزآن ، [ ص: 134 ] الثاني من الطهارة والجمعة ، تفرد البوصيري بعلوهما في وقته ، وقد أنبأني أحمد بن أبي الخير بهما ، عن البوصيري ، فبيني وبين النسائي فيهما خمسة رجال .

وعندي جزء من حديث الطبراني ، عن النسائي ، وقع لنا بعلو أيضا .

ووقع لنا جزء كبير انتخبه السلفي من السنن ، سمعناه من الشيخ أبي المعالي بن المنجا التنوخي : أخبرنا جعفر الهمداني ، أخبرنا أبو طاهر السلفي ، أخبرنا الدوني ، وبدر بن دلف الفركي بسماعهما من الكسار قال : أخبرنا أبو بكر بن السني ، أخبرنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا قتيبة ، أخبرنا الليث عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أنه نهى عن البول في الماء الراكد .

أخبرنا علي بن حجر : أخبرنا عبيدة بن حميد ، عن يوسف بن صهيب ، عن حبيب بن يسار ، عن زيد بن أرقم : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : من لم يأخذ شاربه فليس منا . .

قال أبو علي الحافظ : سألت النسائي : ما تقول في بقية ؟ فقال : إن قال : حدثنا وأخبرنا ، فهو ثقة .

وقال جعفر بن محمد المراغي : سمعت النسائي يقول : محمد بن [ ص: 135 ] حميد الرازي كذاب .

قرأت على علي بن محمد ، وشهدة العامرية : أخبرنا جعفر ، أخبرنا السلفي ، أخبرنا محمد بن طاهر بهمذان ، أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق قال : قال لي أبو عبد الله بن مندة : الذين أخرجوا الصحيح ، وميزوا الثابت من المعلول ، والخطأ من الصواب أربعة : البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، وأبو عبد الرحمن النسائي .

وممن مات معه : المحدث أبو الحسن أحمد بن الحسين بن إسحاق الصوفي الصغير ببغداد .

والمفسر أبو جعفر أحمد بن فرح البغدادي الضرير المقرئ .

والمفسر أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق النيسابوري الأنماطي الحافظ .

والمسند أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الجوزي .

والمحدث إسحاق بن إبراهيم بن نصر النيسابوري البشتي .

والحافظ جعفر بن أحمد بن نصر الحصيري . والحسن بن سفيان الحافظ .

والمحدث أبو الحسين عبد الله بن محمد بن يونس السمناني .

والمحدث عمر بن أيوب السقطي ببغداد .

ورأس المعتزلة أبو علي الجبائي .

والحافظ محمد بن المنذر الهروي شكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية