صفحة جزء
ابن الأخرم

الإمام الحافظ المتقن الحجة أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف ، الشيباني النيسابوري بن الأخرم ، ويعرف قديما بابن الكرماني .

[ ص: 467 ] ولد سنة خمسين ومائتين .

شهد جنازة الإمام محمد بن يحيى الذهلي ، وصلى عليه .

وسمع من ولده يحيى بن محمد حيكان ، وعلي بن الحسن الهلالي الدرابجردي - ودرابجرد : محلة من حواضر نيسابور المتطرقة على الصحراء- وإبراهيم بن عبد الله السعدي ، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء ، وخشنام بن الصديق ، وإسحاق بن عمران الإسفراييني الفقيه ، والحسين بن الفضل البجلي المفسر ، ومحمد بن نصر المروزي الإمام ، وجعفر بن محمد الترك ، والحسين بن محمد بن زياد القباني ، وخلق كثير .

وجمع فأوعى ، ومع حفظه وسعة علمه لم يرحل في الحديث ، بل قنع بحديث بلده .

حدث عنه : أبو بكر بن إسحاق الصبغي ، وحسان بن محمد الفقيه ، وأبو عبد الله بن منده ، وأبو عبد الله الحاكم ، ويحيى بن إبراهيم والمزكي ، وخلق كثير .

قال الحاكم : كان صدر أهل الحديث ببلدنا بعد ابن الشرقي ، يحفظ ويفهم ، وصنف كتاب " المستخرج على الصحيحين " وصنف " المسند الكبير " ، وسأله أبو العباس السراج أن يخرج له كتابا على " صحيح مسلم " ففعل .

وسمعت أبا عبد الله بن يعقوب غير مرة ، يقول : ذهب عمري في [ ص: 468 ] جمع هذا الكتاب -يعني " المستخرج " -على كتاب مسلم وسمعته تندم على تصنيفه " المختصر الصحيح المتفق عليه " ، ويقول : من حقنا أن نجهد في زيادة الصحيح -إلى أن قال الحاكم - : وكان أبو عبد الله من أنحى الناس ، ما أخذ عليه لحن قط ، وله كلام حسن في العلل والرجال .

سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول : كان ابن خزيمة يقدم أبا عبد الله بن يعقوب على كافة أقرانه ، ويعتمد قوله فيما يرد عليه ، وإذا شك في شيء عرضه عليه .

قال الحاكم : حضرنا مجلس الصبغي ، وحضر أبو علي الحافظ ، وابن الأخرم ، فأملى الصبغي عن إبراهيم الهسنجاني ، عن أبي الطاهر ، عن ابن وهب ، عن يونس ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مرفوعا : من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها فقال ابن الأخرم : يا أبا علي ، من قال فيه : فقد أدركها كلها ؟ .

قال : هذا لا نحفظه إلا من حديث عبيد الله بن عمر ، عن الزهري .

قال أبو عبد الله : بلى ، في حديث حرملة ، عن ابن وهب ، عن يونس ، فقد أدركها كلها فقال أبو علي : حدثناه ابن قتيبة ، عن حرملة ، ولم يقل : كلها .

[ ص: 469 ] قال أبو عبد الله : حدث به مسلم عن حرملة ، وجرى بينهما كلام كثير .

وفي المجلس الثاني ، أحضر أبو عبد الله كتاب مسلم بخط مسلم عن حرملة ، وفيه " كلها " ، فقال أبو علي : من لا يحفظ الشيء يعذر ، فقال أبو عبد الله : من ينكر هذا تعرك أذنه ، وتفك أسنانه . فامتلأ أبو علي غيظا ، وهم أبو عبد الله بالقيام ، فقال له أبو علي : اقعد ; فإن هنا حسابا آخر . قال : وما هو ؟ قال : حدثت عن كشمرد ، عن حفص ، عن إبراهيم بن طهمان بحديثين قد تفرد بهما عن حفص ابنه ، وأحمد ، قال : لم أحدث ، قال : بلى ، ثقتان سمعاه منك . قال : إن كنت حدثت به فقد رجعت عنه . قال : وفي تخريجك القديم على " كتاب مسلم " ، عن أحمد بن سلمة ، عن محمد بن المثنى ، عن محمد جهضم حديث " والآن " قد رويته عن علي [ عن ] ابن جهضم ، قال : كلاهما عندي ، وقد حدثت بهما ، قال : فأخرج إلينا حديثك عن علي بن الحسن .

قال الحاكم : سمعت أبا عبد الله بن الأخرم يقول : هذا جزاء من لم يمت مع أقرانه ، وكنت أرى أبا علي بعد نادما على ما قال ذلك اليوم .

قال الحاكم : مات في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وثلاثمائة .

قلت : فيها مات مقرئ بغداد أبو الحسين أحمد بن عثمان بن بويان صاحب حرف نافع ، ومحدث دمشق أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هاشم [ ص: 470 ] الأذرعي ، ومسند بغداد أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق ابن السماك ، وشيخ الشافعية العلامة ، أبو بكر محمد بن أحمد بن الحداد الكناني بمصر ، ومسند حلب محمد بن عيسى التميمي البغدادي العلاف ، والإمام أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري النيسابوري المفسر .

التالي السابق


الخدمات العلمية