صفحة جزء
[ ص: 383 ] الباغندي

محمد بن محمد بن سليمان بن الحارث ، الإمام الحافظ الكبير محدث العراق أبو بكر ، ابن المحدث أبي بكر ، الأزدي الواسطي الباغندي ، أحد أئمة هذا الشأن ببغداد .

ولد سنة بضع عشرة ومائتين وكان أول سماعه بواسط في سنة سبع وعشرين ومائتين .

سمع علي بن المديني ، وشيبان بن فروخ ، وأبا بكر بن أبي شيبة ، وهشام بن عمار ، وسويد بن سعيد ، ومحمد بن الصباح الجرجرائي ، والصلت بن مسعود الجحدري ، وأبا نعيم عبيد بن هشام الحلبي ، وعبد الرحمن بن عبيد الله الحلبي ، ومحمد بن سليمان لوينا ، ودحيما ، وأحمد بن أبي الحواري ، وعثمان بن أبي شيبة ، وعبد الملك بن شعيب بن الليث ، والحارث بن مسكين ، ومحمد بن زنبور المكي ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، ومحمود بن خالد الدمشقي ، وخلقا كثيرا .

وجمع ، وصنف ، وعمر ، وتفرد .

[ ص: 384 ] حدث عنه : ابن عقدة ، والقاضي المحاملي ، ومحمد بن مخلد ، ودعلج السجزي ، وأبو بكر الشافعي ، والطبراني ، وأبو علي بن الصواف ، وأبو عمر بن حيويه ، وأبو حفص بن شاهين ، وعلي بن عمر السكري ، ومحمد بن المظفر ، وأبو أحمد الحاكم ، وأبو بكر بن المقرئ ، وأبو بكر أحمد بن عبدان ، وأبو بكر الإسماعيلي ، وأبو الحسين أحمد بن محمد البحيري النيسابوري ، وخلق سواهم .

قال أبو بكر الخطيب رحل في الحديث إلى الأمصار البعيدة ، وعني به العناية العظيمة ، وأخذ عن الحفاظ والأئمة ، وكان حافظا فهما عارفا ، فسمعت أحمد بن علي البادا مذاكرة يقول : سمعت أبا بكر الأبهري يقول : سمعت أبا بكر الباغندي يقول : أنا أجيب في ثلاثمائة ألف مسألة من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم . فأخبرت ابن المظفر بقول الأبهري فقال : صدق ، سمعته منه .

قال الخطيب : وسمعت هبة الله اللالكائي يقول : إن الباغندي كان يسرد الحديث من حفظه ، ويهذه مثل تلاوة القرآن السريع القراءة ، وكان يقول : حدثنا فلان قال : حدثنا فلان ، وحدثنا فلان . وهو يحرك رأسه حتى تسقط عمامته .

أخبرنا عمر بن عبد المنعم ، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي حضورا ، أخبرنا أبو الحسن السلمي ، أخبرنا ابن طلاب ، أخبرنا ابن [ ص: 385 ] جميع ، حدثنا أحمد بن محمد بن شجاع بالأهواز ، قال : كنا عند إبراهيم بن موسى الجوزي ببغداد ، وكان عنده أبو بكر الباغندي ينتقي عليه ، فقال له إبراهيم : هو ذا تضجرني ، أنت أكثر حديثا مني ، وأحفظ وأعرف! فقال له : لقد حبب إلي هذا الحديث ، حسبك أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في النوم ، فلم أقل له : ادع لي ، وقلت : يا رسول الله ، أيما أثبت في الحديث : منصور ، أو الأعمش ؟ فقال : منصور ، منصور .

وقال العتيقي سمعت عمر بن شاهين يقول : قام أبو بكر الباغندي ليصلي ، فكبر ، ثم قال : أخبرنا محمد بن سليمان لوين . فسبحنا به فقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين .

قال حمزة السهمي : سألنا الوزير جعفر بن الفضل بمصر عن الباغندي فقال : لم أسمع منه ، ولحقته ، وكان للوزير الماضي حجرتان ، إحداهما للباغندي ، يجيئه ويقرأ له ، والأخرى لليزيدي ثم قال جعفر : فسمعت أبي يقول : كنت يوما مع الباغندي في الحجرة يقرأ لي كتب أبي بكر بن أبي شيبة ، فقام إلى الطهارة ، فأخذ جزءا من حديث أبي بكر بن أبي شيبة ، فإذا على ظهره مكتوب : مربع ، والباقي محكوك ، فرجع فرأى في يدي الجزء ، فتغير وجهه فقلت : أيش هذا مربع ؟ فغير ذلك ولم أفطن له لأني أول ما كنت دخلت في كتب الحديث ثم سألت عنه ، [ ص: 386 ] فإذا الكتاب لمحمد بن إبراهيم مربع ، فحكه ، وترك " مربع " فبرد عندي ، ولم أخرج عنه شيئا .

قال عمر بن حسن الأشناني : سمعت محمد بن أحمد بن أبي خيثمة -وذكر عنده أبو بكر الباغندي - فقال : ثقة ، كثير الحديث ، لو كان بالموصل لخرجتم إليه ، ولكنه يتطرح عليكم ولا تريدونه .

قال الدارقطني في كتاب " المصحفين " : حدثني أبي أنه سمع أبا بكر الباغندي أملى عليهم في الجامع في حديث ذكره وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض " هويا " بالياء وضم الهاء .

وقال الدارقطني في " الضعفاء " : الباغندي مدلس مخلط ، يسمع من بعض رفاقه ، ثم يسقط من بينه وبين شيخه ، وربما كانوا اثنين وثلاثة . وهو كثير الخطأ .

قال البرقاني : سألت أبا بكر الإسماعيلي عن ابن الباغندي ، فقال : لا أتهمه في قصد الكذب ، ولكنه خبيث التدليس ، ومصحف أيضا ، كأنه تعلم من سويد التدليس .

وقال حمزة السهمي : سألت أبا بكر بن عبدان عن محمد بن محمد الباغندي : هل يدخل في الصحيح ، فقال : لو خرجت " الصحيح " لم [ ص: 387 ] أدخله فيه ، كان يخلط ويدلس ، وليس ممن كتبت عنه آثر عندي ولا أكثر حديثا منه ، إلا أنه شره ، وهو أحفظ من أبي بكر بن أبي داود . وسألت أبا الحسن الدارقطني عنه ، فقال : كثير التدليس ، يحدث بما لم يسمع ، وربما سرق .

قال الخطيب لم يثبت من أمر الباغندي ما يعاب به سوى التدليس ، ورأيت كافة شيوخنا يحتجون به ، ويخرجونه في الصحيح .

قلت : يقع حديثه عاليا للفخر بن البخاري وطبقته .

قال ابن شاهين : مات في يوم الجمعة ، في عشرين شهر ذي الحجة ، سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة .

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر ، أنبأنا أبو روح الهروي ، أخبرنا أبو القاسم المستملي ، أخبرنا أبو سعد الكنجرودي ، أخبرنا أبو الحسين البحيري ، أخبرنا محمد بن محمد بن سليمان ، حدثنا شيبان ، حدثنا حماد ، حدثنا ثابت وسليمان التيمي ، عن أنس : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : أتيت ليلة أسري بي على موسى -عليه السلام- عند الكثيب الأحمر ، وهو قائم يصلي في قبره أخرجه مسلم عن شيبان .

أخبرنا علي بن أحمد في كتابه ، أخبرنا عمر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا أبو محمد الجوهري ، أخبرنا محمد بن المظفر ، حدثنا أبو بكر الباغندي ، حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا [ ص: 388 ] البراء بن عبد الله الغنوي ، عن عبد الله بن شقيق ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " ألا أنبئكم بشرار هذه الأمة ؟ هم الثرثارون المتفيهقون ألا أنبئكم بخياركم ؟ أحسنكم خلقا " تفرد به البراء . أخرجه البخاري في كتاب " الأدب " له .

وفيها مات الحافظ أحمد بن عمرو الإلبيري الأندلسي ، وأحمد بن محمد بن الأزهر ، والحسن بن علي بن نصر الطوسي ، والوزير أبو الحسن بن الفرات ، وعبدوس بن أحمد بن عباد الهمذاني ، وعلي بن الحسن بن قديد بمصر ، ومحمد بن سليمان بن فارس الدلال ، وأبو بكر محمد بن هارون بن المجدر ، وشيخ الطريق أبو محمد الجريري .

التالي السابق


الخدمات العلمية