صفحة جزء
الأرغياني

محمد بن المسيب بن إسحاق بن عبد الله بن إسماعيل بن إدريس الحافظ الإمام شيخ الإسلام أبو عبد الله النيسابوري ثم الأرغياني الإسفنجي العابد .

قال ولده المسيب : سمعت أبي يقول : ولدت سنة ثلاث وعشرين ومائتين [ ص: 423 ] سمع إسحاق بن شاهين ، وعبد الجبار بن العلاء ، ومحمد بن هاشم البعلبكي ، والهيثم بن مروان العنسي ، وأبا سعيد الأشج ، وإبراهيم بن سعيد الجوهري ، ومحمد بن بشار ، وزيد بن أخزم ، وسهل بن صالح الأنطاكي ، ومحمد بن المثنى الزمن ، ومحمد بن رافع ، وإسحاق الكوسج ، وعبد الله بن محمد الزهري ، ويونس بن عبد الأعلى ، وأحمد بن عبد الرحمن الوهبي ، وسعيد بن رحمة المصيصي ، والحسين بن سيار الحراني -صاحب إبراهيم بن سعد - وأمما سواهم بخراسان ، والعراق ، والحجاز ، والشام ، ومصر ، والجزيرة .

وصنف‍ التصانيف الكبار ، وكان ممن برز في العلم والعمل .

حدث عنه إمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة مع سنه وفضله ، وأبو حامد بن الشرقي ، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم ، والحافظ أبو علي النيسابوري ، وأبو إسحاق المزكي ، وأبو أحمد الحاكم ، وأبو عمرو بن حمدان ، وحسينك بن علي التميمي ، وزاهر بن أحمد السرخسي ، وأبو الحسين الحجاجي ، وأحمد بن محمد البالوي ، وخلق سواهم .

قال أبو عبد الله الحاكم : كان من الجوالين في طلب الحديث على الصدق والورع ، وكان من العباد المجتهدين . سمعت أبا الحسين بن يعقوب الحافظ يقول : كان محمد بن المسيب يقرأ علينا ، فإذا قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، بكى حتى نرحمه .

قال : وسمعت محمد بن علي الكلابي يقول : بكى محمد بن المسيب الأرغياني حتى عمي . وسمعت أبا إسحاق المزكي ، سمعت محمد بن المسيب ، سمعت الحسن بن عرفة يقول : رأيت يزيد بن هارون بواسط وهو من أحسن الناس عينين ، تم رأيته بعين واحدة ، ثم رأيته وقد عمي ، فقلت له : يا أبا خالد ، ما فعلت العينان [ ص: 424 ] الجميلتان؟ قال : ذهب بهما بكاء الأسحار .

سمعت أبا علي الحافظ : سمعت محمد بن المسيب الأرغياني ، سمعت أبا علي الضرير يقول : قلت لأحمد بن حنبل : كم يكفي الرجل من الحديث للفتوى؟ مائة ألف؟ قال : لا . قلت : مائتا ألف؟ قال : لا . قلت : ثلاثمائة ألف؟ قال : لا . قلت : أربعمائة ألف؟ قال : لا . قلت : خمسمائة ألف؟ قال : أرجو .

وسمعت أبا أحمد الحافظ بطوس ، وحدثني به عنه علي بن حمشاد في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة ، ثم حدثني أبو أحمد ، قال : حدثنا محمد بن المسيب ، حدثنا إسحاق بن الجراح الأذني ، حدثنا الحسن بن زياد قال : أخذ الفضيل بن عياض بيدي فقال : يا حسن ، ينزل الله إلى سماء الدنيا ، فيقول : كذب من ادعى محبتي ، فإذا جنه الليل نام عني .

سمعت المزكي : سمعت محمد بن المسيب ، سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول : كتب الخليفة إلى ابن وهب في قضاء مصر يليه ، فجنن نفسه ، ولزم البيت ، فاطلع عليه رشدين بن سعد من السطح فقال : يا أبا محمد ، ألا تخرج إلى الناس فتحكم بينهم كما أمر الله ورسوله؟ قد جننت نفسك ولزمت البيت! قال : إلى ها هنا انتهى عقلك؟ ألم تعلم أن القضاة يحشرون يوم القيامة مع السلاطين ، ويحشر العلماء مع الأنبياء؟ !

قال الحاكم : سمعت غير واحد من مشايخنا يذكرون عن الأرغياني [ ص: 425 ] أنه قال : ما أعلم منبرا من منابر الإسلام بقي علي لم أدخله لسماع الحديث .

أقول : هذا يقوله الرجل على وجه المبالغة ، وإلا فهو لم يدخل الأندلس ولا المغرب ، ولا أظن أنه عنى إلا المنابر التي بحضرتها رواية الحديث .

قال : وسمعت أبا إسحاق المزكي ، سمعت محمد بن المسيب يقول : كنت أمشي بمصر وفي كمي مائة جزء ، في كل جزء ألف حديث .

قلت : هذا يدل على دقة خطه ; وإلا فألف حديث بخط مفسر تكون في مجلد ، والكم إذا حمل فيه أربع مجلدات فبالجهد .

قال الحاكم : وسمعت أبا علي الحافظ يقول : كان محمد بن المسيب يمشي بمصر وفي كمه مائة ألف حديث ، كانت أجزاؤه صغارا بخط دقيق ، في الجزء ألف حديث معدودة ، وصار هذا كالمشهور من شأنه . وسمعت أبا عمر المسيب بن محمد يقول : توفي أبي يوم السبت ، النصف من جمادى الأولى ، سنة خمس عشرة وثلاثمائة وهو ابن اثنتين وتسعين سنة .

قلت : مات معه في العام : محدث دمشق أبو الحسن محمد بن الفيض الغساني عن ست وتسعين سنة .

ومحدث الكوفة أبو جعفر محمد بن الحسين الخثعمي الأشناني .

والأخفش الصغير علي بن سليمان النحوي البغدادي .

والمحدث القاضي أبو القاسم عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني .

[ ص: 426 ] والحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الرازي ثم النيسابوري .

والحسين بن محمد بن عفير .

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله ، أنبأنا عبد المعز بن محمد ، أخبرنا أبو القاسم المستملي ، أخبرنا أبو سعد الكنجرودي ، أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد البالويي ، حدثنا محمد بن المسيب ، حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا بريد بن عبد الله ، حدثنا أبو بردة ، عن أبي موسى ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : إن الله إذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبيها قبلها ، فجعله لها فرطا وسلفا بين يديها ، وإذا أراد هل‍كة أمة عذبها ونبيها حي ، فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه وعصوا أمره .

وبالإسناد : قال ابن المسيب : كتب عني هذا الحديث ابن خزيمة ، ويقال : إن إبراهيم الجوهري تفرد به .

التالي السابق


الخدمات العلمية