عبد الله بن الزبير ( ع ) 
ابن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة ، أمير المؤمنين ، أبو بكر ؛ وأبو خبيب ، القرشي الأسدي المكي ثم المدني ، أحد الأعلام ، ولد الحواري الإمام أبي عبد الله ، ابن عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحواريه . 
مسنده نحو من ثلاثة وثلاثين حديثا . اتفقا له على حديث واحد ، وانفرد 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  بستة أحاديث ، 
ومسلم  بحديثين . 
كان 
عبد الله  أول مولود 
للمهاجرين  بالمدينة   . ولد سنة اثنتين وقيل : سنة إحدى .  
[ ص: 364 ] 
وله صحبة ، ورواية أحاديث . عداده في صغار الصحابة ، وإن كان كبيرا في العلم ، والشرف ، والجهاد ، والعبادة . 
وقد روى أيضا عن أبيه ، وجده لأمه 
الصديق  ، وأمه 
أسماء  ، وخالته 
عائشة  ، وعن 
عمر  ، 
وعثمان  ، وغيرهم . 
حدث عنه أخوه 
عروة  الفقيه ، وابناه 
عامر  ، 
وعباد  ، وابن أخيه 
محمد بن عروة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16536وعبيدة السلماني  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531وابن أبي مليكة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار  ، 
وثابت البناني  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11862وأبو الزبير المكي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11813وأبو إسحاق السبيعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=17283ووهب بن كيسان  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16001وسعيد بن ميناء  ، وحفيداه : 
مصعب بن ثابت بن عبد الله  ، 
ويحيى بن عباد بن عبد الله  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=17245وهشام بن عروة  ، 
وفاطمة بنت المنذر بن الزبير  وآخرون . 
وكان فارس 
قريش  في زمانه ، وله مواقف مشهودة . قيل : إنه شهد 
اليرموك  وهو مراهق ، وفتح 
المغرب  ، وغزو 
القسطنطينية  ، ويوم الجمل مع خالته . 
وبويع بالخلافة عند موت 
يزيد  سنة أربع وستين ، وحكم على 
الحجاز  ، 
واليمن  ، 
ومصر  ، 
والعراق  ، 
وخراسان  ، وبعض 
الشام   . ولم يستوسق له الأمر ، ومن ثم لم يعده بعض العلماء في أمراء المؤمنين ، وعد دولته زمن فرقة ، فإن
مروان  غلب على 
الشام  ثم 
مصر  ، وقام عند مصرعه ابنه 
 nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان  ، وحارب 
ابن الزبير  ، وقتل 
ابن الزبير   - رحمه الله - فاستقل بالخلافة 
عبد الملك  وآله ، واستوسق لهم الأمر ، إلى أن قهرهم 
بنو العباس  بعد ملك ستين عاما . 
قيل : إن 
ابن الزبير  أدرك من حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمانية أعوام وأربعة أشهر ، وكان ملازما للولوج على رسول الله ، لكونه من آله ، فكان يتردد إلى  
[ ص: 365 ] بيت خالته 
عائشة   . 
شعيب بن إسحاق   : عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة  ، عن أبيه وزوجته 
فاطمة  قالا : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=879912خرجت أسماء  حين هاجرت حبلى ، فنفست بعبد الله  بقباء . قالت أسماء   : فجاء عبد الله  بعد سبع سنين ليبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بذلك أبوه الزبير  ، فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - حين رآه مقبلا ، ثم بايعه  . 
حديث غريب وإسناده قوي . 
قال 
الواقدي   : عن 
مصعب بن ثابت  ، عن 
يتيم عروة أبي الأسود  قال : 
لما قدم المهاجرون  ، أقاموا لا يولد لهم . فقالوا : سحرتنا يهود ، حتى كثرت القالة في ذلك ، فكان أول مولود ابن الزبير  ، فكبر المسلمون تكبيرة واحدة حتى ارتجت المدينة  ، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر  ، فأذن في أذنيه بالصلاة  . 
وقال 
مصعب بن عبد الله  ؛ عن أبيه ، قال : كان عارضا 
ابن الزبير  خفيفين ، فما اتصلت لحيته حتى بلغ الستين . 
وفي 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  عن 
عروة  ، أن 
الزبير  أركب ولده 
عبد الله  يوم 
اليرموك  فرسا وهو ابن عشر سنين ، ووكل به رجلا .  
[ ص: 366 ]  nindex.php?page=showalam&ids=13941التبوذكي   : حدثنا 
هنيد بن القاسم   : سمعت 
عامر بن عبد الله بن الزبير : سمعت أبي يقول : إنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يحتجم ، فلما فرغ ، قال : يا عبد الله   ! اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد ، فلما برز عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمد إلى الدم ، فشربه ، فلما رجع ، قال : ما صنعت بالدم ؟ قال : عمدت إلى أخفى موضع علمت ، فجعلته فيه ، قال : لعلك شربته ؟ قال : نعم . قال : ولم شربت الدم ؟ ويل للناس منك ، وويل لك من الناس  . 
قال 
موسى التبوذكي   : فحدثت به 
أبا عاصم  ، فقال : كانوا يرون أن القوة التي به من ذلك الدم . 
رواه 
أبو يعلى  في " مسنده " وما علمت في 
هنيد  جرحة . 
خالد الحذاء   : عن 
يوسف أبي يعقوب  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=7768محمد بن حاطب ،  والحارث  ، قالا : طالما حرص 
ابن الزبير  على الإمارة ، قلت : وما ذلك ؟ قالا : أتي رسول - صلى الله عليه وسلم - بلص ، فأمر بقتله . فقيل : إنه سرق . فقال : اقطعوه . ثم جيء به في إمرة 
أبي بكر  ، وقد سرق ، وقد قطعت قوائمه . فقال 
أبو بكر   : ما أجد لك شيئا إلا ما قضى فيك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أمر بقتلك . فأمر بقتله أغيلمة من أبناء 
المهاجرين  أنا فيهم . فقال 
ابن الزبير  أمروني عليكم . فأمرناه ، فانطلقنا به إلى 
البقيع  ، فقتلناه . . هذا خبر منكر فالله أعلم .  
[ ص: 367 ] 
قال 
الحارث بن عبيد   : حدثنا 
أبو عمران الجوني  أن 
نوفا البكالي  قال : إني لأجد في كتاب الله المنزل أن 
ابن الزبير  فارس الخلفاء  . 
مهدي بن ميمون  ، حدثنا 
محمد بن أبي يعقوب  ، أن 
معاوية  كان يلقى 
ابن الزبير  ، فيقول : مرحبا بابن عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 
وابن حواري  رسول الله ، ويأمر له بمائة ألف  . 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة  ، قال : ذكر 
ابن الزبير  عند 
ابن عباس  ، فقال : قارئ لكتاب الله ، عفيف في الإسلام ، أبوه 
الزبير  ، وأمه 
أسماء  ، وجده 
أبو بكر  ، وعمته 
خديجة  ، وخالته 
عائشة  ، وجدته 
صفية   . والله إني لأحاسب له نفسي محاسبة لم أحاسب بها 
لأبي بكر  وعمر   . 
مسلم الزنجي   : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار  يقول : ما رأيت مصليا قط أحسن صلاة من 
عبد الله بن الزبير   . . 
عبد الصمد بن عبد الوارث   : حدثتنا 
ماطرة المهرية  ، حدثتني خالتي 
أم جعفر بنت النعمان   : أنها سلمت على 
أسماء بنت أبي بكر ،  وعندها 
ابن الزبير  ، فقالت : قوام الليل ، صوام النهار ، وكان يسمى حمامة المسجد  . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة   : قال لي 
عمر بن عبد العزيز   : إن في قلبك من 
ابن  [ ص: 368 ] الزبير   . قلت : لو رأيته ما رأيت مناجيا ولا مصليا مثله  . 
وروى 
حبيب بن الشهيد  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة  ، قال : كان 
ابن الزبير  يواصل سبعة أيام ، ويصبح في اليوم السابع وهو أليثنا  . 
قلت : لعله ما بلغه النهي عن الوصال . ونبيك - صلى الله عليه وسلم - بالمؤمنين رءوف رحيم ، وكل من واصل ، وبالغ في تجويع نفسه ، انحرف مزاجه ، وضاق خلقه ، فاتباع السنة أولى ، ولقد كان 
ابن الزبير  مع ملكه صنفا في العبادة . 
أخبرنا 
إسحاق بن طارق  ، أخبرنا 
ابن خليل  ، أخبرنا 
أحمد بن محمد  ، أخبرنا 
الحداد  ، أخبرنا 
أبو نعيم  ، أخبرنا 
أبو حامد بن جبلة  ، حدثنا 
محمد بن إسحاق  ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=14273أحمد بن سعيد الدارمي  ، حدثنا 
أبو عاصم  ، عن 
عمر بن قيس  ، قال : كان 
لابن الزبير  مائة غلام ، يكلم كل غلام منهم بلغة أخرى ، فكنت إذا نظرت إليه في أمر آخرته ، قلت : هذا رجل لم يرد الدنيا طرفة عين . وإذا نظرت إليه في أمر دنياه ، قلت : هذا رجل لم يرد الله طرفة عين  . 
وقال 
مجاهد   : كان 
ابن الزبير  إذا قام إلى الصلاة ، كأنه عود ، وحدث  
[ ص: 369 ] أن 
أبا بكر   - رضي الله عنه - كان كذلك . 
قال 
ثابت البناني   : كنت أمر 
بابن الزبير  ، وهو خلف المقام يصلي ، كأنه خشبة منصوبة لا تتحرك  . 
روى 
 nindex.php?page=showalam&ids=17411يوسف بن الماجشون  ، عن الثقة يسنده ، قال : قسم 
ابن الزبير  الدهر على ثلاث ليال ؛ فليلة هو قائم حتى الصباح ، وليلة هو راكع حتى الصباح ، وليلة هو ساجد حتى الصباح  . 
 nindex.php?page=showalam&ids=17353يزيد بن إبراهيم التستري   : عن 
عبد الله بن سعيد  ، عن 
مسلم بن يناق  ، قال : ركع 
ابن الزبير  يوما ركعة ، فقرأنا بالبقرة وآل عمران والنساء والمائدة وما رفع رأسه  . 
قلت : وهذا ما بلغ 
ابن الزبير  فيه حديث النهي . 
قال 
يزيد بن إبراهيم   : عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار  ، قال : كان 
ابن الزبير  يصلي في 
الحجر  ، والمنجنيق يصب توبه فما يلتفت ، يعني : لما حاصروه  . 
وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة  ، عن 
ابن المنكدر  قال : لو رأيت 
ابن الزبير  يصلي كأنه غصن تصفقه الريح ، وحجر المنجنيق يقع هاهنا  . 
أبو بكر بن عياش  ، عن 
أبي إسحاق  قال : ما رأيت أحدا أعظم  
[ ص: 370 ] سجدة بين عينيه من 
ابن الزبير   . 
مصعب بن عبد الله   : حدثنا أبي ، عن 
عمر بن قيس  ، عن أمه ؛ أنها دخلت على 
ابن الزبير  بيته ، فإذا هو يصلي ، فسقطت حية على ابنه 
هاشم  ، فصاحوا : الحية الحية ، ثم رموها ، فما قطع صلاته  . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران   : رأيت 
ابن الزبير  يواصل من الجمعة إلى الجمعة ، فإذا أفطر ، استعان بالسمن حتى يلين  . 
ليث  عن 
مجاهد   : ما كان باب من العبادة يعجز عنه الناس إلا تكلفه 
ابن الزبير  ، ولقد جاء سيل طبق البيت ، فطاف سباحة . 
وعن 
عثمان بن طلحة  ، قال : كان ابن الزبير لا ينازع في ثلاثة : شجاعة ، ولا عبادة ، ولا بلاغة . 
إبراهيم بن سعد   : عن 
الزهري  ، عن 
أنس  ؛ أن 
عثمان  أمر 
زيدا  ، 
وابن الزبير  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=74وسعيد بن العاص  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16334وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام  ، فنسخوا المصاحف ، وقال : إذا اختلفتم أنتم 
وزيد  في شيء ، فاكتبوه بلسان 
قريش  ؛ فإنما نزل بلسانهم . 
قال 
أبو نعيم   : حدثنا 
عبد الواحد بن أيمن  قال : رأيت على 
ابن الزبير  رداء عدنيا يصلي فيه ، وكان صيتا ، إذا خطب ، تجاوب الجبلان . وكانت له جمة إلى العنق ، ولحيته صفراء  .  
[ ص: 371 ] مصعب بن عبد الله  ، حدثنا أبي ، 
والزبير بن خبيب  قالا : قال 
ابن الزبير   : هجم علينا 
جرجير  في عشرين ومائة ألف ، فأحاطوا بنا ونحن في عشرين ألفا - يعني : نوبة إفريقية . 
قال : واختلف الناس على 
ابن أبي سرح  ، فدخل فسطاطه ، فرأيت غرة من 
جرجير  ؛ بصرت به خلف عساكره على برذون أشهب ، معه جاريتان تظللان عليه بريش الطواويس ، بينه وبين جيشه أرض بيضاء ، فأتيت أميرنا 
ابن أبي سرح  ، فندب لي الناس ، فاخترت ثلاثين فارسا ، وقلت لسائرهم : البثوا على مصافكم ، وحملت ، وقلت لهم : احموا ظهري ، فخرقت الصف إلى 
جرجير  ، وخرجت صامدا ، وما يحسب هو ولا أصحابه إلا أني رسول إليه ، حتى دنوت منه ، فعرف الشر ، فثابر برذونه موليا ، فأدركته ، فطعنته ، فسقط ، ثم احتززت رأسه فنصبته على رمحي ، وكبرت ، وحمل المسلمون ، فارفض العدو ومنح الله أكتافهم  . 
معمر   : عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة  ، قال : أخذ 
ابن الزبير  من وسط القتلى يوم الجمل ، وبه بضع وأربعون ضربة وطعنة  . 
وقيل : إن 
عائشة  أعطت يومئذ لمن بشرها بسلامته عشرة آلاف . وعن 
عروة  ، قال : لم يكن أحد أحب إلى 
عائشة  بعد رسول الله من 
أبي بكر  ، وبعده 
ابن الزبير   .  
[ ص: 372 ] 
قال 
الواقدي   : حدثنا 
ربيعة بن عثمان  ، 
وابن أبي سبرة  وغيرهما قالوا : جاء نعي 
يزيد  في ربيع الأخر سنة أربع وستين ، فقام 
ابن الزبير  ، فدعا إلى نفسه ، وبايعه الناس . فدعا 
ابن عباس  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12691وابن الحنفية  إلى بيعته ، فامتنعا ، وقالا : حتى يجتمع لك الناس ، فداراهما سنتين ، ثم إنه أغلظ لهما ، ودعاهما ، فأبيا  . 
قال 
مصعب بن عبد الله  وغيره : كان يقال 
لابن الزبير   : عائذ بيت الله . 
وقال 
ابن سعد   : أخبرنا 
محمد بن عمر  ، حدثنا 
عبد الله بن جعفر  ، عن عمته 
أم بكر  ، قال : وحدثني 
شرحبيل بن أبي عون  ، عن أبيه ، وحدثنا 
ابن أبي الزناد  وغيرهم قالوا : لما نزل 
ابن الزبير  بالمدينة  في خلافة 
معاوية  ، إلى أن قالوا : فخرج 
ابن الزبير  إلى 
مكة  ، ولزم الحجر ، ولبس المعافري ، وجعل يحرض على 
بني أمية  ، ومشى إلى 
يحيى بن حكيم الجمحي  والي 
مكة  فبايعه 
ليزيد  ، فلم يرض 
يزيد  حتى يؤتى به في جامعة ووثاق ، فقال له ولده 
معاوية بن يزيد   : ادفع عنك الشر ما اندفع ، فإن 
ابن الزبير  لجوج لا يطيع لهذا أبدا ، فكفر عن يمينك ، فغضب ، وقال : إن في أمرك لعجبا ! قال : فادع 
عبد الله بن جعفر  ، فاسأله عما أقول . 
فدعاه ، فقال له : أصاب ابنك 
أبو ليلى   . فأبى أن يقبل ، وامتنع 
ابن الزبير  أن يذل نفسه ، وقال : اللهم إني عائذ بيتك ، فقيل له : عائذ البيت . وبقي لا يعرض له أحد . فكتب 
يزيد  إلى 
عمرو  الأشدق والي 
المدينة  أن يجهز إلى 
ابن الزبير  جندا ، فندب لقتاله أخاه 
عمرو بن الزبير  في ألف ، فظفر 
ابن الزبير  بأخيه بعد قتال ، فعاقبه . وأخر عن  
[ ص: 373 ] الصلاة 
بمكة  الحارث بن يزيد  ، وقرر 
مصعب بن عبد الرحمن بن عوف  ، وكان لا يقطع أمرا دون 
المسور بن مخرمة  ، 
ومصعب بن عبد الرحمن  ، 
وجبير بن شيبة  ، 
وعبد الله بن صفوان بن أمية  ، فكان يشاورهم في أمره كله ، ويريهم أن الأمر شورى بينهم لا يستبد بشيء منه دونهم ويصلي بهم الجمعة ، ويحج بهم بلا إمرة . وكانت 
الخوارج  وأهل الفتن قد أتوه ، وقالوا : عائذ بيت الله ، ثم دعا إلى نفسه ، وبايعوه ، وفارقته 
الخوارج   . 
