صفحة جزء
ابن سعد : عن الواقدي ، والمدائني ، عن رجالهما ؛ أن محفز بن ثعلبة العائذي قدم برأس الحسين على يزيد ، فقال : أتيتك يا أمير المؤمنين برأس أحمق الناس وألأمهم . فقال يزيد : ما ولدت أم محفز أحمق وألأم ؛ لكن الرجل لم يتدبر كلام الله : قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ثم بعث يزيد برأس الحسين إلى متولي المدينة ، [ ص: 316 ] فدفن بالبقيع عند أمه .

وقال عبد الصمد بن سعيد القاضي : حدثنا سليمان بن عبد الحميد البهرائي : سمعت أبا أمية الكلاعي قال : سمعت أبا كرب قال : كنت فيمن توثب على الوليد بن يزيد بدمشق ، فأخذت سفطا ، وقلت : فيه غنائي ؛ فركبت فرسي ، وخرجت به من باب توما ، قال : ففتحته ، فإذا فيه رأس مكتوب عليه . هذا رأس الحسين بن علي ، فحفرت له بسيفي ، فدفنته .

أبو خالد الأحمر : حدثنا رزين ، حدثتني سلمى قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي ؛ قلت : ما يبكيك ؟ قالت : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام ، وعلى رأسه ولحيته التراب ، فقلت : ما لك يا رسول الله ؟ قال : شهدت قتل الحسين آنفا .

رزين هو ابن حبيب . وثقه ابن معين .

حماد بن سلمة : عن عمار بن أبي عمار ؛ سمعت أم سلمة تقول : سمعت الجن يبكين على حسين ، وتنوح عليه .

سويد بن سعيد : حدثنا عمرو بن ثابت ، حدثنا حبيب بن أبي ثابت ؛ أن أم سلمة سمعت نوح الجن على الحسين .

عبيد بن جناد : حدثنا عطاء بن مسلم ، عن أبي جناب الكلبي قال : أتيت كربلاء ، فقلت لرجل من أشراف العرب : بلغني أنكم تسمعون نوح الجن . قال : ما تلقى حرا ولا عبدا إلا أخبرك أنه سمع ذلك . قلت : فما سمعت أنت ؟ قال : سمعتهم يقولون : [ ص: 317 ]

مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود     أبواه من عليا قري
ش وجده خير الجدود



محمد بن جرير : حدثت عن أبي عبيدة ، حدثنا يونس بن حبيب قال : لما قتل عبيد الله الحسين وأهله . بعث برءوسهم إلى يزيد ، فسر بقتلهم أولا ؛ ثم لم يلبث حتى ندم على قتلهم ، فكان يقول : وما علي لو احتملت الأذى ، وأنزلت الحسين معي ، وحكمته فيما يريد ، وإن كان علي في ذلك وهن ، حفظا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورعاية لحقه . لعن الله ابن مرجانة - يعني عبيد الله - فإنه أحرجه ، واضطره ، وقد كان سأل أن يخلي سبيله أن يرجع من حيث أقبل ، أو يأتيني ، فيضع يده في يدي ، أو يلحق بثغر من الثغور ، فأبى ذلك عليه وقتله ، فأبغضني بقتله المسلمون ، وزرع لي في قلوبهم العداوة .

جرير : عن الأعمش ، قال : تغوط رجل من بني أسد على قبر الحسين ، فأصاب أهل ذلك البيت خبل ، وجنون ، وبرص ، وفقر ، وجذام .

قال هشام بن الكلبي : لما أجري الماء على قبر الحسين ، انمحى أثر القبر ، فجاء أعرابي ، فتتبعه ، حتى وقع على أثر القبر ، فبكى ، وقال :

أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه     فطيب تراب القبر دل على القبر



سفيان بن عيينة : حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه ، قال : قتل علي وهو [ ص: 318 ] ابن ثمان وخمسين . ومات لها حسن ، وقتل لها حسين .

قلت : قوله : مات لها حسن : خطأ ، بل عاش سبعا وأربعين سنة .

قال الجماعة : مات يوم عاشوراء سنة إحدى وستين ، زاد بعضهم يوم السبت وقيل : يوم الجمعة ، وقيل : يوم الاثنين .

ومولده في شعبان سنة أربع من الهجرة .

عبد الحميد بن بهرام ، وآخر ثقة ، عن شهر بن حوشب ، قال : كنت عند أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أتاها قتل الحسين ، فقالت : قد فعلوها؟! ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا ، ووقعت مغشية عليها ، فقمنا .

ونقل الزبير لسليمان بن قتة يرثي الحسين :

وإن قتيل الطف من آل هاشم     أذل رقابا من قريش فذلت
فإن يتبعوه عائذ البيت يصبحوا     كعاد تعمت عن هداها فضلت
مررت على أبيات آل محمد     فألفيتها أمثالها حين حلت
[ ص: 319 ] وكانوا لنا غنما فعادوا رزية     لقد عظمت تلك الرزايا وجلت
فلا يبعد الله الديار وأهلها     وإن أصبحت منهم برغمي تخلت
ألم تر أن الأرض أضحت مريضة     لفقد حسين والبلاد اقشعرت



قوله : أذل رقابا ؛ أي لا يرعون عن قتل قرشي بعده .

أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة : حدثني أبي ، عن أبيه ، قال : أخبرني أبي حمزة بن يزيد الحضرمي قال : رأيت امرأة من أجمل النساء وأعقلهن ، يقال لها : ريا ؛ حاضنة يزيد ، يقال : بلغت مائة سنة . قالت : دخل رجل على يزيد ، فقال : أبشر ، فقد أمكنك الله من الحسين ؛ وجيء برأسه ، قال : فوضع في طست ، فأمر الغلام ، فكشفه ، فحين رآه ، خمر وجهه كأنه شم منه . فقلت لها : أقرع ثناياه بقضيب ؟ قالت : إي والله .

ثم قال حمزة : وقد حدثني بعض أهلنا أنه رأى رأس الحسين مصلوبا بدمشق ثلاثة أيام .

وحدثتني ريا ؛ أن الرأس مكث في خزائن السلاح حتى ولي سليمان ، فبعث ، فجيء به ، وقد بقي عظما أبيض ، فجعله في سفط ، وطيبه ، وكفنه ، ودفنه في مقابر المسلمين . فلما دخلت المسودة سألوا عن موضع الرأس ، فنبشوه ، وأخذوه ، فالله أعلم ما صنع به .

وذكر باقي الحكاية وهي قوية الإسناد .

يحيى بن بكير ، حدثني الليث قال : أبى الحسين أن يستأسر حتى قتل بالطف ، وانطلقوا ببنيه علي ، وفاطمة ، وسكينة إلى يزيد ، فجعل سكينة خلف سريره لئلا ترى رأس أبيها ، وعلي في غل ، فضرب على ثنيتي [ ص: 320 ] الحسين ، وتمثل بذاك البيت . فقال علي : ما أصاب من مصيبة في الأرض الآية فثقل على يزيد أن تمثل ببيت ، وتلا علي آية ، فقال : بل فبما كسبت أيديكم فقال : أما والله لو رآنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحب أن يخلينا . قال : صدقت ، فخلوهم . قال : ولو وقفنا بين يديه ، لأحب أن يقربنا . قال : صدقت ، قربوهم . فجعلت سكينة وفاطمة تتطاولان لتريا الرأس ، وبقي يزيد يتطاول في مجلسه ليستره عنهما . ثم أمر لهم بجهاز ، وأصلح آلتهم ، وخرجوا إلى المدينة .

كثير بن هشام : حدثنا جعفر بن برقان ، عن يزيد بن أبي زياد ، قال : لما أتي يزيد برأس الحسين ، جعل ينكت سنه ، ويقول : ما كنت أظن أبا عبد الله بلغ هذا السن ، وإذا لحيته ورأسه قد نصل من الخضاب .

وممن قتل مع الحسين إخوته الأربعة ؛ جعفر ، وعتيق ، ومحمد ، والعباس الأكبر . وابنه الكبير علي ، وابنه عبد الله ، وكان ابنه علي زين العابدين مريضا ، فسلم . وكان يزيد يكرمه ويرعاه .

وقتل مع الحسين ، . ابن أخيه القاسم بن الحسن ، وعبد الله وعبد الرحمن ابنا مسلم بن عقيل بن أبي طالب ، ومحمد وعون ابنا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب .

المدائني : عن إبراهيم بن محمد ، عن عمرو بن دينار ، حدثنا محمد بن علي ، عن أبيه ، قال : قتل الحسين ، وأدخلنا الكوفة ، فلقينا رجل ، فأدخلنا منزله ، فألحفنا ، فنمت فلم أستيقظ إلا بحس الخيل في الأزقة ، فحملنا إلى يزيد ، فدمعت عينه حين رآنا ، وأعطانا ما شئنا ، وقال : إنه سيكون في قومك أمور ، فلا تدخل معهم . فلما كان يوم الحرة ما كان ؛ كتب [ ص: 321 ] مع مسلم بن عقبة بأماني ، فلما فرغ من القتال مسلم ، بعث إلي ، فجئته ، فرمى إلي بالكتاب ، وإذا فيه : استوص بعلي بن الحسين خيرا ، وإن دخل معهم في أمرهم ، فأمنه ، واعف عنه ، وإن لم يكن معهم ، فقد أصاب وأحسن .

فأولاد الحسين هم ؛ علي الأكبر الذي قتل مع أبيه ، وعلي زين العابدين ، وذريته عدد كثير ، وجعفر ، وعبد الله ولم يعقبا .

فولد لزين العابدين الحسن والحسين ماتا صغيرين ، ومحمد الباقر ، وعبد الله ، وزيد ، وعمر ، وعلي ، ومحمد الأوسط ولم يعقب ، وعبد الرحمن ، وحسين الصغير ، والقاسم ولم يعقب .

التالي السابق


الخدمات العلمية