صفحة جزء
[ ص: 201 ] ابن سريج

الإمام ، شيخ الإسلام ، فقيه العراقين أبو العباس ، أحمد بن عمر بن سريج البغدادي ، القاضي الشافعي ، صاحب المصنفات .

ولد سنة بضع وأربعين ومائتين وسمع في الحداثة ، ولحق أصحاب سفيان بن عيينة ، ووكيع . فسمع من : الحسن بن محمد الزعفراني تلميذ الشافعي ، ومن علي بن إشكاب ، وأحمد بن منصور الرمادي ، وعباس بن محمد الدوري ، وأبي يحيى محمد بن سعيد بن غالب العطار ، وعباس بن عبد الله الترقفي ، وأبي داود السجستاني ، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي ، والحسن بن مكرم ، وحمدان بن علي الوراق ، ومحمد بن عمران الصائغ ، وأبي عوف البزوري ، وعبيد بن شريك البزار ، وطبقتهم .

وتفقه بأبي القاسم عثمان بن بشار الأنماطي الشافعي ، صاحب المزني ، وبه انتشر مذهب الشافعي ، ببغداد ، وتخرج به الأصحاب .

وحدث عنه : أبو القاسم الطبراني ، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه ، وأبو أحمد بن الغطريف الجرجاني ، وغيرهم .

[ ص: 202 ] يقع لي من عالي روايته في الغطريفي .

أخبرنا عمر بن عبد المنعم : أنبأنا أبو اليمن الكندي ، أخبرنا علي بن عبد السلام ، أخبرنا الإمام أبو إسحاق في " طبقات الفقهاء " قال : كان يقال لابن سريج : الباز الأشهب . ولي القضاء بشيراز ، وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعي ، حتى على المزني . وإن فهرست كتبه كان يشتمل على أربع مائة مصنف ، وكان الشيخ أبو حامد الإسفراييني يقول : نحن نجري مع أبي العباس في ظواهر الفقه دون دقائقه تفقه على أبى القاسم الأنماطي ، وأخذ عنه خلق ، ومنه انتشر المذهب .

وقال أبو علي بن خيران : سمعت أبا العباس بن سريج يقول : رأيت كأنما مطرنا كبريتا أحمر ، فملأت أكمامي وحجري ، فعبر لي : أن أرزق علما عزيزا كعزة الكبريت الأحمر .

وقال أبو الوليد الفقيه : سمعت ابن سريج يقول : قل ما رأيت من المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح ، يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام .

وقال الحاكم سمعت حسان بن محمد يقول : كنا في مجلس ابن سريج سنة ثلاث وثلاثمائة ، فقام إليه شيخ من أهل العلم فقال : أبشر أيها القاضي ، فإن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد -يعني للأمة- أمر دينها وإن الله تعالى بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز ، وبعث [ ص: 203 ] على رأس المائتين محمد بن إدريس الشافعي ، وبعثك على رأس الثلاثمائة ، ثم أنشأ يقول :

اثنان قد ذهبا فبورك فيهما عمر الخليفة ثم حلف السؤدد     الشافعي الألمعي محمد
إرث النبوة وابن عم محمد     أبشر أبا العباس إنك ثالث
من بعدهم سقيا لتربة أحمد

قال : فصاح أبو العباس ، وبكى ، وقال : لقد نعى إلي نفسي . قال حسان الفقيه : فمات القاضي أبو العباس تلك السنة .

قلت : وقد كان على رأس الأربعمائة الشيخ أبو حامد الإسفراييني ، وعلى رأس الخمسمائة أبو حامد الغزالي ، وعلى رأس الستمائة الحافظ عبد الغني ، وعلى رأس السبعمائة شيخنا أبو الفتح ابن دقيق العيد .

وإن جعلت " من يجدد " لفظا يصدق على جماعة -وهو أقوى- فيكون على رأس المائة عمر بن عبد العزيز خليفة الوقت ، والقاسم بن محمد ، والحسن البصري ، ومحمد بن سيرين ، وأبو قلابة ، وطائفة . وعلى رأس المائتين مع الشافعي يزيد بن هارون ، وأبو داود الطيالسي ، وأشهب الفقيه ، وعدة . وعلى رأس الثلاثمائة مع ابن سريج أبو عبد الرحمن النسائي ، والحسن بن سفيان ، وطائفة .

وممن مات في سنة ست مسند بغداد أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، وشيخ الصوفية أبو عبد الله بن الجلاء أحمد بن يحيى [ ص: 204 ] بالشام ، والمحدث حاجب بن أركين الفرغاني ، والحافظ عبدان بن أحمد بن موسى الأهوازي ، والمحدث علي بن إسحاق بن زاطيا المخرمي ، والقاضي محمد بن خلف وكيع الأخباري ، ومحدث قزوين أبو عبد الله محمد بن مسعود بن الحارث الأسدي ، ومفتي الشافعية بمصر أبو الحسن منصور بن إسماعيل الضرير .

أخبرنا أبو محمد بن أبي عمر إذنا : أخبرنا عمر بن محمد ، أخبرنا أحمد بن محمد ، ومحمد بن عبد الباقي ، قالا : أخبرنا طاهر بن عبد الله ، أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد ، حدثنا أبو العباس بن سريج ، حدثنا علي بن إشكاب ، حدثنا أبو بدر ; حدثنا عمر بن ذر ، حدثنا أبو الرصافة الباهلي من أهل الشام : أن أبا أمامة حدث عن رسول الله قال : ما من امرئ تحضره صلاة مكتوبة فيتوضأ عندها ، فيحسن الوضوء ، ثم يصلي فيحسن الصلاة إلا غفر الله له بها ما كان بينها وبين الصلاة التي كانت قبلها من ذنوبه . .

وبه : حدثنا ابن سريج : حدثنا الزعفراني ، حدثنا وكيع ، حدثنا الثوري ، عن ربيعة الرأي ، عن يزيد مولى المنبعث ، عن زيد بن خالد ، قال : سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن اللقطة ؟ فقال : عرفها سنة ، فإن جاء صاحبها وإلا فاستنفقها .

التالي السابق


الخدمات العلمية