صفحة جزء
سعيد بن عبد العزيز : عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن قيس بن الحارث ، عن الصنابحي ، عن أبي الدرداء ، قال : ما رأيت أشبه صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أميركم هذا ، يعني معاوية .

وكيع : عن الأعمش ، عن أبي صالح قال : كان الحادي يحدو بعثمان : [ ص: 136 ]

إن الأمير بعده علي وفي الزبير خلف رضي



فقال كعب : بل هو صاحب البغلة الشهباء ، يعني : معاوية . فبلغ ذلك معاوية ، فأتاه فقال : يا أبا إسحاق تقول هذا وهاهنا علي والزبير وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ! قال : أنت صاحبها .

قال الواقدي : لما قتل عثمان ، بعثت نائلة بنت الفرافصة امرأته إلى معاوية كتابا بما جرى ، وبعثت بقميصه بالدم ، فقرأ معاوية الكتاب ، وطيف بالقميص في أجناد الشام ، وحرضهم على الطلب بدمه . فقال ابن عباس لعلي : اكتب إلى معاوية ، فأقره على الشام ، وأطمعه يكفك نفسه وناحيته . فإذا بايع لك الناس ، أقررته أو عزلته . قال : إنه لا يرضى حتى أعطيه عهد الله وميثاقه أن لا أعزله . وبلغ معاوية فقال : والله لا ألي له شيئا ، ولا أبايعه . وأظهر بالشام أن الزبير قادم عليكم ونبايعه . فلما بلغه مقتله ، ترحم عليه ، وبعث علي جريرا إلى معاوية ، فكلمه وعظم عليا ، فأبى أن يبايع ، فرد جرير ، وأجمع على المسير إلى صفين ، فبعث معاوية أبا مسلم الخولاني إلى علي بأشياء يطلبها منه ، وأن يدفع إليه قتلة عثمان ، فأبى ، ورجع أبو مسلم ، وجرت بينهما رسائل ، وقصد كل منهما الآخر ، فالتقوا لسبع بقين من المحرم سنة سبع .

وفي أول صفر شبت الحرب ، وقتل خلق ، وضجروا ، فرفع أهل الشام المصاحف ، وقالوا : ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فيه ، وكان [ ص: 137 ] ذلك مكيدة من عمرو بن العاص ، فاصطلحوا وكتبوا بينهم كتابا على أن يوافوا أذرح . ويحكموا حكمين .

قال : فلم يقع اتفاق . ورجع علي إلى الكوفة بالدغل من أصحابه والاختلاف . فخرج منهم الخوارج ، وأنكروا تحكيمه ، وقالوا : لا حكم إلا لله . ورجع معاوية بالألفة والاجتماع . وبايعه أهل الشام بالخلافة في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين . فكان يبعث الغارات ، فيقتلون من كان في طاعة علي ، أو من أعان على قتل عثمان . وبعث بسر بن أبي أرطاة إلى الحجاز واليمن يستعرض الناس ، فقتل باليمن عبد الرحمن وقثما ولدي عبيد الله بن عباس ، ثم استشهد علي في رمضان سنة أربعين .

وصالح الحسن بن علي معاوية ، وبايعه ، وسمي عام الجماعة فاستعمل معاوية على الكوفة المغيرة بن شعبة ، وعلى البصرة عبد الله بن عامر بن كريز ، وعلى المدينة أخاه عتبة ثم مروان ، وعلى مصر عمرو بن العاص ، وحج بالناس سنة خمسين . وكان على قضائه بالشام فضالة بن عبيد .

ثم اعتمر سنة ست وخمسين في رجب ، وكان بينه وبين الحسين ، وابن عمر ، وابن الزبير ، وابن أبي بكر ، كلام في بيعة العهد ليزيد ، ثم قال : إني متكلم بكلام فلا تردوا علي أقتلكم ، فخطب ، وأظهر أنهم قد [ ص: 138 ] بايعوا ، وسكتوا ولم ينكروا ورحل على هذا . وادعى زيادا أنه أخوه فولاه الكوفة بعد المغيرة ، فكتب إليه في حجر بن عدي وأصحابه ، وحملهم إليه ، فقتلهم بمرج عذراء . ثم ضم الكوفة والبصرة إلى زياد ، فمات ، فولاهما ابنه عبيد الله بن زياد . [ ص: 139 ] عن عبد المجيد بن سهيل ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : استعملني عثمان على الحج ، ثم قدمت وقد بويع لعلي ، فقال لي : سر إلى الشام ، فقد وليتكها . قلت : ما هذا برأي ، معاوية أموي ، وهو ابن عم عثمان وعامله على الشام ، ولست آمن أن يضرب عنقي بعثمان ، أو أدنى ما هو صانع أن يحبسني ، قال علي : ولم ؟ قلت : لقرابة ما بيني وبينك ، وأن كل من حمل عليك حمل علي . ولكن اكتب إليه ، فمنه وعده ، فأبى علي ، وقال : لا والله لا كان هذا أبدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية