صفحة جزء
ويروى في فضائل معاوية أشياء ضعيفة تحتمل ، منها :

فضيل بن مرزوق : عن رجل ، عن أنس مرفوعا : دعوا لي أصحابي وأصهاري .

أحمد في " المسند " : حدثنا روح ، حدثنا أبو أمية عمرو بن يحيى بن سعيد ، حدثنا جدي : أن معاوية أخذ الإداوة ، وتبع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرفع رأسه إليه ، وقال : يا معاوية ; إن وليت أمرا فاتق الله واعدل . فما زلت أظن أني مبتلى بعمل لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ابتليت .

ولهذا طرق مقاربة :

يحيى بن أبي زائدة ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، عن عبد الملك بن عمير ، قال معاوية : والله ما حملني على الخلافة إلا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لي : يا معاوية إن ملكت فأحسن .

ابن مهاجر ضعيف ، والخبر مرسل .

[ ص: 132 ] الأصم : حدثنا أبي ، سمعت ابن راهويه يقول : لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل معاوية شيء .

ابن فضيل : حدثنا يزيد بن أبي زياد ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أبي برزة ; كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمع صوت غناء ، فقال : انظروا ما هذا ؟ فصعدت فنظرت ، فإذا معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان ، فجئت فأخبرته ، فقال : اللهم أركسهما في الفتنة ركسا ، ودعهما في النار دعا .

هذا مما أنكر على يزيد .

ابن لهيعة : عن يونس ، عن ابن شهاب : قدم عمر الجابية ، فبقى على الشام أميرين ، أبا عبيدة بن الجراح ، ويزيد بن أبي سفيان . ثم توفي يزيد . فنعاه عمر إلى أبي سفيان ، فقال : ومن أمرت مكانه ؟ قال : معاوية ، فقال : وصلتك يا أمير المؤمنين رحم .

وقال خليفة : ثم جمع عمر الشام كلها لمعاوية ، وأقره عثمان .

قلت : حسبك بمن يؤمره عمر ، ثم عثمان على إقليم - وهو ثغر - فيضبطه ويقوم به أتم قيام ، ويرضي الناس بسخائه وحلمه ، وإن كان [ ص: 133 ] بعضهم تألم مرة منه ، وكذلك فليكن الملك . وإن كان غيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرا منه بكثير وأفضل وأصلح ، فهذا الرجل ساد ، وساس العالم بكمال عقله وفرط حلمه وسعة نفسه وقوة دهائه ورأيه . وله هنات وأمور ، والله الموعد .

وكان محببا إلى رعيته . عمل نيابة الشام عشرين سنة ، والخلافة عشرين سنة ، ولم يهجه أحد في دولته ، بل دانت له الأمم ، وحكم على العرب والعجم ، وكان ملكه على الحرمين ، ومصر ، والشام ، والعراق ، وخراسان ، وفارس ، والجزيرة ، واليمن ، والمغرب ، وغير ذلك .

عن إسماعيل بن أمية : أن عمر أفرد معاوية بالشام ، ورزقه في الشهر ثمانين دينارا . والمحفوظ أن الذي أفرد معاوية بالشام عثمان . وعن رجل ، قال : لما قدم عمر الشام ، تلقاه معاوية في موكب عظيم وهيئة ، فلما دنا منه ، قال : أنت صاحب الموكب العظيم ؟ قال : نعم . قال : مع ما بلغني عنك من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك . قال : نعم . قال : ولم تفعل ذلك ؟ قال : نحن بأرض جواسيس العدو بها كثير ، فيجب أن نظهر من عز السلطان ما يرهبهم فإن نهيتني انتهيت ، قال : يا معاوية ! ما أسألك عن شيء إلا تركتني في مثل رواجب الضرس . لئن كان ما قلت حقا ، إنه لرأي أريب ، وإن كان باطلا ، فإنه لخدعة أديب . قال : فمرني . قال : لا آمرك ولا أنهاك . فقيل : يا أمير المؤمنين ! ما أحسن ما صدر عما أوردته . قال : لحسن مصادره وموارده جشمناه ما جشمناه .

[ ص: 134 ] ورويت بإسنادين عن العتبي نحوها .

مسلم بن جندب ، عن أسلم مولى عمر ، قال : قدم معاوية وهو أبض الناس وأجملهم ; فخرج مع عمر إلى الحج ، وكان عمر ينظر إليه ، فيعجب ، ويضع أصبعه على متنه ، ثم يرفعها عن مثل الشراك فيقول : بخ بخ . نحن إذا خير الناس إن جمع لنا خير الدنيا والآخرة . قال : يا أمير المؤمنين ! سأحدثك ; إنا بأرض الحمامات والريف . قال عمر : سأحدثك ، ما بك إلا إلطافك نفسك بأطيب الطعام ، وتصبحك حتى تضرب الشمس متنيك ، وذوو الحاجات وراء الباب . قال : فلما جئنا ذا طوى ، أخرج معاوية حلة ، فلبسها ، فوجد عمر منها طيبا ، فقال : يعمد أحدكم يخرج حاجا تفلا حتى إذا جاء أعظم بلد لله حرمة ، أخرج ثوبيه كأنهما كانا في الطيب فلبسهما ، قال : إنما لبستهما لأدخل فيهما على عشيرتي . والله لقد بلغني أذاك هنا وبالشام ، والله يعلم أني قد عرفت الحياء فيه . ونزع معاوية الثوبين ، ولبس ثوبي إحرامه .

قال المدائني : كان عمر إذا نظر إلى معاوية ، قال : هذا كسرى العرب .

ابن أبي ذئب ، عن المقبري ; قال عمر : تعجبون من دهاء هرقل [ ص: 135 ] وكسرى وتدعون معاوية ؟

عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي عن جده ، قال : دخل معاوية على عمر ، وعليه حلة خضراء . فنظر إليها الصحابة . قال : فوثب إليه عمر بالدرة ، وجعل يقول : الله الله يا أمير المؤمنين ، فيم فيم ؟ فلم يكلمه حتى رجع . فقالوا : لم ضربته وما في قومك مثله ؟ قال : ما رأيت وما بلغني إلا خيرا ، ولكنه رأيته ، وأشار بيده ، فأحببت أن أضع منه .

قال أحمد بن حنبل : فتحت قيسارية سنة تسع عشرة وأميرها معاوية .

وقال يزيد بن عبيدة : غزا معاوية قبرص سنة خمس وعشرين .

وقال الزهري : نزع عثمان عمير بن سعد ، وجمع الشام لمعاوية .

وعن الزهري قال : لم ينفرد معاوية بالشام حتى استخلف عثمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية