صفحة جزء
شعبة : أنبأنا محمد بن عبيد الله الثقفي ، سمع أبا صالح يقول : شهدت عليا وضع المصحف على رأسه ، حتى سمعت تقعقع الورق فقال : اللهم إني سألتهم ما فيه ، فمنعوني ، اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وأبغضتهم وأبغضوني ، وحملوني على غير أخلاقي ، فأبدلهم بي شرا مني ، وأبدلني بهم خيرا منهم ، ومث قلوبهم ميثة الملح في الماء .

مجالد : عن الشعبي ، عن الحارث ، عن علي ، قال : لا تكرهوا إمرة معاوية ، فلو قد فقدتموه لرأيتم الرءوس تندر عن كواهلها .

لما قتل أمير المؤمنين علي ; بايع أهل العراق ابنه الحسن ، وتجهزوا لقصد الشام في كتائب أمثال الجبال ، وكان الحسن سيدا كبير القدر يرى [ ص: 145 ] حقن الدماء ، ويكره الفتن ، ورأى من العراقيين ما يكره .

قال جرير بن حازم : بايع أهل الكوفة الحسن بعد أبيه وأحبوه أكثر من أبيه .

وقال ابن شوذب : سار الحسن يطلب الشام ، وأقبل معاوية في أهل الشام ، فالتقوا ، فكره الحسن القتال ، وبايع معاوية على أن جعل له العهد بالخلافة من بعده ، فكان أصحاب الحسن يقولون له : يا عار المؤمنين ، فيقول : العار خير من النار .

وعن عوانة بن الحكم ، قال : سار الحسن حتى نزل المدائن ، وبعث على المقدمة قيس بن سعد في اثني عشر ألفا ، فبينا الحسن بالمدائن إذ صاح صائح ، ألا إن قيسا قد قتل . فاختبط الناس ، وانتهب الغوغاء سرادق الحسن ، حتى نازعوه بساطا تحته ، وطعنه خارجي من بني أسد بخنجر ، فقتلوا الخارجي ، فنزل الحسن القصر الأبيض ، وكاتب معاوية في الصلح .

وروى نحوا من هذا الشعبي وأبو إسحاق . وتوجع من تلك الضربة أشهرا ، وعوفي .

قال هلال بن خباب : قال الحسن بن علي : يا أهل الكوفة ! لو لم تذهل نفسي عليكم إلا لثلاث لذهلت ; لقتلكم أبي ، وطعنكم في فخذي ، وانتهابكم ثقلي .

قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحسن : إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين [ ص: 146 ] عظيمتين من المسلمين ثم إن معاوية أجاب إلى الصلح ، وسر بذلك ، ودخل هو والحسن الكوفة راكبين ، وتسلم معاوية الخلافة في آخر ربيع الآخر ، وسمي عام الجماعة لاجتماعهم على إمام ، وهو عام أحد وأربعين .

وقال ابن إسحاق : بويع معاوية بالخلافة في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين لما دخل الكوفة .

وقال أبو معشر : بايعه الحسن بأذرح في جمادى الأولى ، وهو عام الجماعة .

قال المدائني : أقبل معاوية إلى العراق في ستين ألفا ، واستخلف على الشام الضحاك بن قيس ، فلما بلغ الحسن أن معاوية عبر جسر منبج ، عقد لقيس بن سعد على اثني عشر ألفا فسار إلى مسكن وأقبل معاوية إلى الأخنونية في عشرة أيام معه القصاص يعظون ، ويحضون أهل الشام . فنزلوا بإزاء عسكر قيس ، وقدم بسر بن أبي أرطاة إليهم ، فكان بينهم مناوشة ، ثم تحاجزوا .

قال الزهري : عمل معاوية عامين ما يخرم عمل عمر ثم إنه بعد .

الأعمش : عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن سويد ، قال : صلى بنا معاوية في النخيلة الجمعة في الضحى ، ثم خطب وقال : ما قاتلنا لتصوموا ، [ ص: 147 ] ولا لتصلوا ، ولا لتحجوا ، أو تزكوا ، قد عرفت أنكم تفعلون ذلك ، ولكن إنما قاتلناكم لأتأمر عليكم ، فقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون .

السري بن إسماعيل ، عن الشعبي ; حدثني سفيان بن الليل ، قلت للحسن لما رجع إلى المدينة من الكوفة : يا مذل المؤمنين . قال : لا تقل ذلك ; فإني سمعت أبي يقول : لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك معاوية ، فعلمت أن أمر الله واقع ، فكرهت القتال .

السري تالف .

شعيب : عن الزهري ، عن القاسم بن محمد أن معاوية لما قدم المدينة حاجا ، دخل على عائشة ، فلم يشهد كلامهما إلا ذكوان مولاها ، فقالت له : أمنت أن أخبأ لك رجلا يقتلك بأخي محمد . قال : صدقت . ثم وعظته ، وحضته على الاتباع ، فلما خرج ، اتكأ على ذكوان ، وقال : والله ما سمعت خطيبا - ليس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبلغ من عائشة .

[ ص: 148 ] محمد بن سعد : حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا سليمان بن بلال ، حدثني علقمة بن أبي علقمة ، عن أمه قالت : قدم معاوية ، فأرسل إلى عائشة أن أرسلي إلي بأنبجانية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشعره ، فأرسلت به معي أحمله ، حتى دخلت عليه ، فأخذ الأنبجانية ، فلبسها ، ودعا بماء فغسل الشعر ، فشربه ، وأفاض على جلده .

أبو بكر الهذلي : عن الشعبي ، قال : لما قدم معاوية المدينة عام الجماعة ، تلقته قريش ، فقالوا : الحمد لله الذي أعز نصرك وأعلى أمرك ، فسكت حتى دخل المدينة ، وعلا المنبر ، فحمد الله ، وقال : أما بعد ، فإني والله وليت أمركم حين وليته وأنا أعلم أنكم لا تسرون بولايتي ولا تحبونها ، وإني لعالم بما في نفوسكم ، ولكن خالستكم بسيفي هذا مخالسة ، ولقد أردت نفسي على عمل أبي بكر وعمر ، فلم أجدها تقوم بذلك ، ووجدتها عن عمل عمر أشد نفورا ، وحاولتها على مثل سنيات عثمان ، فأبت علي ، وأين مثل هؤلاء ; هيهات أن يدرك فضلهم ، غير أني سلكت طريقا لي فيه منفعة ، ولكم فيه مثل ذلك ، ولكل فيه مواكلة حسنة ومشاربة جميلة ما استقامت السيرة ، فإن لم تجدوني خيركم ، فأنا خير لكم ، والله لا أحمل السيف على من لا سيف معه ، ومهما تقدم مما قد علمتموه فقد جعلته دبر أذني ، وإن لم تجدوني أقوم بحقكم كله ، فارضوا ببعضه ، فإنها ليست بقائبة قوبها ، وإن السيل إن جاء تترى - وإن قل - أغنى ، إياكم والفتنة ، [ ص: 149 ] فلا تهموا بها فإنها تفسد المعيشة ، وتكدر النعمة ، وتورث الاستئصال ، وأستغفر الله لي ولكم . ثم نزل .

" القائبة " : البيضة ، " والقوب " : الفرخ ، يقال : قابت البيضة : إذا انفلقت عن الفرخ .

محمد بن بشر العبدي : حدثنا مجالد ، عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد مرفوعا : إذا رأيتم فلانا يخطب على منبري ، فاقتلوه .

رواه جندل بن والق عن محمد بن بشر ، فقال بدل " فلانا " : معاوية . وتابعه الوليد بن القاسم ، عن مجالد .

وقال حماد وجماعة : عن علي بن زيد ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد مرفوعا : إذا رأيتم معاوية على منبري ، فاقتلوه . .

الحكم بن ظهير - واه - عن عاصم ، عن زر عن عبد الله مرفوعا نحوه .

وجاء عن الحسن مرسلا .

وروي بإسناد مظلم ، عن جابر مرفوعا : إذا رأيتم معاوية يخطب [ ص: 150 ] على منبري ، فاقبلوه ، فإنه أمين مأمون . .

هذا كذب . ويقال : هو معاوية بن تابوه المنافق .

التالي السابق


الخدمات العلمية