صفحة جزء
قال سعيد بن عبد العزيز : لما قتل عثمان ، ووقع الاختلاف ، لم يكن للناس غزو حتى اجتمعوا على معاوية ، فأغزاهم مرات . ثم أغزى ابنه في جماعة من الصحابة برا وبحرا حتى أجاز بهم الخليج ، وقاتلوا أهل القسطنطينية على بابها ، ثم قفل .

الليث عن بكير ، عن بسر بن سعيد ، أن سعد بن أبي وقاص قال : ما رأيت أحدا بعد عثمان أقضى بحق من صاحب هذا الباب ، يعني معاوية .

أبو بكر بن أبي مريم : عن ثابت مولى سفيان : سمعت معاوية ، وهو يقول : إني لست بخيركم ، وإن فيكم من هو خير مني : ابن عمر ، وعبد الله بن عمرو وغيرهما . ولكني عسيت أن أكون أنكاكم في عدوكم ، وأنعمكم لكم ولاية ، وأحسنكم خلقا .

عقيل ، ومعمر ، عن الزهري ، حدثني عروة أن المسور بن مخرمة [ ص: 151 ] أخبره أنه وفد على معاوية ، فقضى حاجته ، ثم خلا به ، فقال : يا مسور ! ما فعل طعنك على الأئمة ؟ قال : دعنا من هذا وأحسن . قال : لا والله ، لتكلمني بذات نفسك بالذي تعيب علي . قال مسور : فلم أترك شيئا أعيبه عليه إلا بينت له . فقال : لا أبرأ من الذنب . فهل تعد لنا يا مسور ما نلي من الإصلاح في أمر العامة ، فإن الحسنة بعشر أمثالها ، أم تعد الذنوب ، وتترك الإحسان ؟ قال : ما تذكر إلا الذنوب . قال معاوية : فإنا نعترف لله بكل ذنب أذنبناه ، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك إن لم تغفر ؟ قال : نعم . قال : فما يجعلك الله برجاء المغفرة أحق مني ، فوالله ما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي ، ولكن والله لا أخير بين أمرين بين الله وبين غيره ، إلا اخترت الله على ما سواه ، وإني لعلى دين يقبل فيه العمل ويجزى فيه بالحسنات ، ويجزى فيه بالذنوب إلا أن يعفو الله عنها . قال : فخصمني . قال عروة : فلم أسمع المسور ذكر معاوية إلا صلى عليه .

عمرو بن واقد : حدثنا يونس بن ميسرة : سمعت معاوية يقول على منبر دمشق : تصدقوا ولا يقل أحدكم : إني مقل ، فإن صدقة المقل أفضل من صدقة الغني .

الشافعي : أنبأنا عبد المجيد ، عن ابن جريج ، أخبرني عتبة بن محمد ، أخبرني كريب مولى ابن عباس : أنه رأى معاوية صلى العشاء ، ثم أوتر بركعة واحدة لم يزد ، فأخبر ابن عباس ، فقال : أصاب . أي بني ! ليس [ ص: 152 ] أحد منا أعلم من معاوية . هي واحدة أو خمس أو سبع أو أكثر .

أبو اليمان : حدثنا ابن أبي مريم ، عن عطية بن قيس ، قال : خطبنا معاوية ، فقال : إن في بيت مالكم فضلا عن عطائكم ، وأنا قاسمه بينكم .

هشام بن عمار : حدثنا عمرو بن واقد ، عن يونس بن حلبس ، قال : رأيت معاوية في سوق دمشق على بغلة ، خلفه وصيف قد أردفه ، عليه قميص مرقوع الجيب .

قال أبو بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق ، قال : كان معاوية ، وما رأينا بعده مثله .

ابن عيينة : حدثنا ابن أبي خالد ، عن الشعبي ; سمعت معاوية يقول : لو أن عليا لم يفعل ما فعل ، ثم كان في غار ، لذهب الناس إليه حتى يستخرجوه منه .

العوام بن حوشب : عن جبلة بن سحيم ، عن ابن عمر ، قال : ما رأيت أحدا أسود من معاوية ، قلت : ولا عمر ؟ قال : كان عمر خيرا منه ، وكان معاوية أسود منه .

وروي عن أبي يعقوب ، عن ابن عمر نحوه .

وروى ابن إسحاق ، عن نافع : عن ابن عمر مثله ، ولفظه : ما رأيت أحدا قط بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أسود من معاوية . فقلت : كان أسود [ ص: 153 ] من أبي بكر ؟ فقال : كان أبو بكر خيرا منه ، وهو كان أسود . قلت : كان أسود من عمر ؟ . . . الحديث .

معمر : عن همام بن منبه ، سمعت ابن عباس يقول : ما رأيت رجلا كان أخلق للملك من معاوية ، كان الناس يردون منه على أرجاء واد رحب ، لم يكن بالضيق الحصر العصعص المتغضب . يعني ابن الزبير .

أيوب : عن أبي قلابة ; قال كعب بن مالك : لن يملك أحد هذه الأمة ما ملك معاوية .

مجالد : عن الشعبي ، عن قبيصة بن جابر ; قال : صحبت معاوية ، فما رأيت رجلا أثقل حلما ، ولا أبطأ جهلا ، ولا أبعد أناة منه .

ويروى عن معاوية قال : إني لأرفع نفسي أن يكون ذنب أوزن من حلمي .

مجالد : عن الشعبي ، قال : أغلظ رجل لمعاوية ، فقال : أنهاك عن السلطان ، فإن غضبه غضب الصبي ، وأخذه أخذ الأسد .

[ ص: 154 ] الأصمعي : حدثنا ابن عون قال : كان الرجل يقول لمعاوية : والله لتستقيمن بنا يا معاوية ، أو لنقومنك ، فيقول : بماذا ؟ فيقولون : بالخشب ، فيقول : إذا أستقيم .

عن ابن عباس ، قال : علمت بما كان معاوية يغلب الناس ; كان إذا طاروا وقع ، واذا وقعوا طار .

مجالد : عن الشعبي ، عن زياد بن أبيه ، قال : ما غلبني معاوية في شيء إلا بابا واحدا ; استعملت فلانا ، فكسر الخراج . فخشي أن أعاقبه ، ففر مني إلى معاوية . فكتبت إليه : إن هذا أدب سوء لمن قبلي . فكتب إلي : إنه لا ينبغي أن نسوس الناس سياسة واحدة ; أن نلين جميعا فيمرح الناس في المعصية ، ولا نشتد جميعا ، فنحمل الناس على المهالك ، ولكن تكون للشدة والفظاظة ، وأكون أنا للين والألفة .

أبو مسهر : عن سعيد بن عبد العزيز ، قال : قضى معاوية عن عائشة ثمانية عشر ألف دينار .

وقال عروة : بعث معاوية مرة إلى عائشة بمائة ألف ، فوالله ما أمست حتى فرقتها .

حسين بن واقد : عن ابن بريدة ، دخل الحسن بن علي على معاوية ، فقال : لأجيزنك بجائزة لم يجزها أحد كان قبلي ، فأعطاه أربعمائة ألف .

التالي السابق


الخدمات العلمية