صفحة جزء
أبو علي الثقفي

الإمام المحدث الفقيه العلامة الزاهد العابد شيخ خراسان ، أبو [ ص: 281 ] علي ، محمد بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب ، الثقفي النيسابوري الشافعي الواعظ ، من ولد الحجاج .

مولده بقهستان في سنة أربع وأربعين ومائتين .

سمع من : محمد بن عبد الوهاب الفراء ، وموسى بن نصر الرازي ، وأحمد بن ملاعب الحافظ ، ومحمد بن الجهم السمري ، وطبقتهم ، سمع في كبره .

حدث عنه : أبو بكر الصبغي ، وأبو الوليد الفقيه ، وأبو علي النيسابوري ، وأبو أحمد الحاكم ، وآخرون .

قال الحاكم : شهدت جنازته ، فلا أذكر أني رأيت بنيسابور مثل ذلك الجمع ، وحضرت مجلس وعظه وأنا صغير ، فسمعته يقول في دعائه : إنك أنت الوهاب [ الوهاب الوهاب ] .

قال شيخنا الصبغي : شمائل الصحابة والتابعين ، أخذها مالك الإمام عنهم ، وأخذها عن مالك يحيى بن يحيى التميمي ، وأخذها عن يحيى محمد بن نصر المروزي ، وأخذها عن ابن نصر أبو علي الثقفي .

قال الحاكم : وسمعت أبا الوليد الفقيه ، يقول : دخلت على ابن سريج ببغداد ، فسألني : على من درست فقه الشافعي بخراسان ؟ قلت : [ ص: 282 ] على أبي علي الثقفي . قال : لعلك تعني : الحجاجي الأزرق ؟ قلت : بلى . قال : ما جاءنا من خراسان أفقه منه .

وسمعت أبا العباس الزاهد ، يقول : كان أبو علي في عصره حجة الله على خلقه .

وسمعت الصبغي ، يقول : ما عرفنا الجدل والنظر حتى ورد أبو علي الثقفي من العراق .

قال أبو عبد الرحمن السلمي : لقي أبو علي الثقفي أبا حفص النيسابوري ، وحمدون القصار ، وكان إماما في أكثر علوم الشرع ، مقدما في كل فن منه ، عطل أكثر علومه ، واشتغل بعلم الصوفية ، وقعد ، وتكلم عليهم أحسن كلام في عيوب النفس ، وآفات الأفعال ومع علمه وكماله خالف الإمام ابن خزيمة في مسائل التوفيق والخذلان ، ومسألة الإيمان ، ومسألة اللفظ ، فألزم البيت ، ولم يخرج منه إلى أن مات وأصابه في ذلك محن .

ومن قوله : يا من باع كل شيء بلا شيء ، واشترى لا شيء بكل شيء .

وقال : أف من أشغال الدنيا إذا أقبلت ، وأف من حسراتها إذا أدبرت . العاقل لا يركن إلى شيء ، إن أقبل كان شغلا ، وإن أدبر كان حسرة .

[ ص: 283 ] وقال أبو بكر الرازي : سمعته يقول : ترك الرياء للرياء أقبح من الرياء .

وعنه قال : هو ذا أنظر إلى طريق نجاتي مثل ما أنظر إلى الشمس ، وليس أخطو خطوة .

وكان كثيرا ما يتكلم في رؤية عيب الأفعال .

مات أبو علي في جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية