صفحة جزء
ابن جوصا

الإمام الحافظ الأوحد ، محدث الشام أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن موسى بن جوصا ، مولى بني هاشم ، ويقال : مولى محمد بن صالح الكلابي الدمشقي .

ولد في حدود الثلاثين ومائتين .

وسمع عمرو بن عثمان الحمصي ، ومحمد بن هاشم البعلبكي ، ومحمد بن وزير ، وكثير بن عبيد ، وأبا التقي هشام بن عبد الملك اليزني وعمران بن بكار ، ويونس بن عبد الأعلى ، ومحمد بن عبد الله [ ص: 16 ] بن ميمون الإسكندراني ، ومعاوية بن عمرو الحمصي ، صاحب حريز بن عثمان ، وموسى بن عامر المري ، ومحمد بن عوف الطائي ، وخلقا سواهم بمصر والشام ، ولقي بدمشق شويخا حدثه عن معروف الخياط .

حدث عنه : حمزة الكناني ، وأبو القاسم الطبراني ، وأبو علي النيسابوري ، وأبو بكر بن السني ، وأبو أحمد بن عدي ، والزبير بن عبد الواحد الأسداباذي وأبو أحمد الحاكم ، وخلق كثير ، آخرهم موتا عبد الوهاب الكلابي .

وقال الطبراني : ابن جوصا ثقة .

قال أبو علي الحافظ : سمعت ابن جوصا ، -وكان ركنا من أركان الحديث- يقول : إسناد خمسين سنة من موت الشيخ ، إسناد علو .

قال أبو ذر الهروي : سمعت أبا مسعود الدمشقي يقول : جاء رجل بغدادي يحفظ إلى ابن جوصا ، فقال له ابن جوصا : كلما أغربت علي حديثا من حديث الشاميين أعطيتك درهما . فلم يزل الرجل يلقي عليه ما شاء الله ، ولا يغرب عليه ، فاغتم ، فقال للرجل : لا تجزع ، وأعطاه لكل حديث ذاكره به درهما ، وكان ابن جوصا ذا مال كثير .

قلت : كان من أكابر الدمشقيين .

قال الحافظ عبد الغني بن سعيد : حدثنا محمد بن إبراهيم الكرجي ، قال : ابن جوصا بالشام ، كابن عقدة في الكوفة .

[ ص: 17 ] وقال الدارقطني : أجمع أهل الكوفة على أنه لم ير من زمان ابن مسعود -رضي الله عنه- إلى أن وجد ابن عقدة أحفظ من ابن عقدة .

قال أبو عمرو النيسابوري الصغير : نزلنا خانا بدمشق العصر ، ونحن على أن نبكر إلى ابن جوصا ، فإذا الخاني يصيح : أين أبو علي الحافظ ؟ فقلت : هاهنا . قال : قد حضره الشيخ زائرا . فإذا بأبي الحسن بن جوصا على بغلة ، فنزل عنها ، ثم صعد إلى غرفتنا ، وسلم على أبي علي ، ورحب به ، وأخذ في المذاكرة معه إلى قرب العتمة ثم قال : يا أبا علي ، جمعت حديث عبد الله بن دينار ؟ قال : نعم . قال : أخرجه إلي .

فأخرجه ، فأخذه الشيخ في كمه وقام ، فلما أصبحنا جاءنا رسوله ، وحملنا إلى منزله ، فذاكره أبو علي ، وانتخب عليه إلى المساء ، ثم انصرفنا إلى رحلنا ، وجماعة من الرحالة ينتظرون أبا علي ، فسلموا عليه ثم ذكروا شأن ابن جوصا ، وما نقموا عليه من الأحاديث التي أنكروها ، وأبو علي يسكتهم ، ويقول : لا تفعلوا; هذا إمام من أئمة المسلمين ، وقد جاز القنطرة .

قال أبو عبد الرحمن السلمي : سألت الدارقطني عن ابن جوصا ، فقال : تفرد بأحاديث ، ولم يكن بالقوي .

قلت : هو من الشيوخ النوازل عند حمزة بن محمد الكناني ، ولهذا يقول : عندي عن ابن جوصا مائتا جزء ليتها كانت بياضا . وترك حمزة الرواية [ ص: 18 ] عنه أصلا .

وابن جوصا إمام حافظ له غلط كغيره في الإسناد لا في المتن ، وما يضعفه بمثل ذلك إلا متعنت .

قال جماعة : حدثنا ابن جوصا ، حدثنا أبو التقي ، حدثنا بقية ، حدثنا ورقاء وابن ثوبان ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن أبي هريرة رفعه ، قال : إذا أقيمت الصلاة ، فلا صلاة إلا المكتوبة .

أنكر على ابن جوصا ذكر ابن ثوبان في الإسناد ، والخطب سهل ، فلو كان وهما لما ضر ، فلعله حفظه .

قال الطبراني : تفرد به ابن جوصا ، وكان من ثقات المسلمين وأجلهم .

قلت : وقد رواه أبو بكر بن المقرئ ، فقال : حدثنا الحسين بن التقي بن أبي التقي اليزني ، حدثنا جدي ، فذكره متابعا لابن جوصا . ورواه ثقتان عن أحمد بن محمد بن عنبسة الحمصي ، عن أبي التقي كذلك ، فتخلص الحافظ أبو الحسن منه . وأبو التقي فثقة حجة ، ثم إن أحمد بن محمد بن عنبسة ، قال : كان هذا الحديث عند أبي التقي في مكانين . ففي موضع [ ص: 19 ] عن ورقاء ، وفي موضع عن ابن ثوبان ، فجمعهما .

قلت : رواه قبل جمعهما مرات عن ورقاء وجده .

قال حمزة الكناني : سمعت ابن جوصا يقول : كنا ببغداد ، فتذاكروا حديث أيوب وأشباهه ، فقلت : أيش أسند جنادة عن عبادة ؟ فسكتوا . ثم قلت : ما أسند عمرو بن عمرو الأحموسي ؟ فلم يجيبوا .

قال الحافظ أبو علي النيسابوري : إنما حدثونا عن أبي التقي برواية ابن ثوبان ، عن عطاء بن يسار ، ليس فيه عمرو بن دينار .

قال الحاكم : سمعت الزبير الأسدآباذي يقول : حكم الله بيننا وبين أبي علي الحافظ ، أتيناه بدمشق ، وصورنا له حال ابن جوصا ، وأقمنا فيه الحجج والبراهين فأخذ عطاءه . قلت للزبير : لو كتبت إلى أبي علي بهذا . فكتب إليه معي . فقال لي أبو علي : لا تشتغل بذا; فإن الزبير طبلي .

قال أبو القاسم في " تاريخ دمشق " : ابن جوصا شيخ الشام في وقته ، رحل وصنف وذاكر ، وحدث عن : محمد بن وزير ، وموسى بن عامر ، وشعيب بن شعيب بن إسحاق ، وأحمد بن عبد الواحد ، ومحمود بن [ ص: 20 ] سميع ، ويزيد بن عبد الصمد ، وعمرو بن عثمان الحمصي ، وأخيه يحيى ، وابن عبد الحكم ، ويونس ، والربيع بن سليمان ، والزبير بن بكار ، وخلق كثير . ثم سمى الرواة عنه .

أخبرنا المسلم بن علان في كتابه ، عن القاسم بن علي بن الحسن ، أخبرنا أبي ، أخبرنا هبة الله بن الأكفاني ، حدثنا الكتاني ، حدثنا العلاء بن حزم ، حدثنا علي بن بقاء ، حدثنا عبد الغني بن سعيد ، سمعت أبا الفضل جعفر بن محمد ، سمعت أبا الحسن -يعني الدارقطني - يقول : أجمع أهل الكوفة على أنه لم ير من زمن ابن مسعود إلى زمان ابن عقدة أحفظ من ابن عقدة .

قال عبد الغني : وسمعت أبا همام محمد بن إبراهيم يقول : ابن جوصا بالشام كابن عقدة بالكوفة . ثم قال عبد الغني وأبو سعيد بن يونس : كهؤلاء في مواضعهم .

قال الحاكم : سمعت الزبير بن عبد الواحد يقول : ما رأيت لأبي علي الحافظ زلة إلا روايته عن عبد الله بن وهب الدينوري ، وأحمد بن جوصا .

قلت : ابن جوصا خير من الدينوري بكثير .

توفي ابن جوصا في جمادى الأولى سنة عشرين وثلاثمائة .

وقد أخبرنا بحديثه المذكور في إذا أقيمت الصلاة أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء بقراءتي عن عبد المعز بن محمد ، أخبرنا تميم بن أبي [ ص: 21 ] سعيد ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأديب ، أخبرنا أبو أحمد الحافظ ، حدثنا أحمد بن عمير بن جوصا ، حدثنا اليزني فذكره .

وقال أبو أحمد بن عدي في " كامله " : حدثنا ابن جوصا ، حدثنا معاوية بن عبد الرحمن الرحبي ، سمعت حريز بن عثمان يقول : سألت عبد الله بن بسر ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : كان في عنفقته شعرات بيض .

وأخبرنا محمد بن علي الدمشقي ، ومحمد بن علي الواسطي ، قالا : أخبرنا البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الحق ، أخبرنا يحيى بن منده ، أخبرنا أحمد بن محمود ، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ ، حدثنا أحمد بن جوصا ، حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا حريز بن عثمان قال : قلت لعبد الله بن بسر : هل كان في رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من شيب ؟ قال : كان في رأس رسول الله شعرات بيض إذا دهن تغير .

هذا حديث غريب بهذا اللفظ . ومعاوية شيخ ابن جوصا لا يعرف ، ولا وجدته في كتب الجرح .

التالي السابق


الخدمات العلمية