صفحة جزء
[ ص: 127 ] محمد بن شعيب : حدثنا مروان بن جناح ، عن يونس بن ميسرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استأذن أبا بكر وعمر في أمر ، فقالا : الله ورسوله أعلم ، فقال : أشيرا علي . ثم قال : ادعوا معاوية . فقال : أحضروه أمركم ، وأشهدوه أمركم ، فإنه قوي أمين .

ورواه نعيم بن حماد ، عن بن شعيب ; فوصله بعبد الله بن بسر .

أبو مسهر وابن عائذ : عن صدقة بن خالد ، عن وحشي بن حرب بن وحشي ، عن أبيه ، عن جده قال : أردف النبي - صلى الله عليه وسلم - معاوية خلفه فقال : ما يليني منك ؟ قال : بطني يا رسول الله . قال : اللهم املأه علما .

زاد فيه أبو مسهر : وحلما .

قال صالح جزرة : لا يشتغل بوحشي ولا بأبيه .

بقية : عن بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن جبير بن نفير : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير ومعه جماعة ، فذكروا الشام ، فقال رجل : كيف نستطيع الشام وفيه الروم ؟ . قال : ومعاوية في القوم - وبيده عصا - فضرب بها كتف معاوية ، وقال : يكفيكم الله بهذا .

هذا مرسل قوي .

فهذه أحاديث مقاربة .

وقد ساق ابن عساكر في الترجمة أحاديث واهية وباطلة ، طول بها جدا .

[ ص: 128 ] وخلف معاوية خلق كثير يحبونه ويتغالون فيه ويفضلونه ، إما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء ، وإما قد ولدوا في الشام على حبه ، وتربى أولادهم على ذلك . وفيهم جماعة يسيرة من الصحابة ، وعدد كثير من التابعين والفضلاء ، وحاربوا معه أهل العراق ، ونشأوا على النصب ، نعوذ بالله من الهوى . كما قد نشأ جيش علي - رضي الله عنه ورعيته إلا الخوارج منهم - على حبه والقيام معه ، وبغض من بغى عليه والتبري منهم ، وغلا خلق منهم في التشيع . فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم لا يكاد يشاهد فيه إلا غاليا في الحب ، مفرطا في البغض ، ومن أين يقع له الإنصاف والاعتدال ؟ فنحمد الله على العافية الذي أوجدنا في زمان قد انمحص فيه الحق واتضح من الطرفين ، وعرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين ، وتبصرنا ، فعذرنا واستغفرنا وأحببنا باقتصاد ، وترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة ، أو بخطأ - إن شاء الله - مغفور ، وقلنا كما علمنا الله ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا وترضينا أيضا عمن اعتزل الفريقين ، كسعد بن أبي وقاص ، وابن عمر ، ومحمد بن مسلمة ، وسعيد بن زيد ، وخلق . وتبرأنا من الخوارج المارقين الذين حاربوا عليا ، وكفروا الفريقين . فالخوارج كلاب النار ، قد مرقوا من الدين ، ومع هذا فلا نقطع لهم بخلود النار ، كما نقطع به لعبدة الأصنام والصلبان .

التالي السابق


الخدمات العلمية