فولى على 
المدينة  أخاه 
مصعبا  ، وعلى 
البصرة   nindex.php?page=showalam&ids=14966الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة  ، وعلى 
الكوفة  عبد الله بن مطيع  ، وعلى 
مصر  عبد الرحمن بن جحدم الفهري  ، وعلى 
اليمن  ، وعلى 
خراسان  ، وأمر على 
الشام  الضحاك بن قيس  ، فبايع له عامة 
أهل الشام   ، وأبت طائفة ، والتفت على 
 nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم  ، وجرت أمور طويلة ، وحروب مزعجة ، وجرت وقعة مرج راهط وقتل ألوف من العرب ، وقتل 
الضحاك  ، واستفحل أمر 
مروان  إلى أن غلب على 
الشام  ، وسار في جيش عرمرم ، فأخذ 
مصر  ، واستعمل عليها ولده 
عبد العزيز  ، ثم دهمه الموت ، فقام بعده ولده الخليفة 
عبد الملك  ، فلم يزل يحارب 
ابن الزبير  حتى ظفر به بعد أن سار إلى 
العراق  ، وقتل 
مصعب بن الزبير   . 
قال 
شعيب بن إسحاق   : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة  ، عن أبيه ؛ أن 
يزيد  كتب إلى 
ابن الزبير   : إني قد بعثت إليك بسلسلة فضة ، وقيدا من ذهب ، وجامعة من فضة ، وحلفت لتأتيني في ذلك ، فألقى الكتاب ، وأنشد : 
ولا ألين لغير الحق أسأله حتى يلين لضرس الماضغ الحجر 
 [ ص: 374 ] 
قلت : ثم جهز 
يزيد  جيشا ستة آلاف ، إذ بلغه أن 
أهل المدينة   خلعوه ، فجرت وقعة 
الحرة  وقتل نحو ألف من 
أهل المدينة   ، ثم سار الجيش ، عليهم 
حصين بن نمير  ، فحاصروا 
الكعبة  ، وبها 
ابن الزبير  ، وجرت أمور عظيمة ، فقلع الله 
يزيد  ، وبايع 
حصين  وعسكره 
ابن الزبير  بالخلافة ، ورجعوا إلى 
الشام   . 
قال 
شباب   : حضر 
ابن الزبير  الموسم سنة ثنتين وسبعين ، فحج بالناس ، وحج 
بأهل الشام   الحجاج  ، ولم يطوفوا بالبيت . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة   : أول من كسا 
الكعبة  الديباج 
ابن الزبير  ، وكان يطيبها حتى يوجد ريحها من طرف 
الحرم  ، وكانت كسوتها قبله الأنطاع  . 
قال 
عبد الله بن شعيب الحجبي   : إن 
المهدي  لما جرد 
الكعبة  ، كان فيما نزع عنها كسوة 
ابن الزبير  من ديباج مكتوب عليها " 
لعبد الله أبي بكر  أمير المؤمنين "  . 
وقال 
الأعمش   : عن 
أبي الضحى   : رأيت على رأس 
ابن الزبير  مسكا يساوي مالا  . 
قلت : عيب 
ابن الزبير   - رضي الله عنه - بشح ، فروى 
الثوري  ، عن 
عبد الملك بن أبي بشير  ، عن 
عبد الله بن مساور  ؛ سمع 
ابن عباس  يعاتب 
ابن  [ ص: 375 ] الزبير  في البخل ، ويقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : 
ليس المؤمن الذي يبيت [ شبعان ] وجاره جائع  . 
وروى 
عبيد الله بن عمر  ، عن 
ليث  ، قال : كان 
ابن عباس  يكثر أن يعنف 
ابن الزبير  بالبخل ، فقال : كم تعيرني  . 
يعقوب القمي  ، عن 
جعفر بن أبي المغيرة  ، عن 
ابن أبزى  ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=879916عن عثمان   : أن ابن الزبير  قال له حيث حصر : إن عندي نجائب ، فهل لك أن تتحول إلى مكة  ، فيأتيك من أراد أن يأتيك ؟ قال : لا . إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يلحد بمكة  كبش من قريش  اسمه عبد الله  ، عليه مثل نصف أوزار الناس  . 
رواه 
أحمد  في " مسنده " وفي إسناده مقال .  
[ ص: 376 ] عباس الترقفي  ، حدثنا 
محمد بن كثير  ، عن 
الأوزاعي  ، عن 
يحيى  ، عن 
أبي سلمة  ، عن 
عبد الله بن عمرو   : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=879917يلحد بمكة  رجل من قريش  ، يقال له : عبد الله  ، عليه نصف عذاب العالم " فوالله لا أكونه ، فتحول منها ، وسكن الطائف   . 
قلت : 
محمد هو المصيصي  لين واحتج به 
أبو داود   nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي   . 
أبو النضر   : حدثنا 
إسحاق بن سعيد  ، أخبرنا 
سعيد بن عمرو  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=879918أتى عبد الله بن عمرو  عبد الله بن الزبير  ، فقال : إياك والإلحاد في حرم الله ، فأشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يحلها - وتحل به - رجل من قريش  ، لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها . 
قال : فانظر يا ابن عمرو  لا تكونه  . وذكر الحديث . 
شعيب بن أبي حمزة   : عن 
الزهري  ، أخبرني 
حمزة بن عبد الله بن عمر  وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا  [ الحجرات : 9 ] قال : قلت لأبي : من هم ؟ قال : 
ابن الزبير  بغى على 
أهل الشام    . 
ورواه 
يونس  ، عن 
الزهري  ، وفيه : بغى على هؤلاء ، ونكث عهدهم . 
الزبير بن بكار   : حدثني 
خالد بن وضاح  ، حدثني 
أبو الخصيب نافع مولى آل الزبير  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة  ، قال : رأيت الحجر من المنجنيق يهوي حتى أقول : لقد كاد أن يأخذ لحية 
ابن الزبير   . وسمعته يقول : والله إن أبالي إذا وجدت ثلاثمائة يصبرون صبري لو أجلب علي أهل الأرض  .  
[ ص: 377 ] قلت : قد كان يضرب بشجاعته المثل . 
وعن 
المنذر بن جهم  قال : رأيت 
ابن الزبير  يوم قتل وقد خذله من كان معه خذلانا شديدا ، وجعلوا يتسللون إلى 
الحجاج  ، وجعل 
الحجاج  يصيح : أيها الناس ! علام تقتلون أنفسكم ؟ من خرج إلينا ، فهو آمن ، لكم عهد الله وميثاقه ورب هذه البنية . لا أغدر بكم ، ولا لنا حاجة في دمائكم . 
قال : فتسلل إليه نحو من عشرة آلاف ، فلقد رأيت 
ابن الزبير  وما معه أحد  . 
وعن 
إسحاق بن أبي إسحاق  قال : حضرت قتل 
ابن الزبير  ؛ جعلت الجيوش تدخل عليه من أبواب المسجد ، فكلما دخل قوم من باب ، حمل عليهم وحده حتى يخرجهم ، فبينا هو على تلك الحال ، إذ وقعت شرفة من شرفات المسجد على رأسه ، فصرعته ، وهو يتمثل : 
أسماء يا أسماء  لا تبكيني     لم يبق إلا حسبي وديني 
وصارم لاثت به يميني 
قلت : ما إخال أولئك العسكر إلا لو شاءوا ، لأتلفوه بسهامهم ، ولكن حرصوا على أن يمسكوه عنوة ، فما تهيأ لهم ، فليته كف عن القتال لما رأى الغلبة ، بل ليته لا التجأ إلى البيت ، ولا أحوج أولئك الظلمة 
والحجاج   [ ص: 378 ] لا بارك الله فيه إلى انتهاك حرمة بيت الله وأمنه . فنعوذ بالله من الفتنة الصماء . 
الواقدي  ، حدثنا 
فروة بن زبيد  ، عن 
عباس بن سهل   : سمعت 
ابن الزبير  يقول : ما أراني اليوم إلا مقتولا ، لقد رأيت في ليلتي كأن السماء فرجت لي ، فدخلتها ، فقد والله مللت الحياة وما فيها ، ولقد قرأ يومئذ في الصبح 
ن والقلم حرفا حرفا ، وإن سيفه لمسلول إلى جنبه  . 
الواقدي   : حدثنا 
عبد الله بن نافع  ، عن أبيه ، قال : سمع 
ابن عمر  التكبير فيما بين المسجد إلى 
الحجون  حين قتل 
ابن الزبير  ، فقال : لمن كبر حين ولد أكثر وخير ممن كبر لقتله  . 
معمر   : عن 
أيوب  ، عن 
ابن سيرين  ، قال : قال 
ابن الزبير   : ما شيء كان يحدثنا 
كعب  إلا قد أتى على ما قال ، إلا قوله : فتى 
ثقيف  يقتلني . وهذا رأسه بين يدي ، يعني : المختار الكذاب  . 
زياد الجصاص   : عن 
علي بن زيد  ، عن 
مجاهد  ، أن 
ابن عمر  قال لغلامه : لا تمر بي على 
ابن الزبير  ، يعني : وهو مصلوب . قال : فغفل الغلام ، فمر به ، فرفع رأسه ، فرآه ، فقال : رحمك الله 
أبا خبيب  ، ما علمتك إلا صواما قواما ، وصولا لرحمك . أما والله إني لأرجو مع مساوئ ما قد عملت أن لا يعذبك الله . ثم قال : حدثني 
أبو بكر الصديق  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=879919من يعمل سوءا يجز به في الدنيا  .  
[ ص: 379 ] 
قال 
ابن أبي الدنيا  في كتاب " الخلفاء " : صلبوا 
ابن الزبير  منكسا ، وكان آدم ، نحيفا ، ليس بالطويل ، بين عينيه أثر السجود . بعث عماله إلى المشرق كله 
والحجاز   . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=15662جويرية بن أسماء   : عن جدته ؛ أن 
أسماء بنت أبي بكر  غسلت 
ابن الزبير  بعد ما تقطعت أوصاله ، وجاء الإذن من 
 nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان  عندما أبى 
الحجاج  أن يأذن لها ، فحنطته ، وكفنته ، وصلت عليه ، وجعلت فيه شيئا حين رأته يتفسخ إذا مسته  . 
وقال 
مصعب بن عبد الله   : حملته أمه فدفنته 
بالمدينة  في دار 
صفية أم المؤمنين  ، ثم زيدت دار 
صفية  في المسجد ، فهو مدفون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني بقربه . 
قال 
ابن إسحاق  وعدة : قتل في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين . 
ووهم 
ضمرة  وأبو نعيم  فقالا : قتل سنة اثنتين . 
عاش نيفا وسبعين سنة - رضي الله عنه . 
وماتت أمه بعده بشهرين أو نحو ذلك ، ولها قريب من مائة عام . 
هي آخر من ماتت من المهاجرات الأول - رضي الله عنها - ، ويقال لها : 
ذات النطاقين   . كانت أسن من 
عائشة  بسنوات .  
[ ص: 380 ] 
روت عدة أحاديث . 
حدث عنها أولادها ؛ 
عبد الله  ، 
وعروة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  ، 
وفاطمة بنت المنذر  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531وابن أبي مليكة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=17283ووهب بن كيسان  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16920وابن المنكدر  ، 
والمطلب بن عبد الله  ، وخلق . 
وهي وابنها 
عبد الله  ، وأبوها 
أبو بكر  ، وجدها 
أبو قحافة  صحابيون ، أضرت بأخرة . 
قال 
ابن أبي الزناد   : كانت أكبر من 
عائشة  بعشر سنين . قلت : فعلى هذا يكون عمرها إحدى وتسعين سنة . 
وأما 
 nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة  ، فقال : عاشت مائة سنة ، ولم يسقط لها سن . وقد طلقها 
الزبير  قبل موته زمن 
عثمان   . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد   : كانت 
أسماء  لا تدخر شيئا لغد  . 
وقيل : أعتقت عدة مماليك ، وقد استوفيت ترجمتها في " تاريخ الإسلام " رضي الله عنها . ومن أولادها ، 
عروة بن الزبير  الفقيه . ومنهم :