صفحة جزء
ابن البردون

الإمام الشهيد المفتي أبو إسحاق ، إبراهيم بن محمد بن البردون الضبي مولاهم الإفريقي المالكي ، تلميذ أبي عثمان بن الحداد .

قال القاضي عياض : كان يقول : إني أتكلم في تسعة أعشار قياس العلم .

[ ص: 216 ] وكان مناقضا للعراقيين ، فدارت عليه دوائر في أيام عبيد الله ، وضرب بالسياط ، ثم سعوا به عند دخول الشيعي إلى القيروان ، وكانت الشيعة تميل إلى العراقيين لموافقتهم لهم في مسألة التفضيل ورخصة مذهبهم ، فرفعوا إلى أبي عبد الله الشيعي : أن ابن البردون وأبا بكر بن هذيل يطعنان في دولتهم ، ولا يفضلان عليا . فحبسهما ، ثم أمر متولي القيروان أن يضرب ابن هذيل خمس مائة سوط ، ويضرب عنق ابن البردون ، فغلط المتولي فقتل ابن هذيل ، وضرب ابن البردون ، ثم قتله من الغد .

وقيل لابن البردون لما جرد للقتل : أترجع عن مذهبك ؟ قال : أعن الإسلام أرجع ؟ ثم صلبا في سنة تسع وتسعين ومائتين . وأمر الشيعي الخبيث أن لا يفتى بمذهب مالك ، ولا يفتى إلا بمذهب أهل البيت ، ويرون إسقاط طلاق البتة ، فبقي من يتفقه لمالك إنما يتفقه خفية .

قال الحسين بن سعيد الخراط : كان ابن البردون بارعا في العلم ، يذهب مذهب النظر ، لم يكن في شباب عصره أقوى على الجدل وإقامة الحجة منه . سمع من عيسى بن مسكين ، ويحيى بن عمر ، وجماعة . ولما أتي به إلى ابن أبي خنزير وقف ، فقال له : يا خنزير . فقال ابن البردون : الخنازير معروفة بأنيابها . فغضب وضرب عنقه .

وقال محمد بن خراسان : لما وصل عبيد الله إلى رقادة طلب من القيروان ابن البردون وابن هذيل ، فأتياه وهو على السرير ، وعن يمينه أبو عبد الله الشيعي ، وأخوه أبو العباس عن يساره ، فقال : أتشهدان أن هذا [ ص: 217 ] رسول الله ؟ فقالا بلفظ واحد : والله لو جاءنا هذا والشمس عن يمينه والقمر عن يساره يقولان : إنه رسول الله ، ما قلنا ذلك . فأمر بذبحهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية