صفحة جزء
[ ص: 408 ] ابن عبدة

قاضي القضاة ، أبو عبيد الله محمد بن عبدة بن حرب العباداني البصري .

حدث عن : علي بن المديني ، وهدبة بن خالد ، وعبد الأعلى بن حماد ، وكامل بن طلحة ، وعدة .

حدث عنه : عبد العزيز بن جعفر الخرقي ، وعلي بن لؤلؤ الوراق ، وأبو حفص بن الزيات ، وعلي بن عمر الحربي ، وآخرون . وهو واه .

قال الحسن بن زولاق : أقامت مصر بعد بكار بن قتيبة بغير قاض ثلاثة أعوام ، ثم ولى خمارويه -يعني صاحب مصر - أبا عبيد الله محمد بن عبدة المظالم بمصر ، فنظر بين الناس إلى آخر سنة سبع وسبعين ، ومائتين ، ثم ولاه القضاء ، فأخبرنا محمد بن الربيع قال : ثم ولي محمد بن عبدة ، فأظهر كتابه من قبل المعتمد ، وكان جبارا متملكا ، جوادا مفضلا . وذكر أنه كان له مائة مملوك ما بين خصي وفحل ، وكان يذهب إلى قول أبي حنيفة ، وكان عارفا بالحديث ، استكتب أبا جعفر الطحاوي ، واستخلفه ، وأغناه ، وكان الشهود يرهبون أبا عبيد الله ويخافونه ، وأنشأ دارا ، قيل : أنفق عليها مائة ألف دينار سوى ثمن مكانها ، وكان يقول : السعيد من قضى لي حاجة .

وكان خمارويه يعظمه ويجله ، ويجري عليه في الشهر ثلاثة آلاف دينار .

[ ص: 409 ] وكان ينظر في القضاء ، والمظالم ، والمواريث ، والحسبة ، والأوقاف .

وكان له مجلس في الفقه ، ومجلس للحديث .

وحدثني إبراهيم بن أحمد المعدل : أن أبا عبيد الله وهب رجلا اختلت حاله -لا يعرفه- في ساعة واحدة ما مبلغه ألف دينار .

وكان يطعم الناس في داره في العيد ، فقل من يتأخر عنه من الكبار . وتأخر شاهد عن مجلسه ، فأمر بحبسه .

وكان أبو جعفر الطحاوي يكتب له ، ويقول بحضرته للخصوم : من مذهب القاضي -أيده الله- كذا وكذا ، ومن مذهبه كذا وكذا . حاملا عنه المؤنة ، إلى أن قال : وأحس أبو عبيد الله تيها من الطحاوي ، فقال : ما هذا الذي أنت فيه؟!

وقد حدث بمصر وببغداد ، وكانت له ببغداد لوثة مع أصحاب الحديث .

وكان قوي القلب واللسان ، رأى من خمارويه انكسارا فقال : ما الخبر؟ قال : ضيق مال ، واستئثار القواد بالضياع . فخرج إليهم القاضي ، وكلمهم في مكان من الدار - لبدر ، وفائق ، وصافي ، وجماعة- وقال : ما هذا الذي يلقاه الأمير!؟ والله أشد السيف والمنطقة وأحمل عنه . ثم وافقهم على أمور رضيها خمارويه . وشكره عليها .

ولم يزل أمر أبي عبيد الله يقوى إلى أن زالت أيامه ، وانحرف أهل البلد عن أصحابه ، وشنئوهم بالطهماني ، ولم يزل على حاله حتى قتل خمارويه بدمشق ، ووصل تابوته ، فصلى عليه أبو عبيد الله . ثم جرت [ ص: 410 ] أمور ، واختفى القاضي في داره مدة سنتين ، فكانت مدة ولايته سبع سنين سوى أشهر . ثم ظهر وتغيرت الدولة ، وولي قضاء مصر ثانيا في سنة اثنتين وتسعين ، فحكم شهرين ، ثم ذهب إلى بغداد .

قلت رماه ابن عدي بالكذب .

وقال أبو بكر البرقاني : هو من المتروكين .

وحدث أيضا بالموصل ، وعمر ، وبقي إلى سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة ، وعاش نيفا وتسعين سنة ، وبقي بطالا عشرين سنة .

قال إبراهيم بن المعدل : قال ابن عبدة للطحاوي : ما هذا؟ والله لئن أرسلت بقصبة ، فنصبت في حارتك ، لترين الناس يقولون : قصبة القاضي . يعني : يعظمونها . قلت إلى صرامته المنتهى ، وهو في باب الرواية تالف متهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية